لما مات بعض الخلفاء اختلفت الروم واجتمعت ملوكها.
فقال: الآن يشتغل المسلمون بعضهم ببعض، فتمكننا الغرة منهم والوثبة عليهم، وعقدوا لذلك المشوراث، وتراجعوا فيه بالمناظرات، وأجمعوا على أنه فرصة الدهر. وكان رجل منهم من ذوي العقل والمعرفة والرأي غائباً عنهم،
فقالوا: من الحزم عرض الرأي عليه. فلما أخبروه بما أجمعوا عليه قال: لا أرى ذلك صواباً. فسألوه عن علة ذلك فقال: في غد أخبركم إن شاء الله تعالى. فلما أصبحوا أتوا إليه وقالوا: قد وعدتنا أن تخبرنا في هذا اليوم بما عولنا عليه، فقال: سمعاً وطاعة. وأمر بإحضار كلبين عظيمين كان قد أعدهما، ثم حرض بينهما وحرض كل واحد منهما على الآخر، فتواثبا وتهارشا حتى سالت دماؤهما، فلما بلغا الغاية فتح باب بيت عنده وأرسل على الكلبين ذئباً كان قد أعده لذلك، فلما أبصراه تركا ما كانا عليه وتألفت قلوبهما ووثبا جميعاً على الذئب فقتلاه. فأقبل الرجل على أهل الجمع فقال: مثلكم مع المسلمين مثل هذا الذئب مع الكلاب، لا يزال الهرج بين المسلمين ما لم يظهر لهم عدو من غيرهم، فإذا ظهر تركوا العداوة بينهم وتألفوا على العدو .
فاستحسنوا قوله واستصوبوا رأيه .
وقد رأينا هذا واضحا في الماضي وفي زمننا فكم من عدواة أطاحت بدول كان لها السبق في العلوم والقوة فلما اختلفوا تكالبت عليهم الأعداء من كل حدب وصوب كما حصل بالأندلس وكما حصل ويحصل في زماننا من توغل العدواة في القلوب حتى صارت الكلمة الرائجة بين الجميع: اتفق العرب على ألا يتفقوا
فقال: الآن يشتغل المسلمون بعضهم ببعض، فتمكننا الغرة منهم والوثبة عليهم، وعقدوا لذلك المشوراث، وتراجعوا فيه بالمناظرات، وأجمعوا على أنه فرصة الدهر. وكان رجل منهم من ذوي العقل والمعرفة والرأي غائباً عنهم،
فقالوا: من الحزم عرض الرأي عليه. فلما أخبروه بما أجمعوا عليه قال: لا أرى ذلك صواباً. فسألوه عن علة ذلك فقال: في غد أخبركم إن شاء الله تعالى. فلما أصبحوا أتوا إليه وقالوا: قد وعدتنا أن تخبرنا في هذا اليوم بما عولنا عليه، فقال: سمعاً وطاعة. وأمر بإحضار كلبين عظيمين كان قد أعدهما، ثم حرض بينهما وحرض كل واحد منهما على الآخر، فتواثبا وتهارشا حتى سالت دماؤهما، فلما بلغا الغاية فتح باب بيت عنده وأرسل على الكلبين ذئباً كان قد أعده لذلك، فلما أبصراه تركا ما كانا عليه وتألفت قلوبهما ووثبا جميعاً على الذئب فقتلاه. فأقبل الرجل على أهل الجمع فقال: مثلكم مع المسلمين مثل هذا الذئب مع الكلاب، لا يزال الهرج بين المسلمين ما لم يظهر لهم عدو من غيرهم، فإذا ظهر تركوا العداوة بينهم وتألفوا على العدو .
فاستحسنوا قوله واستصوبوا رأيه .
==================
المستطرف في كل فن مستظرف
شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي
==================
المستطرف في كل فن مستظرف
شهاب الدين محمد بن أحمد الأبشيهي
==================
وقد رأينا هذا واضحا في الماضي وفي زمننا فكم من عدواة أطاحت بدول كان لها السبق في العلوم والقوة فلما اختلفوا تكالبت عليهم الأعداء من كل حدب وصوب كما حصل بالأندلس وكما حصل ويحصل في زماننا من توغل العدواة في القلوب حتى صارت الكلمة الرائجة بين الجميع: اتفق العرب على ألا يتفقوا