اختبار دقيق يكشف السل في ساعتين
توصل العلماء إلى اختبار جديد لتشخيص مرض السل في أقل من ساعتين، بما في ذلك سلالات المرض المقاومة للعقاقير.
ويتسم هذا الاختبار بالقدرة على إنقاذ آلاف الأرواح في البلدان النامية التي تفتقر الاختبارات المتداولة فيها للمصداقية أو تستغرق أسابيع طويلة لإظهار النتائج أو تلك التي لا تملك أية طرق لتشخيص هذا المرض.
وفي هذا السياق، أفادت دراسة أجرتها مؤسسة "فايند" FIND للوسائل المبتكرة لتشخيص الأمراض، وهي منظمة غير ربحية مقرها سويسرا، أن اختبار Xpert MTB/RIF الجديد تمكن من الكشف عن السل في 98 بالمائة من الحالات النشطة.
كما نجح الاختبار في الكشف بدقة عن 98 بالمائة من الحالات المقاومة للريفامبين، وهو عقار من عقاقير الخط الأول لعلاج السل. وتشير مقاومة الجسم للريفامبين إلى أن المريض يعاني على الأرجح من المقاومة للأدوية المتعددة، وهي مشكلة عالمية متنامية، لاسيما في البلدان التي يستفحل فيها وباء فيروس نقص المناعة البشري.
وتستخدم الطريقة المعتادة لتشخيص السل، والتي هي عبارة عن اختبار مسحة، المجهر للتأكد من وجود بكتيريا سل في عينة من بلغم المريض. وعلى الرغم من أن هذه الطريقة تعتبر رخيصة ومنخفضة التكنولوجيا، إلا أن نقص الموظفين المدربين على إجراء اختبارات المسحة يعني اضطرار المرضى إلى الانتظار عدة أيام للحصول على النتيجة.
كما تعجز اختبارات المسحة أيضاً عن تحديد المرضى الذين يعانون من سلالات المرض المقاومة للعقاقير، وكثيراً ما تفشل في الكشف عن مرض السل لدى المصابين بفيروس نقص المناعة البشري، الذين يقدر عددهم بحوالي 1.37 مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
الاختبار الجديد أداة ثورية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وإذا تم استخدامها في الأماكن التي تحتاج إليها فعلاً... فإن ذلك قد يغير الطريقة التي نقدم فيها الرعاية لمرضى السل وعلاجهم أما اختبارات الزرع، فبالرغم من اتسامها بدقة أكثر وقدرتها على تحديد ما إذا كانت بكتيريا السل مقاومة لعدد من المضادات الحيوية المختلفة، إلا أنها تحتاج لمختبرات متطورة وفنيين مدربين. كما أنها تستغرق فترة تصل إلى ستة أسابيع لإظهار النتيجة يكون المريض فيها قد تسبب في نشر العدوى بين العديد من الأشخاص الآخرين أو في كثير من الحالات قد لقي حتفه.
من جهة اخرى يستخدم الاختبار الجديد، الذي تم التوصل إليه بعد خمس سنوات من البحث المشترك بين القطاعين العام والخاص بالتعاون بين مؤسسة "فايند" وشركة "سيفيد" Cepheid الواقع مقرها بكاليفورنيا وجامعة الطب وطب الأسنان في نيوجيرسي بالولايات المتحدة، تقنية رد الفعل التسلسلي لإنزيم البوليميراز للكشف عن الحمض النووي لبكتيريا السل.
وبعد فترة تدريبية ليومين أو ثلاثة فقط، تمكن الفنيون المشاركون في الدراسة من إدخال عينة في حاوية صغيرة ووضعها في معالج آلي يقوم بإجراء الاختبار في غضون ساعتين.
وشملت الدراسة التي تم نشرها في مجلة "نيو إنغلاند" الطبية في الأول من سبتمبر، 1,730 مريضاً مشتبه بإصابته بالسل من البيرو وأذربيجان وجنوب إفريقيا والهند وقارنت نتائج اختبار المسحة والزراعة التي أجريت لهم مع نتائج اختبارات Xpert MTB/RIF.
وقد كشف الاختبار الجديد الإصابة بالسل في 72 بالمائة من المرضى الذين نفى اختبار المسحة إصابتهم في حين أكدها اختبار الزراعة. كما كشف الاختبار الثاني عن إصابة 85 بالمائة من الحالات، في حين وصلت النسبة في الاختبار الثالث إلى 90 بالمائة.
واقتصرت الدراسة على استخدام الاختبار الجديد في المختبرات المرجعية دون أن تؤكد ما إذا كانت النتائج ستبقى كما هي في حال استخدام الاختبار في العيادات.
ويمكن أن تشكل التكلفة أيضاً عائقاً امام استخدام الاختبار، فقد تفاوضت "فايند" للحصول على أسعار مخفضة لبرامج القطاع العام في البلدان المنخفضة الدخل، ولكن التكلفة ستبقى أعلى بكثير من اختبارات المسحة.
مع ذلك، أعرب الدكتور ماريو رافيجليوني، مدير قسم مكافحة السل بمنظمة الصحة العالمية، عن تفاؤله بقدرة الاختبار الجديد على إنقاذ الأرواح، واصفاً إياه بأنه "أداة ثورية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وإذا تم استخدامها في الأماكن التي تحتاج إليها فعلاً... فإن ذلك قد يغير الطريقة التي نقدم فيها الرعاية لمرضى السل وعلاجهم". وكانت منظمة الصحة العالمية قد حصلت على تمويل من المرفق الدولي لشراء الأدوية "يونيتايد" لمساعدة البلدان على استخدام الأداة الجديدة في حال أوصت بذلك هيئة استشارية.
وستجتمع لجنة من الخبراء في جنيف لمراجعة الأدلة التي توصلت إليها دراسة مؤسسة "فايند" وغيرها من الدراسات والأبحاث قبل أن تقدم توصياتها بحلول نهاية سبتمبر. وحسب رافيجليوني، فإن هؤلاء الخبراء "إذا تيقنوا من جودة الأدلة، فسيمكننا عندها الإعلان عن ذلك والطلب من دول العالم البدء باستخدام هذا الاختبار"
البعث ميديا