Samo
مشرف سابق
في الوقت الذي تلقي فيه الأزمة الاقتصادية بظلالها على قطاع الإعلان، لا يزال الإعلان الرقمي في موقع قوي نسبيا تتيح له مواجهة أعتى رياح هذه العاصفة الاقتصادية، وفي حين ستواصل وسائل الإعلان الرقمية بشكل عام، الاستحواذ على حصة أكبر في السوق، فإن محركات القطاعات الفرعية (إعلانات صفحات نتائج البحث، والإعلانات المبوبة، والإعلانات التصويرية) ستكون مختلفة جداً، فضلا عن أن تحقيق الإيرادات لن يكون بالأمر السهل بالنسبة للشركات الإعلامية التقليدية.
شهد الإعلان عبر الإنترنت إحدى ابرز قصص النجاح والنمو خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هي تداعيات الركود الاقتصادي الذي يلوح في الأفق والانخفاض الكبير في الإنفاق على الدعاية، في قطاع الإعلان الشبكي؟
في الفترة بين عامي 2000 و2002، لحقت بقطاع الإعلان عبر الإنترنت أضرار كبيرة جراء التباطؤ الاقتصادي، حيث انخفضت عائداته بنسبة 16% مقارنة مع 5% لوسائل الإعلان الأخرى، ولكن الحال هذه المرة قد تكون مختلفة لعدة عوامل:
أولا، لم يكن الإعلان عبر الإنترنت مفهوماً بشكل جيد في عام 2000، كما لم يكن يشكل سوى جزء ضئيل من الميزانيات، على اعتباره عاملاً ثانويا، وثانياً، كان سقف توقعات تحقيق أرباح من الإعلان عبر الإنترنت، في السابق، أعلى من إمكانات هذا القطاع، أما اليوم، فهناك عوامل وخصائص أخرى جعلت الأنشطة الشبكية جزءاً أساسيا من خطط واستراتيجيات التسويق، ومنها البنية التحتية المتطورة، وإمكانية القياس، والموثوقية، ناهيك عن التحول الكبير في سلوك المستهلكين، وثالثا، في ظل الأزمات الاقتصادية، يتركز الإنفاق الإعلامي على القيمة والعائدات، وهنا تبرز أهمية الإنترنت كونها توفر بعض الحماية نظرا لشفافيتها وموثوقيتها، وجدواها الاقتصادية.
وفي حين تفيد التوقعات ان عام 2009 لن يشهد نموا بمعدلات الأعوام السابقة، فإنه ليس غريبا القول ان حصة الإعلان الشبكي في السوق ستواصل نموها على حساب أنواع الإعلان الأخرى.
توجهات مختلفة
لعب ظهور الشبكات الاجتماعية ومواقع مشاركة المحتوى، مثل «فيس بوك» (Facebook) و«يوتيوب» (YouTube) و«ماي سبيس» (MySpace) وغيرها، دوراً كبيراً في ازدهار قطاع الإعلان عبر الإنترنت، فقد ساهمت تلك المواقع في زيادة مخزون المحتوى العشوائي غير المصنف، وانقسام السوق بين الإعلان الرئيسي والإعلان الثانوي، وفرضت هذه السوق المتنامية ضغوطا كبيرة على أسعار الإعلان، وخصوصاً الإعلانات الخاصة بالسلع منخفضة التكلفة، وبالاضافة الى ذلك كشفت المحاولات المبكرة للشبكات الاجتماعية من أجل الاستفادة من سلوك مستخدمي الإنترنت، النقاب عن مخاوف تتعلق بالخصوصية وردود فعل المستهلك السلبية تجاه الطابع الرقابي للتقنيات.
وسوف تشهد المرحلة المقبلة تطورات عديدة، حيث من المتوقع أن تكتسب الإنترنت أهمية أكبر كمنصة حيوية لبناء العلامات التجارية، مع ظهور تطبيقات خاصة بذلك، مثل الفيديو الشبكي، والبث التلفزيوني عبر الإنترنت. كما سنشهد توجه المعلنين وشركات شراء المساحات الإعلانية إلى اعتماد نماذج سلوكية أكثر تطوراً، مما سيعزز استخدام التكنولوجيا، وقيمة المحتوى المستهدف. وسيؤدي الإدراك المتزايد لمزايا الربط بين الحملات الترويجية التقليدية والحملات عبر الإنترنت، إلى ظهور فرق عمل متكاملة على طرفي معادلة البيع والشراء، مما يسهل إطلاق حملات ترويجية متعددة المنصات. ولا شك في أن تطبيقات الجيل الثاني من الإنترنت (Web 2,0) ستوفر فرصة فريدة لوسائل الإعلام التقليدية ومشغلي الشبكات ومزودي الخدمات، من أجل تطوير نماذج عمل جديدة.
ويتوقع أن يسعى لاعبون دوليون كبار إلى تقديم خدمات متكاملة إلى المعلنين تشمل، البحث والعرض والتخطيط والنشر، الأمر الذي بدأ سلفاً في تشجيع عمليات الاندماج والاستحواذ والتي تتيح للشركات مثل «مايكروسوفت» و«غوغل»، أن تصبحا عماداً رئيسياً للبيئات الإعلانية المتطورة.
وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية، سوف يتراجع النمو، الأمر الذي سيؤثر على عناصر قطاع الإعلان المتنوعة، بطرق مختلفة. فعلى الرغم من تباطؤ النمو في مجال إعلانات صفحات نتائج البحث، إلا ان هذا القطاع محمي نسبياً بقيمته العالية وقلة مخاطره، ومزاياه التنافسية كأداة استجابة مباشرة. وأما بالنسبة للإعلانات التصويرية فسوف تكون أكثر تضرراً نظراً لتأثر كبار المستخدمين للإنترنت (التمويل، وصناعة السيارات) بالأزمة، وأيضاً احتمال أن يعمد المعلنون إلى خفض نشاطهم الإعلاني، لاسيما تلك الخاصة ببناء العلامة التجارية. ومن المتوقع أن يكون قطاع الإعلان التصويري الرئيسي محمياً أكثر مقارنة بالإعلان الثانوي، على اعتبار ان المعلنين سيركزون على الجودة أكثر. ويرى المراقبون ان الإعلان المبوب قد يتلقى أيضاً ضربة موجعة، وذلك بسبب التراجع في أسواق العقارات والتوظيف. وبكافة الأحوال وبالمقارنة مع وسائل الإعلام الأخرى، فإن الإنترنت ستواصل تفوقها، نظراً لتأثيرها واسع النطاق والقابل للقياس.
فرص نمو لأصحاب الوسائل الإعلامية
ومع تراجع حصة الإعلان التقليدي في السوق، فإنه يجدر بمالكي وسائل الإعلام أن يعيدوا النظر في رؤيتهم وموقفهم من الفضاء الإلكتروني، من خلال ثلاثة عوامل رئيسية: الحجم، ونوعية الجمهور، ومستوى الخدمة. ومن شأن الشركات القادرة على التكيف بالشكل الذي يتيح لها تلبية المتطلبات المتزايدة للمعلنين، أن تخرج من هذه الأزمة أكثر قوة، في الوقت الذي تتيح فيه الأسعار المنخفضة للأصول، فرصاً جذابة للقيام بعمليات استحواذ وبناء الشراكات.
وستكون أمام مشتري المساحات الإعلانية التقليديين فرصة للاستفادة من محركين مهمين للنمو في المرحلة المقبلة، وهما: تزايد مستوى تكاملية الوسائط الإعلامية المتعددة، والأهمية المتنامية لمحتوى الفيديو الاحترافي عبر شبكات الحزمة العريضة.
وعلى كل حال، وحتى بوجود هذا التركيز الضروري على هذه الجوانب، فإنه من شبه المؤكد ان الاقتصاد الإلكتروني سيتطلب أسلوباً يجمع بين مصادر عائدات مختلفة، بدلاً عن الاعتماد على الإعلان فقط.
المصدر
شهد الإعلان عبر الإنترنت إحدى ابرز قصص النجاح والنمو خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما هي تداعيات الركود الاقتصادي الذي يلوح في الأفق والانخفاض الكبير في الإنفاق على الدعاية، في قطاع الإعلان الشبكي؟
في الفترة بين عامي 2000 و2002، لحقت بقطاع الإعلان عبر الإنترنت أضرار كبيرة جراء التباطؤ الاقتصادي، حيث انخفضت عائداته بنسبة 16% مقارنة مع 5% لوسائل الإعلان الأخرى، ولكن الحال هذه المرة قد تكون مختلفة لعدة عوامل:
أولا، لم يكن الإعلان عبر الإنترنت مفهوماً بشكل جيد في عام 2000، كما لم يكن يشكل سوى جزء ضئيل من الميزانيات، على اعتباره عاملاً ثانويا، وثانياً، كان سقف توقعات تحقيق أرباح من الإعلان عبر الإنترنت، في السابق، أعلى من إمكانات هذا القطاع، أما اليوم، فهناك عوامل وخصائص أخرى جعلت الأنشطة الشبكية جزءاً أساسيا من خطط واستراتيجيات التسويق، ومنها البنية التحتية المتطورة، وإمكانية القياس، والموثوقية، ناهيك عن التحول الكبير في سلوك المستهلكين، وثالثا، في ظل الأزمات الاقتصادية، يتركز الإنفاق الإعلامي على القيمة والعائدات، وهنا تبرز أهمية الإنترنت كونها توفر بعض الحماية نظرا لشفافيتها وموثوقيتها، وجدواها الاقتصادية.
وفي حين تفيد التوقعات ان عام 2009 لن يشهد نموا بمعدلات الأعوام السابقة، فإنه ليس غريبا القول ان حصة الإعلان الشبكي في السوق ستواصل نموها على حساب أنواع الإعلان الأخرى.
توجهات مختلفة
لعب ظهور الشبكات الاجتماعية ومواقع مشاركة المحتوى، مثل «فيس بوك» (Facebook) و«يوتيوب» (YouTube) و«ماي سبيس» (MySpace) وغيرها، دوراً كبيراً في ازدهار قطاع الإعلان عبر الإنترنت، فقد ساهمت تلك المواقع في زيادة مخزون المحتوى العشوائي غير المصنف، وانقسام السوق بين الإعلان الرئيسي والإعلان الثانوي، وفرضت هذه السوق المتنامية ضغوطا كبيرة على أسعار الإعلان، وخصوصاً الإعلانات الخاصة بالسلع منخفضة التكلفة، وبالاضافة الى ذلك كشفت المحاولات المبكرة للشبكات الاجتماعية من أجل الاستفادة من سلوك مستخدمي الإنترنت، النقاب عن مخاوف تتعلق بالخصوصية وردود فعل المستهلك السلبية تجاه الطابع الرقابي للتقنيات.
وسوف تشهد المرحلة المقبلة تطورات عديدة، حيث من المتوقع أن تكتسب الإنترنت أهمية أكبر كمنصة حيوية لبناء العلامات التجارية، مع ظهور تطبيقات خاصة بذلك، مثل الفيديو الشبكي، والبث التلفزيوني عبر الإنترنت. كما سنشهد توجه المعلنين وشركات شراء المساحات الإعلانية إلى اعتماد نماذج سلوكية أكثر تطوراً، مما سيعزز استخدام التكنولوجيا، وقيمة المحتوى المستهدف. وسيؤدي الإدراك المتزايد لمزايا الربط بين الحملات الترويجية التقليدية والحملات عبر الإنترنت، إلى ظهور فرق عمل متكاملة على طرفي معادلة البيع والشراء، مما يسهل إطلاق حملات ترويجية متعددة المنصات. ولا شك في أن تطبيقات الجيل الثاني من الإنترنت (Web 2,0) ستوفر فرصة فريدة لوسائل الإعلام التقليدية ومشغلي الشبكات ومزودي الخدمات، من أجل تطوير نماذج عمل جديدة.
ويتوقع أن يسعى لاعبون دوليون كبار إلى تقديم خدمات متكاملة إلى المعلنين تشمل، البحث والعرض والتخطيط والنشر، الأمر الذي بدأ سلفاً في تشجيع عمليات الاندماج والاستحواذ والتي تتيح للشركات مثل «مايكروسوفت» و«غوغل»، أن تصبحا عماداً رئيسياً للبيئات الإعلانية المتطورة.
وفي ظل استمرار الأزمة الاقتصادية، سوف يتراجع النمو، الأمر الذي سيؤثر على عناصر قطاع الإعلان المتنوعة، بطرق مختلفة. فعلى الرغم من تباطؤ النمو في مجال إعلانات صفحات نتائج البحث، إلا ان هذا القطاع محمي نسبياً بقيمته العالية وقلة مخاطره، ومزاياه التنافسية كأداة استجابة مباشرة. وأما بالنسبة للإعلانات التصويرية فسوف تكون أكثر تضرراً نظراً لتأثر كبار المستخدمين للإنترنت (التمويل، وصناعة السيارات) بالأزمة، وأيضاً احتمال أن يعمد المعلنون إلى خفض نشاطهم الإعلاني، لاسيما تلك الخاصة ببناء العلامة التجارية. ومن المتوقع أن يكون قطاع الإعلان التصويري الرئيسي محمياً أكثر مقارنة بالإعلان الثانوي، على اعتبار ان المعلنين سيركزون على الجودة أكثر. ويرى المراقبون ان الإعلان المبوب قد يتلقى أيضاً ضربة موجعة، وذلك بسبب التراجع في أسواق العقارات والتوظيف. وبكافة الأحوال وبالمقارنة مع وسائل الإعلام الأخرى، فإن الإنترنت ستواصل تفوقها، نظراً لتأثيرها واسع النطاق والقابل للقياس.
فرص نمو لأصحاب الوسائل الإعلامية
ومع تراجع حصة الإعلان التقليدي في السوق، فإنه يجدر بمالكي وسائل الإعلام أن يعيدوا النظر في رؤيتهم وموقفهم من الفضاء الإلكتروني، من خلال ثلاثة عوامل رئيسية: الحجم، ونوعية الجمهور، ومستوى الخدمة. ومن شأن الشركات القادرة على التكيف بالشكل الذي يتيح لها تلبية المتطلبات المتزايدة للمعلنين، أن تخرج من هذه الأزمة أكثر قوة، في الوقت الذي تتيح فيه الأسعار المنخفضة للأصول، فرصاً جذابة للقيام بعمليات استحواذ وبناء الشراكات.
وستكون أمام مشتري المساحات الإعلانية التقليديين فرصة للاستفادة من محركين مهمين للنمو في المرحلة المقبلة، وهما: تزايد مستوى تكاملية الوسائط الإعلامية المتعددة، والأهمية المتنامية لمحتوى الفيديو الاحترافي عبر شبكات الحزمة العريضة.
وعلى كل حال، وحتى بوجود هذا التركيز الضروري على هذه الجوانب، فإنه من شبه المؤكد ان الاقتصاد الإلكتروني سيتطلب أسلوباً يجمع بين مصادر عائدات مختلفة، بدلاً عن الاعتماد على الإعلان فقط.
المصدر