مقدمة :
المزاح هو الدعابة
قال النووي : قال العلماء: المزاحُ المنهيُّ عنه، هو الذي فيه إفراط ويُداوم عليه، فإنه يُورث الضحك وقسوةَ القلب، ويُشغل عن ذكر اللّه تعالى والفكر في مهمات الدين، ويؤولُ في كثير من الأوقات إلى الإِيذاء، ويُورث الأحقاد، ويُسقطُ المهابةَ والوقارَ. فأما ما سَلِمَ من هذه الأمور فهو المباحُ الذي كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يفعله، فإنه صلى اللّه عليه وسلم إنما كان يفعله في نادر من الأحوال لمصلحة وتطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهذا لا منعَ منه قطعاً، بل هو سنّةٌ مستحبةٌ إذا كان بهذه الصفة، فاعتمدْ ما نقلناه عن العلماء وحقَّقناه في هذه الأحاديث وبيان أحكامها، فإنه مما يَعظمُ الاحتياجُ إليه. الأذكار باب المزاح.
فعن أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا ؟
قال: ((إني لا أقول إلا حقاً)).
تداعبنا - يعني تمازحنا -.
وقد اتفق في مزاحه صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أشياء:
أحدها: كونه حقاً
والثاني: كونه مع النساء والصبيان، ومن يحتاج إلى تأديبه من ضعفاء الرجال.
والثالث: كونه نادراً، فلا ينبغي أن يحتج به من يريد الدوام عليه، فان حكم النادر ليس كحكم الدائم، ولو أن إنساناً دار مع الحبشة ليلاً ونهاراً ينظر إلي لعبهم واحتج بأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم وقف لعائشة وأذان لها أن تنظر إلى الحبشة، لكان غالطاً، لندور ذلك، فالإفراط بالمزاح والمداومة عليه منهي عنه، لأنه يسقط الوقار، ويوجب الضغائن والأحقاد، وأما اليسير كما تقدم، من نحو نوع مزاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن فيه انبساطاً وطيب نفس. مختصر منهاج القاصدين
مزاح النبي صلى الله عليه وسلم :
عن انس قال: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم احسن الناس خُلقاً، وكان لي اخ يقال له: ابو عمير قال: فكان اذا جاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فراه قال: ((ابا عمير ما فعل النغير؟)). يذكره بموت نغر كان يلعب به ليخرجه بذلك كما جرت به عادة النَّاس من المداعبة مع الأطفال الصِّغار.
وعن أنس بن مالك أن رجلاً أتى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فاستحمله.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّا حاملوك على ولد ناقة)).
فقال: يا رسول الله ما أصنع بولد ناقة ؟
فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((وهل تلد الإبل إلا النُّوق؟))
وعن النُّعمان بن بشير قال: استأذن أبو بكر على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فسمع صوت عائشة عالياً على رسول الله، فلما دخل تناولها ليلطمها.
وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله !.
فجعل النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يحجزه، وخرج أبو بكر مغضباً.
فقال رسول الله حين خرج أبو بكر: ((كيف رأيتني أنقذتك من الرَّجل))
فمكث أبو بكر أياماً، ثم استأذن على رسول الله فوجدهما قد اصطلحا.
فقال لهما: أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((قد فعلنا، قد فعلنا)).
وعن عوف بن مالك الأشجعيّ قال: أتيت رسول الله في غزوة تبوك وهو في قبة من أدم، فسلَّمت فردَّ، وقال: ((أدخل)).
فقلت: أكلي يا رسول الله ؟
فقال: ((كلك)) فدخلت.
وعن أنس أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً، يهدي النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم الهدية من البادية، فيجهِّزه النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا أراد أن يخرج.
فقال رسول الله: ((إنَّ زاهراً باديتنا، ونحن حاضروه)).
وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم - يحبه، وكان رجلاً دميماً، فأتاه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره.
فقال: أرسلني من هذا ؟.
فالتفت فعرف النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين عرفه، وجعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: ((من يشتري العبد)).
فقال: يا رسول الله، إذن والله تجدني كاسداً.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لكن عند الله لست بكاسد)).
أو قال: ((لكن عند الله أنت غال)).
وعن أنس قال: كان للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم حاد يحدو بنسائه يقال له: أنجشة، فحدا فأعنقت الإبل.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ويحك يا أنجشة، إرفق بالقوارير)).
ومعنى القوارير: النِّساء، وهي كلمة دعابة - صلوات الله وسلامه عليه - دائماً إلى يوم الدِّين.
عن الحسن قال: أتت عجوز النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت: يا رسول الله أدع لي أن يدخلني الله الجنَّة.
قال: ((يا أم فلان، إنَّ الجنَّة لا تدخلها عجوز)).
فولَّت العجوز تبكي.
فقال: ((أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز فإنَّ الله تعالى يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً}
=======================
القاموس المحيط للفيروز أبادي
الأذكار للإمام النووي
مختصر منهاج القاصدين للإمام المقدسي
البداية والنهاية للإمام ابن كثير
=======================
القاموس المحيط للفيروز أبادي
الأذكار للإمام النووي
مختصر منهاج القاصدين للإمام المقدسي
البداية والنهاية للإمام ابن كثير
=======================