-------------------------------------------
أما فن تأليف القلوب فنستمده بسند صحيح من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من ميراثه، من دعوته، نتذاكره ونتعلمه، ونتربى عليه، كما تربى عليه السابقون الأولون من سلفنا رضوان الله تعالى عليهم. وسوف نذكر بعضا من العناصر التي يقوم عليها بناء هذا الفن الجليل.
ذكر الله عز وجل في محكم كتابه أصول هذا الفن، وذكرها رسولنا عليه الصلاة والسلام بكلامه وبعمله وبأخلاقه الشريفة العالية صلى الله عليه وسلم، فقال المولى جلت قدرته: ((وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)).
قال أهل العلم: ثلاث منازل للمبتدئين والمقتصدين والسابقين بالخيرات:
من أسيء إليه فليكظم، وهذه درجة المقصرين من أمثالنا من المسلمين، أن يكظم غيظه، ولا يتشفى لنفسه في المجالس ولا يتعرض للأعراض.
فإن زاد وأحسن ((وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)) يذهب إلى من أساء إليه ويقول له: عفا الله عنك.
فإن زاد وأحسن ((وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) يذهب بهدية أو بزيارة إلى من أساء إليه، ويصافحه ويقبله.
قال أهل السيرة: قام خادم على هارون الرشيد بماء حار يسكب عليه، فسقط الإبريق بالماء الحار على رأس الخليفة أمير المؤمنين.. حاكم الدنيا!! فغضب الخليفة، والتفت إلى الخادم.
فقال الخادم -وكان ذكياً-: والكاظمين الغيظ!
قال الخليفة: كظمت غيظي..
قال: والعافين عن الناس!
قال: عفوت عنك..
قال: والله يحب المحسنين.
قال: اذهب فقد أعتقتك لوجه الله!!
المصدر
موقع شبكة الاسلام
من كتاب (جسور المحبة) للشيخ عائض القرني