محمد العروسي
New Member
أشرق الصبح مورد المحيا ، مخضب الكف والأنامل ، مصفوف الضفيرة ، حين هم أن يغادر فراش سحر الصقيع ، بعد بيات فصلي ، تململ مطقطقا أصابعه ، فركا راحتيه في خفة ونزق الصبايا .
نظر يمنة فيسرة ، الغبراء البيضااء تسربلت بقشيب فساتينها ، وأخمل حللها ؛ زينت جيدها بقلائد من الأقحوان ، و نوار اللوز الناصع البياض ، تأملت وسيم وجهها في مرآة البحيرة الماسية ، همهمت بلحن لم تسمع به الوديان والسهوب منذ أسابيع وأشهر ؛ ثم امتطت فرس الأمير المتيم ، دبيح هذا الوُجد السرمدي ، وانطلقت تُراقص فرسها المسرجة بشقائق النعمان .
تماليت برقصها الفراشات والنحلات سكرانة من خمر هذا الصبا المعطر العليل ؛ لم يغلب أو ينصب عليها اتساع هذا الركح المعشوشب الجادي ؛ من هناك لاح لها قوس قزح ببهاء برنسه ، فتنة طيفة المسرج بألوان الطيف ، فأسرعت تهمز الفرس كي تسرع الخبب في نغمات سمفونية , فجمحتْ هذه جموح الريح غير العاصف ، تستبق انغلاق البوابة المللونة ، فإذا بها وقبل أن يرتد طرفها تجد نفسها قد دلفت واجتازتْ بوابة القوس ، وإذا بنونات النسوة تزغردن زغرودات الشرنقات حين يشققن أحجبة بيضهن .