أدب الحوار .. دراسة منهجية هادفة (11)
------------------------------------
آداب الحوار
(9) المحاورة بالحسنى
ومن آداب الحوار كما يقول العلماء -كأبي حامد الغزالي في الإحياء-:
(أن تحاوره فلا تتعرض لشخصه، ولا لنسبه وحسبه وأخلاقه، وإنما تحاوره على القضية).
لأن بعض الناس يترك الكلام ويتهجم على خصمه المحاور أمامه، فيقول:
قليل أدب، وبخيل، وليس لهذا علاقة بالمسألة.
فأنت تحاور -مثلاً- في زكاة الحلي، فيحاورك قائلاً : أنت أصلاً لا تحترمني فكيف أجلس معك؟!
والواجب عليك أن تعترف بمكانتي، وأنت دائماً يقل أدبك مع العلماء.
والسؤال: ما علاقة هذا الكلام بزكاة الحلي؟!
إن عليك أن تعرض تماماً عن كل كلام آخر إلا عن المسألة التي أمامك.
والمحاورة بالتي هي أحسن : (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل/125.
ومن الأفضل أن تختار لخصمك لقباً أو كنية ولو كان مخالفاً لك فتقول: يا أبا فلان.
وتعطيه من الكلام المبجل المحترم الذي يليق بالناس , فمن احترم الناس احترموه.
فيقول بعض العوام العقلاء في المرادة والمحاورة في الشعر والقصائد:
"خصمك كالقنفذ فإذا أصبحت عند جحره أخرج لك الإبر التي فيه مستعداً للمقاومة،
لكنه إذا نهنهته ودعوته بالحسنى خرج واستقر وتشمس وأحس بالدفء ثم اصطدته , فهذا مثل المحاوَر".
يقول اسحاق نيوتن: "كل فعل له رد فعل يساويه في القوة ويعارضه في الاتجاه".
فلذلك كل إنسان تحاوره ترفع صوتك يرفع صوته، ويوم تحترمه يحترمك، ويوم تكنيه يكنيك.
يقول أحدهم وهو يحاور خصمه:
أكنيه حين أناديه لأكرمه *** ولا ألقبه والسوءة اللقبُ
كذلك أُدبت حتى صار أدبي *** أني وجدت ملاك الشيمة الأدبُ
فبقدر ما تحترم الناس يحترمونك.وقد كان سيد الخلق محمد بن عبد الله -صلى الله عليه - يحترم الناس.
وهو الذي غير التاريخ ، فكان -صلى الله عليه وسلم- يسلم على الأعراب، ويناديهم بكناهم، ويحاورهم بالتي هي أحسن.
----------------------------------------
المصدر : (كتاب أدب الحوار للشيخ عائض القرني)