الإسراء والمعراج
ذكر بن كثير في تفسيره لسورة الإسراء ، عند قوله تعالى :
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا
حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير " [ الإسراء 1 ] .
يمجد تعالى نفسه ، ويعظم شأنه لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه ، فلا إله غيره ولا
رب سواه (( الذي أسرى بعبده )) يعني محمداً صلى الله عليه وسلم (( ليلاً )) أي من
الليل (( من المسجد الحرام )) وهو مسجد مكة (( إلى المسجد الأقصى )) وهو بيت
المقدس الذي بالقدس مصدق الأنبياء من لدن إبراهيم عليه السلام ، ولهذا جُمعوا له هناك
فأمهم في محلتهم ودارهم ، فدل على أنه هو الإمام الأعظم والرئيس المقدم صلوات الله
وسلامه عليه وعليهم أجمعين . وقوله (( الذي باركنا حوله )) أي في الزروع والثمار
(( لنريه )) أي محمداً (( من آياتنا )) أي العظام ، كما قال تعالى : (( لقد رأى من آيات ربه الكبرى )).
ما الإسراء والمعراج؟
الإسراء والمعراج هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أسري به من مكة إلى بيت المقدس
ثم عرج به إلى السماء السابعة، وإلى حيث شاء الله، وكان ذلك بجسده وروحه.
والإسراء والمعراج من معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم التي أعجزت أعداء الله
في كل وقت وكل حين وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى متى كانا :
فقيل أنها ليلة الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ولم تعين السنة ، وقيل أنها قبل الهجرة
بسنة ، فتكون في ربيع الأول ، ولم تعين الليلة ، وقيل قبل الهجرة بستة عشر شهراً ،
فتكون في ذي القعدة ، وقيل قبل الهجرة بثلاث سنين ، وقيل بخمس ، وقيل : بست .
والذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة وقبل الهجرة.
هل كان الإسراء ببدنه عليه الصلاة السلام وروحه ، أم بروحه فقط؟؟
اختلف العلماء في ما إن كان الإسراء ببدنه عليه الصلاة السلام وروحه ، أم بروحه فقط
، والذي عليه أكثر العلماء أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لامناماً لأن قريش أكبرته
وأنكرته ، ولو كان مناماً لم تنكره لأنها لا تنكر المنامات..
وقد تواترت الأحاديث في الصحيحين وغيرهما، عن جماعة من الصحابة، كأنس وجابر
وابن عباس وابن مسعود وغيرهم، في صفة الإسراء والمعراج، وأنه صلى الله عليه
وسلم ركب البراق ونزل منه وربطه بالصخرة، وصلى وصعد، ومعه الملك واستفتح،
ثم سلم على من في السماوات من الأنبياء، ثم هبط، ونحو ذلك مما يؤكد أن الإسراء
والمعراج كان يقظة لا مناما، وأنه بالجسد والروح.
الدليل على الإسراء والمعراج
والدليل قوله تعالى:
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " [ الإسراء 1 ] .
أراد بالعبد محمدا صلى الله عليه وسلم، وذلك يعمُّ جسده وروحه،
ودليل المعراج قوله تعالى:
" ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى" إلى قوله: " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى"[ النجم ] .
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج
تخصيص رجب بصلاة الرغائب أو الاحتفال بليلة ( 27 )من رجب ، يزعمون أنها ليلة
الإسراء والمعراج كل ذلك بدعة لا يجوز ، وليس له أصل في الشرع ، وقد نبه على
ذلك المحققون من أهل العلم ، وقد كتبنا في ذلك غير مرة وأوضحنا للناس أن صلاة
الرغائب بدعة ، وهي ما يفعله بعض الناس في أول ليلة جمعة من رجب ، وهكذا
الاحتفال بليلة ( 27 ) اعتقادا أنها ليلة الإسراء والمعراج ، كل ذلك بدعة لا أصل له في
الشرع ، وليلة الإسراء والمعراج لم تعلم عينها ، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها لأن
النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها ، وهكذا خلفاؤه الراشدون وبقية أصحابه رضي
الله عنهم ، ولو كان ذلك سنة لسبقونا إليها .
والخير كله في اتباعهم والسير على منهاجهم كما قال الله عز وجل :
" وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) . متفق على صحته .
ومعنى فهو رد أي مردود على صاحبه ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه :
أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر
الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة.. أخرجه مسلم أيضا .
فالواجب على جميع المسلمين اتباع السنة والاستقامة عليها والتواصي بها والحذر من البدع كلها عملا بقول الله عز وجل :
" وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى" وقوله سبحانه :
"وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)
أخرجه مسلم في صحيحه .
العلاّمة/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -
فلاش عن الإسراء والمعراج
للتحميل
المصادر:
موقع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
موقع الشيخ ابن جبرين رحمه الله
موقع صيد الفؤائد
موقع الشيخ ابن باز رحمه الله
شبكة نور الإسلام
موقع ايمان القلوب
هذا ما يسره الله لي أن أجمعه فما كان فيه من صواب فمن الله وحده وما كان فيه من خطأ
فمن نفسي ومن الشيطان وأنا أبرأ منه أمام الله
أختكم في الله
شموخ