بيوت الله
بين جفاء المسلمين واعتداء المعتدين
--------------------
ليس بناءً عادياً .. بين جفاء المسلمين واعتداء المعتدين
--------------------
أساسه تقوى من الله ورضوان (أفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَان)
أبوابه باطنها فيها الرحمة وظاهرها من قبلها فضل الله ، أفلست تقول حين تدخله كما قال رسولنا الكريم عليه أفضل صلاة وأتم تسليم ( بسم الله والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك) ، وإذا أردت الخروج قلت (اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك) .
بناءٌ أذن الله عز وجل برفعه ، ملؤه ذكر وتسبيح للخالق العظيم (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) ، عمّاره قوم يحبهم الله ... قوم متطهرون .
تعلوه مئذنة تقف شامخة تعانق السحاب ، كأنها اصبع سبابة تشهد لله بالوحدانية . وقبة تغمر من تحتها بالسكينة والخشوع ، ويقف بداخله منبر تقال فيه كلمات حق ، كلمات تذكير للغافلين ، وبشرى للمتقين ، يؤمر عليه بالمعروف ويُنهى عن المنكر . وهناك حيث تتجه وجوه الخاشعين شطر المسجد الحرام ، يقف محراب يتقدم المسجد.
أرض هذا البناء لامستها جباه العبيد ساجدين لمولاهم بخشوع ، واحتضنت دموع الخشية والتوبة والخوف والندم والرجاء . جدرانه شهدت أسرار المحبين ، و خشوع الخائفين ، وتوسلات الراجين.
فلا عجب إن كان من يعمر هذا البناء قد وصفوا بقول الله جلّ و علا : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ) ، (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ).
هذه هي المساجد في دين الإسلام ، كلما عظم قدر الله عندك ، عظم قدر بيوته في قلبك. ولكن الناظر إلى حالها في يومنا ، ينتابه العجب ... ويجهش بالبكاء إن كان ذا قلب ينبض بالحياة.
مساجد خلت من المصلين ، يرفع المؤذن فيها الآذان ثم يمضي إلى مسجد آخر ليجد من يصلي معهم صلاة الجماعة ، وأخرى تقفل أبوابها بعد الصلاة ، قد حُرمت من دروس العلم وحلقات الذكر ، ومساجد حوّلها الظلمة إلى فخاخ يصطاد بها الصالحين ، ليؤخذوا منها إلى غياهب السجون.
ومساجد وضعت في قفص الإتهام ، فجعلوها سبباً للفوضى زعموا ، فمُنع من الصلاة فيها من لا يملك بطاقة إشتراك وتصريح دخول!!
ومساجد مهجورة لا يذكرها أحد ، وقد كانت يوماً عامرة بالمصلين .
ومساجد يُعتدى عليها ليلاً ونهاراً ، سراً وجهراً ، ولا تجد مسلماً يتحرك لنصرتها.
وما دخل أعداء الله أرض مسلمة محتلين ، إلا اتجهوا أول أمرهم إلى المسجد ، فقد عرفوا سرّ قوة المسلم ، فاعتدوا عليه ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا).
ولتُسأل مساجد الأندلس والبوسنة وكوسوفو وفلسطين والعراق وأفغانستان والهند وتايلند والصين ... وغيرها كثير ، لتسأل عما أصابها وما فعل فيها وما سفك فيها من دماء : اتخذوها متاحف ، وأخرى كنائس ومعابد يعبد فيها غير الله ، وأخرى ترتكب فيها المحرمات!! وأبناء الإسلام يُبصرون ويصمتون ، أو ألهتهم الدنيا فما رأوا ولا أبصروا!!
هذا حال مساجدنا اليوم يا أمة المساجد ، يحارُ المتأمل من أعظم جرماً : جاهلٌ قدرها معتدٍ عليها ، أم عارفٌ فضلها هاجرٌ لها!!
هذه مساجدنا ...
وإن كانت آذان المسلمين وقلوبهم قد صُمّت عن تلبية نداء الصلاة ، فستبقى كلماته : حي على الصلاة ، حي على الفلاح حُجة عليهم يوم الحساب .
وإن كانت مآذنها قد أخرست ، فإن الكون كله يردد الله أكبر ، الله أكبر.
-----------------
المصدر : (موقع طريق الإسلام)
المصدر : (موقع طريق الإسلام)