كاد المرض يقول شعرا

ابو ابراهيم

مشرف كليه الطب
طاقم الإدارة


كاد المرض يقول شعرا ..




الشعراء مثل كل المخلوقات ، ألم المرض بهم أو بأقربائهم ، فمنهم من تلقاه بالصبر ورحابة الصدر ، ومنهم من حزن وسالت دموعه ، ومنهم من سخر من المرض وتصدى له .

وفي كل هذا وذاك أوحى المرض إليهم شعرا ، وفاضت أنفسهم بشعر نضحت حروفه بالحزن

والمرارة والألم .

وهذا أبو العتاهية في مرضه الأخير ، وقد أحس بقرب الأجل ، ينظم قصيدة رائعة يرجو فيها عفو ربه، ويندم على ما أسرف من عمل في دنياه :

إلهي لا تعذبني فإني


مقر بالذي قد كـان مني

فما لي حيلة إلا رجائي


لعفوك فاحطط الأوزار عني

وكم من زلة لي في الخطايا


وأنت علي ذو فضل ومن

إذا فكرت في ندمي عليها


عضضت أناملي وقرعت سني



ومن الشعراء من سخط على المرض ، ونقم عليه .. فهذا أبو القاسم الشابي وقد أصبح جل شعره مسطرا بالمرض ، فقد راح المرض ينخر في صدره ، وصار شبحا لا يفارقه في ليل أو نهار . وهذه قصيدة قالها قبل وفاته وهو في سن الخامسة والعشرين ، يقول :

سأعيش رغم الداء والأعداء


كالنسر فوق القمة الشماء

أدنو إلى الشمس المضية هازئا


بالسحب والأمطار والأنواء

لا ألمح الظل الكئيب ولا أرى


ما في قرار الهوة السوداء



فالمرض تسلل إلى ألفاظه ومعانيه: الداء والأعداء ، والسحب والمطار والأنواء ، وهو يحاول التخلص منها ويتمرد تارة عليها فيقول :

فاصدم فؤادي ما استطعت فإنه


سيكون مثل الصخر الصماء

لا يعرف الشكوى الذليلة والبكا


وضراعة الأطفال و الضعفاء



ولكنه يبدو في النهاية ضعيفا أمام الداء ، إذ يقول :

أما إذا خمدت حياتي وانقضى


عمري وأخرست المنية نائي

وخبا لهيب الكون في قلبي الذي


قد عاش مثل الشعلة الحمراء

فأنا السعيد بأنني متحول


عن عالم الآثام والبــغضاء

arabegfrinds

 
عودة
أعلى