عاش في هدوء ورحل في هدوء شأنه شأن العظماء الذين لا يكترثون كثيرا لصخب الحياة وينأون بأنفسهم عن مشاكلها اليومية التي تأكل الوقت والعمر لعلمه أن الوقت من ذهب وعليه أن يقتنصه لما هو أغلى وأثمن ألا وهو العلم الذي عرف راحلنا قيمته وشرفه كما وعى مقولة السابقين عن فضل العلم وانه لن يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك وقد أيقن هذه المقولة الراحل النابغة العلامة الزاهد البسيط أحد عظماء عصره وأخر الموسوعيين العظام في مصر والعالم العربي والإسلامي الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي الذي رحل عن عالمنا في شهر فبراير الماضي وهو شخصية متعددة المواهب والجوانب فهو الشاعر والأديب والناقد الذي حصد العديد من الجوائز ذات الدلالات المهمة مثل جائزة مجمع اللغة العربية لكنه لم يحصل على جائزة من جوائز الدولة التي كانت تعطى للشللية والعلمانيين وأعداء الدين من المهرجين والمزيفين أمثال سيد القمني وكان رجب البيومي مفكرا إسلاميا ومدافعا قويا عن العلوم الإسلامية ضد أباطيل الخصوم ودهاه المستشرقين وهو الكاتب اللامع الذي نافس العقاد وطه حسن واحمد حسن الزيات وهو مازال طالبا يافعا يشدو العلم في الأزهر الشريف.
وقد عاش الراحل الكريم الدكتور محمد رجب البيومي تسعون عاما هجرية الموافق ثمانية وثمانون عاما ميلادية فقد ولد في قرية الكفر الجديد بناحية مركز المنزلة محافظة الدقهلية عاشها في رحاب العلم منقطعا له غير مشغول بغيره من زخارف الدنيا وبهرجها وقد بدا في الكتابة للصحف والمجلات العلمية والثقافية وهو مازال طالبا في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف وبدأ اسمه في الظهور في تلك المجلات منذ عام 1940م وهو لم يكمل ثمانية عشرة من عمره بعد وقد استطاع الدكتور البيومي أن يوسع مداركه وافقه في مرحلة التكوين فلم يكتف بدراسة علوم الأزهر وفقط لكنه كان أشبه بجامعة علمية وموسوعة معارف متعددة فقد صاحب معظم مفكري عصره وعلمائهم استمع اليهم وناقشهم فارتبط بالكاتب الكبير محمد فريد وجدي وناقش منصور باشا فهمي أستاذ الفلسفة واحد الرواد الأوائل في كلية الآداب في الجامعة المصرية وتعرف بالدكاترة زكي مبارك والكاتب اللامع احمد حسن الزيات والدكتور محمد مهدي علام ومن الدعاة ورجال الدين محب الدين الخطيب وكان يستمع لحديث الثلاثاء للشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فقد حكى لي أستاذي الدكتور حسن الشافعي انه مازال يتذكر محمد رجب البيومي بقامته السامقة وعوده الفارع الطول وزيه الأزهري الأنيق وهو يقف في ميدان الحلمية يستمع لحديث الثلاثاء للشيخ البنا كما الزم نفسه بدراسة اللغة الانجليزية الذي كان يحسنها لمعرفة ما يكتبه المستشرقون عن الإسلام وكان صديقا لبعض هؤلاء المستشرقون الذين اهتدوا للإسلام وكتب عنهم في مجلة الزهر وغيرها الذي رأس تحريرها حتى وافته منيته وكان يطالعك في كل عدد رغم تقدمه في العمر بالجديد في كل فرع من فروع العلوم العربية والإسلامية فتجده يحدثك حديث العالم الذي يقف على دقيق وخبايا هذه العلوم الذي لا يتأتى ذلك إلا لأصحاب العزم والعزيمة من العلماء المخلصين الذين كنا سعداء الحظ بالتقائهم والانتفاع بعلمهم وار شادتهم كابي فهر محمود محمد شاكر احد القامات الكبار في فكرنا العربي والإسلامي .
ورغم تنوع معارف وثقافة الدكتور البيومي رحمه الله إلا أنه ظل محتفظا بأزهريته طوال عمره فلم ينجذب لجماعة أو شخصية أو ينضوي تحت لواء شخصية أو علم من الأعلام وهو ما يدل على استقلاله الفكري واعتزازه بالانتماء لهذه المؤسسة العريقة التي يشرف كل إنسان بالانتماء إليها وهو ما أخذه على كثير من شباب الأزهر هذه الأيام فقد لاحظت في قريتنا مثلا وهي قرية الراحل الدكتور البيومي أن معظم طلبة الأزهر الشريف في قريتنا ينتمون لشباب الإ خوان المسلمين وكنت أقول لبعضهم حري بك أن تنتسب لأزهريتك فهي سبغة جميلة ورداء عليك أن تعرف قيمته ولو أدركت مكانته لما انتسبت لي فئة أو طائفة أخرى وهذا الانتساب دليل على عدم تمكنك من علومك الأزهرية ولا استقلالك الفكري وأضرب لهم مثلا بالدكتور البيومي رحمه الله.
وإذا كان الأزهر الشريف هو الوعاء للعلوم العربية والإسلامية وعلى طالب العلم في تلك الجامعة الإسلامية العريقة ان يتخصص في أحد فروع الثقافة العربية والإسلامية بعد ان يلم بالقواعد الأساسية لتلك العلوم جميعها فقد كان رجب البيومي صوتا فريدا ملما بتلك العلوم جميعها بتمكن واقتدار فإذا طالعت مؤلفاته الغزيرة والمتعددة تجدها تدور بين تلك العلوم العربية والإسلامية لأنه كان يؤمن بان العربية كتاب واحد وانه لا يمكن الفصل في ثقافتنا العربية والإسلامية بين فن وأخر لأنها متكاملة وكل فرع منها يتصل بالآخر لقد عاش الدكتور البيومي ملكا غير متوج مرفوع الرأس موفور الكرامة لم يزايد على احد ولا استغل صلته بأحد لكنه عاش ملكا غير متوج بعلمه منكفئ على ذاته يردد في صمت مقولة الزهاد الأوائل وادفن نفسك في رماد الخمول لقد كان بحق كالذهب الإبريز كلما اقتربت منه عرفت معدنه الأصيل واستمعت بثمار علمه.
المصدر
وقد عاش الراحل الكريم الدكتور محمد رجب البيومي تسعون عاما هجرية الموافق ثمانية وثمانون عاما ميلادية فقد ولد في قرية الكفر الجديد بناحية مركز المنزلة محافظة الدقهلية عاشها في رحاب العلم منقطعا له غير مشغول بغيره من زخارف الدنيا وبهرجها وقد بدا في الكتابة للصحف والمجلات العلمية والثقافية وهو مازال طالبا في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف وبدأ اسمه في الظهور في تلك المجلات منذ عام 1940م وهو لم يكمل ثمانية عشرة من عمره بعد وقد استطاع الدكتور البيومي أن يوسع مداركه وافقه في مرحلة التكوين فلم يكتف بدراسة علوم الأزهر وفقط لكنه كان أشبه بجامعة علمية وموسوعة معارف متعددة فقد صاحب معظم مفكري عصره وعلمائهم استمع اليهم وناقشهم فارتبط بالكاتب الكبير محمد فريد وجدي وناقش منصور باشا فهمي أستاذ الفلسفة واحد الرواد الأوائل في كلية الآداب في الجامعة المصرية وتعرف بالدكاترة زكي مبارك والكاتب اللامع احمد حسن الزيات والدكتور محمد مهدي علام ومن الدعاة ورجال الدين محب الدين الخطيب وكان يستمع لحديث الثلاثاء للشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فقد حكى لي أستاذي الدكتور حسن الشافعي انه مازال يتذكر محمد رجب البيومي بقامته السامقة وعوده الفارع الطول وزيه الأزهري الأنيق وهو يقف في ميدان الحلمية يستمع لحديث الثلاثاء للشيخ البنا كما الزم نفسه بدراسة اللغة الانجليزية الذي كان يحسنها لمعرفة ما يكتبه المستشرقون عن الإسلام وكان صديقا لبعض هؤلاء المستشرقون الذين اهتدوا للإسلام وكتب عنهم في مجلة الزهر وغيرها الذي رأس تحريرها حتى وافته منيته وكان يطالعك في كل عدد رغم تقدمه في العمر بالجديد في كل فرع من فروع العلوم العربية والإسلامية فتجده يحدثك حديث العالم الذي يقف على دقيق وخبايا هذه العلوم الذي لا يتأتى ذلك إلا لأصحاب العزم والعزيمة من العلماء المخلصين الذين كنا سعداء الحظ بالتقائهم والانتفاع بعلمهم وار شادتهم كابي فهر محمود محمد شاكر احد القامات الكبار في فكرنا العربي والإسلامي .
ورغم تنوع معارف وثقافة الدكتور البيومي رحمه الله إلا أنه ظل محتفظا بأزهريته طوال عمره فلم ينجذب لجماعة أو شخصية أو ينضوي تحت لواء شخصية أو علم من الأعلام وهو ما يدل على استقلاله الفكري واعتزازه بالانتماء لهذه المؤسسة العريقة التي يشرف كل إنسان بالانتماء إليها وهو ما أخذه على كثير من شباب الأزهر هذه الأيام فقد لاحظت في قريتنا مثلا وهي قرية الراحل الدكتور البيومي أن معظم طلبة الأزهر الشريف في قريتنا ينتمون لشباب الإ خوان المسلمين وكنت أقول لبعضهم حري بك أن تنتسب لأزهريتك فهي سبغة جميلة ورداء عليك أن تعرف قيمته ولو أدركت مكانته لما انتسبت لي فئة أو طائفة أخرى وهذا الانتساب دليل على عدم تمكنك من علومك الأزهرية ولا استقلالك الفكري وأضرب لهم مثلا بالدكتور البيومي رحمه الله.
وإذا كان الأزهر الشريف هو الوعاء للعلوم العربية والإسلامية وعلى طالب العلم في تلك الجامعة الإسلامية العريقة ان يتخصص في أحد فروع الثقافة العربية والإسلامية بعد ان يلم بالقواعد الأساسية لتلك العلوم جميعها فقد كان رجب البيومي صوتا فريدا ملما بتلك العلوم جميعها بتمكن واقتدار فإذا طالعت مؤلفاته الغزيرة والمتعددة تجدها تدور بين تلك العلوم العربية والإسلامية لأنه كان يؤمن بان العربية كتاب واحد وانه لا يمكن الفصل في ثقافتنا العربية والإسلامية بين فن وأخر لأنها متكاملة وكل فرع منها يتصل بالآخر لقد عاش الدكتور البيومي ملكا غير متوج مرفوع الرأس موفور الكرامة لم يزايد على احد ولا استغل صلته بأحد لكنه عاش ملكا غير متوج بعلمه منكفئ على ذاته يردد في صمت مقولة الزهاد الأوائل وادفن نفسك في رماد الخمول لقد كان بحق كالذهب الإبريز كلما اقتربت منه عرفت معدنه الأصيل واستمعت بثمار علمه.
المصدر