معلم مهاجر
New Member
سار في طريقه عائدا إلى بيته مشتت الفكر يتأمل ما مر به من أحداث أثارت بداخله مشاعر الحيرة و الصدمة بعد ما حدث بينه و بين المرأة العجوز و من قبلها أستاذه.
أخذت الأفكار تتكاتف على عقله كأنها تريد تدميره فاخذ شريط ذكرياته يمر بألم كالسوط على جسده فتذكر كيف عاش طفولته ما بين أوامر و تحكمات فهو لم يجد في والده سوى صورة الحاكم الديكتاتوري فلم يكن القدوة أو المعلم بل السيد و تذكر كيف عان في حياته حتى يلتحق بالكلية الأمنية و كيف رضخ لإرادة والديه في الالتحاق بها و هي لا تمت لآماله بأي صلة و تذكر كيف مر عليه أول يوم بها و الضياع الذي كان فيه فهو مازال يشعر بمرارة هذا اليوم في حلقه رغم مضى السنين فقد كان كجزيرة معزولة وسط أمواج متلاطمة فقد كان يقدم قدما و يؤخر الأخرى كأنه ذاهب إلى المجهول بعد أن عاش
في منزل كل من به أراد أبعاده عن العالم الخارجي .
أخذت برودة الجو و صوت الأشجار تضرب في جسده و تزيده قشعريرة و اضطرابا و لكن الأفكار بداخله كانت كالنار
المتوهجة فقد كان متحسرا على السنوات التي مرت عليه بداخل كليته و كيف لا و هناك صغارا كثيرا ما رآهم و هم يشيرون إليه بسخرية مما زاد من عزلته عن المكان و استمر في الرسوب سنة بعد سنة حتى دخل في يوم المدرج فوجد دكتور غير دكتوره المعتاد فألقى السلام عليه ثم اخبره انه سوف يكمل معهم العام لحين عودة زميله فعندما سمعه و هو يشرح لهم شعر انه لأول مرة يسمع كلاما جديدا كلاما قريبا إلى نفسه فانبهر به فقد رأى فيه شخصية أب لم يرها في أبيه فقد رآه يهتم به أكثر اهتمام و يساعده في أبحاثه فحسب انه وجد الملاذ من مرارة حياته.
حتى أتى اليوم الفاصل في حياته فقد كان يتحدث مع ملاذه فسأله الأخير: لم أتيت إلى هذه الكلية على الرغم من انك لا تهواها؟ فرد عليه قائلا: كانت رغبة أبى وأمي!!!.
فاندهش أستاذه من هذه الإجابة و قال له : إذن ما هي أفكارك للمستقبل ؟.
فاصدر الطالب علامة تدل على عدم معرفته!!!!
فلم يستطع الأستاذ تمالك نفسه فقد استشف من الكلام شخصا بدون شخصية.
فقال له: كيف تقبل أن تعيش هكذا أين شخصيتك؟!! أين هدفك؟!! كيف تقبل أن يسوق احد مصيرك؟!! كيف تقبل أن تعيش كسجين ليس لديه أي حرية ما عليه هو السمع و الطاعة.
فجرى من أمامه لا يعلم اى واجهة له كالتائه في الصحراء و أحس انه في غيبوبة و هو سائر على الأرض و أخذت الرياح تلاطمه كأنها تلطمه على خديه و أخذت الأفكار تتلاطم بداخله فقد صدم حتى من ملاذه !!! لا لم يصدمه لقد أفاقه من غيبوبته الطويلة.
سار طويلا فلم يجد أمامه سوى البحر فجلس على صخرة وحيدة أحس أنها مثله فاخذ يحدثها و يضرب البحر بأحجار كانت في يده حتى رأى امرأة عجوز جالسة على صخرة قريبة منه ممسكة في يدها عصا خشبية ترسم بها
أشكال على الماء ولكن لم يكن يظهر من هذه الأشكال اى شكل فقد كانت تنظر للمجهول نظرة حزينة جعلته يشعر نحوها بشعور غريب لم يشعر به من قبل فلم يدر ماالذى جعله يتطرق إليها بقصته الطويلة المؤلمة و لم يدرى ماالذى اجبر هذه المرأة على الإنصات إليه و هي لأول مرة تراه ربما أرسلها الله لخلاصه أو لتخفيف همومه فقد رأى فيها حنان شديد و لم يعلم لم احتضنته بين ضلوعها و
كأنها أمه الحنون و هو لا يعلم لم و هي غريبة عنه ثم قامت من موضعها و غادرت المكان من دون أن تنطق ببنت شفة و لم يظهر على تقاسيم وجهها سوى ضحكة حانية كادت أن تجنه و تطمئنه في نفس الوقت فقد كان بداخله شعور غريب لم يعرفه و سار متجها نحو بيته و كل تفكيره حول هذه المرأة!!.
***
لم يذهب بعد ذلك إلى كليته و إنما كان يذهب إلى نفس المكان ليرها و يسألها عن كل ما يدور في خلده و لكنه لم يجدها فاخذ يبحث عنها بين الأزقة و الشوارع لعله يجدها حتى وجدها في نفس المكان الشاهد على لقائهما الغريب فقال لها: أخيرا التقيت بك أيتها الجدة فقد كنت ابحث عنك دوما حتى فقدت الأمل في أن أجدك.
فقالت له: أهم شيء يجب أن تتعلمه من الحياة لا تفقد املك في شيء و لا تيأس .
فقال لها : دائما كان لدى شعور انك من سيحل لي مشكلتي فقد
كنت اشعر نحوك بشعور غريب
و كأنك ...... لا اعلم لا اعلم.
فقالت له: لا تقل لا اعلم حاول لتكتسب الخبرة فالتجربة تولد الخبرة. لقد كنت مثلك في بداية عمري و لكنى لم أجد من ينصحني فخسرت كل شيء, فانا لا أريدك أن تخطيء خطئي فاذهب يا بني إلى كليتك و لا تقل لا اعلم و لا تيأس و سوف تجد بها ما تحبه و سوف تنجح إن شاء الله و ضع أمام عينيك هدف و لا تسمح لأحد أن يخطط لك حياتك و ابحث لك عن معلم تتعلم منه ما تريد و تجده متى شئت أن تجده.
فقال لها : أنت معلمتي و امى.
فقالت له: اذهب يا بني في رعاية الله.
***
و بالفعل تفوق فقد كان كلامها مذهب يسير عليه حتى نجح و تفوق و رأى الاحترام في عيون كل من حوله.
و في يوم تخرجه قال: أريد أن اشكر معلمتي و امى امرأة عجوز لقد علمتني في ليلة ما لم يعلمه لي احد طيلة حياتي فاشكرها اعز الشكر. فوجدها في آخر القاعة تبتسم له نفس الابتسامة التي رآها في عينيها في أول لقاء و لكن هذه المرة شعر بسعادة غامرة فابتسم لها فاختفت في لحظة!!! فنظر كل من بالقاعة للخلف فلم يجدوا أحدا ما هذا لقد كانت خيال في باله!!!
أخذت الأفكار تتكاتف على عقله كأنها تريد تدميره فاخذ شريط ذكرياته يمر بألم كالسوط على جسده فتذكر كيف عاش طفولته ما بين أوامر و تحكمات فهو لم يجد في والده سوى صورة الحاكم الديكتاتوري فلم يكن القدوة أو المعلم بل السيد و تذكر كيف عان في حياته حتى يلتحق بالكلية الأمنية و كيف رضخ لإرادة والديه في الالتحاق بها و هي لا تمت لآماله بأي صلة و تذكر كيف مر عليه أول يوم بها و الضياع الذي كان فيه فهو مازال يشعر بمرارة هذا اليوم في حلقه رغم مضى السنين فقد كان كجزيرة معزولة وسط أمواج متلاطمة فقد كان يقدم قدما و يؤخر الأخرى كأنه ذاهب إلى المجهول بعد أن عاش
في منزل كل من به أراد أبعاده عن العالم الخارجي .
أخذت برودة الجو و صوت الأشجار تضرب في جسده و تزيده قشعريرة و اضطرابا و لكن الأفكار بداخله كانت كالنار
المتوهجة فقد كان متحسرا على السنوات التي مرت عليه بداخل كليته و كيف لا و هناك صغارا كثيرا ما رآهم و هم يشيرون إليه بسخرية مما زاد من عزلته عن المكان و استمر في الرسوب سنة بعد سنة حتى دخل في يوم المدرج فوجد دكتور غير دكتوره المعتاد فألقى السلام عليه ثم اخبره انه سوف يكمل معهم العام لحين عودة زميله فعندما سمعه و هو يشرح لهم شعر انه لأول مرة يسمع كلاما جديدا كلاما قريبا إلى نفسه فانبهر به فقد رأى فيه شخصية أب لم يرها في أبيه فقد رآه يهتم به أكثر اهتمام و يساعده في أبحاثه فحسب انه وجد الملاذ من مرارة حياته.
حتى أتى اليوم الفاصل في حياته فقد كان يتحدث مع ملاذه فسأله الأخير: لم أتيت إلى هذه الكلية على الرغم من انك لا تهواها؟ فرد عليه قائلا: كانت رغبة أبى وأمي!!!.
فاندهش أستاذه من هذه الإجابة و قال له : إذن ما هي أفكارك للمستقبل ؟.
فاصدر الطالب علامة تدل على عدم معرفته!!!!
فلم يستطع الأستاذ تمالك نفسه فقد استشف من الكلام شخصا بدون شخصية.
فقال له: كيف تقبل أن تعيش هكذا أين شخصيتك؟!! أين هدفك؟!! كيف تقبل أن يسوق احد مصيرك؟!! كيف تقبل أن تعيش كسجين ليس لديه أي حرية ما عليه هو السمع و الطاعة.
فجرى من أمامه لا يعلم اى واجهة له كالتائه في الصحراء و أحس انه في غيبوبة و هو سائر على الأرض و أخذت الرياح تلاطمه كأنها تلطمه على خديه و أخذت الأفكار تتلاطم بداخله فقد صدم حتى من ملاذه !!! لا لم يصدمه لقد أفاقه من غيبوبته الطويلة.
سار طويلا فلم يجد أمامه سوى البحر فجلس على صخرة وحيدة أحس أنها مثله فاخذ يحدثها و يضرب البحر بأحجار كانت في يده حتى رأى امرأة عجوز جالسة على صخرة قريبة منه ممسكة في يدها عصا خشبية ترسم بها
أشكال على الماء ولكن لم يكن يظهر من هذه الأشكال اى شكل فقد كانت تنظر للمجهول نظرة حزينة جعلته يشعر نحوها بشعور غريب لم يشعر به من قبل فلم يدر ماالذى جعله يتطرق إليها بقصته الطويلة المؤلمة و لم يدرى ماالذى اجبر هذه المرأة على الإنصات إليه و هي لأول مرة تراه ربما أرسلها الله لخلاصه أو لتخفيف همومه فقد رأى فيها حنان شديد و لم يعلم لم احتضنته بين ضلوعها و
كأنها أمه الحنون و هو لا يعلم لم و هي غريبة عنه ثم قامت من موضعها و غادرت المكان من دون أن تنطق ببنت شفة و لم يظهر على تقاسيم وجهها سوى ضحكة حانية كادت أن تجنه و تطمئنه في نفس الوقت فقد كان بداخله شعور غريب لم يعرفه و سار متجها نحو بيته و كل تفكيره حول هذه المرأة!!.
***
لم يذهب بعد ذلك إلى كليته و إنما كان يذهب إلى نفس المكان ليرها و يسألها عن كل ما يدور في خلده و لكنه لم يجدها فاخذ يبحث عنها بين الأزقة و الشوارع لعله يجدها حتى وجدها في نفس المكان الشاهد على لقائهما الغريب فقال لها: أخيرا التقيت بك أيتها الجدة فقد كنت ابحث عنك دوما حتى فقدت الأمل في أن أجدك.
فقالت له: أهم شيء يجب أن تتعلمه من الحياة لا تفقد املك في شيء و لا تيأس .
فقال لها : دائما كان لدى شعور انك من سيحل لي مشكلتي فقد
كنت اشعر نحوك بشعور غريب
و كأنك ...... لا اعلم لا اعلم.
فقالت له: لا تقل لا اعلم حاول لتكتسب الخبرة فالتجربة تولد الخبرة. لقد كنت مثلك في بداية عمري و لكنى لم أجد من ينصحني فخسرت كل شيء, فانا لا أريدك أن تخطيء خطئي فاذهب يا بني إلى كليتك و لا تقل لا اعلم و لا تيأس و سوف تجد بها ما تحبه و سوف تنجح إن شاء الله و ضع أمام عينيك هدف و لا تسمح لأحد أن يخطط لك حياتك و ابحث لك عن معلم تتعلم منه ما تريد و تجده متى شئت أن تجده.
فقال لها : أنت معلمتي و امى.
فقالت له: اذهب يا بني في رعاية الله.
***
و بالفعل تفوق فقد كان كلامها مذهب يسير عليه حتى نجح و تفوق و رأى الاحترام في عيون كل من حوله.
و في يوم تخرجه قال: أريد أن اشكر معلمتي و امى امرأة عجوز لقد علمتني في ليلة ما لم يعلمه لي احد طيلة حياتي فاشكرها اعز الشكر. فوجدها في آخر القاعة تبتسم له نفس الابتسامة التي رآها في عينيها في أول لقاء و لكن هذه المرة شعر بسعادة غامرة فابتسم لها فاختفت في لحظة!!! فنظر كل من بالقاعة للخلف فلم يجدوا أحدا ما هذا لقد كانت خيال في باله!!!