شلل اليقظة المفاجئ
Cataplexy
Cataplexy
هناك عدة اضطرابات تصيب النائم خلال فترة الأحلام وهي فترة من النوم يقضي الإنسان الطبيعي حوالي 25% من نومه فيها. أشهر هذه الاضطرابات ما يعرف بالجاثوم أو شلل النوم ولكن هناك اضطرابا مشابه يحدث خلال اليقظة يعرف بشلل اليقظة (cataplexy). شلل اليقظة أو بصورة أدق الشلل المفاجئ أثناء اليقظة هو عرض لمرض معروف ولكنه غير شائع يعرف بالنوم القهري (أو مرض نوبات النعاس) وخلاله يحدث شلل أو ضعف في عضلات الجسم كلها أو بعضها كأن يكون هناك ضعف في عضلات مفصل الركبتين أو عضلات العنق التي تحمل الرأس أو عضلات الفك السفلي أو عضلات الذراعين أو عضلات التحدث مما يجعل الكلام غير واضح وفي بعض الحالات يكون هناك شلل كامل في الجسم وقد يسقط المريض على الأرض ويظهر وكأنه مغمى عليه ولكنه في واقع الأمر في كامل وعيه ولكنه مشلول شللا كاملا. و عادة ما يكون هذا الضعف للحظات قليلة ولكنه في بعض الحالات قد يستمر لدقائق. وعادة ما تبدأ نوبات الشلل أو الضعف في المواقف العاطفية المفاجئة كالانفعال والغضب أو السرور والضحك أو الإحراج. وقد تسبب حالة السقوط المفاجئ رضوض أو جروح أو إصابات خطيرة للمصاب.
والنوم القهري مرض يصيب الجهاز العصبي ويرافق المريض مدى الحياة وإذا لم يشخص ويعالج قد يؤثر على المريض تأثيرا بالغا. ويربط أول وصف موثق للمرض بالعالم جيلينيو عام 1880. أهم أعراض المرض نوبات شديدة من النعاس لا يمكن مقاومتها وقد يصاحب ذلك أعراض أخرى مثل شلل النوم (الجاثوم) وشلل اليقظة والهلوسة التي تسبق النوم وتقطع النوم أثناء الليل. ويقدر أن المرض يصيب الناس من كلا الجنسين أغلبهم لا يتم تشخيصهم. ويمكن أن تظهر أعراض النوم القهري في أي عمر ولكنها تظهر في معظم الحالات في بداية سن المراهقة.
والنوم القهري مرض عضوي ينتج عن نقص مادة في الجهاز العصبي تدعى أوركسين (هيبوكريتين). ولا علاقة للمرض بأي سبب نفسي. ويصيب المرض حسب التقارير المنشورة من مختلف البلدان 0.23 إلى 190 شخص في كل 100 ألف شخص. وفي المملكة أجرى أ.د. سعد الراجح دراسة في الثمانينيات من القرن الماضي في مدينة الثقبة على أكثر من 23 الف شخص وتوصل إلى أن المرض يصيب 40 شخصا في كل 100 ألف شخص (0.04%). مما يعني أن هناك آلاف المرضى في السعودية لم يتم تشخيصهم وعلاجهم حتى الآن. ويوجد لدينا في سجل مرضى النوم القهري في الجامعة حوالي 60 مريضا سعوديا. ووجدنا في بحث نشرناه في المجلة الطبية السعودية أن متوسط أعمار المرضى عند تشخيصهم كان 28.9 سنة وكان المدى (9-65 سنة). ولكن أعراض المرض ظهرت في المتوسط في سن 20.5 سنة أي أن أكثر المرضى في المعدل عانوا من المرض لمدة 8 سنوات أو أكثر قبل أن يتم تشخيصهم. وهذا يعكس نقص الدراية بالمرض لدى الكثير من العاملين في القطاعات الصحية وعدم معرفة المرضى بالتخصص الذي يجب عليهم التوجه إليه للحصول على العلاج مما يؤكد أهمية التوعية والتثقيف الصحي بالمرض. وعند المرضى السعوديين المصابين بمرض النوم القهري وجدنا أن 72% منهم يعانون من شلل اليقظة.
ولفهم ما يحدث خلال شلل اليقظة لابد من تفصيل بسيط لمرحلة الأحلام فقد خلق الله سبحانه وتعالى آلية تعمل لتحمينا من تنفيذ أحلامنا؛ تدعى هذه الآلية (ارتخاء العضلات). وارتخاء العضلات يعني أن جميع عضلات الجسم تكون مشلولة خلال مرحلة الأحلام ما عدا عضلة الحجاب الحاجز وعضلات العينين. فحتى لو حلمت بأنك تقوم بمجهود عضلي كبير، فإن آلية ارتخاء العضلات تضمن لك بقاءك في سريرك. وتنتهي هذه الآلية بمجرد انتقالك إلى مرحلة أخرى من مراحل النوم أو استيقاظك من النوم. عند المصابين بالنوم القهري يحدث خلل في هذه الآلية كما أن المصابين بالمرض لديهم زيادة كبيرة في نسبة مرحلة الأحلام وقد تظهر مرحلة الأحلام أو جزء منها أثناء اليقظة عند أي تفاعل عاطفي مما يسبب شلل العضلات الجزئي أو الكامل.
وبالرغم من أن شلل اليقظة يصاحب النوم القهري إلا أن علاجه يختلف عن علاج زيادة النعاس الذي يعتبر العرض الأهم في مرض النوم القهري. وهناك عدة أدوية يمكن استخدامها لعلاج شلل اليقظة وهذه الأدوية تعمل في الأساس على تقليل مرحلة الأحلام مثل بعض مضادات الاكتئاب. وفي الغالب تكون هذه الأدوية فعالة وتختفي معها الأعراض إلا أنه في بعض الحالات تستمر الأعراض وتسبب الإحراج للمصابين أو الأضرار الجسمية بسبب السقوط المفاجئ. وفي قاعدة المعلومات الموجوة لدينا في جامعة الملك سعود وجدنا أن حوالي 5-8% من مرضى النوم القهري لديهم شلل يقظة مقاوم للعلاج الأولي. لهؤلاء ظهر علاج جديد يعرف باسم "زيرم" يمكن استخدامه تحت مراقبة طبية وهو علاج فعال جدا ولكن مشكلته الأساسية ارتفاع كلفته حيث يكلف علاج المريض الواحد حوالي 12 ألف ريالا في الشهر.
أسأل الله لكم السلامة.
أ.د. أحمد سالم باهمام
كليةالطب-جامعة الملك سعود
أستاذ واستشاري أمراض الصدر واضطرابات النوم
مديرمركزتشخيص وعلاج اضطرابات النوم بمستشفى الملك خالدالجامعي
النوم في الصحة والمرض