محمد العروسي
New Member
بنفح الطيب وصبا الإشراق تتسق سامقة مثل نخل الواحة في بيداء قفر ، يسرح ظلها مرواحا ينفث نسيم العطر ، تأتي من سحر الليل ، فيزيل حلكة الجهل ، ويُسرج للسنا شمعدانات تضيء دنيانا شهبها ، نقرأ على طروسها ما سطر الإنسان منذ بدء الخليقة من وقائع كانت أساطير تحكي للوجود لياليها المليارية .
حين أزاح جدي الأول عن وحشة مأواه سكون الكهف برسوم حفرها على الجلاميد قبل القراطيس، وعن وحشة إحساسه غموضها ، كانت الكلمة رسما ، وحين أتقن وخبر مقاسات وأشكال الطروس ، نقل الطرس من سن المعول والإزليم إلى حافر اليراع .
في البدء كانت بدائية شقيقة حيواته البدائية وتوأم صنوها ، وردة سحرته بشفافها الحمر ونضيد لآليء صفوف عقدها ، أعجب بها وهام يغرف من نهرها الفياض الزلال ما أروى صيده وعطشه ، حتى إذا ما أحس أنه عقل عقالها ، ,أثبت بأوتاد رسانها ، وظن أنه امتلك لجامها ، انفلتت من عقالها مهرا جامحة تجمح في شرود الكواعب ، لم يقو على زم زمامها ، فأصاخ لصهيلها ، وحاول ضبط رنين جرسها ، فلم يستطع لذالك قدرة ولا سبيلا
وحين أعياه سعيه وكده ، وهي وردة تتسامق وتطاوله ، وظلها يتسحب غماما يركم فوق غمام ، أحس وكأن ليل الكهف سد عليه منافذ النور ، وأضاع منه بوصلة الوجود ، شمر وجمع ثم وثب نحو السماء ، لعله يقطف جنيا من تلك المنيرات المسرجة المنفوثة فوق البساط الأزرق السحيق ، فسبح وغاص وبحث بين تلال الأصداف عن لؤلؤة الوجود ، ما دام ظله على بساط الغبراء هو الوجود اللامردود واللامفقود .