كيمياء تحليلية إحدى طرق التحليل الطيفي

طيف النبعاث
مقدمه :
منذ عام 1860م وبعد الدراسات التي قام بها العالمان بنزين وكيرشوف ( Bunsen & Kirchhoff ) عرف أن العديد من العناصر تبث طيفاً مميزاً لكل منها بعد إثارتها بطريقه مناسبه . وقد أستعملت هذه الظاهرة في التحليل الكيفي للعناصر الفلزيه القلويه والقلويه الأرضيه ( alkali and alkaline earth elements ) بإستعمال اللهب كأسلوب للإثاره . وبإستعمال الإثارة الكهربائية القوية بدل اللهب أمكن إثارة وتقدير كل العناصر الفلزية والعديد من العناصر غير الفلزية . وطيف الإنبعاث يكون بسيطاً لبعض العناصر كالصوديوم والبوتاسيوم حيث يتألف من عدد من الخطوط بينما يتكون من آلاف الخطوط ذات أطوال موجات مختلفه ومحددة وقابلة للتكرار لعناصر أخرى كالحديد واليورانيوم . هذا وتعتمد التحاليل الكميه بهذه الطريقة على العلاقة بين قوة الإشعاع المنبعث عند طول موجة محددة وكمية العنصر الذي نتج عنه هذا الإنبعاث وتتأثر قوة الشعاع المنبعث بالكثير من المتغيرات مثل درجة حرارة الشرارة الكهربائية وحجم وشكل العينة ونوع مادة القطب المستعمل . لذا فإنه ينبغي تثبيت كل هذه المتغيرات ومقارنة نتائج المادة المراد تعيينها مع نتائج العينات القياسية التي عينت بنفس الجهاز وتحت نفس الظروف .


جهاز الإنبعاث الطيفي ( Emission Spectrometer ) :
يتالف جهاز الإنبعاث الطيفي من محول كهربائي للحصول على الجهد المطلوب ومن الأقطاب التي تستخدم في إثارة العينة ومن موحد طول الموجة وهو عبارة عن منشور والكشاف وهو عبارة عن لوحة فوتوغرافية ( photographic plate ) يسجل عليها أطياف كل العناصر الموجودة في العينه أو عدد من الخلايا الضوئية المضاعفة . هذا وينبغي أن يؤخذ بعين الإعتبار إمكانية الإختلاف في درجة تبخر مكونات العينة . وفي بعض الحالات يمكن أن يتبخر أحد المكونات بصورة كاملة قبل مضي نصف دقيقة من بداية التفريغ الكهربائي حيث تكون عندها بعض المكونات الأخرى غير ساخنة بصورة كافية لتظهر في القوس ( الذي سوف نتحدث عنه في الأمام ) . ويمكن أن تكون هذه الظاهرة سبباً في حدوث أخطاء بالغة إذا كانت المادة سهلة التبخر موجودة بكميات متناهية في الصغر فتفتقد العينة بعض مكوناتها قبل أن تعرض اللوحة الفوتوغرافية للطيف ويمكن الإستفادة من هذه الظاهرة في تسجيل طيف المواد سهلة التبخر دون تداخل من العناصر صعبة التبخر . وكمثال على ذلك تعيين الليثيوم والألومنيوم وبعض الأكاسيد الأخرى التي توجد كشوائب في اليورانيوم الذي يظهر خطوطاً طيفية كثيرة تتداخل مع خطوط العناصر الأخرى . ولهذا يحول اليورانيوم إلى أكسيد صعب التبخر U3O8 ثم يضاف أكسيد الجاليوم Ga2O3 بنسبة 2% من وزن العينة وهذا الأكسيد سهل التبخر ويعمل كحامل للكميات الصغيرة جداً من العينة إلى القوس الكهربائي . وقد أعطت هذه الطريقة نتائج جيدة وغاية في الحساسية حتى لو كانت الشوائب موجودة في حدود جزء بالمليون .






إثارة العينة ( Sample Excitation ) :
يحدث عادة تفرغ كهربائي قوي ( powerful discharge ) بين قطبين من العينة ذاتها أو بين قطب من العينة وقطب أخر ( counter electrode ) لايحوي العناصر المراد تعيينها كالجرافيت . وأكثر طرق التفريغ الكهربائي إستعمالاً وحساسية في التحاليل الكيفية للفلزات هو القوس الكهربائي ذو التيار المستمر ( dc arc ) الذي ينتج من إمرار تيار كهربائي يتراوح بين 5ــ 15 أمبير وجهد مستمر قدرة 220 فولت خلال القوس . وأول محاذير القوس الكهربائي المستمر أنه أقل قابلية للتكرار مما هو مطلوب . كما أن التفريغ يميل لأن يكون مركزاً في بقعة معينة على سطح القطب ، وتدعى البقعة الساخنة . وينتج عن هذا أن القراءة لاتمثل كل العينة . وللتغلب على هذه الصعوبة يستعمل القوس ذو التيار المتناوب ( ac arc ) حيث يقطع التفريغ آلياً 120 مرة في الثانية . ويلزم في هذه الحالة مصدر يعطي جهداً يتراوح بين 2000 إلى 5000 فولت وتيار شدته من 1 إلى 5 أمبير . ويتم التحكم في التيار بواسطة مقاومات موجودة في الدائرة . ويناسب القوس ذو التيار المتناوب تحليل بقايا المحلول بعد تبخيره على سطح القطب .
أما الإثارة بواسطة الشرارة الكهربائية ( spark ) فتنتج عن جهد متردد عال يتراوح بين 15000 و 40000 فولت بوجود منظم يؤمن إحداث الشرارة فقط في اللحظة التي يكون فيها الجهد في أعلى قيمة له . وميزة هذه الإثارة أن زمنها يمكن أن يضبط تماماً فتكون النتائج أكثر قابلية للتكرار كما أنها لاتعدم العينة حيث يتبخر فقط جزء بسيط جداً منها .
هذا وإن التطور المهم والكبير في السنوات الأخيرة في مجال الإنبعاث الطيفي هو إستعمال أشعة الليزر كمصدر للطاقة حيث تسلط هذه الأشعة على مساحة صغيرة جداً من العينة مسببة تبخراً موضعياً حتى لأكثر المواد مقاومة للحرارة ( refractory ) . وفي نفس الوقت تتلقى الذرات في حالتها الغازية كمية من الطاقة تكفي للإثارة . والميزة الكبيرة لهذه الطريقة أنها تسمح بفحص مساحة صغيرة جداً يصل قطرها إلى 50 ميكرون . ومن عيوب هذه الطريقة أن النتائج لا تمثل العينة ككل . أما ميزاتها فإنه لا يشترط في العينة أن تكون موصلة للكهرباء .






تحضير الأقطاب والعينات :
إن الأقطاب التي يحدث بينها القوس أو الشرارة يمكن أن تكون بأنواع مختلفة . فإذا كانت العينة فلز متوفراً بكمية كافية يصنع القطبان من ذلك الفلز ( self_ electrodes ) على شكل قضيبين يحدث خلالهما التفريغ الكهربائي . أما إذا كانت كمية الفلز كافية فقط لصنع قطب واحد فيصنع القطب الثاني (counter electrode )من مادة لاتتداخل في التحليل كالجرافيت أو من المادة الغالبة في العينة في حالتها النقية تماماً . فمثلاً في تحليل سبائك الصلب يصنع القطب الثاني من الصلب النقي طيفياً ( spectrographically pure ) أي أنه لا يظهر أي طيف للعناصر التي نظن وجودها في العينة المراد تحليلها . وميزة الجرافيت أنه مقاوم جيد لدرجات الحرارة المرتفعة ولايتحول إلى بخار وهو موصل جيد للكهرباء كما أنه ليس له خطوط طيفية . وعيب قطب الجرافيت أنه عندما يكون ساخناً يتفاعل بصورة جزئية مع النيتروجين الموجود في الهواء مكوناً غاز السيانوجين ( Cyanogen ) الذي يصبح مثاراً ويعطي حزمة طيفية متألقة في المجال من 360 إلى 420 نانو ميتر ويمكن تفادي ذلك بوضع القوس داخل أنبوبة من الكوارتز تحوي غازاً خاملاً لايتفاعل مع الكربون .
هذا ويمكن أن توضع العينة في حفرة صغيرة في نهاية قطب من الجرافيت إذا كانت على شكل ملح أو مسحوق ناعم ويجعل هذا القطب السفلي الموجب بينما يمكن أن يكون القطب العلوي من الجرافيت أيضاً . أما العينات العضوية مثل الأنسجة الحيوانتية والسوائل الحيوية والمواد النباتية ومستخلصات التربة فتحول إلى رماد أما بحرقها في الفرن أو بواسطة المعالجة الكيميائية ثم يمزج الرماد الناتج مع كمية مناسبة من مسحوق مادة لاتتداخل في التحليل ثم توضع في الحفرة في نهاية قطب الجرافيت . وقد أستعمل مع الليزر قرص مضغوط مكون من مسحوق العينة مع مادة خاملة بإستعمال المكبس المستخدم لصنع قطب بروميد البوتاسيوم . هذا ويمكن أن تذاب العينة في حمض أو أي مذيب آخر وتوضع عدة قطرات منها في حفرة قطب الجرافيت ويبخر المذيب بتسخين بتسخين القطب أولاً . ويمكن أن توضع العينة السائلة في حفرة تصل إلى نهاية القطب المكون من الكربون المسامي ويجعل هذا القطب العلوي ليسمح للعينة بالإنسياب خلال المسام إلى القوس مباشرة . وفي طريقة أخرى تمزج العينة السائلة مع الجرافيت النقي وتجفف وتوضع في الحفرة في نهاية قطب الجرافيت ويساعد الجرافيت المضاف على التوصيل الكهربائي وعلى إستقرار( stabilize ) القوس . هذا وقد أستعمل قرص دوار يدور بسرعة ثابتة ويبلل طرفة بمحلول العينة التي يحملها إلى القوس الكهربائي . وقد أعطى هذا التصميم نتائج مرضية في حالة المحاليل العضوية التي تعطي إنبعاثاً عشوائياً في قطب الجرافيت المسامي بينما أعطى قطب الجرافيت المسامي نتائج ممتازة في حالة المحاليل المائية أو المحاليل غير المشتعلة . ويمكن إثارة العينات الغازية بسهولة بإحداث التفريغ الكهربائي عالي الجهد خلال أنبوبة من الزجاج أو الكوارتز تحوي الغاز المراد تحليلة .

تحاليل اللهب ( Flame Photometry ) :
تدرس طرق الإنبعاث الذري للعناصر التي تثار بواسطة اللهب بصورة منفصلة عن تحاليل الإنبعاث الذري الأخرى . وقد وجد أن إستعمال اللهب للإثارة مفيد في تحاليل الفلزات القلوية والفلزات القلوية الأرضية( alkali and alkaline earth elements ) وعدد قليل من الفلزات الأخرى .
هذا وينبغي أن تكون درجة حرارة اللهب أعلى في الإنبعاث الذري منها في حالة الإمتصاص الذري حيث أن الجزء الأكبر من الذرات المتبخرة ينبغي أن يكون في الحالة المثارة وليس في الحالة الذرية فقط . لكن الإرتفاع الكبير في درجة الحرارة قد يسبب تحول بعض الذرات إلى أيونات . ويستعمل في تحاليل الإنبعاث الذري الموقد كامل الإستهلاك ( total consumption burner ) حيث تنفث العينة في اللهب إما بواسطة الغاز المحترق أو الغاز المساعد على الإحتراق دون مزج الغازات مسبقاً . واللهب الناتج يركز الإنبعاث في مساحة صغيرة جداً .
ويمكن إستعمال الأستيلين المحروق بالأكسجين إلى جانب أنواع اللهب الأخرى المستخدمة . وتتناسب شدة الشعاع المنبعث عند طول موجة مميزة لعنصر ما مع تركيز ذلك العنصر . ويجري تصحيح في البداية للإنبعاث الناتج عن اللهب وللضوء المشتت عند المنشور ( back ground correction ) . وبالإمكان أن تسبب العناصر الأخرى الموجودة في العينة تداخلاً حيث أن كل عنصر يعطي طيفاً يغطي مجالاً واسعاً . بالإضافة إلى إمكانية وجود بعض التأثيرات المتبادلة للمكونات ( specific interaction ) التي ربما تزيد أو تنقص من شدة الشعاع المنبعث . ويمكن التغلب على هذه الصعوبة بإضافة كمية كبيرة من المادة التي تسبب التداخل قبل التحليل فمثلاً تحاليل المياة الطبيعية الحاوية على الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنيسيوم يتداخل في تحليل كل عنصر فيها وجود العناصر الثلاثة الأخرى ويلغى هذا التأثير بإستعمال منظم شدة الإشعاع ( radiation buffer ) . فعند تقدير الصوديوم يضاف ل25 ميليلتر من محلول العينة والمحاليل القياسية للصوديوم 1ميليلتر من محلول مشبع بكلوريد البوتاسيوم والكالسيوم والماغنيسيوم ثم تؤخذ القراءات والتغير البسيط في تركيز الأيونات المتداخلة يمكن إهماله بالمقارنة للكمية الكبيرة المضافة .وكذلك عند تقدير البوتاسيوم يضاف ل25ميليلتر من العينة والمحاليل القياسية للبوتاسيوم 1 ميليلتر من محلول مشبع بكلوريد الصوديوم والكالسيوم والماغنيسيوم . وهكذا في حال تقدير الكالسيوم والماغنيسيوم . ويمكن بواسطة جهاز الإنبعاث بواسطة اللهب تقدير 1ــ 2 جزء بالمليون من الصوديوم أو البوتاسيوم و3ــ 4 جزء بالمليون من الكالسيوم والحساسية تكون أقل في حالة الماغنيسيوم . كما يمكن إزالة تأثير التداخل بطريقة الإضافة القياسية ( standard addition method ) .




وهناك نوعان من طيف الإصدار " الانبعاث " هما :

طيف المستمر والغير مستمر " الطيف المتقطع "
1-الطيف المستمر
يتكون الطيف المستمر من حزمة غير متقطعة من ألوان وأطوال جميع الموجات المرئية وذلك مثل الطيف الذي تعطيه غالب المواد الصلبة عند درجات حرارة عالية " أبيض ساخن " .. فلا يمكن تحديد عدم غياب لون فراغات داكنة عند تحليل الضوء بالمطياف .. ويمكن استخدام العناصر و المركبات ذات درجات الانصهار العالية كمصادر ملائمة للطيف المستمر ... فيستخدم التنجستن في المصابيح الكهربائية للاضاءة ليلاً
2 – الطيف المتقطع
يتكون طيف الإصدار غير المستمر لمادة من نمط لخطوط مضيئة على أرضية داكنة ويُسمى بخط الطيف المرئي الطيوف الخطية ...
وقد أدى هذا إلى اكتشاف بعض العناصر ، من ذلك مثلاً أنه تم اكتشاف العناصر التالية ما بين سنة 1860 وسنة 1879 :
الريبديوم والسيزيوم والثاليوم والإنديوم والجاليوم والأسكنديوم ، وذلك لأن بعض المواد الخام أعطت عندما فحصت بواسطة
المطياف خطوط لا تشبه خطوطاً العناصر المعروفة في ذلك الوقت .. كما أن طيف الانبعاث أدى إلى اكتشاف غاز الهيليوم في الشمس عام 1868 ، ولم يعرف وجوده في الأرض إلا في عام 1895




ثالثاً : أطياف الامتصاص " Absorption Spectra " ~¤¦¦§¦¦¤~


طيف الامتصاص ( Absorption Spectra ) ... " شـكويـف "

تعطي معظم المواد الصلبة إذا سخنت إلى درجة حرارة عالية جداً لهبة بيضاء ساخنة ، وينطلق منها إشعاع طول موجته مساوي لطول موجة الضوء المرئي ، يؤلف هذا الإشعاع عادة طيفاً مستمراً فلا يشكل مناطق مظلمة ..
للحصول على الطيف المستمر تستعمل العناصر أو المركبات ذات درجات الانصهار العالية ومن أهم هذه العناصر عنصر التنجستن ، المستعمل في مصابيح الإضاءة الكهربائية ، حيث يسخن بالكهرباء لدرجات حرارة عالية فيتوهج ويعطي الضوء الأبيض المعروف ذو الطيف المستمر ، والموجات الكهرومغناطيسية .. إذ نفذ خلال مادة ما فإن بعض موجات هذا الطيف تمتص ، وتعتبر هذه الموجات الممتصة مميزة للمادة التي امتصتها ، وبعبارة أخرى ، فإن كل مادة تمتص موجات ذات أطوال معينة خاصة بها ...
أما الشكل الناتج للطيف بعد نفوذه فلا يبقى مستمراً إذ يتألف من خطوط لذلك يسمى بطيف الامتصاص ...
ويمتص الجو الغازي المحيط بالشمس قسماً من الطيف المستمر لها ، وقد لاحظ فرونهوفر خطوطاً سوداء في طيف الشمس المستمر بسبب الغازات الموجودة في جو الشمس وسُميت بخطوط فرونهوفر .. ومن هذه الخطوط أمكن معرفة الغازات التي تمتص هذا الضوء ...
ولقد أدت دراسة أطياف الانبعاث للغازات إلى تطوير طرق اختبار المواد المجهولة سواءً كانت سائلة أو غازية أو صلبة ملونة أو عديمة اللون إذ أنها تمتص موجات ذات أطوال معينة من الضوء الأبيض ..
فتمتص المواد الشفافة الملونة أطوال موجية معينة من الضوء المرئي وفي بعض الأحيان يحدث الامتصاص في منطقة فوق البنفسجي أو دون الحمراء ...
والمواد التي لا تمتص الضوء الأبيض يمكن أن تمتص موجات ذات اطوال مميزة من الأشعة الحمراء أو الفوق بنفسجية وهي طريقة أخرى لمعرفة وجود العنصر أو المركب في المادة ...
ويمكن للأجهزة الإلكترونية الحديثة أن تسجل طيف الامتصاص ذاتياً كما يمكن من دراسة هذا الطيف معرفة المواد سواءً كانت عناصر أو مركبات وطريقة ارتباط العناصر ببعضها داخل المركبات ....

(inlove):gift:
 
بارك الله فيك ,اصلح حالك
+3
 
عودة
أعلى