15/08/2010م
بدأت ظاهرة ترميم المسلمون التتار لبعض بيوتهم وتحويلها إلى مساجد في الانتشار، قبل عدة سنوات، في إقليم شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا وإقليم الدونباس شرقها.
يأتي ذلك مع تزايد أعداد التتار القرميين العائدين من بلاد المهجر إلى وطنهم بعد الاستقلال، في محاولة لاستعادة الهوية الإسلامية بالنسبة لتتار كازان في الدونباس التي غيبتها الحقبة السوفياتية السابق.
وكان النظام السوفياتي قد هجر مئات الآلاف من تتار القرم في العام 1944 قسرًا إلى دول شرق آسيا وشمال روسيا، وصادر ودمر معظم بيوتهم وأراضيهم ومساجدهم ومؤسساتهم التعليمية والدينية، كما اتبع سياسة حل تتار كازان في المجتمع، من خلال منعهم من ممارسة تعاليم الدين، ونشرهم في أماكن عمل متفرقة في دوله، وتشجيعهم على الزواج من غيرهم.
هذا، ويجد التتار في تحويل البيوت إلى مساجد ملاذًا أسرع وأرخص لتوفير محاضن للعبادة وممارسة تعاليم الدين، إذا ما قورن مع كلفة شراء الأراضي والبناء عليها من الصفر، والزمن اللازم لذلك.
كما يجدون فيها ملاذًا يربطهم ويربط أبناءهم بدينهم وهويتهم، حيث إن المساجد غالبًا تحتوي على صفوف لتعليم اللغة العربية والتترية والتربية الإسلامية.
هذا، ويبلغ عدد المساجد في إقليم شبه جزيرة القرم حاليًا قرابة 280 مسجدًا، 80 منها هي بيوت حولت إلى مساجد، وعدد المساجد في إقليم الدونباس 16 مسجدًا، 11 منها بيوت حولت إلى مساجد أيضًا.
وكان إقليم القرم ولاية تتبع لدولة الخلافة العثمانية في أجزائها الشمالية مدة تقرب 200 عام، وكان يبلغ عدد المساجد فيه 4000 مسجد، وفق بعض المؤرخين.
ومن جهته، قال إمام أحد مساجد القرم الذي كان بيتًا، محمد ماموتوف إنه يتم اختيار بيت مناسب في القرى التي يكثر فيها التتار من حيث الحجم والمكان، مهجور أو معروض للبيع، ثم يتم شراؤه وإعادة بنائه أو ترميمه بحيث يصبح مؤهلًا ليكون مسجدًا مزودًا بالمرافق اللازمة، وتضاف إليه مئذنة، وبعض مسحات الفن المعماري الإسلامي.
وقال ماموتوف إن التتار يسعدون بوجود المساجد في قراهم كسعادتهم بوجود المدارس، فهي رمز وحصانة لدينهم وهويتهم، تصبح أشبه بكتّاب لتعليم اللغة والقرآن والدين.
ويعتبر التتار أن مشروع "تحويل بيت إلى مسجد" من أنجح مشاريع الإغاثة الإنسانية التي تستهدف إنقاذ هويتهم من الذوبان السلبي في المجتمع، وتعزيز ارتباطهم بدينهم كأقليات إسلامية.
وعلى صعيدٍ متصل، قال رئيس اتحاد المنظمات الاجتماعية "الرائد" إسماعيل القاضي -وهو أكبر مؤسسة تعنى بالأقليات المسلمة في أوكرانيا، ومطلق المشروع قبل نحو عشر سنوات- إن فكرة المشروع أخذت من السيرة النبوية، عندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع مع أصحابه الكرام في "دار الأرقم" قبل الهجرة، وفي فترة الضغط والشدة على المسلمين آنذاك.
وأضاف القاضي أن المشروع قوبل بترحيب واهتمام تتري واسع، لأنه كان حلًا يوفر لهم المساجد من جديد، بدل تلك التي دمرها النظام السوفياتي، وهي سرعان ما تنشط بعد الافتتاح بالبرامج والدروس.
الرحماء