بنت الشهداء
Well-Known Member
تابع(ما العلاقة بين الشكر والصبر ورمضان)
اشكر الله:على يسر الشريعة وإشباعها لحاجات الإنسان.
فالشرع لم يتجاهل أنّ الإنسان يفرح بفطره وأكله وشربه ولا يعاب ذلك مادام في الحد الطبيعي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» [متفق عليه].
واصبر: على البعد عن تحكيم العقل في الأوامر الشرعية.
فلا تؤخر الإفطار على اعتبار أن في زيادة الصوم زيادة في الأجر.. لا، فالأجر في اتباع السنة من تعجيل الفطر ونحوها من السنن.
واصبر عن الاستجابة للإغراءات فتغرق في ألوان الطعام والشراب، فتـثقل عن العبادات والطاعات.
اشكر الله:على أن شرع لنا الأكل في الليل إلى الفجر بعد أن كان النوم يمنعهم من ذلك .
قال تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [ البقرة : 187].
قال ابن كثير في تفسيره للآية:
" هَذِهِ رُخْصَة مِنْ اللَّه تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ وَرَفْع لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْر فِي اِبْتِدَاء الإِسْلام فَإِنَّهُ كَانَ إِذَا أَفْطَرَ أَحَدهمْ إِنَّمَا يَحِلّ لَهُ الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع إِلَى صَلاة الْعِشَاء أَوْ يَنَام قَبْل ذَلِكَ فَمَتَى نَامَ أَوْ صَلَّى الْعِشَاء حَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَام وَالشَّرَاب وَالْجِمَاع إِلَى اللَّيْلَة الْقَابِلَة فَوَجَدُوا مِنْ ذَلِكَ مَشَقَّة كَبِيرَة ".
واصبر: على تأخير أكلة السحور وأنت محتسب.
قال صلى الله عليه وسلم: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور» [رواه أحمد].
متبعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فالمحتسب يغير حياته كلها لأجل الله، فهو يأكل في وقت محبوب فيه النوم ،ويمسك في وقت محبوب فيه الأكل ،فيترك المحبوب في الوقت المحبوب لما هو أحب منه.
متبعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فالمحتسب يغير حياته كلها لأجل الله، فهو يأكل في وقت محبوب فيه النوم ،ويمسك في وقت محبوب فيه الأكل ،فيترك المحبوب في الوقت المحبوب لما هو أحب منه.
اشكر الله: على عظيم فضله في هذا الشهر بإنزال القرآن.
وقد ذكر الله ذلك في ثنايا الكلام عن الصوم قال تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [ البقرة : 185].
وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» [رواه أحمد في مسنده].
واصبر: على ملازمة قراءته وفهم معانيه.
واحرص على تدبره بأن تختار لنفسك جزءًا معينًا وتقرأ تفسيره مع مداومة قراءة كتاب الله، أو كلما قرأت آية ولم تفهمها فاقرأ تفسيرها، والأنفع الجمع بين الطريقتين.
اشكر الله: على ما شرع من أنواع القربات وتعدد طرق الوصول إلى رضاه.
واغتنم شهر رمضان لطرق أبواب الطاعات.
«تعين الرجل على دابته فتحمله عليها صدقة»، «إماطة الأذى صدقة»، «تبسمك في وجه أخيك صدقة» [متفق عليه].
اصبر: على تدريب النفس والجوارح لتكون لك كما يريد الله.
قال تعالى في الحديث القدسي: «ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها» [رواه البخاري].
اشكر الله: أن جعل ليلة القدر خير من ألف شهر.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [ القدر: 3]
ما هي إلا أيام معدودة تتحرى فيها مثل هذه الليلة المباركة، هذا وفي الحديث «إن الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم» [أخرجه ابن ماجة].
اصبر: على مدافعة الهوى والمشاغل والتفرغ في هذه العشر.
عن مسروق قال: قالت عائشة رضي الله عنها :" كان إذا دخلت العشر أحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل وأيقظ أهله وشد المئزر " [أخرجه النسائي في سننه].
فالمسألة تحتاج إلى جد وصبر.
وما هي إلا أيام وسوف تنقضي *** ويدرك غبّ السير من هو صابر
و أخيرًا احذر من أن تكون من القوم الذين لا يقدرون الله حق قدره.
قيل للحسن: يا أبا سعيد من أين أتى هذا الخلق ؟ قال: من قلة الرضا عن الله، قيل: ومن أين أتي قلة الرضا عن الله ؟ قال: من قلة المعرفة بالله؟
هذا ونسأل الله أن يجعلنا من الفائزين برمضان، وأن يوفقنا فيه لما يحب ويرضى، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.