هل نحرق كتاب الإنجيل؟
وأخيرا، تمكن أحد القسـاوسـة المتطرفين من تجاوز كل الضغوط الأخلاقية وقام بفعلة حرق المصحف الشريف. وذلك باحتفال اشـبه بطقس شيطاني لايمت الى اتباع رسول السلام يسوع المسيح ع بأي صلة عقائدية أو أخلاقية.
وتعودنا نحن المسلمين ان نعيش "تسونامي" من ردود الافعال لانؤذي فيه الا انفسـنا ولاتلبث الا ان تنتهي هذه الطاقة الاحتجاجية بعد حين في انتظار تسونامي آخر.
هل فكرنا بأي ظرف يأتي هذا؟ فالمجتمعات العربية التي تشكّل الكتلة الاسلامية الأهم اقتصاديا وسياسيا والمصدر الأهم للمرجعيات الدينية... هذه المجتمعات تعيش الآن مخاضات التحولات الاجتماعية والسياسية "الجذرية". نعم انها كالولادة التي تحتاج فيها الأم الى كل الرحمة والعناية وهي تولد الثورة ولادة عسيرة ويحتاج فيها الوليد الى كل الحب والعناية. فهل توقيت هذه الطعنة في مقدسات المسلمين هو موقف ديني أم موقف سياسي يريد اجهاض الوليد الجديد أو على الأقل اضعافه وضربه في عافيته؟ أعتقد ان من قام بهذا العمل لايمثل المجتمع المسيحي وانما يمثل مصالح سياسية تدربت وكسبت الكثير من الخبرة والخبث في تعاملها مع الشعوب.
هل تدبّرنا كيف نتصرف؟ مشكلتنا في اوطاننا العربية والاسلامية هو وجود نقطتي ضعف في ادائنا للتضاهرات والاستنكارات، اولهما هو تعدد الأجندات واختلاطها في التضاهرة الواحدة مما يؤدي الى التداخل الهدام واضعاف التأثير وضياع الهدف عدا حالات قليلة تجاوزت هذا الضعف، اما نقطة الضعف الثانية فهي ان الحاكم، رغم الشعارات والادعائات، هو لازال يحمل ثقافة التسلط في عروقه ولايجد ضرورة للتعاون مع المتضاهرين الا حين استشعاره بقوة ترهبه من داخل التضاهر او من خلال ضغوط خارجية. اي ان المسلمين وغيرهم لم ينجحوا في ارسال رسالة قوية الى المجتمع الدولي ولم يتعلموا كيفية فعل ذلك.
هل نحرق كتاب الانجيل؟ طبيعي ان قارئ هذا المقال يعرف من اللحظة الأولى ان هذا ليس خيار الكاتب ولايشكل أصلا خيارا راشــد. ويعرف القارئ ايضا ان كاتب المقال يبحث عن تدبير مزلزل يرقى الى مستوى الموقف السياسي الواعي والمؤثر. مباشرة اقترح ان نحرق نسخة من كتاب ما يقدّسونه ويعبدونه وهو الدستور الاميركي لتحقيق عدة أهداف:
اولا: الاعلان ان الدستور الاميركي لم يحمي الحريات والكرامات الدينية والانسانية ولا أقوى من دليل دامغ على الفشل في منع حرق نسخة من المصحف الشريف
ثانيا: ايصال رسـالة قوية الى المجتمع الدولي دون التعرض للاتهام بالتعصب الديني والتطرف فالدستور صناعة بشـرية تتعرض دائما الى التعديل أو التبديل والتطوير.
ثالثا: اشعار الضالين والمضللين في المجتمعات الغربية بوخزة من الألم لعل يسـاعدهم هذا الشيء بالشعور بفداحة انتهاكات المقدسـات الدينية والتراث الانسـاني الاسلامي.
رابعا: ان حرق نسـخة من الدستور الاميركي (وليس العلم الاميركي) لايضع الحكومات والانظمة السياسـية في احراج كبير الى درجة القرار بمنع التجمع.
خامسـا: ان قوة الصورة الرمزية في حرق الدسـتور الاميركي وبدون أفعال ونشاطات اضافية ستُلجم الاعلام الغربي من طرح اتهامات مجدية لهذا الفعل لان الرسالة والشـعار واضح وهو فشل الدستور الاميركي في حماية الحريات والكرامات الدينية الانسانية.
أدعوكم اخوتي الى نشـر هذا المقال كما هو من خلال البريد الاكتروني وايضا وضع نسـخ منه في شبكات التواصل الاجتماعي ربما تتحق الفائدة والعبرة