محمد شتيوى
مستشار سابق
علم البيطرة فى التراث الإسلامي
دكتور / أحمد فؤاد باشا
أستاذ الفيزياء بكلية العلوم – جامعة القاهرة
علم البيطرة أو طب الحيوان يبحث عن أحوال الحيوانات من جهة ما يصح وتحفظ به صحته , أو يمرض ويعالج من مرضه .
وقد اهتم علماء الحضارة الإسلامية بالثروة الحيوانية وكل ما يتعلق بتطويرها ونمائها يشهد على ذلك ما تضمنته مؤلفاتهم من دراسات قيمة تتعلق بتغذية الحيوان وتربيته ومداواته من الأمراض التي تصيبه .
فقد أفرد ( أبو بكر أحمد بن وحشية ) في القرن التاسع للميلاد كتاباً للحيوانات المعينة على الفلاحة مثل البقر والغنم والإبل وغيرها , وجعل باباً خاصاً للحمام والطيور والكراكى .
كذلك خصص ( ابن العوام ) الأبواب الأخيرة من كتاب ( الفلاحة الأندلسية ) لتربية الماشية , وتحدث عن أمراض الحيوان , وكيفية اختيار الجيد , ومدة الحمل , وما يصلح من العلف , ثم تحدث عن التسمين ورياضة الأمهار وعلاج بعض علل الدواب , وخصص فصلاً عن اقتناء الطيور في البيوت مثل الحمام والإوز والدجاج ونحل العسل , ثم اقتناء الكلاب للصيد أو الزرع .
وقد سبق علماء المسلمين إلى الحديث عن ( سلوك الحيوان ) وهو من الفروع الحديثة المعروفة فى علم البيطرة .
فعرض ( داود الأنطاكي ) في تذكرته فصلاً إضافياً عن أخلاق الحيوان , وذكر الجبلِّي منها والاكتسابي وكيفية خروج ذلك بالعلاج , فمنها " سرعة الانتقال من حالة إلى أخرى كالوقوف بعد المشي ويسمى في الخيل ( حرناً ) وسببه سوء المركوب وجهل المروِّض لها , وقد تمس الحاجة فيه إلى الكىّ , وقد يعترى غير الخيل ويدخل فى الوحوش , وخصوصاً الأسد والفهد , واشد الحيوانات انحرافاً البغل ينسى ف كل يوم خصلة محمودة ويحفظ خصلة مذمومة " .
وذكر داود أن من الأخلاق الرديئة أيضاً ( الكلاد ) " وهو العض والنهش مع هيجان , وأكثر ما يكون فى الجِمال , وقد تدعو الحاجة إلى برد أسنانه " , لكنه أنكر ما قاله آخرون في علاجه بأن يلقم نحو الحنظل والصبار ؛ لأنه " يُفضى إلى إدباره عن الأكل فيكون سبباً لتغير جسمه " .
واتبع علماء المسلمين أسلوباً رائداً في التعرف على أمراض الحيوانات والتماس علاجها , مع ملاحظة ما بينها وبين الإنسان من اختلاف في الأغذية والتركيب , وما يجب لذلك من تعديل في أنواع العلاج وكميات الدواء
, وتناولت الكتب التراثية بالشرح والتحليل مختلف الأمراض التي تصيب الحيوانات من خيول وأبقار وثعالب وكلاب وطيور وغيرها , فذكروا البرص والبهق والسعال واليرقان والخناق والاستسقاء ووجع القلب وضعف الكُلى وآلام المفاصل والنقرس والقروح وأمراض العين والحافر وآلات التناسل ومعالجة السموم وغير ذلك .
وامتد اهتمام بياطرة المسلمين ليشمل بعض أنواع الطفيليات التى تصيب الحيوانات والطيور , فعلى سبيل المثال قدَّم ( الصاحب تاج الدين في كتابه ( البيطرة ) وصفاً تفصيلياً لعلامات الديدان فى بطن الخيول والقروح المتولد عنها , وتطرق أيضاً إلى تطفل العلق الذي يصيب الدواب , " فإن هي وقعت في جوفه ذبُل لحمه وهلك " .
كذلك تكلم ( الجاحظ ) في كتاب ( الحيوان ) عن دور الذباب في نقل الأمراض البيطرية , ووصف علاج وجود الديدان في بعض الحيوانات .
وحرص ( الغطريف الغساني ) أن يُدوِّن في كتابه ( ضواري الطير ) ملاحظاته المهمة عن أنواع الطفيليات التي تصيب الطور الجارحة
وهكذا يتضح ثراء التراث الإسلامي بالمعلومات التي تعتبر أساساً لعلم البيطرة الذي تطور في العصر الحديث ليشمل مباحث فرعية عدة يعتبر كل منها الآن علماً مستقلاً قائماً بذاته .
________________________________
المصدر : كتاب أساسيات العلوم المعاصرة في التراث الإسلامي – دكتور أحمد فؤاد باشا ص 212 - 214 - الهيئة المصرية العامة للكتاب
دكتور / أحمد فؤاد باشا
أستاذ الفيزياء بكلية العلوم – جامعة القاهرة
علم البيطرة أو طب الحيوان يبحث عن أحوال الحيوانات من جهة ما يصح وتحفظ به صحته , أو يمرض ويعالج من مرضه .
وقد اهتم علماء الحضارة الإسلامية بالثروة الحيوانية وكل ما يتعلق بتطويرها ونمائها يشهد على ذلك ما تضمنته مؤلفاتهم من دراسات قيمة تتعلق بتغذية الحيوان وتربيته ومداواته من الأمراض التي تصيبه .
فقد أفرد ( أبو بكر أحمد بن وحشية ) في القرن التاسع للميلاد كتاباً للحيوانات المعينة على الفلاحة مثل البقر والغنم والإبل وغيرها , وجعل باباً خاصاً للحمام والطيور والكراكى .
كذلك خصص ( ابن العوام ) الأبواب الأخيرة من كتاب ( الفلاحة الأندلسية ) لتربية الماشية , وتحدث عن أمراض الحيوان , وكيفية اختيار الجيد , ومدة الحمل , وما يصلح من العلف , ثم تحدث عن التسمين ورياضة الأمهار وعلاج بعض علل الدواب , وخصص فصلاً عن اقتناء الطيور في البيوت مثل الحمام والإوز والدجاج ونحل العسل , ثم اقتناء الكلاب للصيد أو الزرع .
وقد سبق علماء المسلمين إلى الحديث عن ( سلوك الحيوان ) وهو من الفروع الحديثة المعروفة فى علم البيطرة .
فعرض ( داود الأنطاكي ) في تذكرته فصلاً إضافياً عن أخلاق الحيوان , وذكر الجبلِّي منها والاكتسابي وكيفية خروج ذلك بالعلاج , فمنها " سرعة الانتقال من حالة إلى أخرى كالوقوف بعد المشي ويسمى في الخيل ( حرناً ) وسببه سوء المركوب وجهل المروِّض لها , وقد تمس الحاجة فيه إلى الكىّ , وقد يعترى غير الخيل ويدخل فى الوحوش , وخصوصاً الأسد والفهد , واشد الحيوانات انحرافاً البغل ينسى ف كل يوم خصلة محمودة ويحفظ خصلة مذمومة " .
وذكر داود أن من الأخلاق الرديئة أيضاً ( الكلاد ) " وهو العض والنهش مع هيجان , وأكثر ما يكون فى الجِمال , وقد تدعو الحاجة إلى برد أسنانه " , لكنه أنكر ما قاله آخرون في علاجه بأن يلقم نحو الحنظل والصبار ؛ لأنه " يُفضى إلى إدباره عن الأكل فيكون سبباً لتغير جسمه " .
واتبع علماء المسلمين أسلوباً رائداً في التعرف على أمراض الحيوانات والتماس علاجها , مع ملاحظة ما بينها وبين الإنسان من اختلاف في الأغذية والتركيب , وما يجب لذلك من تعديل في أنواع العلاج وكميات الدواء
, وتناولت الكتب التراثية بالشرح والتحليل مختلف الأمراض التي تصيب الحيوانات من خيول وأبقار وثعالب وكلاب وطيور وغيرها , فذكروا البرص والبهق والسعال واليرقان والخناق والاستسقاء ووجع القلب وضعف الكُلى وآلام المفاصل والنقرس والقروح وأمراض العين والحافر وآلات التناسل ومعالجة السموم وغير ذلك .
وامتد اهتمام بياطرة المسلمين ليشمل بعض أنواع الطفيليات التى تصيب الحيوانات والطيور , فعلى سبيل المثال قدَّم ( الصاحب تاج الدين في كتابه ( البيطرة ) وصفاً تفصيلياً لعلامات الديدان فى بطن الخيول والقروح المتولد عنها , وتطرق أيضاً إلى تطفل العلق الذي يصيب الدواب , " فإن هي وقعت في جوفه ذبُل لحمه وهلك " .
كذلك تكلم ( الجاحظ ) في كتاب ( الحيوان ) عن دور الذباب في نقل الأمراض البيطرية , ووصف علاج وجود الديدان في بعض الحيوانات .
وحرص ( الغطريف الغساني ) أن يُدوِّن في كتابه ( ضواري الطير ) ملاحظاته المهمة عن أنواع الطفيليات التي تصيب الطور الجارحة
وهكذا يتضح ثراء التراث الإسلامي بالمعلومات التي تعتبر أساساً لعلم البيطرة الذي تطور في العصر الحديث ليشمل مباحث فرعية عدة يعتبر كل منها الآن علماً مستقلاً قائماً بذاته .
________________________________
المصدر : كتاب أساسيات العلوم المعاصرة في التراث الإسلامي – دكتور أحمد فؤاد باشا ص 212 - 214 - الهيئة المصرية العامة للكتاب