قبل بداية الخوض في الموضوع هنا سؤال يطرح نفسه: لم يكره أحدنا إذا بشر بابنة أن يكون له ابن؟ بل تراه ينهر زوجته ويهددها بالطلاق إن لم تنجب له ابن في المرة القادمة بل ويعاملها بقسوة ويظلمها.. يا لصغر عقله لا أدري هل نسي أم تناسى أن ذلك كله بأمر الله سبحانه وتعالى إن شاء وهب له ابن أم ابنة ولا أدري هل نسي قوله جلا في علاه : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50)} ..سورة الشورى.
ثم إن فضل تربية البنات والإحسان إليهن له أجر عظيم لمن احتسبه ..ولا أطيل عليكم وأترككم مع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تبين هذا الأمر ..
فعن عائشة رضي الله عنها قالت :
دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه و سلم علينا فأخبرته فقال : " من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار " . رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال " إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار ". رواه مسلم .
و عن أنس بن مالك رضي الله قال :
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو ". وضم أصابعه. رواه مسلم .
شرح ألفاظ الأحاديث:
قوله : من ابتلي من هذه البنات بشيء
إنما سماه ابتلاء لان الناس يكرهونهن في العادة قال الله تعالى : وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . سورة النحل آية 58.
أي تراه كئيبا من الهم ساكت من شدة ما هو فيه من الحزن يكره أن يراه الناس إن أبقاها أبقاها مُهانة لا يورثها، ولا يعتني بها، ويفضل أولاده الذكور عليها أو يدفنها فيه حية.
قوله : فأحسن إليهن .
أي يعولهن ومع ذلك يحسن إليهن في الإقامة عليهن بأن لا يمن عليهن ولا يظهر لهن الضجر والملل ولا يحملهن ما لا يطقنه.
و قد اختلف في المراد بالإحسان :
هل يقتصر به على قدر الواجب أو بما زاد عليه ؟.
والظاهر الثاني فإن عائشة أعطت المرأة التمرة فآثرت بها ابنتيها فوصفها النبي صلى الله عليه و سلم بالإحسان.
فدل على أن من فعل معروفا لم يكن واجبا عليه أو زاد على قدر الواجب عليه عد محسنا.
شرط الإحسان :
وشرط الإحسان أن يوافق الشرع لا ما خالفه. والإحسان إلى كل أحد بحسب حاله.
قوله : من عال جاريتين .
أي قام عليهما بالمؤنة والتربية .
قوله : كن له سترا من النار .
أي وقاية من دخول نار جهنم لأنه كما سترهن في الدنيا عن ذل السؤال وهتك الأعراض باحتياجهن إلى الغير الذي ربما جر إلى الخنا والزنا جُوزي بالستر من النار جزاءً وفاقاً .
ما يستفاد من الحديث :
في هذه الأحاديث فضل الإحسان إلى البنات والنفقة عليهن والصبر عليهن وعلى سائر أمورهن .
في الحديث تأكيد حق البنات لما فيهن من الضعف غالبا عن القيام بمصالح أنفسهن بخلاف الذكور لما فيهم من قوة البدن وجزالة الرأي وإمكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال .
===============
تفسير ابن كثير
فتح الباري لابن حجر
شرح صحيح مسلم للنووي
فيض القدير للمناوي
===============
ثم إن فضل تربية البنات والإحسان إليهن له أجر عظيم لمن احتسبه ..ولا أطيل عليكم وأترككم مع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تبين هذا الأمر ..
فعن عائشة رضي الله عنها قالت :
دخلت امرأة معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه و سلم علينا فأخبرته فقال : " من ابتلي من هذه البنات بشيء كن له سترا من النار " . رواه البخاري ومسلم .
وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال " إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار ". رواه مسلم .
و عن أنس بن مالك رضي الله قال :
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- " من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو ". وضم أصابعه. رواه مسلم .
شرح ألفاظ الأحاديث:
قوله : من ابتلي من هذه البنات بشيء
إنما سماه ابتلاء لان الناس يكرهونهن في العادة قال الله تعالى : وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ . سورة النحل آية 58.
أي تراه كئيبا من الهم ساكت من شدة ما هو فيه من الحزن يكره أن يراه الناس إن أبقاها أبقاها مُهانة لا يورثها، ولا يعتني بها، ويفضل أولاده الذكور عليها أو يدفنها فيه حية.
قوله : فأحسن إليهن .
أي يعولهن ومع ذلك يحسن إليهن في الإقامة عليهن بأن لا يمن عليهن ولا يظهر لهن الضجر والملل ولا يحملهن ما لا يطقنه.
و قد اختلف في المراد بالإحسان :
هل يقتصر به على قدر الواجب أو بما زاد عليه ؟.
والظاهر الثاني فإن عائشة أعطت المرأة التمرة فآثرت بها ابنتيها فوصفها النبي صلى الله عليه و سلم بالإحسان.
فدل على أن من فعل معروفا لم يكن واجبا عليه أو زاد على قدر الواجب عليه عد محسنا.
شرط الإحسان :
وشرط الإحسان أن يوافق الشرع لا ما خالفه. والإحسان إلى كل أحد بحسب حاله.
قوله : من عال جاريتين .
أي قام عليهما بالمؤنة والتربية .
قوله : كن له سترا من النار .
أي وقاية من دخول نار جهنم لأنه كما سترهن في الدنيا عن ذل السؤال وهتك الأعراض باحتياجهن إلى الغير الذي ربما جر إلى الخنا والزنا جُوزي بالستر من النار جزاءً وفاقاً .
ما يستفاد من الحديث :
في هذه الأحاديث فضل الإحسان إلى البنات والنفقة عليهن والصبر عليهن وعلى سائر أمورهن .
في الحديث تأكيد حق البنات لما فيهن من الضعف غالبا عن القيام بمصالح أنفسهن بخلاف الذكور لما فيهم من قوة البدن وجزالة الرأي وإمكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال .
===============
تفسير ابن كثير
فتح الباري لابن حجر
شرح صحيح مسلم للنووي
فيض القدير للمناوي
===============