شهر رجب والاشهر الحرم

Alhashemiah

مشرفة بالمنتدى ملكة كتاب العرب
طاقم الإدارة



وقال الله عز و جل : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات و الأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) (التوبة:36)

1 ـ دلت الآية والحديث على أن الله سبحانه ـ منذ خلق السماوات و الأرض ـ جعل السنة اثني عشر شهرا بحسب الهلال، فالسنة في الشرع مقدرة بسير القمر و طلوعه لا بسير الشمس و انتقالها ـ كما يفعله أهل الكتاب ـ وجعل الله تعالى من هذه الأشهر أربعة أشهر حرما و قد فسرها النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث و ذكر أنها ثلاثة متواليات : ذو القعدة و ذو الحجة و المحرم، وواحد فرد و هو شهر رجب.



2 ـ اختلف في أي هذه الأشهر الحرم أفضل ؟ فقيل : رجب، قاله بعض الشافعية وضعفه النووي و غيره. و قيل: المحرم، قاله الحسن و رجحه النووي. و قيل : ذو الحجة روي عن سعيد بن جبير و غيره، قال ابن رجب: و هو أظهر و الله أعلم .



3 ـ قوله صلى الله عليه و سلم : ( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات و الأرض السنة اثنا عشر شهرا ) مراده بذلك إبطال ما كانت الجاهلية تفعله من النسيء كما قال تعالى : ( إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما و يحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله )
وقد اختلف في تفسير النسيء، فقالت طائفة : كانوا يبدلون بعض الأشهر الحرم بغيرها من الأشهر فيحرمونها بدلها، و يحلون ما أرادوا تحليله من الأشهر الحرم إذا احتاجوا إلى ذلك، و لكن لا يزيدون في عدد الأشهر الهلالية شيئا. ثم من أهل هذه المقالة من قال : كانوا يحلون المحرم فيستحلون القتال فيه لطول مدة التحريم عليهم بتوالي ثلاثة أشهر محرمة ثم يحرمون صفر مكانه فكأنهم يقترضونه ثم يوفونه، و منهم من قال : كانوا يحلون المحرم مع صفر من عام و يسمونها صفرين ثم يحرمونهما من عام قابل و يسمونهما محرمين قاله ابن زيد بن أسلم، وقيل : بل كانوا ربما احتاجوا إلى صفر أيضا فأحلوه و جعلوا مكانه ربيعا ثم يدور كذلك التحريم و التحليل بالتأخير إلى أن جاء الإسلام و وافق حجة الوداع صار رجوع التحريم إلى محرم الحقيقي و هذا هو الذي رجحه أبو عبيدة و على هذا فالتغير إنما وقع في عين الأشهر الحرم خاصة .
وقالت طائفة أخرى : بل كانوا يزيدون في عدد شهور السنة وظاهر الآية يشعر بذلك حيث قال الله تعالى : ( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا ) فذكر هذا توطئة لهدم النسيء و إبطاله، ثم من هؤلاء من قال : كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا قاله مجاهد، وقيل: كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا وينسئون كل شهر للذي بعده، ومن هؤلاء من قال : كانت الجاهلية يجعلون الشهور اثني عشر شهرا و خمسة أيام قاله إياس بن معاوية .



4 ـ اختلفوا في أي عام عاد الحج إلى ذي الحجة على وجهه و استدار الزمان فيه كهيئته : فقالت طائفة : إنما عاد على وجهه في حجة الوداع و أما حجة أبي بكر الصديق فكانت قد وقعت في ذي القعدة هذا قول مجاهد و عكرمة بن خالد و غيرهما، وقالت طائفة : بل وقعت حجة الصديق في ذي الحجة قاله الإمام أحمد و أنكر قول مجاهد و استدل بأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر عليا فنادى (يوم النحر لا يحج بعد العام مشرك ) و في رواية ( و اليوم يوم الحج الأكبر ) وقد قال الله تعالى ( و أذان من الله و رسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين و رسوله ) فسماه يوم الحج الأكبر و هذا يدل على أن النداء وقع في ذي الحجة. و خرج الطبراني في المعجم الأوسط (2909) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان العرب يحلون عاما شهرا و عاما شهرين و لا يصيبون الحج إلا في كل ستة و عشرين سنة مرة واحدة : و هو النسيء الذي ذكره الله في كتابه فلما كان عام حج أبي بكر الصديق بالناس وافق في ذلك العام الحج فسماه الله يوم الحج الأكبر ثم حج النبي صلى الله عليه و سلم في العام المقبل فاستقبل الناس الأهلة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات و الأرض ) .



5 ـ اختلفوا لم سميت هذه الأشهر الأربعة حرما ؟ فقيل : لعظم حرمتها و حرمة الذنب فيها، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : اختص الله أربعة أشهر جعلهن حرما و عظم حرماتهن و جعل الذنب فيهن أعظم و جعل العمل الصالح و الأجر أعظم. وقال كعب : اختار الله الزمان فأحبه إلى الله الأشهر الحرم و قد روي مرفوعا و لا يصح رفعه وقد قيل : في قوله تعالى : ( فلا تظلموا فيهن أنفسكم ) أن المراد في الأشهر الحرم، و قيل : بل في جميع شهور السنة، وقيل : إنما سميت حرما لتحريم القتال فيها و كان ذلك معروفا في الجاهلية، وقيل : إنه كان من عهد إبراهيم عليه السلام .
وقد شرع الله في أول الإسلام تحريم القتال في الشهر الحرام قال تعالى: ( لا تحلوا شعائر الله و لا الشهر الحرام ) وقال تعالى: ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام و إخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ) وخرج ابن أبي حاتم بإسناده عن جندب بن عبد الله : إن النبي صلى الله عليه و سلم بعث رهطا و بعث عليهم عبد الله بن جحش فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه و لم يدروا أن ذلك من رجب أو من جمادى، فقال المشركون للمسلمين : قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله عز وجل: ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ) الآية. وجاءت هذه القصة مبسوطة عن ابن عباس وعن ابن مسعود في هذه الآية وفيها : ( فقال المشركون : يزعم محمد أنه يتبع طاعة الله و هو أول من استحل الشهر الحرام ؟ فقال المسلمون : إنما قتلناه في جمادى و قيل في أول رجب و آخر ليلة من جمادى و أغمد المسلمون سيوفهم حين دخل شهر رجب و أنزل الله تعالى تعييرا لأهل مكة : ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ) لا يحل، و ما صنعتم أنتم يا معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله و صددتم عن محمد و أصحابه و إخراج أهل المسجد الحرام حين أخرجوا منه محمدا أكبر من القتل عند الله) ، و ذكر ابن اسحاق أن ذلك كان في آخر يوم من رجب و أنهم خافوا إن أخروا القتال أن يسبقهم المشركون فيدخلوا الحرم فيأمنوا و إنهم لما قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم قال لهم : ( ما أمرتكم في الشهر الحرم و لم يأخذ من غنيمتهم شيئا ) و قالت قريش : قد استحل محمد و أصحابه الشهر الحرام فقال من بمكة من المسلمين : إنما قتلوهم في شعبان فلما أكثر الناس في ذلك قوله تعالى : ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) الآية.
و روي نحو هذا السياق عن عروة و الزهري و غيرهما و قيل بأنها كانت أول غنيمة غنمها المسلمون .



6 ـ سبب تحريم هذه الأشهر: قيل : إن سبب تحريم هذه الأشهر الأربعة بين العرب لأجل التمكن من الحج و العمرة فحرم شهر ذي الحجة لوقوع الحج فيه و حرم معه شهر ذي القعدة للسير فيه إلى الحج و شهر المحرم للرجوع فيه من الحج حتى يأمن الحاج على نفسه من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه، و حرم شهر رجب للاعتمار فيه في وسط السنة فيعتمر فيه من كان قريبا من مكة .



7 ـ اختلف العلماء في حكم القتال في الأشهر الحرم هل تحريمه باق أو نسخ؛ فالجمهور : على أنه نسخ تحريمه، ونص على نسخه الإمام أحمد و غيره من الأئمة. و ذهبت طائفة من السلف منهم عطاء : إلى بقاء تحريمه، و رجحه بعض المتأخرين و استدلوا بآية المائدة، و المائدة من آخر ما نزل من القرآن ، وقيل ليس فيها منسوخ، وفي المسند 6/188 والحاكم2/311 وصححه على شرط الشيخين أن عائشة رضي الله عنه قالت : [ هي آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه و ما وجدتم فيها حرام فحرموه ] و روى الإمام أحمد في مسنده3/334،345 يإسناد صحيح عن جابر قال : [ لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى و يغزو فإذا حضره أقام حتى ينسلخ ] و ذكر بعضهم أن النبي صلى الله عليه و سلم حاصر الطائف في شوال فلما دخل ذو القعدة لم يقاتل بل صابرهم ثم رجع و كذلك في عمرة الحديبية لم يقاتل حتى بلغه أن عثمان قتل فبايع على القتال ثم لما بلغه أن ذلك لا حقيقة له كف و استدل الجمهور بأن الصحابة اشتغلوا بعد النبي صلى الله عليه و سلم بفتح البلاد و مواصلة القتال و الجهاد و لم ينقل عن أحد منهم أنه توقف عن القتال و هو طالب له في شيء من الأشهر الحرم و هذا يدل على إجماعهم على نسخ ذلك و الله أعلم .



8 ـ قوله صلى الله عليه و سلم : ( و رجب مضر ) سمي رجب رجبا لأنه كان يرجب؛ أي يعظم ،كذا قال الأصمعي و المفضل و الفراء.
و أما إضافته إلى مضر فقيل : لأن مضر كانت تزيد في تعظيمه و احترامه فنسب إليهم لذلك، و قيل : بل كانت ربيعة تحرم رمضان و تحرم مضر رجبا فلذلك سماه رجب مضر. و حقق ذلك بقوله الذي بين جمادى و شعبان .



9 ـ ذكر بعضهم أن لشهر رجب أربعة عشر اسما : شهر الله، و رجب، و رجب مضر، و منصل الأسنة، و الأصم، و الأصب، و منفِّس، و مطهِّر، و معلَّى، و مقيم، و هرم، و مقشقش، و مبريء، و فرد. و ذكر غيره : أن له سبعة عشر اسما فزاد : رجم بالميم، و منصل الألَّة وهي الحربة، و منزع الأسنة .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



المصدر
شبكه السنه النبويه وعلومها
http://www.alssunnah.com/main/articles.aspx?selected_article_no=2875&menu_id=1356

 
جزاكِ الله خيراً أختنا الكريمة زين على هذا الموضوع القيم ..
بارك الله فيكِ على هذا النقل الطيب ..
جعله الله في موازين حسناتكِ يوم القيامة ..
تحياتي وشكري وتقديري !!..
 
معلومات قيمة ورائعة
بوركت أختي زين على هذا النقل الهادف وجزاك الله خيرا
 

بارك الله فيك اختنا الفاضلة على الموضوع
و جعله في ميزان حسناتك...
 
جزاكِ الله خيراً أختنا الكريمة زين على هذا الموضوع القيم ..
بارك الله فيكِ على هذا النقل الطيب ..
جعله الله في موازين حسناتكِ يوم القيامة ..
تحياتي وشكري وتقديري !!..
اشكرك اخي ابو قصي على مرورك ايضا الطيب

 
جزاكِ الله خيراً أختنا الكريمة الهاشمية
أرق تحياتى
:gift:
 
rdd75uv7LFLhUbU.www.arabsbook.com.gif



 
بوركت اخيتى وجزاك الله خيرا
لاحرمنا الله من مواضيعك الرائعة
بالتوفيق.

u05ul90yhapjld44v92qTObjjD.www.arabsbook.com.gif


وفيكِ بارك الله اختي زولا
اشكرك على مرورك الرائع
تحياتي لكِ
 
بارك الله فيك اختنا الكريمة
موضوع جميل في موازين حسناتك
جزاك الله خيرا
 
اهلا بك اخي استيل
اشكرك على المرور
 
عودة
أعلى