يا وقفة طول عمري لست أنساها *** أمام ممتحن قد زاد بلواها
أضحى يسائلني يوما ليحرجني *** حتى تأكد أني تهت أو تاها
ما كنت أحسب أن الطب مشتمل *** على مجاهيل صعب فهم مغزاها
حتى أجبت جوابا ضاع أكثره *** وفرقته الثواني في مطاياها
فلا المواضيع تدنوا من مخيلتي *** ولا الإجابات تغشاني بمعناها
ورب لحظة ضعف لست أحسدها *** فحص المريضة عندي من رزاياها
مضيت للكشف لا أرضى سوى أمل *** من المريضة هل تدلي بدعواها؟
واحترت في أمرها - ما كان ينقصني *** وجال في خاطري تأليف مشكاها
كيف السبيل إلى إنهاء مشكلتي؟ *** وكيف يمكنني تشخيص بلواها؟
هل أحسب النبض؟ أم أدعو ممرضة؟ *** أم أوجد الضغط أم أفحص ثناياها؟
وضعت سماعتي أرجو عوائدها *** ما عاد في الجيب للتشخيص إلا ها
خرجت أسحب "كَرتي" خائفا حذرا *** من لجنة الفحص، ويلي، هل سأقواها؟
ذهلت لما رأيت القوم قد جمعوا *** من المناصب أعلاها وأسماها
وحال دون هروبي أنني رجلٌ *** ثم الفضيحة تخشاني وأخشاها
سئلت: ما صار عندي من مشاكلها؟ *** فقلت لله، لا للناس شكواها
وما وجدت من الأعراض؟ قلت لهم: *** إن المريضة تشكوا سوء مرآها
قالوا: وكيف تشخص؟ قلت مبتدرا: *** فيها تضخم والتحليل يلقاها
قالوا: وكيف تعالج؟ قلت في عجل: *** فيها كؤوس الدواء كم لامست فاها
كانت إجابة فهم في تصورهم *** لو كنت راميها قد خاب مرماها
ولست أعلن سرا إذ أقول لكم: *** إني نجحت، وإني أحمد الله
يا دارس الطب ترجوا أن تنال به *** غير الوظيفة ذكر الناس والجاهَ
عجبا تقلب في الأوراق مجتهدا *** لولا الشهادة ما ذاكرت لولاها
هل ينفع الطب نفسا أسرفت زمنا؟ *** أو يغفر الطب شيئا من خطاياها؟
هلا ابتدرت إلى الرحمن مبتهلا *** تعلوا إلى رتبة ما كنت ترقاها
يا جامع الطب والإيمان في هدف *** أبشر بمكرمة لا بد تلقاها
أنت الطبيب الذي في قلبه أمل *** في فنه حذق في علمه ضاهى
ما طأطأ الرأس يوما عند ممتحن *** أو غادر الفحص قبل الوقت إكراها
كليات دمياط