السلام عليكم
تأملات إيمانية في مشوار الحياة
6- سفينة المجتمع
أحبتي في الله
"مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة ، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها ، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم ، فقالوا : لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً ، ولم نؤذ من فوقنا !! فإنْ تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ، وإنْ أخذوا على أيديهم نجوا ، ونجوا جميعاً"
مشوارنا بإذن الله وبعونه يستمر .... في سفينتا المبحرة
اليوم نتناول الصحبة في ميدان ما ... صحبة العمل أو ميدان الفكر أو ميدان المعرفة
صحبة مشوار ... له ثمرة تقدم أو تؤخر ... تقيم أنت من خلالها وبها ... تقودها وتقودك
نحو ما توجهها إليه .... فتوجهك هي بنتيجتها إلى ماتكون أنت عليه .
-----
مقالتنا اليوم ليست عن صحبة المخاللة والمجاورة والتعارف والحوار والمجالسة.... كلا ...إنها عن صحبة
الملازمة .... إنَّ الأمر ليس سيان .... هنا... أي في موضوعنا هذا .... أنت ستتحمل العاقبة ومن حولك ..تسقط الجدران عليك ...
فتهوي إلى الأرض .... أو تتقدم نحو جادة الصواب وتنجو وتنفع وتنتفع.
لابد من سؤال يُقال في معرض هذه السطور .... هل سقوط الجدران التي ستحطم عظامك ... لسوء اختيارك..... أم لقلة تزودك ...
أم لغلبة الأقوى على منهم دونه ؟؟؟؟؟
عنواننا لتأملاتنا اليوم يحمل الكثير في طياته .... كما أسلفنا في مقال آنف لنا ... لانبغي التفسير
بل نريد الاستزادة من الدروس والعبر .... نعرض الجوهرة لنتعرف على أضوائها وماينتج من ألوان عند سقوط الضياء عليها .
---------
أحبتي في الله
لكل صحبة شروط ومقومات تكون بها ولها ... ترتبط بها وتنضجها ... تبنى سلفا كل النتائج انطلاقا من
تلك الشروط التي بُنيت عليها ..
لايسعني القول غير الآتي :
تُبنى الصحبة على الإتفاق والتفاهم والإحترام وفهم الآخر ... تلك بجُلها نقاط مهمة وأساسية
إنْ قفزت على إحداها .... يكون مبتغاك عندها التفرد والتسيد والسيطرة وتسخير الطرف المقابل
لمنفعتك ...ليعلو شأنك على حسابه هو...
كيف تكون الصحبة من غير تفهم ؟؟؟؟؟
ستدور عندها في دائرة مفرغة .... حوارك عقيم .... لا تسمع إلا صوتك
عندما ينفرد أحد الطرفين بأمر دون صاحبه ... ولهما نفس الحال فيه ... فهو عند ذلك يستغل صحبته للمنفعة ....
عندما تحس بأنك مُتجاهَل من الطرف الآخر وأنَّ كلامك ماهو إلا عبارات فارغة .... لاتكون عندها الصحبة ....
وعندما ..... وعندما ..... فردية قاتلة تمسخ الآخر ليكون كالظل .... يتحرك عندما يتحرك ذلك الجسد
ويتوقف عند توقفه ...... هذه ليست بصحبة بل تكون عندها ... مسخ للعقول وتجاهل للآخر
كيف بنا ونحن من ارتضى الركوب في تلك السفينة ، والترحال سوياً فيها... لتنقلنا مع متاعنا إلى الجانب الآخر فنفوز ببيعنا الذي بايعناه .... أو لنخسر بفساد متاعنا لأننا لم نحفظه من التلف.
إننا ... سوياً قد ركبنا تلك السفينة .... فَلِمَ يجهدْ أحدنا نفسه ليَخرقها ؟؟؟ ... أَيُغرقها لتستقر عند القاع ...
أيدعي العلم والدراية والفهم .... وأنَّ علمه من عند الله ... فيقوم بذلك ... فنسكت عنه ...
إنْ كان ماقيل أعلاه ... "" حتى عند ذلك "" مع تحفظنا عليه في حالنا الذي نستعرضه اليوم
فنحن إنما نعمل بالظاهر لا بالغائب المستور .... هكذا علمنا وتعلمنا من ديننا ... لافردية ولاقرارات آنية
ولا قطعية ... إنَّ الدين كامل بتمام النبوة ... فلا يأتِ (الآن والساعة) ليتمم (من يرى في نفسه مايرى)
ما أتمه الله وبينه نبيه .... فيكون كيف ما يشاء ... ويضع ويرفع ما يريد ... وينتظر منا القبول والاستحسان .... كلا ... نحن لسنا عمياناً فلا نرى و لا صماً فلا نسمع ... ولا بكماً فلا ننطق...
لساننا تعود على كلمات الله وهي سلسة عذبة ... منهجنا ... منهج النبوة السمحة
لاتفرد ولا تسيد ... إتباع بالحسنى .... لست وحدك المتفرد بالمعرفة ... ومنْ دونك سواك ...كلا بل انظر وتعقل ... لنْ نسمح لك بأن تخرق السفينة (سفينتنا جميعاً) وتغرقها ... بادعائك الفهم والعلم ... هنالك منْ أنت دونه
وهنالك منْ هم بمنزلة أنت لنْ تصلَ إليها لجهلك بمنزلتها ... غرورك وفرديتك قد أعمياك ... وجعلاك وحيدا .