مهدي عبد الوفي
New Member
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف خلق الله
للجوارح تسبيحها وعبادتها وذكرها. الإسلام ظاهر يتجلى في العبادات الظاهرة الجوارحية. وعلى مدارج الإيمان والإحسان تسبيح القلب وذكره، على ذكر القلب ونيته تنبني صحة الأعمال وقَبولها فِي الآخرة. العبادة الجوارحية كالنطق بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج تصنف الإنسان في دائرة الإسلام، وتضمن له سعادة الدنيا لأنها تكفل حُرمة دمه وماله وعرضه، وتكفُل له مكانا في المجتمع المسلم عُضوا تام العضوية فيما يخص الحقوق والمعاملات. لكن عمل القلب وحده هو الذي يرفع المومن في درجات الآخرة والقرب من الله عز وجل، إن اقترن عمله بأداء الفرض والنفل.
وللعقل مشاركة في التسبيح والذكر كبيرة، ينظم الحركات الجوارحية في الزمان والمكان والمقدار، ويحرك نسائم القلب، ويسجل هباتها خادما ساعيا بين يدي القلب أمينا على تدبير الطاعات وضبط نزوات النفس. ما تسميه اللغة عقلا آلة ثمينة نفيسة وجوهر غال، بوجوده يتميز الإنسان من الحيوان. لكن ما يسميه القرآن عقلا هو اندراج العقل الاصطلاحي في خدمة القلب وتوجهاته إلى الله تعالى. فمن كان عقلهُ في خدمةالنفس والشهوات سائراً في ركاب الشيطان والهوى فهو من الصم البكم الذين لا يعقلون.
كذلك التفكر على وزن تفعُّل، يفيد وزن تفعل رجوعا على النفس وانعكاسا، يختلف عن التفكير المشترك بين أفراد البشر. فالتفكير نشاط العقل الاصطلاحي في تناول المعطيات الكونية في انقطاع عن كل اعتبار يُرجعُ الأمور إلى الله، بينما التفكر تناول الأشياء والمعاني من زاوية مرجعيتها إلى الخالق، ومن زاوية معنى وجود الإنسان، ومصيره بعد الموت، ومخلوقيته، ومسؤوليته في الآخرة. صيغة فعَّل تفعيلا تفيد انصبابا على العالم الخارجي وفعلا فيه.
بالعقل القلبي التفكري يتوَّج المومن بإكليل الكرامة الآدمية، المحافظة على الفطرة المتلقية بالقبول والإيمان رسالة الرسل، بينما يُعطي العقل الاصطلاحي، وإن تميز عن الحيوانية الاصطلاحية، للإنسان المفكر التأثير في الكون دون أن يخرجه عن الحيوانية المعنوية التي يقول الله عز وجل عنها: )إن شر الدوابّ عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون(.(سورة الأنفال، الآية: 22) يفسرها ويعيِّن المقصودين بها قوله جل من قائل: )إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يومنون(.(سورة الأنفال، الآية: 56)
التفكيرُ تفتُّح هذه الملكة العقلية العجيبة على الكون، وتلمذتها له، واستقصاء شؤونه بالدراسة والتحليل والتركيب، وتأصيل العلوم الكونية. ومن هذا النشاط العقلي تنشأ العلوم الكونية، وعليه مدارُ تقدم الإنسان في مضمار الحضارة.
يتبع بعده ..
المصدر : عن كتاب الإحسان بتصرف
بين التفكير و التفكر
للجوارح تسبيحها وعبادتها وذكرها. الإسلام ظاهر يتجلى في العبادات الظاهرة الجوارحية. وعلى مدارج الإيمان والإحسان تسبيح القلب وذكره، على ذكر القلب ونيته تنبني صحة الأعمال وقَبولها فِي الآخرة. العبادة الجوارحية كالنطق بالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج تصنف الإنسان في دائرة الإسلام، وتضمن له سعادة الدنيا لأنها تكفل حُرمة دمه وماله وعرضه، وتكفُل له مكانا في المجتمع المسلم عُضوا تام العضوية فيما يخص الحقوق والمعاملات. لكن عمل القلب وحده هو الذي يرفع المومن في درجات الآخرة والقرب من الله عز وجل، إن اقترن عمله بأداء الفرض والنفل.
وللعقل مشاركة في التسبيح والذكر كبيرة، ينظم الحركات الجوارحية في الزمان والمكان والمقدار، ويحرك نسائم القلب، ويسجل هباتها خادما ساعيا بين يدي القلب أمينا على تدبير الطاعات وضبط نزوات النفس. ما تسميه اللغة عقلا آلة ثمينة نفيسة وجوهر غال، بوجوده يتميز الإنسان من الحيوان. لكن ما يسميه القرآن عقلا هو اندراج العقل الاصطلاحي في خدمة القلب وتوجهاته إلى الله تعالى. فمن كان عقلهُ في خدمةالنفس والشهوات سائراً في ركاب الشيطان والهوى فهو من الصم البكم الذين لا يعقلون.
كذلك التفكر على وزن تفعُّل، يفيد وزن تفعل رجوعا على النفس وانعكاسا، يختلف عن التفكير المشترك بين أفراد البشر. فالتفكير نشاط العقل الاصطلاحي في تناول المعطيات الكونية في انقطاع عن كل اعتبار يُرجعُ الأمور إلى الله، بينما التفكر تناول الأشياء والمعاني من زاوية مرجعيتها إلى الخالق، ومن زاوية معنى وجود الإنسان، ومصيره بعد الموت، ومخلوقيته، ومسؤوليته في الآخرة. صيغة فعَّل تفعيلا تفيد انصبابا على العالم الخارجي وفعلا فيه.
بالعقل القلبي التفكري يتوَّج المومن بإكليل الكرامة الآدمية، المحافظة على الفطرة المتلقية بالقبول والإيمان رسالة الرسل، بينما يُعطي العقل الاصطلاحي، وإن تميز عن الحيوانية الاصطلاحية، للإنسان المفكر التأثير في الكون دون أن يخرجه عن الحيوانية المعنوية التي يقول الله عز وجل عنها: )إن شر الدوابّ عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون(.(سورة الأنفال، الآية: 22) يفسرها ويعيِّن المقصودين بها قوله جل من قائل: )إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يومنون(.(سورة الأنفال، الآية: 56)
التفكيرُ تفتُّح هذه الملكة العقلية العجيبة على الكون، وتلمذتها له، واستقصاء شؤونه بالدراسة والتحليل والتركيب، وتأصيل العلوم الكونية. ومن هذا النشاط العقلي تنشأ العلوم الكونية، وعليه مدارُ تقدم الإنسان في مضمار الحضارة.
يتبع بعده ..
المصدر : عن كتاب الإحسان بتصرف