فلسطين و الشاعر محمود رفعت زعلوك

mahmoudrz

New Member
هذه عدة قصائد للشاعر محمود رفعت زعلوك عن فلسطين
....................................................................................................

أولاً : قصيدة / بكاء العصفورة

في يوم رأيت عصفورة و كأنها تبكي على فراق من أحبها

فبكيت و كدت أتمزق و قلبي يشكو و يستنكر لرؤية دموعها

و لما أبصرت رحيل الشمس و قد مال غصن الشجرة بها

حيرني الفكر و الشوق قبل أن يطاردني طرف عينها

فقالت لي قف و سألتني لماذا أبكي ؟ و متى رأيتها ؟

فأجبتها : بكيت لبكائك و فرحت بسكونه و طلبت معرفة ما خطبها

و عرفت أنها أمً تتعذب فظننت أنها فقدت جناحها

و لقد أصبت الإعتقاد فلقد استشهد و رحل عنها أولادها

بصاروخ في قذفٍ عشوائي دمر كل شيء حتى عشها

و قالت لي لم أبكي لهذا السبب وحده ! فتعجبت لأمرها

و من كلامها عرفت مدى حبها و شوقها و اشتياقها

لوطنها ؛ و لكن قارنت بين كل هذا و بين شهدائها ، فسألتها

و كان جوابها : أن أولادها العشرة دفنوا في ترابه مكان بيتها

فاشتد بكائي بعد أن فَهِمت و قلت اللهم صبَّرنا كما صبرتها



ثانياً : قصيدة / كفاح القدس


في آخر النهار قبل بزوغ فجر يوم جديد

كان الشتاء و حاولت أن استلقي على الجليد

فلم أستطع و كنت أتمزق فالبرد كان مميت

كنت أبحث عن ماضٍ في كتاب الألف بريء و شهيد

فوجدته و لكن زُهلت عندما رأيت العالم عنه بعيد

فبدأت أقرأ و بكيت عند أول كلمة و كانت الوعيد

فشاهدت أرضاً عربية إسلامية فتحها الوليد

و وجدت شعباً لا يعرف اليأس فهو صارم عنيد

و فيها زيتونة يطمع فيها من يتظاهرون بالمجد و هم عبيد

و فيها مسجد كان أول قبلة لقومٍ اتبعوا الهدى الأكيد

واتبعوا خاتم الأنبياء و الرسل فكان معهم الله الحق المجيد

فأصبحوا متحابين متعاونين ؛ إخوة كشريان الوريد

يتقاسمون الخبز و يتشاركون الفرح و الحزن فكانت أفراحهم كالعيد

لا يعرفون أنه سيأتي اليوم و يتعرضون للظلم الشديد

فعاشوا و تعايشوا قبل أن يأتي لهم المستقبل المستميت

قبل أن يعرفوا أن أعدائهم قادمون لهم بقلب مريض

حتى قدموا و صاروا يحرقوا الأخضر و يهددوا بالمذيد

محاولين أن يمحوا التاريخ بقتل كل رجل و ولد و حفيد

طامعين في عاصمة ثروات الشرق ، تعطش للغنى الفريد

و هزمت الحملات الصليبية و عادوا خائبين و لم يتركوا شيئاً حميد

و عاد أهل الأرض الطيبة للبناء و التعمير و كان السلام لهم كالوميض

حتى جاء العدو فنزع الأمن و دمر السلام الذي كان الأمل الوحيد

و سفك دماء الأطفال و قسمها و انتزع موقعها الفريد

و مضت حروب انتصر فيها العدو و أخر هُزم و كلما نعرض السلام لا يريد
و ظلل الشعب الطيب يقاوم و العدو يردد .. لا يفل الحديد إلا الحديد .

ثالثاً : قصيدة / رواية ضمير


سمعت صوتاً يناديني : هلَّا أجبت ؟

فتعجبت و صحو المطر يداريني ؛ فاختبأت

فصرخ يناديني بروح فلسطيني ؛ فطلبت

منه ألا يبكي وحده ؛ فبكى و بكيت

و بعد أن هدأ كاد يتحدث ؛ فهدأت

ثم أخذ يناديني ؛ أنا لبناني قد جُرحت

و كرر الموقف و كنت من البكى قد تعبت

فقال لي : أنا عراقي كنت قد ذُبحت

و لما اندهش لتعجبي ظنَّ أنَّي فهمت

و جعلني أرى قلبه ينزف بلا دماء فظننت

أنه كان حيَّ في يوم ؛ فسألت

الصوت : من أنت ؟ فنظرت له ففوجئت

و قد رأيت ضمير العرب فحزنت

لحكايته ؛ فقد قال : بسببكم أنا قد مُت

فقلت له : أنت الحيَّ دائماً فَلِمَا هجرت

قال لي : قف و انظر حولك ؛ فوقفت

فنظرت بقلبي لمن حولي فاصطدمت

بعقلي يقول لي : لا تطاوعه ؛ فارتجعت

قال بحزن : الكل رفضني فرحلت

فأنا لم أهاجر بلا سبب فهل عرفت ؟

و الآن ليتك تجاوبني ؛ هلَّا أجبت ؟

فقلت : عن ماذا أجيب ؟ فرد في صمت

بسؤال جعلني أتمنى لو كنت هربت

أين بلادنا ؟ فوقعت و كأنَّي مرضت

فعاود النداء غاضباً و قال لي : قف ؛ فلمحت

كبرياء العرب الذي كنت له اشتقت

فأمرني أن أُنادي على العرب ؛ فناديت

فابتسم قائلاً : هم بخير ؛ قلت له صدقت .



 
عودة
أعلى