salim4u
New Member
ابي البقاء الرندي
لكل شـيء إذا مـا تـم نقصـانفلا يغر بطيـب العيـش إنسـان
هي الأمور كمـا شاهدتهـا دولٌمن سرَّهُ زمـنٌ ساءتـه أزمـانُ
وهذه الدار لا تبقـي علـى أحـدولا يدوم على حـال لهـا شـانُ
يمزق الدهر حتمًـا كـل سابغـةٍإذا نبـت مشرفيـات وخرصـان
وينتضي كل سيف للفنـاء ولـوكان ابن ذي يزن والغمد غمـدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمـنٍوأيـن منهـم أكاليـلٌ وتيـجـانُ
وأين مـا شـاده شـدَّادُ فـي إرمٍوأين ما ساسه في الفرس ساسـانُ
وأين ما حازه قارون مـن ذهـبوأيـن عـادٌ وشـدادٌ وقحطـانُ
أتى على الكل أمـر لا مـرد لـهحتى قضوا فكأن القوم ما كانـوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلككما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
دار الزمـان علـى دارا وقاتلـهوأمَّ كسـرى فمـا آواه إيــوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سبـبُيومًا ولا مَلـك الدنيـا سليمـان
فجائـع الدهـر أنـواع منوعـةوللزمـان مسـرات وأحــزانُ
وللحـوادث سـلـوان يسهلـهـاوما لما حـل بالإسـلام سلـوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عـزاء لـههوى لـه أحـدٌ وانهـد نهـلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْحتى خلت منـه أقطـارٌ وبلـدانُ
فاسأل بلنسيةَ مـا شـأنُ مرسيـةٍوأيـن شاطبـةٌ أمْ أيـن جـيَّـانُ
وأيـن قرطبـةٌ دارُ العلـوم فكـممن عالمٍ قد سما فيهـا لـه شـانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نـزهٍونهرها العـذب فيـاض ومـلآنُ
قواعدٌ كـنَّ أركـانَ البـلاد فمـاعسى البقاء إذا لم تبقـى أركـان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسـفٍكما بكى لفـراق الإلـف هيمـانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ مافيهـنَّ إلا نواقيـسٌ وصلـبـانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌحتى المنابرُ ترثي وهـي عيـدانُ
يا غافلاً وله في الدهـرِ موعظـةٌإن كنت في سِنَةٍ فالدهـر يقظـانُ
وماشيًـا مرحًـا يلهيـه موطنـهُأبعد حمصٍ تَغرُّ المـرءَ أوطـانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ مـا تقدَّمهـاوما لها مع طولَ الدهـرِ نسيـانُ
يا راكبين عتاقَ الخيـلِ ضامـرةًكأنها في مجـال السبـقِ عقبـانُ
وحاملين سيـوفَ الهنـدِ مرهقـةُ كأنها فـي ظـلام النقـع نيـرانُ
وراتعين وراء البحر فـي دعـةٍلهـم بأوطانهـم عـزٌّ وسلطـانُ
أعندكم نبـأ مـن أهـل أندلـسٍفقد سرى بحديثِ القـومِ ركبـانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهمقتلى وأسرى فمـا يهتـز إنسـان
لماذا التقاطع في الإسـلام بينكـمُوأنتـمْ يـا عبـاد الله إخــوانُ
ألا نفـوسٌ أبيَّـاتٌ لهـا هـمـمٌأما على الخيرِ أنصـارٌ وأعـوانُ
يا من لذلـةِ قـومٍ بعـدَ عزِّهُـمُأحـال حالهـمْ جـورُ وطغيـانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهـمواليومَ هم في بلاد الضـدِّ عبـدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليـل لهـمْعليهمُ مـن ثيـابِ الـذلِ ألـوانُ
ولو رأيـتَ بكاهُـم عنـدَ بيعهـمُلهالكَ الأمرُ واستهوتـكَ أحـزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفـلٍ حيـلَ بينهمـاكمـا تـفـرقَ أرواحٌ وأبــدانُ
وطفلـةٍ مثـل حسـنِ الشـمـسِإذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجـانُ
يقودُها العلـجُ للمكـروه مكرهـةًوالعينُ باكيـةُ والقلـبُ حيـرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ مـن كمـدٍإن كان في القلب إسـلامٌ وإيمـانُ
حتى لا ننسى ارضنا المغتصبة الاندلس (الاندلس)