هناك خمسة أشخاص يجدر بنا أن نحاول تجنب التحدث إليهم. فالحوار مع هؤلاء قد يدخلنا في دوامة الحوار العقيم والغير مريح، حيث تكثر فيه مقاطعات المتحدث التي تفسد على الجالسين متعة الحديث. فالحوار يصبح مملاً إذا لم يلتزم المتحدث بالآداب المعرفة وفي مقدمته حسن الإنصات من دون مقاطعات الغير مبررة.
وسنتطرق إلى هؤلاء الأشخاص الخمسة الذين نسعى إلى تحاشيهم بقدر الإمكان، مسلطين الضوء على رأي أسلافنا العرب فيّهم وبطريقة التعامل المثلى معهم.
*أوّلاً الجاهل: الجاهل هو الذي يظن دائماًَ أنه على حق. والجاهل الذي نقصده هنا هو الشخص الذي يقحم نفسه في كل نقاش من دون أن يتحقق من طبيعة المشاركين، ولا يأبه بصورته أمامهم، فيشرع في طرح آرائه ومعتقداته وربما يدافع عنها بقوة قبل أن يتبين له مدى إلمام المشاركين بالموضوع، فقد يكون لديهم من المعلومات ما يجيب عن أسئلتهم لو أنه منحهم آذانا مصغيّة. ولذلك نجد أن الجاهل هو من أكثر الناس اقتحاماً للحوارات وأكثرهم مقاطعة لحديث الآخرين، وربما تكون المشكلة نفسية إذ يجد أن شعوره بالنقص (نقص المعلومات) يدفعه إلى محاولة إثبات وجوده فيقاطع المتحدثين وربما يبالغ في معارضتهم.
على سبيل مثال قولة أدبية: إذا بليت بجاهل متحامـل*** يجد المـحال من الأمـور صـوابا
*ثانيا المعْترض عن الاستماع: عندما نصر على محاورة المعترض عن الاستماع إلينا فإننا نعرض أنفسنا لاحتمالية التعرض إلى مقاطعات كثيرة. فهذا الشخص غير المهتم بالموضوع المطروح للنقاش قد يبتكر أكثر من طريقة للإعراض عنك من خلال أشكال متعددة من المقاطعات مثل محاولات تغييرعن الموضوع، أو طرح أسئلة بعيدة كل البعد عن صلب الموضوع، أو الانصراف حجة قضاء حاجة معينة وغير ذلك من مقاطعات لا تفيد الحوار البتة.
*ثالثا الأحمق: من علامات الحُمق التي يجب على العاقل تفقدها ممن خفي عليه أمره: سرعة الجواب، وترك التثبت، والإفراط في الضحك، وكثرة الالتفات، والوقيعة في الأخيار، والاختلاط بالأشرار، والأحمق إذا أعرضت عنه اغتم، وإن أقبلت عليه اغتر، وإن حلمت عنه جَهِل عليك، وإن جهلت عليه حِلُم عنك، وإن أسأت إليه أحسَن إليك، وإن أحسنت إليه أساء إليك، وإن ظلمته، انتصف منه، ويظلمك إذا أنصفته". ويتضح مما سبق عدم جدوى محاورة من يتصف بصفة الحمق إذ لا يرجى من ورائه إنصات يخلو من المقاطعات المتكررة نتيجة للصفات المذكورة آنفا.
*رابعا الغاضب: أسوأ ما يمكن أن يحاور المرء هو المستمع الغاضب. فالمستمع حينما تنتابه نوبة الغضب العارمة فإنه أبعد ما يكون عن الإصغاء بل ربما يفقد صوابه فيرد بعنف على المتحدث ضارباً بعرض الحائط كل الآداب التي تحض على عدم مقاطعة المتحدث إلا للضرورة.
* خامسا السفيه: يعد السفيه أحد العناصر الفاعلة في تحويل الحوارات إلى نقاشات عقيمة، بكثرة مداخلاته أو مقاطعاته الغير مبررة. والسفه لغة تأتي من الخفة والاضطراب في السلوك أي تحركه الأهواء يمنة ويسرة ولذا قيل "و تِسِفِّهَتِ الرَّيح الشجر"... أي تحركت بطريقة عشوائية . كما قال الشافعي:
يُخاطبني السفيه بكل قبح*** فأكره أن أكـون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حـلما*** كعود زاده الإحراق طيبا
خلاصة القول:
بشكل عام نقول لا يستطيع المرء أن يتحكم بسلوك جلسائه ولكن في يده أن يقلل من مضايقاتهم الناجمة عن عدم التزامهم بآداب الإنصات وإكثارهم من المقاطعة التي تفسد أجواء الحوار، وذلك بإتباعنا للخطوات المذكورة آنفاً.