الايمان بالله تعالى


الأيمان يولد الأمن في القلب و السكينة في النفس

الإيمان بالله تعالى
حقيقة الإيمان بالله تعالى :
دعا الإسلام إلى الإيمان بإله واحد لا شريك له قديم أبدي خالق السموات والأرض و هو على كل شيئ قدير
طريق الوصول إلى الإيمان بالله :
لقد طلب الإسلام إلى الإنسان أن يكون إيمانه بالله تعالى عن طريق التفكير و النظر و الاقتناع لا عن طريق التبعية و التقليد الأعمى و لا عن طريق الوراثة
فطلب إليه : أن يفكر بنفسه و ما منح من استعدادات و قوى قال تعالى ( و في أنفسكم أفلا تبصرون )
وطلب إليه ثانيا : أن يفكر في الكون من حوله و يتحسس ما فيه من تنظيم وإبداع قال تعالى ( إن في خلق السموات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و الفلك التي تجري في البحر لما ينفع الناس و ما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها و بث فيها من كل دابة و تصريف الرياح و السحاب المسخر بين السماء و الأرض لآيات لقوم يعقلون )
و طلب إليه ثالثا : أن يستنتج من كل هذا الإبداع أنه لا بد لهذا الكون من مبدع و المبدع يجب أن يكون واحدا قديرا بصيرا عليما و هذا هو الله سبحانه وتعالى إذ يستحيل أن يكون هذا الإبداع وليد المصادفة فهذا الكون و النظام و ما فيه من إبداع هو الطبيعة و محالا أن توجد الطبيعة نفسها و في جعل الإسلام التفكير و التأمل طريقا للوصول إلى الإيمان تقديرا للعقل الذي كرم الله تعالى به الإنسان على جميع المخلوقات و توجيه الإنسان ألا يؤمن بشيء إلا إذا قام البرهان على صحته قال تعالى ( و من يدعو مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون )
أثر الإيمان بالله في بناء الحضارة الإنسانية :
الإيمان بالله وحده يولد في نفس الإنسان الشعور بالمساواة : إذ إن في إفراد الله بالألوهية إشعارا لبني الإنسان أنهم متساوون أمام الله وحده و في الشعور بالمساواة دعوى لبني الإنسان إلى إقامة حياة مشتركة تسودها القيم الإنسانية من غير تفريق أو تمييز فالخلق كلهم عيال الله و احبهم إلى الله أنفعهم لعياله
و نم ثمرات الإيمان بالله وحده : الشعور بالحرية المنبثقة عن المساواة في الإيمان بالله يحرر العقلية الإنسانية من الوثنية و الطبقية و الاستعلاء و السيطرة فالإيمان بالله الواحد يبني الإنسان الحر الذي يقدر قيمة الحرية في نفسه أولا فلا يرضى أن يستعبده أحد أو يستزيله أحد و يقدر قيمتها في الآخرين فلا يمد يده إليهم بشيء من الظلم والاستعباد و لا شك أن الحرية هي الجو الصالح لتنمية المواهب و الاستعدادات التي هي منشأ التقدم و الرقي في جميع الميادين
و من ثمرات الإيمان بالله الواحد : أن يربط الإنسان بالكمال المطلق الذي هو الله سبحانه الذي تستوحى منه كل المعاني السامية و الفضائل و المثل العليا فالمؤمن يحب العدل و يكره الظلم أن الله عادل وليس بظالم و لا يحب الظلم و المؤمن رحيم يكره الغلظ و القسوة و لا يرضى أن يكون جاهلا لأنه يعلم أن الله اتصف بالعلم ودعا إليه و لا ريب أن إنسانا هذه صفاته لا بد أن يكون قوة دفع إيجابية في بناء الحضارة الإنسانية
ومن ثورات الإيمان بالله تعالى الشعور بالمراقبة و المسؤولية : هذا الشعور الذي يكون الشخصية التي تحاسب نفسها قبل أن تحاسب فتقبل على عمل كل ما هو خير لها و لغيرها و تبتعد عن ما هو شر لها و لغيرها و هذا هو أساس الحضارة الإنسانية

الإيمان بالملائكة و الرسل
إن الإيمان بهذه الأمور يعني الإيمان بعناصر الرسالة و التشريع فالملائكة هم الذين يبلغونها إلى الرسل بكتب من الله تعالى
وقد طلب الله تعالى إلينا الإيمان بها لحكمة بليغة هي : إن الله القادر الحكيم لم يترك عباده يتخبطون في اختيار المنهج الموصل للحياة الخيرة الفاضلة إذ كثير ما يقع واضعو المنهج و التشريع تحت تأثير الهوى و الشهوات و الضغوط فينحرفون عن الطريق القويم و لكنه سبحانه رسم لعباده الطريق الواضح لهذه الحياة و ما عليهم إلا أن يسلكوها في ضوء المنهج الإلهي المتجاوب مع العقل السليم و التفكير الصحيح فقد بين الله الخير و الحق و الحلال و الحرام فلا مجال لإضاعة الوقت لتعرف ذلك بل يجب أن تنصرف قوى الإنسان و طاقاته للتنفيذ و التطبيق و في هذا دفع للإنسانية إلى إنفاق الجهد في الميدان العملي المثمر و صوم عن إضاعته في ما لا يستقل العقل بمعرفته أو في ما يمكن أن يتوصل له و لكن بعد جهد طويل

الإيمان بالقضاء و القدر
وهذا الركن من الإيمان يضفي على النفس الإنسانية الرضا و يبعث فيها روحا جديدة لاستئناف العمل الصالح و مواصلته من غير توان و لا تقصير و هو واثق أن ما قدر عليه بالغه لا محالة و ينجم عن هذا العمل البناء الحضارة الإنسانية


الإيمان باليوم الآخر
حقيقته : اليوم الآخر هو اليوم الذي يبعث الله فيه الناس بعد أن يموتوا جميعا ليحاسبهم الله على أعمالهم التي صدرت منهم في الحياة الدنيا
فيكافئ المؤمنين المحسنين بالجنة و يعاقب الكافرين و المسيئين بالنار قال تعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره )
ضرورته : إن الإيمان باليوم الآخر ضرورة يقتضيها التفكير السليم ذلك أن الإنسان يرى في هذه الحياة أناسا يقضون حياتهم في ظلم الناس والاعتداء عليهم ثم يموتون . و لا ينالون جزاء ما قاموا به من عمل و إلى جانب ذلك يرى أناسا آخرين يقدمون أقصى ما في وسعهم لخير المجتمع و سعادته ثم يموتون >ون أن ينالوا جزاء ما قاموا به من عمل
فيتساءل هذا الإنسان أليس من اللازم أن تكون ثمرة كل حسنة حسنة و ثمرة كل سيئة سيئة ؟ أليس من اللازم أن تظهر نتيجة كل سعي طيب بصورة طيبة و نتيجة كل سعي خبيث بصورة خبيثة ؟ و متى يحصل هؤلاء على نتيجة أعمالهم ؟
لا بد أن يكون هناك يوم تتحقق فيه العدالة و يعطى كل ذي حق حقه و الإسلام الذي بني على الإيمان بالله وعدالته قرر أن هذا اليوم آت لا ريب فيه قال تعالى ( و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا و إن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها و كفى بنا حاسبين )
أثر الإيمان باليوم الآخر في بناء الحضارة الإنسانية :
الإيمان باليوم الآخر يغرس في نفس الإنسان الطمئنينة و ذلك بأنه يؤمن بأن جهده لن يضيع سدى و أن عمله لن يذهب هباءا و يقضي على اليأس و القنوط و يحيي في نفسه الأمل و يدفعه إلى العمل الصالح ما دام يعتقد أنه لن يحرم من ثمرات عمله عاجلا أو آجلا
يدفع الإنسان إلى التضحية بالنفس و المال في سبيل الله لإقامة الحق و العدل ما دام يعتقد أن كل ذلك مدخرا له عند ربه قال تعالى ( و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون )

 


جزاك الله خيرا اخي وجعل ما افدتنا به في ميزان حسناتك
 
عودة
أعلى