وفيك بارك الله اخي اشكرك على المرور
Follow along with the video below to see how to install our site as a web app on your home screen.
ملاحظة: This feature may not be available in some browsers.
الضَّحِكُ المعتدلُ بلْسَمٌ للهمومِ ومرهَمٌ للأحزانِ ، وله قوةٌ عجيبةٌ في فرحِ الروحِ ، وجَذلِ القلْبِ ، حتى قال أبو الدرداء - رضي اللهُ عنه - : إني لأضحك حتى يكونَ إجماماً لقلبي . وكان أكرمُ الناس - صلى الله عليه وسلم - يضحكُ أحياناً حتى تبدو نواجذُه ، وهذا ضحكُ العقلاءِ البصراءِ بداءِ النفسِ ودوائِها .
والضحك ذِروةُ الانشراحِ وقِمَّةُ الراحةِ ونهايةُ الانبساطِ . ولكنه ضحكٌ بلا إسرافٍ : (( لا تُكثرِ الضحك ، فإنَّ كثرةَ الضحكِ تُميتُ القلبَ )) . ولكنه التوسُّط : (( وتبسُّمك في وجهِ أخيك صدقةٌ )) ، ( فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا ) . ومن نعيمِ أهلِ الجنةِ الضحكُ : ( فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ ) .
وكانتِ العربُ تمدحُ ضحوكَ السِّنِّ ، وتجعلُه دليلاً على سعةِ النفسِ وجودةِ الكفِّ ، وسخاوةِ الطبعِ ، وكرمِ السجايا ، ونداوةِ الخاطرِ .
لو خُيِّرتُ بين مالٍ كثيرٍ أو منصبٍ خطيرٍ ، وبين نفسٍ راضيةٍ باسمةٍ ، لاخترتُ الثانيةَ ، فما المالُ مع العبوسِ ؟! وما المنصبُ مع انقباضِ النفسِ ؟! وما كلُّ ما في الحياةِ إذا كان صاحبُه ضيِّقاً حرجاً كأنه عائدٌ من جنازة حبيبٍ؟! وما جمالُ الزوجة إذا عبستْ وقلبتْ بيتها جحيماً ؟! لخيرٌ منها - ألفَ مرةٍ - زوجةٌ لم تبلغْ مبلغها في الجمالِ وجعلتْ بيتها جنَّةً .
لا تحزنْ : لأنك جرّبتَ الحزن بالأمسِ فما نَفَعَكَ شيئاً ، رَسَبَ ابنُك فحزنتَ ، فهل نَجَحَ؟! مات والدُك فحزنت فهل عادَ حيّاَ ؟! خسِرت تجارتُك فحزنت، فهل عادتْ الخسائرُ أرباحاً؟!
لا تحزنْ : لأنك حزنت من المصيبةِ فصارتْ مصائبَ ، وحزنتَ من الفقرِ فازْددْتَ نَكَداً ، وحزنتَ من كلام أعدائك فأعنتهمْ عليك ، وحزنْت من توقُّع مكروهٍ فما وقع .
لا تحزنْ : فإنهُ لنْ ينفعك مع الحُزْن دارٌ واسعةٌ ، ولا زوجةٌ حسناءُ ، ولا مالٌ وفيرٌ ، ولا منصبٌ سامٍ ، ولا أولادٌ نُجباءُ .
لا تحزنْ : لأنَّ الحُزْنَ يُريك الماءَ الزلالَ علْقماً ، والوردةَ حَنْظَلَةً ، والحديقةَ صحراءَ قاحلةً ، والحياة سجناً لا يُطاقُ .
لا تحزنْ : وأنت عندك عينانِ وأذنانِ وشفتانِ ويدانِ ورجلانِ ولسانٌ ، وجَنَانٌ وأمنٌ وأمانٌ وعافيةٌ في الأبدانِ : ( فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) .
لا تحزنْ : ولك دينٌ تَعْتَقِدُهُ ، وبيتٌ تسكُنُهُ ، وخبزٌ تأكلُه ، وماءٌ تشربُهُ ، وثوبٌ تَلْبَسُهُ ، وزوجةٌ تأوي إليها ، فلماذا تحزنْ ؟!