العيب ليس في النحو لكنه فينا

محمد شتيوى

مستشار سابق
العيب ليس في النحو لكنه فينا
أ. د / عبده الراجحى

بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين , وبعد ,
فالذي لا شك فيه أن كثرة كثيرة من الناس تشكو من درس النحو العربي , ومما تعانيه من الكد في سبيل إتقانه وإقامة ألسنتها وأقلامها عليه .
وعجيب أمر هذه اللغة المفترى عليها , وعجيب أمر نحوها , فمنذ فجر الحضارة العربية نهض أصحاب هذه اللغة يدرسونها ويضعون القوانين التي تحكمها حتى إننا لا نعرف لغة اهتم بها أصحابها قدر ما لقيت العربية من اهتمام , ومنذ عصر الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم والعلماء يتتابعون واحداً في إثر واحد ومدرسة بعد مدرسة , في إنشاء النحو العربي وتطويره وتأصيله , حتى بلغ مرحلة من النضج العلمي والوضوح المنهجي لم يبلغها علم آخر .
يقول المستشرق الألماني يوهان فك " ولقد تكفلت القواعد التي وضعها النحاة العرب في جهد لا يعرف الكلل , وتضحية جديرة بالإعجاب بعرض اللغة الفصحى وتصويرها في جميع مظاهرها , من ناحية الأصوات , والصيغ , وتركيب الجمل , ومعاني المفردات علي صورة شاملة , حتى بلغت كتب القواعد الأساسية عندهم مستوي من الكمال لا يسمح بزيادة لمستزيد (1) "
وتلك حقيقة لا نستشهد بكلام مستشرق على صوابها ولكنا نشير فحسب إلي هذا النحو وقدرته على حفظ العربية طوال هذه القرون , وصيانتها من التحلل والفساد , وذلك وحده كافٍ أن نطرح من فكرنا تشكيك الناس في النحو العربي , وعلينا أن نبحث عن الداء في موطن آخر .

والمتتبعون لتاريخ العربية في العصر الحديث يعلمون أنها تعرضت لخطة مدروسة تستهدف القضاء عليها من خلال القضاء عليها من خلال القضاء على نحوها , وظلت هذه الخطة تعمل عملها حتى وقر في أذهان الناس أن النحو العربي صار جامداً لا يساير العصر , وأن علينا أن نبحث عن نحو جديد , وظهرت إلى الوجود تجارب من هنا ومن هناك ماتت الواحدة منها بعد الأخرى وظل النحو العربي هو هو دون أن يصل المخططون إلي ما يبغون من القضاء عليه .
على أننا لا ينبغي أن ننكر أن طريقة تدريس النحو في مدارسنا وفي جامعتنا غير صالحة في نقل ما وضعه النحاة إلي الناشئة والدارسين , ولعل ضعف مُدرِّس العربية ثمرة من ثمرات التخطيط الذي اشرنا إليه منذ قليل .

فالعيب في الحق ليس في النحو العربي ولكنه يكمن فينا نحن لا جدال , ولقد رأينا شباباً من الأوروبيين يتكلمون النحو العربي ويتقنونه ويرجعون فيه إلي مصادره الأولي , كما نري كل يوم أعداداً لا حصر لها ممن يمارس اللغة فيتقنها كتابةً وضبطاً وأداءً .
والنحو أساس ضروري لكل دراسة للحياة العربية , في الفقه والتفسير والأدب والتاريخ وغيرها من العلوم , لأنك لا تستطيع أن تدرك المقصود من نص لغوي دون معرفة بالنظام الذي تسير عليه هذه اللغة .
يقول عبد القاهر " إن الألفاظ مغلقة على معانيها حتى يكون الإعراب هو الذي يفتحها , وأن الأغراض كامنة فيها حتى يكون هو المستخرج لها , وأنه المعيار الذي لا يُتبين نقصان كلام ورجحانه حتى يُعرض عليه , ولا ينكر ذلك إلا من ينكر حسه , وإلا من غالط فى الحقائق نفسه " (2)

ونحن نؤمن بضرورة تدريس النحو في جامعتنا في مظانه القديمة إلي جانب الدرس التطبيقي , ولقد كان ذلك نهج القدماء , قدموا لنا كتباً تضم أبواب النحو , وتوفِّر عدد منهم علي معالجة النصوص معالجة نحوية تطبيقية فكثير من كتب التفسير يهتم بالقضايا النحوية في النص , كما أفرد غير واحد كتباً خاصة في تحليل القراءات القرآنية تحليلاً نحوياً كما نعرف عن أبي الفارسي في كتابه ( الحجة في القراءات السبع ) وعن تلميذه ابن جني في كتابه ( المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها )
وكتب آخرون كتباً في إعراب القرآن مثل ( إعراب القرآن لابن خالويه ) و ( إملاء ما من به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن لأبى البقاء العكبري ) , كما كتب ابن جني شرحاً نحوياً لديوان المتنبي .

_________________
(1) يوهان فك : العربية , دراسة في اللغة واللهجات والأساليب . ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار – مطبعة الخانجى – القاهرة 1951 ص 2.
(2) عبد القاهر الجرجاني , دلائل الإعجاز – مطبعة المنار 1331 هـ . ص 23 .

المصدر : كتاب ( التطبيق النَّحْويّ ) للأستاذ الدكتور / عبده الراجحي أستاذ العلوم اللغوية بجامعة الإسكندرية – مصر
المقدمة ص 7- 9
 


بل و أكثر فابتعادنا عن النحو هو ابتعاد عن ديننا فاللغة العربية ترسخ فهم مكامين الدين الإسلامي

ولكن الكاتب كما أرى يؤمن بضرورة تدريس النحو بجامعاتنا

لكن يا تُرى هل سيحدث هذا في جامعاتنا

فسترى هذا يقول لك بأن تخصصه فيزياء والآخر بطيخ أما ذاك فهو محترقٌ مع السمسم

ولكن لو قلت لهم بجامعة هارفرد من يدرس الطب يضيفون له ملحقاً بعلم النفس

و من يدرس الهندسة يلحق بالعلوم الفلسفية

لكانت فكرةً مُستحبة عند شبابنا

القصة ليست بالنحو بل بالغزو الفكري ولقد أُستبحنا منذ زمن

بارك الله بك على هذا الموضوع القيم

 


الأستاذ الفاضل / ابن العيادى
مرحبا بك وبتعليقك الطيب
لو لاحظت كلام الكاتب :
ونحن نؤمن بضرورة تدريس النحو في جامعتنا في مظانه القديمة إلي جانب الدرس التطبيقي , ولقد كان ذلك نهج القدماء ,

إنه يدعو إلى دراسة النحو من مصادره القديمة وليس من كتب المعاصرين , لأن الأسلوب القديم أسلوب الشواهد والتفصيل أثبت النجاح فى جعل الطلاب يتقنون النحو .. وذلك بالإضافة لتطبيق هذه القواعد مما يساعد على تثبيت الفهم

ولا يدعو الكاتب إلى مجرد دراسة النحو فى الجامعات , وإلا فإن للغة العربية كلياتها المتخصصة
ومن جانب آخر فمن المفترض على أى رجل علم فى أى تخصص أن يتقن اللغة العربية على اعتبار أنها - من المفترض - أن تكون لغة العلم علاوة على أنها لغة التخاطب والتواصل بين أفراد المجتمع

أشكرك جزيلاً على المرور الطيب
 


شكرا لك اخي محمد على الموضوع الهادف
على أننا لا ينبغي أن ننكر أن طريقة تدريس النحو في مدارسنا وفي جامعتنا غير صالحة في نقل ما وضعه النحاة إلي الناشئة والدارسين , ولعل ضعف مُدرِّس العربية ثمرة من ثمرات التخطيط الذي اشرنا إليه منذ قليل .
هناك اسباب كثيرة ادت الى تراجع اللغة العربية لكن في نظري ان اكبر و اهم سبب هو هذا الذي ذكره الكاتب نعم هو ضعف مدرس اللغة العربية (طبعا ليس كلهم) فانا شخصيا التقيت بعض الدارسين للغة العربية مشكلتهم الكبيرة في النحو و الاعراب و حاولت ان اعرف السبب فمنهم من قال لي انه يكرهه و منهم من قال انه لا يفهمه فالنحو هو اساس اللغة العربية ففي نظري من لا يعرف الموضع الاعرابي للكلمات لا يعرف كتابة جملة صحيحة ....
صراحة الموضوع مفيد و يستحق المناقشة...
 


ابتعادنا عن كتب المتقدمين وحل عباراتهم والإنكباب على كتب المعاصرين هو السبب الرئيسى فى ضعف المحاة المعاصريين وليس النحاة
 


شكرا لك اخي محمد على الموضوع الهادف
على أننا لا ينبغي أن ننكر أن طريقة تدريس النحو في مدارسنا وفي جامعتنا غير صالحة في نقل ما وضعه النحاة إلي الناشئة والدارسين , ولعل ضعف مُدرِّس العربية ثمرة من ثمرات التخطيط الذي اشرنا إليه منذ قليل .
هناك اسباب كثيرة ادت الى تراجع اللغة العربية لكن في نظري ان اكبر و اهم سبب هو هذا الذي ذكره الكاتب نعم هو ضعف مدرس اللغة العربية (طبعا ليس كلهم) فانا شخصيا التقيت بعض الدارسين للغة العربية مشكلتهم الكبيرة في النحو و الاعراب و حاولت ان اعرف السبب فمنهم من قال لي انه يكرهه و منهم من قال انه لا يفهمه فالنحو هو اساس اللغة العربية ففي نظري من لا يعرف الموضع الاعرابي للكلمات لا يعرف كتابة جملة صحيحة ....
صراحة الموضوع مفيد و يستحق المناقشة...

أخى الفاضل / عبد النور
إن كلامك لصواب .. فى حياتى لم أقابل مدرس لغة عربية مقنع أذكره حتى الآن و ومع ذلك تخصصت فى اللغة العربية !
وقد اثر هذا فينا تاثيراً سيئاً فكرهنا النحو وأبغضنا الإعراب مع أنه لذيذ وممتع على وجه الحقيقة
وأتفق معك - ويتفق كل ذى لب - أن النحو هو أساس العربية كما قال الراجز :
لا يكمل الأديب فى آدابه ... حتى يكون النحو فى جلبابه
وينطق اللفظ ولا يعيا به ... فذلك الفاضل فى خطابه


نسأل الله أن يقيض لنا ثلة من المخلصين الذين يعملون على تعليم الناس حب اللغة العربية لا بغضها
تحية طيبة

ابتعادنا عن كتب المتقدمين وحل عباراتهم والإنكباب على كتب المعاصرين هو السبب الرئيسى فى ضعف النحاة المعاصريين وليس النحاة
الأخ الكريم / ممدوح الجيار
أحسنت .. أنت لخصت المقالة كلها فى هذا السطر الرائع
بارك الله فيك
 
الرأي المتواضع جداً :
التعليم منذ الصغر لم يأخذ منحى الجدية في بلادنا العربية
لاتوجد بذرة غرست
فكيف تطالبون الآن بالثمر!
أنا أريد أن أقتلع كل الأشواك التي أصبت بها من جراء التعليم الفاشل في الصغر
المدرس يتبع أسلوب الترهيب !
وهو لا يعلم شيئاً
والآن العلم أصبح بالأنجليزية !
أي لا مجال للعربية بالأسس القويمة .
أنا أعود الآن لأتعلم بشكل أوضح مما كنت أتعلم بشكل غريب
ولم أدرك ذلك الا بعد مرحلة فوات الأدراك !
خلاصة القول : لنبدأ مع صغارنا بالعربية الآن و لنترك أخطاءنا التي حدثت بالسابق
ولنريهم بأن لهم أم جميلة مهما شوهها الكثيرون .





 
مرحبا بك أخى / نريد جواباً
وأنا أتفق معك فيما ذهبت إليه من فساد فى الأصل استتبع فساداً فى الفرع والثمر
والمعلم الجاهل هو الذى يستخدم أسلوب الترهيب والقمع ليوارى جهله أما المعلم العالم فهو متواضع سمح يسمح بالمناقشة والسؤال بل والجدال
وللأسف أن العلم صار بالإنجليزية وواجبنا أن نعيد إحياء اللغة العربية فى تعاملاتنا وحواراتنا لتعود لغة للعلم كما كانت من قبل
والبدء مع الصغار هو الطريقة المثلى , ولكن الكبار عليهم تعليم أنفسهم وهى مهمة ليست بالسهلة ولا البسيطة

مرحبا بك
 
عودة
أعلى