(تأملات إيمانية) 9-الامل الزائف وعثرات الشياطين

علاء*

Moderator
طاقم الإدارة


السلام عليكم

تأملات إيمانية
في مشوار الحياة

9-الامل الزائف وعثرات الشياطين

------------------------------------


احبتي في الله
نحمد الله على الحفظ والتسليم من الوقوع في الزلات

الامل كلمة جميلة تحوي بين طياتها معان الحياة
فبدون الامل ... نلقى الهموم ونستقر نحن وهي في زنزانة الحياة التعيسة

الامل تعلق الانسان بخيط رفيع يتقوى مع الزمان ليكون حبل النجاة
الامل نور خافت في نهاية نفق الاحزان
الامل قطرات الندى المتجمعة على اوراق الخريف المصفرة
الامل ابتسامة الام لاطفالها بعد رحيل المعيل
الامل نظرة العطف الابوي الى ذلك الابن المقبل على الرحيل
الامل قطرات المطر الهاطلة بعد زوبعة الريح

الامل ماتامل ان يكون حتى وان كان غير ممكن وانت عارف به ومدرك لذلك

-----------

الانسان تهوى نفسه الحياه وجمالها وتتوق الى بضاعتها وتستهويه زخارفها
يتمسك بكل شيء فيها ... ليمتع نفسه بما قر على ظهرها وظهر

فتراه يعمل ويؤمل .... ويؤمل ويعمل

وتمر الساعات .... وتمضي الايام ... وربما السنين
ويكون الزمان والمكان حاظرين
وبين انبلاجة صبح وغفوة مساء ...
لقاء وليس باللقاء ... لقاء النفس مع ... أمل جديد

وتمر ساعات الامل وليست ساعات الايام
ويمر الوقت جميلا... مزخرفا ...يحمل في طياته كل غامض وكل جديد
فتتنفس .... النفس الصعداء ... وتظن ان ساعة الميعاد ليوم اللقاء المعهود قد بانت لحظاتها الاولى
واشرقت في عين .... فرحة .... وفي نفس ... مزحة .... وعلى وجنة ... تعبير
فتبسم العبير للعبير .... يظن انه القدر ... المكنون ... وانها ساعة الميعاد

----

تترامى الكلمات بين منبلج الافكار ... وتتحير النفس في فرحتها ...
انها ساعة من سويعات الامل ولحظة من لحظات الزمان السعيد ..

----

ومن غير دراية ... تتجمع الشياطين لتكون كلها هناك ... عند الموعد .... والميعاد
فتؤمل وتؤمل وتؤمل ...

تحدث ذلك المسكين .... ابن ادم .... وتمنيه .... ويظن انما يحدث نفسا عارفة ... ونفسا متأملة
فيستهويه اللقاء ... ويهيء اللسان لنطق الكلمات ...

---

فيكون مايكون من لقاء ....
يرتحل الثاني المسكين في فضاء خداع الذات ... وخيالات وتصورات
في حين ان الاول ... انما كان يحدث بحديث الناس ... ويعمل بعملهم ... ويقول كما يقولون

ويمضي اللقاء ... وتحين ساعة الانصراف ... فيرحل الاول بأمله الزائف ... ويغادر الثاني
مغادرة العارف ....

وتمضي ايام وايام ... وتتجمع الشياطين بغوايتها عند احدهما ... لان أمله زائف ... والمسكين ليس بعارف

ويحين مؤعده المزعوم ... للاول شياطين قد اغوت واللثاني ايام قد مضت ..فيحدث كليهما الاخر
فتتكسر صدفة الاكذوبة ... وتنطفا شمعة موقودة فيخر الاول صريع بسبب أماله الزائفة ... ويرحل الثاني
بتجربة عارفة

ايها المسكين ... لم ... أملت وبنيت لنفسك قفصا من خيوط العناكب ...
ودعمته بجدران الاحلام ...
مكثت تؤمل وتؤمل حتى انهار البيت على أمالك
فألمت نفسك ... وجرحتها بما أملت في غير محله ومكانه

====

عليك ان اردت الامل ... ان لاتنسى ذكر الله ليقر القبول لعملك ان كان
ويتبدل الزمان والمكان
فطريق الغواية محفوف بحفر الشياطين
فلاتنسى ذكر الله وتغمض عينيك ... وتبقى سائرا ... فمصيرك في حفرة لامحال

------

اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا
انك انت الحليم الخبير
حفظكم الله ورعاكم
وجنبكم من الوقوع... في حفر الامال الكاذبة والخداعة

لاتنس ذكر الله
فبه تطمئن نفسك ... وترضى بما اتاها من رزق كريم





 
بارك الله فيك استادنا

اللهم نور درب استادنا
وارزقه رضاك وتوبتك

جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
بارك الله بك على دعائك الطيب الجميل
نحمده على ان رزقنا اخوة لنا في الله يدعون لنا وندعو لهم
بحمد الله تطمئن النفس ويتبسم القلب
 
بارك الله فيك، أخي علاء، كلمات معبرة و ذات معنى

الأمل رائع، و هو نبض الحياة .الأمل أن نجد الأشخاص الذين ينصحوننا و ينقذوننا من زلاتنا،
الأمل هو التذكر بأن الله معنا يسامحنا على أخطائنا و يرضى عنا،
الأمل هو صفح الأشخاص عن بعضهم البعض و تفهمهم لأحوالهم.و مساعدتهم لبعضهم البعض حتى و لو كان ذلك بأبسط الأشياء،
الأمل هو تلك السعادة التي نحققها من فعل الخير للجميع من دون ما إستثناء.
بالعلم و العمل نحقق الأمل

جزاك الله خيرا و جعلنا الله تعالى من الذين يأملون في هذه الدنيا.
 
بارك الله فيك اخي علاء علي هذا الطرح الجميل
اسلوبك قوي وقوي للغاية تختار من الكلمات ما تحوي علي معان ومعان
لتجعل الذهن يفكر ويفكر في مدلولاتها انت حقا مبدع اخي علاء
ولكني الاحظ ان الاسلوب حزين في هذا المقال
سلمت لنا وحفظك الله ورعاك وبارك لنا فيك وفي علمك وعمرك
ومن مزيد الي مزيد وبالتوفيق ان شاء الله
جزاك الله خيرا

 
بارك الله فيك اخي علاء علي هذا الطرح الجميل
اسلوبك قوي وقوي للغاية تختار من الكلمات ما تحوي علي معان ومعان
لتجعل الذهن يفكر ويفكر في مدلولاتها انت حقا مبدع اخي علاء
ولكني الاحظ ان الاسلوب حزين في هذا المقال
سلمت لنا وحفظك الله ورعاك وبارك لنا فيك وفي علمك وعمرك
ومن مزيد الي مزيد وبالتوفيق ان شاء الله
جزاك الله خيرا


جزاك الله كل خير وحفظك وحماك وسدد خطاك
الحمد لله على كل حال
ودوام الحال من المحال
اعتقد ان كلامك صحيح
نعم الموضوع معقد نوعا ما .... وهذا مقصود
ليتاح للافكار حيز تعبر من خلاله عن مكنونات الذات وماتشعربه​
 
بارك الله فيك، أخي علاء، كلمات معبرة و ذات معنى

الأمل رائع، و هو نبض الحياة .الأمل أن نجد الأشخاص الذين ينصحوننا و ينقذوننا من زلاتنا،
الأمل هو التذكر بأن الله معنا يسامحنا على أخطائنا و يرضى عنا،
الأمل هو صفح الأشخاص عن بعضهم البعض و تفهمهم لأحوالهم.و مساعدتهم لبعضهم البعض حتى و لو كان ذلك بأبسط الأشياء،
الأمل هو تلك السعادة التي نحققها من فعل الخير للجميع من دون ما إستثناء.
بالعلم و العمل نحقق الأمل

جزاك الله خيرا و جعلنا الله تعالى من الذين يأملون في هذه الدنيا.


========================

ماشاء الله لاحول ولا قوة الا بالله
كلام جميل ومرتب
اتى على اصل الموضوع وجوهره
فبين بعض ماخفي فيه
احمد الله على العفو والعافية
احيي فيك هذه القدرة الكامنة على اظهار المكنونات
ندعو لك بالسداد والرشاد والتوفيق

كلمات لطيفة تستحق كل ثناء واكبار واحترام

الأمل رائع، و هو نبض الحياة .الأمل أن نجد الأشخاص الذين ينصحوننا و ينقذوننا من زلاتنا،
الأمل هو التذكر بأن الله معنا يسامحنا على أخطائنا و يرضى عنا،
الأمل هو صفح الأشخاص عن بعضهم البعض و تفهمهم لأحوالهم.و مساعدتهم لبعضهم البعض حتى و لو كان ذلك بأبسط الأشياء،
الأمل هو تلك السعادة التي نحققها من فعل الخير للجميع من دون ما إستثناء.
بالعلم و العمل نحقق الأمل
 
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : (خط النبي صلى الله عليه وسلم خطاً مربعاً ، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه ، و خط خططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط ، من جانبه الذي في الوسط ، وقال : هذا الإنسان ، وهذا أجله محيط به –أو : قد أحاط به– وهذا الذي هو خارج : أمله ، وهذه الخطط الصغار : الأعراض ، فإن أخطأه هذا : نهشه هذا ، و إن أخطأه هذا : نهشه هذا) رواه البخاري .
وفي رواية عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (خطَّ النبي صلى الله عليه وسلم خطوطاً ، فقال : هذا الأمل ، وهذا أجله ، فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقـرب) رواه البخاري .
أستاذي الكريم : د. علاء العنزي
حياك الله وبياك ، وجعل الجنة مثوانا ومثواك ..
جزاك الله خيراً أستاذنا الغالي على هذا الموضوع القيم وعلى هذه المعاني الجميلة والعظيمة ..
بارك الله فيك وعليك وبارك لك في علمك وفي عمرك ورزقك من كل خير ..

الامل كلمة جميلة تحوي بين طياتها معان الحياة
فبدون الامل ... نلقى الهموم ونستقر نحن وهي في زنزانة الحياة التعيسة
الامل تعلق الانسان بخيط رفيع يتقوى مع الزمان ليكون حبل النجاة
الامل نور خافت في نهاية نفق الاحزان
الامل قطرات الندى المتجمعة على اوراق الخريف المصفرة
الامل ابتسامة الام لاطفالها بعد رحيل المعيل
الامل نظرة العطف الابوي الى ذلك الابن المقبل على الرحيل
الامل قطرات المطر الهاطلة بعد زوبعة الريح
الامل ماتامل ان يكون حتى وان كان غير ممكن وانت عارف به ومدرك لذلك

الله .. الله .. الله
ما أجزل ألفاظك وما أحلى كلماتك وما أروع عباراتك سيدي الكريم !!
كلمات صافية ونقية كالحليب .. عبارات صادقة ومخلصة تفيض رقة وعذوبة ..
أسلوبك سيدي كما يقولون هو السهل الممتنع !!
تنساب المعاني والألفاظ من فيك وبين يديك بكل رقة ورقي وبكل جمال وعذوبة ..
تبعث فينا الأمل .. تدعونا للبشر والتفاؤل .. تحثنا على السير والعمل ..

واشرقت في عين .... فرحة .... وفي نفس ... مزحة .... وعلى وجنة ... تعبير
فتبسم العبير للعبير .... يظن انه القدر ... المكنون ... وانها ساعة الميعاد
----
تترامى الكلمات بين منبلج الافكار ... وتتحير النفس في فرحتها ...
انها ساعة من سويعات الامل ولحظة من لحظات الزمان السعيد ..

يالروعة الكلمات !! ويالعبقرية التحليل !!
أسعدك الله أستاذنا الغالي كما تسعدنا دوماً بهاتيكم الإشراقات والتأملات الإيمانية ..
أحييك أخي الغالي على تحليلاتك الرائعة وتوضيحاتك الصادقة ونصائحك المخلصة ..

ومن غير دراية ... تتجمع الشياطين لتكون كلها هناك ... عند الموعد .... والميعاد
فتؤمل وتؤمل وتؤمل ...
الشيطان هو نفسه ، والإنسان كذلك هو نفسه !!
ولكن مجرد مقارنة بسيطة بين حالين :
بين يوم :
يوم كان يفر الشيطان من عمر وصحبه من صحابة النبيّ صلى الله عليه وسلم !!
يوم أن ربطه النبيّ صلى الله عليه وسلم في سارية في المسجد !!
يوم أن صرعه عمر رضي الله عنه !!
يوم أن ولى مدبراً يصرخ يوم بدر ويقول : (إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّه) !!
وبين يوم :
يوم أن ابتعد الإنسان عن ربه وعن دينه وعن المنهج القويم !!
يوم أن نسي الإنسان التوجيه الهام من رب العالمين : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) !!
يوم أن تغيرت الأرض غير الأرض فأصبحت من النادر أن نرى فيها ثابتٌ عل الحق إلا أقل القليل !!
يوم أن أصبحت الماديات والشهوات كل شئ في حياة الإنسان !!
يوم أن تعرت وتنازلت المرأة المسلمة عن عفتها ناهيك عن حجابها !!
وباختصار شديد .. يوم أن خدعنا الشيطان بمكايده !!!

عندما نقارن بين ما كان عليه أسلافنا وبين ما أصبح عليه حالنا ونتدبر ذلك جيداً ..
عندها قد نفهم بصدق وحق ما قصده الإمام الجليل ابن القيم في قوله الصادق :
(ولو كشف الغطاء ، لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى هذه الأرواح الخبيثة ، وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الإمتناع عنها ولا مخالفتها ...) ..
لله درك شيخ الإسلام ابن القيم .. رحمك الله رحمة واسعة .. قلت ذلك منذ أكثر من ستمائة عام ..
تُرى لو كنت حياً بيننا هذه الأيام .. ماذا كنت ستقول ؟؟؟؟؟!!!!!
والحديث موصول بإذن الله ....................


 
227395_11242456557.gif
 
عندها قد نفهم بصدق وحق ما قصده الإمام الجليل ابن القيم في قوله الصادق :
(ولو كشف الغطاء ، لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى هذه الأرواح الخبيثة ، وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الإمتناع عنها ولا مخالفتها ...) ..
لله درك شيخ الإسلام ابن القيم .. رحمك الله رحمة واسعة .. قلت ذلك منذ أكثر من ستمائة عام ..
تُرى لو كنت حياً بيننا هذه الأيام .. ماذا كنت ستقول ؟؟؟؟؟!!!!!
يوضح شيخ الإسلام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه القيم (مدارج السالكين) كيفية حرب الشيطان على ابن آدم ومخططات الشيطان للإيقاع بابن آدم ..
يقول الإمام ابن قيم الجوزية :

اتخاذ الشيطان عدواً وكمال الإحتراز منه ، والتحفظ واليقظة والإنتباه لما يريد منه عدوه وهو لا يشعر ، فإنه يريد أن يظفر به في عقبة من سبع عقبات بعضها أصعب من بعض لا ينزل منه من العقبة الشاقة إلى ما دونها إلا إذا عجز عن الظفر به فيها :
العقبة الأولى : عقبة الكفر بالله وبدينه ولقائه وبصفات كماله وبما أخبرت به رسله عنه .
فإنه إن ظفر به في هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح .
فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية وسلم معه نور الإيمان طلبه على العقبة الثانية وهي عقبة البدعة : إما بإعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه ، وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله من الأوضاع والرسوم المحدثة في الدين التي لا يقبل الله منها شيئا .
والبدعتان في الغالب متلازمتان قل أن تنفك إحداهما عن الأخرى .
كما قال بعضهم : (تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال فاشتغل الزوجان بالعرس فلم يفجأهم إلا وأولاد الزنا يعيثون في بلاد الإسلام تضج منهم العباد والبلاد إلى الله تعالى) .
وقال شيخنا : (تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة فتولد بينهما خسران الدنيا والآخرة) .
فإن قطع هذه العقبة وخلص منها بنور السنة واعتصم منها بحقيقة المتابعة وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وهيهات أن تسمح الأعصار المتأخرة بواحد من هذا الضرب فإن سمحت به نصب له أهل البدع الحبائل وبغوه الغوائل وقالوا مبتدع محدث .
فإذا وفقه الله لقطع هذه العقبة طلبه على العقبة الثالثة وهي عقبة الكبائر :
فإن ظفر به فيها زينها له وحسنها في عينه وسوف به وفتح له باب الإرجاء وقال له الإيمان هو نفس التصديق فلا تقدح فيه الأعمال ، وربما أجرى على لسانه وأذنه كلمة طالما أهلك بها الخلق وهي قوله (لا يضر مع التوحيد ذنب كما لا ينفع مع الشرك حسنة) ، والظفر به في عقبة البدعة أحب إليه لمناقضتها الدين ودفعها لما بعث الله به رسوله ، وصاحبها لا يتوب منها ولا يرجع عنها بل يدعو الخلق إليها ، ولتضمنها القول على الله بلا علم ومعاداة صريح السنة ومعاداة أهلها والإجتهاد على إطفاء نور السنة وتولية من عزله الله ورسوله وعزل من ولاه الله ورسوله واعتبار مارده الله ورسوله ورد ما اعتبره وموالاة من عاداه ومعاداة من والاه وإثبات ما نفاه ونفي ما أثبته وتكذيب الصادق وتصديق الكاذب ومعارضة الحق بالباطل وقلب الحقائق بجعل الحق باطلاً والباطل حقاً والإلحاد في دين الله وتعمية الحق على القلوب وطلب العوج لصراط الله المستقيم وفتح باب تبديل الدين جملة .
فإن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها حتى ينسلخ صاحبها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين فمفاسد البدع لا يقف عليها إلا أرباب البصائر والعميان ضالون في ظلمة العمى : (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) .
فإن قطع هذه العقبة بعصمة من الله أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه على العقبة الرابعة وهي عقبة الصغائر :
فكال له منها بالقفزان وقال ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيت من اللمم أو ما علمت بأنها تكفر باجتناب الكبائر وبالحسنات ولا يزال يهون عليه أمرها حتى يصر عليها فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حالاً منه ، فالإصرار على الذنب أقبح منه ولا كبيرة مع التوبة والإستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار .
وقد قال :(إياكم ومحقرات الذنوب) ، ثم ضرب لذلك مثلاً بقوم نزلوا بفلاة من الأرض فأعوزهم الحطب فجعل هذا يجيء بعود وهذا بعود حتى جمعوا حطباً كثيراً فأوقدوا ناراً وأنضجوا خبزتهم فكذلك فإن محقرات الذنوب تجتمع على العبد وهو يستهين بشأنها حتى تهلكه .
فإن نجا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ ودوام التوبة والإستغفار وأتبع السيئة الحسنة طلبه على العقبة الخامسة وهي عقبة المباحات التي لا حرج على فاعلها فشغله بها عن الإستكثار من الطاعات وعن الإجتهاد في التزود لمعاده ثم طمع فيه أن يستدرجه منها إلى ترك السنن ثم من ترك السنن إلى ترك الواجبات وأقل ما ينال منه تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة والمنازل العالية ولو عرف السعر لما فوت على نفسه شيئا من القربات ولكنه جاهل بالسعر .
فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد ومعرفة بقدر الطاعات والإستكثار منها وقلة المقام على الميناء وخطر التجارة وكرم المشتري وقدر ما يعوض به التجار فبخل بأوقاته وضن بأنفاسه أن تذهب في غير ربح ، طلبه العدو على العقبة السادسة وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات فأمره بها وحسنها في عينه وزينها له وأراه ما فيها من الفضل والربح ليشغله بها عما هو أفضل منها وأعظم كسبًا وربحاً لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمع في تخسيره كماله وفضله ودرجاته العالية فشغله بالمفضول عن الفاضل وبالمرجوح عن الراجح وبالمحبوب لله عن الأحب إليه وبالمرضي عن الأرضى له ، ولكن أين أصحاب هذه العقبة فهم الأفراد في العالم والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول ، فإن نجا منها بفقه في الأعمال ومراتبها عند الله ومنازلها في الفضل ومعرفة مقاديرها والتمييز بين عاليها وسافلها ومفضولها وفاضلها ورئيسها ومرؤسها وسيدها ومسودها فإن في الأعمال والأقوال سيداً ومسوداً ورئيساً ومرؤساً وذروة وما دونها كما في الحديث الصحيح :(سيد الإستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت الحديث) ، وفي الحديث الآخر :(الجهاد ذروة سنام الأمر) ، وفي الأثر الآخر :(إن الأعمال تفاخرت) فذكر كل عمل منها مرتبته وفضله وكان للصدقة مزية في الفخر عليهن ، ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولى العلم السائرين على جادة التوفيق قد أنزلوا الأعمال منازلها وأعطوا كل ذي حق حقه ، فإذا نجا منها لم يبق هناك عقبة يطلبه العدو عليها سوى واحدة لا بد منها ولو نجا منها أحد لنجا منها رسل الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عليه وهي عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى باليد واللسان والقلب على حسب مرتبته في الخير .
فكلما علت مرتبته أجلب عليه العدو بخيله ورجله وظاهر عليه بجنده وسلط عليه حزبه وأهله بأنواع التسليط ، وهذه العقبة لا حيلة له في التخلص منها ، فإنه كلما جد في الإستقامة والدعوة إلى الله والقيام له بأمره جد العدو في إغراء السفهاء به ، فهو في هذه العقبة قد لبس لامة الحرب وأخذ في محاربة العدو لله وبالله ، فعبوديته فيها عبودية خواص العارفين وهي تسمى عبودية المراغمة ولا ينتبه لها إلا أولو البصائر التامة ، ولا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه وإغاظته له .
وقد أشار سبحانه إلى هذه العبودية في مواضع من كتابه ، أحدها قوله :(ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيرا وسعة) ، سمى المهاجر الذي يهاجر إلى عبادة الله مراغماً يراغم به عدو الله وعدوه ، والله يحب من وليه مراغمة عدوه وإغاظته كما قال تعالى :(ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين) ، وقال تعالى في مثل رسول الله وأتباعه : (ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار) ، فمغايظة الكفار غاية محبوبة للرب مطلوبة له فموافقته فيها من كمال العبودية وشرع النبي للمصلي إذا سها في صلاته سجدتين وقال :(إن كانت صلاته تامة كانتا ترغمان أنف الشيطان) ، وفي رواية :(ترغيماً للشيطان) ، وسماها المرغمتين ، فمن تعبد الله بمراغمة عدوه فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر ، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته لعدوه يكون نصيبه من هذه المراغمة .
ولأجل هذه المراغمة حمد التبختر بين الصفين والخيلاء والتبختر عند صدقة السر حيث لا يراه إلا الله لما في ذلك من إرغام العدو وبذل محبوبه من نفسه وماله لله عز وجل ، وهذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس ومن ذاق طعمه ولذته بكى على أيامه الأول ، وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وصاحب هذا المقام إذا نظر إلى الشيطان ولاحظه في الذنب راغمه بالتوبة النصوح فأحدثت له هذه المراغمة عبودية أخرى ، فهذه نبذة من بعض لطائف أسرار التوبة لا تستهزىء بها فلعلك لا تظفر بها في مصنف آخر البتة ولله الحمد والمنة وبه التوفيق ..
انتهى من مدارج السالكين .
الإخوة الكرام : أحببتُ أن أنقل لكم كلام شيخ الإسلام ابن القيم على طوله علَّ كل واحد منا ينتبه ويضع يديه على العقبة التي يحاول فيها الشيطان اللعين اصطياده منها والإيقاع به عندها ..
ومن هنا نبدأ فهم القضية فهماً صحيحاً ...............................
 
الحقيقة موضوع رائع و لا أدرى فالردود و التعقيبات لا تقل روعة عن الموضع الاصلى. جزاكم اللة خيرا
 
اخي علاء

جزاك الله خير الجزاء وافاض عليك من نوره ورحماته

قريبا سوف اكتب موضوع مشابه لهذا الموضوع

فنحن نحتاج الى الوعي وفي نفس الوقت نحتج الى ترقيق قلوبنا في زمن قد انطبق عليه

قول ربنا جل وعلا : ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً

اخي ابا قصي

احسن الله اليك ورحمك الله ورحم والديك ... نقل في مكانه

متميزة ورائعة اختياراتك اخي ..بورك فيك
 
جزاك الله كل خير استاذنا ابو قصي احييك واحيي كلماتك المعبرة
لايمكني الاقتباس الا لهذه الكلمات
جزاك الله عنا كل خير

الإخوة الكرام : أحببتُ أن أنقل لكم كلام شيخ الإسلام ابن القيم على طوله علَّ كل واحد منا ينتبه ويضع يديه على العقبة التي يحاول فيها الشيطان اللعين اصطياده منها والإيقاع به عندها ..
ومن هنا نبدأ فهم القضية فهماً صحيحاً ...............................
 
اخي علاء

جزاك الله خير الجزاء وافاض عليك من نوره ورحماته

قريبا سوف اكتب موضوع مشابه لهذا الموضوع

فنحن نحتاج الى الوعي وفي نفس الوقت نحتج الى ترقيق قلوبنا في زمن قد انطبق عليه

قول ربنا جل وعلا : ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً

اخي ابا قصي

احسن الله اليك ورحمك الله ورحم والديك ... نقل في مكانه

متميزة ورائعة اختياراتك اخي ..بورك فيك


حياك الله اخي الغالي ابن الخطاب سعدنا بمرورك
ننتظر وعدك لنا على احر من الجمر
فحياك الله وبياك وسدد خطاك
 
اشكرك دكتور علاء على هذه المعانى الجميله والكلمات الرقيقه التى تبعث الامل فى النفوس وتجعل اليائس يعيد حساباته مره اخرى مع الدنيا وتجعل المتفائل مع موعد دائما مع الدنيا يسعد بها وتسعد به
 
عودة
أعلى