امرأة تغير سلوك زوجها من ليلة الدخلة

Dr.Sayed

مشرف سابق
امرأة تغير سلوك زوجها من ليلة الدخلة

كان يسير بسيارته في شارع الكورنيش ، كعادته عندما يحتاج إلى الترويح عن نفسه من ضغوط الحياة اليومية . في الوقت الذي كان ينبعث من مذياع سيارته صوت مطربته المفضلة ! وحين يستمع إليها وهي تصدح بالغناء يجنح خيالُه إلى فضاءات وردية ، أساسها الأحلام وغايتها ( اللاشيء ) !

في العادة لا تنتهي جولة ( الترويح عن النفس ) - هذه - قبل المرور على عدد من المجمعات التجارية ، يتخللها . . غزل.. معاكسات .. وغيرها من تصرفات الشباب الطائش . لكن الجولة هذه المرة تبدو غريبة بعض الشيء ! إذ لم يكن سليمان يطارد الفتيات من أجل الظفر بواحدة يتسلى بها، وإنما كانت نظراته هذا اليوم تتجه صوبَ كل رجل تصحبه زوجته ، وتبدو عليهما أمارات حداثة العهد بالزواج !! حتى تفكيره هذا اليوم ليس ككل يوم ! كان يقول في نفسه كلما رأى رجلا وزوجته : ( يا سلام .. والله الزواج شي حلو .. أكيد إنهم الحين مستأنسين ) .

كانت فكرة الزواج تداعب رأس سليمان منذ فترة ، وأصبح يفكر فيه بجدية ، سيما وأنه قد تقلد وظيفة محترمة ، وأصبح له دخل ثابت . عاد ذلك اليوم إلى المنزل وقابل والدته فطلب منها أن تصحبه إلى غرفته لأمر خاص .

لم تتفاجأ الأم بطلب سليمان ، هو فعلا أصبح بحاجة للاستقرار وبناء عش زوجية جميل قبل أن ينزلق في طريق موحل في زمن كثرت فيه الفتن والمغرِيات .

حين سألته والدته عن شروطه في الزوجة التي يرغبها ، قال سليمان : أريدها أن تكون ذات دين ومقبولة الشكل . وكانت والدته قبل ذلك تقول له : ( يا سليمان ترا الدين هاليومين أهم شي بالحرمة وأنا أمك .. والبنت اللي ما تخاف ربها ما فيها خير ) . كان سليمان يهز رأسه فقط دليلا على موافقته لكلام أمه ، لكنه لم يكن يعي معنى أن تكون الزوجة ( ذات خلق ودين) .

لم يكن سليمان شابا مستقيما ، لكن من يعرفه يعرف أنه شاب ( معتدل ) لا يدخن .. لا يصاحب سيئي الخلق . لكنه مع ذلك لم يكن بمنأى عن المعاصي !

بعد عدة أشهر من البحث عن زوجة لسليمان ، دخلت والدته إليه في غرفته وأخبرته بأن الفتاة المناسبة قد وُجدت ، طالبة جامعية ذات خلق ودين لها أنشطة دعوية سواء في الجامعة أو في المناشط النسائية الخيرية وعلاوة على ذلك كانت آية في الجمال .

وُفق سليمان في الاقتران بهذه المرأة ، وتم الزفاف ، ودخل سليمان القفص الذهبي - كما يقولون - وبدأ حياة جديدة .. طلق حياة ( القرف ) كما كان يقول لي قبل زواجه .. ودخل حياة الهناء كما كان يتصور !

بدأت تتضح معالم التغير في سليمان وفي حياته منذ أول يوم في حياته الجديدة .. ؟

في ليلة الدخلة .. وبينما كان يغط في نوم عميق - وما أثقل نومه - شعر بيد ناعمة - لم يعهدها - تهز كتفه - سليمان .. سليمان ... يالـلّه قم لصلاة الفجر .. المؤذن أذن من شوي .

قال سليمان في نفسه : ( وش هالبلوى هذي.. الله يستر . . لا يكون بدينا النكد من أول يوم )

قام سليمان إلى الصلاة بدافع الحياء من زوجته ( المستقيمة ) فقد خشي أن تأخذ عنه فكرة سيئة منذ أول يوم في حياته معها . لم يكن سليمان يفرط في صلاة الفجر ، لكنه لم يكن يصليها في وقتها مع الجماعة . وإنما يؤخرها حتى يحصل له الاكتفاء من النوم ، الذي لم يكتفِ منه يوما ما !

توضأ سليمان وذهب للصلاة في المسجد ، وأحس وهو في الطريق بعالم غريب ! فهو لم يصل الفجر في جماعة منذ زمن طويل ! أعجبه هذا الهدوء الجاثم والصمت المقيم اللذان شعر بهما وهو في الطريق . وبينما هو في الطريق عنّ له سؤال لاذع : أين أنا من هذه الفريضة ؟!

أسئلة كثيرة تراكمت في رأس هذا السليمان ، وكان كمن صحا لتوه من سبات طويل لا يضاهيه إلا سبات أهل الكهف في كهفهم .
(( مرت حياة سليمان هادئة لا يكدرها شيء .. ذات يوم كان يقلب قنوات التلفزيون متنقلا بين ( الفصائخيات ) العربية .. كانت تشده كثيرا البرامج الإخبارية .. لكن عادة لا يسلم من يقلب هذا الجهاز من بعض التفاهات التي تُبث فيه ، وأحيانا لكثرة البرامج التافهة يضطر الشخص أن يكون تافها ويتابع أحد هذه التوافه .. وهذا ما حدث مع سليمان ذات يوم .. دخلت عليه زوجته وهو يتابع أحد البرامج السخيفة ، فإغتنمت هذه الفرصة وأخذت بحديثها العذب وفكرها المنطقي وأسلوبها الساحر تقنع زوجها بضرورة الاستغناء عن هذا الجهاز اللعين ( الدش ) والاكتفاء . بالتلفزيون السعودي لأجل متابعة ما يستحق المتابعة فقط وإلا فهو لا يخلو من الدواهي أحيانا !

سليمان صديق مقرب مني قبل زواجه . وكنا نعرف عن بعضنا كل صغيرة وكبيرة ، وهذا ما تعاهدنا عليه منذ الصغر ، لكننا انقطعنا عن بعضنا بعد زواج سليمان. ؛ بسبب سفره للعمل في مدينة أخرى. وبعد عام ونصف العام التقيت سليمانَ .. وما أن رأيته حتى هالني ما حصل له ، فلا المظهر مظهر صديقي القديم .. ولا المخبر كذلك . حدثني في هذا اللقاء عن نعمة الله عليه بهذه الزوجة التي استطاعت أن تقلب حياته رأسا على عقب . فبعد أن كان سادرا في غيه لا يدري ما غايته في هذه الحياة وكأنه عضو زائد فيها، أصبح يحس بقيمته في بيته وعند أهله ووسط مجتمعه .

سليمان أيها الأحباء أصبح يكنى بأبي إبراهيم ، وهو اليوم إمام مسجد في المدينة التي يعمل بها ، وله نشاطات دعوية في تلك المدينة. هذه هي قصته مع زوجتة ( المستقيمة ) التي جعلته شيئا بعد أن لم يكن شيئا والمعذرة على الاطالة ،،،
 
اللهم اهد جميع المسلمين وثبتهم على الطريق والصراط المستقيم
 
عودة
أعلى