قال التلميذ لاستاذة :
نبئنى ايها المربى الفاضل ما سر هذا التكريم البليغ , وهذة الحفاوة العظمى التى يختص بها شهر رمضان من بين شهور العام ؟
قال المربى :
لانة كما قال الله تعالى " انزل فية القران هدى للناس "
قال الطالب :
الم ينزل شئ من القران قط فى غير رمضان ؟
قال المربى :
بلا فى كل الشهور قد نزل قران ولكن اول شذرة قرانية هبط بها جبريل على قلب محمد " صلى الله علية وسلم " كان فى شهر رمضان حينما كان محمد " صلى الله علة وسلم " يعبد ربة فى غار حراء .
فكانت هذة نقطة تحول بين عهدين ، كانت اول قطرة من غيث الرحمة الالهية التى جائت لتخرج الناس من الظلمات الى النور ، من الضلالة الى الهدى ، من الشقوة الى السعادة ، ثم تتابع الغيث فى مدى ثلاث وعشرين سنة حتى اكمل الله دينة واتم نعمتة باتمام هذا الذكر الحكيم
كانت الايحاءة القرانية الاولى اذا هى باكورة هذة النعمة العظمى ، وارتبط ذكراها بتاريخ نزولها ،فكلما جاء رمضان ذكرنا هذة الهدية ، وذكرنا من اهداها ، وكان حقا علينا شكرة عليها ، وتجديد ولائنا لة ولها
قال الطالب :
وهل استغرقت هذة المنزلة الاولى من الوحى القرانى طوال شهر رمضان الاول ؟
قال المربى :
كلا ،بل كانت فى لمحة خاطفة انبثق عنها فجر ليلة من ليالية
قال الطالب :
ما بالنا اذا نحتفل بالشهر كلة ؟ الم يكن بحسبنا ان نحتفل بهذة الليلة الفذة وحدها ؟
قال المربى :
اتحسب ان النور الذى انبثق فى تلك الليلة كان هكذا شعاعا ضئيلا لا يضئ الا قدر وضعة ؟
لقد كان لة اشعاع غامر لا يسعة الشهر ، بل يفيض على الدهر ، لقد كانت ساعة عيدة سعدت بجوارها الف ساعة ، وكان اقل ما يقضى واجب الوفاء لرب هذة النعمة ،وهو ان نشتغل بشكرة فى مدى ذلك الشهر .
قال الطالب :
هذا حسن ، ولكننا سمعنا الله فى ينوة فى كتابة بذكر شهر رمضان ، فاذا كانت سائر ليالى رمضان انما نالت هذا الشرف لجوارها تلك الليلة التى انزل فيها القران ، الم تكن هذة الليلة نفسها احق ان ينوة القران بها ، مثل ما نوة بالشهر كلة او اعظمة ؟
قال المربى :
لقد كان الامر كما قدرت ...لقد نوة الله فى كتابة فى شهر رمضان مرة واحدة ، ونوة بالليلة نفسها مرتين ماها باسمسن كريمين : سماها الليلة المباركة فقال "اننا انزلنة فى ليلة مباركة " وسماها ليلة القدر فقال " انا انزلنة فى ليلة القدر " وانزل فى شانها هذة السورة الكاملة المسماة باسمها .
قال الطالب :
لقد كنت تحدثنا ان رمضان كلة ذو شأن وقدر ، وان العمل فية عظيم الاثر ، مضاعف الاجر ، فأذا كانت كل ليالى رمضان ذات قدر فما نرى اذا لليلة التى نزل فيها القران مزيد فضل بهذة التسمية على سائر الليالى .
قال المربى :
ما اراك يابنى الا قد خذلت الان ذاكرتك اللغوية .
انسيت الفرق بين ان يكون الشئ ذا قدر , ذا قدر ما ، وبين ان يكون هو صاحب القدر ، كأن ما عداة بالقياس الية ليس شيئا مذكورا ؟
قال الطالب :
لا تؤاخذنى بما نسيت . ولكن هل تأذن لى ان اسأل : الى اى مدى تصل نسبة هذا الفرق بين قيمة الاعمال فى ليلة القدر ، وبلين قيمتها فى سائر ليالى رمضان ؟
قال المربى :
سأمثل لك ذلك . الا تعرف ان مضاعفة قيم الاعمال تكون فى العادة بالاحاد او بالعشرات او بالمئات ؟ فهل تقر عينا ذا قلت لك : ان العمل فى ليلة القدر يربو على العمل فى ثلاثين الف ليلة غيرها ؟
قال الطالب :
ما عهدناك تغلوا وتسرف فى تقدير الامور ...ثلاثون الف ليلة ؟من اين لك هذا ؟
قال المربى :
من كتاب الله تعالى اقرا ان شئت :"ليلة القدر خير من الف شهر "
قال الطالب :
تبارك الذى لا تنفذ خزائن نعمتة .. نبانى اذا عن هذا الفضل العظيم لا يزال فى متناول العاملين المخلصين منا فى كل رمضان ؟ اليس ذلك كان خصوصية لليلة المعينة التى نزل فيها القران اول مرة ؟
قال المربى :
يابنى ، انة لو كان الامر كما زعمت فى شأن هذة الليلة ، اذا لتحدث القران عنها كما يتحدث عن حدث تاريخى مضى او انقضى ، ولكنه يتحدث عنها حديثة عن شئ متكرر مستمر ، فهى اذا باقية ما بقيت على الارض طائفة من الامة مستمسكين بالحق عاملين بة ن ولقد علمنا ان النبى " صلى الله علية وسلم " وصحابتة الركام كانوا يلتمسونها فى رمضان من كل عام .
قال الطالب :
يلتمسونها ....اليست هى ليلة معينة معروفة فى رمضان الاول تتكرر فى مثل يومها من كل عام ؟ السنا متى عرفنا تاريخ النجم الاول من القران اتخذناة وقتا ثابتا فى كل رمضان ؟
قال المربى :
انها ليست دورة فلكية الية ن انها منحة ربانية يبارك الله بها الليلة التى يشاء انزل الملائكة والروح فيها ، وقد كانت ليلة القدر الاولى فى السابع عشر من رمضان فيما رواة المحققون من المؤرخين واعتمدة المحققون من المفرين استنباطا من قولة تعالى " ان كنتم امنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان " فأم يوم التقاء الجمعين وهو يوم بدر كان فى السابع عشر
ولكنها تنقلت بعد ذلك فى زمن النبى واصحابة انفهم فى الحادى والعشرين ، وفى السادس والعشرين ، وفى الخامس والعشرين ، وفى السابع والعشرين ، وانت ارأيتك يابنى لوكانت فى يوم معين فى كل عام اكنت تقبل على الله فى هذا اليوم وتعرض عنة فى سائر الايام ؟ فما يضيرك يابنى ان تعرض لنفحاتها باحياء بضع ليال من اواخر هذا الشهر تكثر فيها ذكر الله وبرك بخلق الله ؟ انها يابنى فرصة ثمينة بالحرص عليها والسعى اليها ، وما احسن قول القائل " انها ليلة ذات قدر ن انزل فيها كتاب ذو قدر ، على نبى ذى قدر ، فى امة ذات قدر :" تنزل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل امر سلام هى حتى مطلع الفجر "
كتب الله فيها لنا ولك العافية والامان والسلام
المصدر
د/ محمد عبد الله دراز
" الصوم تربية وجهاد"