محمد شتيوى
مستشار سابق
قصة من ليبيا
1311هـ / 1894 م
في عام 1311هـ / 1894 م تقرر سفر " عمر المختار " علي رأس وفد إلي السودان يضم كلاً من السيد خالد بن موسي , والسيد محمد المسالوسى , وقرجيلة المجبرى , وخليفة الدبار الزوى أحد أعضاء زاوية ( واو ) بفزَّان ( وهو الذي روى القصة ) .
وفي (الكُفرة) وجد الوفد قافلة من التجار من قبيلتي الزاوية والمجابرة , وتجار آخرين من طرابلس وبنغازي تتأهب للسفر إلى السودان , فانضم الوفد إلي هؤلاء التجار الذين تعودوا السير في الطرق الصحراوية , ولهم خبرة جيدة بدروبها .
وعندما وصل المسافرون إلي قلب الصحراء بالقرب من السودان قال بعض التجار الذين تعودوا المرور من هذا الطريق : " إننا سنمر بعد وقت قصير بطريق وعر لا مسلك لنا غيره ومن العادة – إلا في القليل النادر – يوجد أسد ينتظر فريسته من القوافل التي تمر من هناك , وتعودت القوافل أن تترك له بعيراً كما يترك الإنسان قطعة اللحم للكلاب أو القطط , وتمر القوافل بسلام "
واقترح المتحدث أن يشترك الجميع في ثمن بعير هزيل ويتركونه للأسد عند خروجه , فرفض " عمر المختار " بشدة قائلاً :
- " إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف بدون حق أُبطلت , فكيف يصح لنا أن نعيد إعطاءها للحيوان ؟! , إنها علامة الهوان والمذلة .. إننا سندفع الأسد بسلاحنا إذا ما اعترض طريقنا "
وقد حاول بعض المسافرون أن يثنيه عن عزمه , فرد عليهم قائلاً :
- " إنني أخجل عندما أعود وأقول : إنني تركت بعيراً لحيوان اعترض طريقي , وأنا علي استعداد لحماية ما معي وكلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته , إنها عادة سيئة يجب أن نبطلها "
وما كادت القافلة تدنو من الممر الضيق حتى خرج الأسد من مكانه الذي اتخذه علي إحدى شرفات الممرر , فقال أحد التجار وقد خاف من هو المنظر وارتعدت فرائصه من ذلك " أنا مستعد أن أتنازل عن بعير من أبعاري ولا تحاولوا مشاكسة الأسد "
فانبري " عمر المختار " ببندقيته - وكانت من النوع اليوناني - ورمي الأسد بالرصاصة الأولى فأصابته ولكن في غير مقتل , واندفع الأسد يتهادي نحو القافلة فرماه بأخرى فصرعته , وأصرَّ " عمر المختار " علي أن يسلخ جلده ليراه أصحاب القوافل فكان له ما أراد .
وقد سأل " الأستاذ محمد الطيب الأشهب " عمر المختار نفسه - في معسكر المغاربة بخيمة السيد محمد الفائدى - عن هذه الواقعة , فأجاب بقوله :
- " تريدني يا ولدى أن أفتخر بقتل صيد ؟! "
قال لي ما قاله قديماً أحد الأعراب لمنافسه وقد قتل أسداً ( أتفخر عليَّ بأن قتلتَ حشرة ؟! )
وامتنع " عمر المختار " بقول الله تعالي ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى ) [الأنفال : 17]
___________________
المصدر : كتاب ( عمر المختار ) لدكتور على محمد الصلابي – ص 10 -11 – بتصرف .
1311هـ / 1894 م
في عام 1311هـ / 1894 م تقرر سفر " عمر المختار " علي رأس وفد إلي السودان يضم كلاً من السيد خالد بن موسي , والسيد محمد المسالوسى , وقرجيلة المجبرى , وخليفة الدبار الزوى أحد أعضاء زاوية ( واو ) بفزَّان ( وهو الذي روى القصة ) .
وفي (الكُفرة) وجد الوفد قافلة من التجار من قبيلتي الزاوية والمجابرة , وتجار آخرين من طرابلس وبنغازي تتأهب للسفر إلى السودان , فانضم الوفد إلي هؤلاء التجار الذين تعودوا السير في الطرق الصحراوية , ولهم خبرة جيدة بدروبها .
وعندما وصل المسافرون إلي قلب الصحراء بالقرب من السودان قال بعض التجار الذين تعودوا المرور من هذا الطريق : " إننا سنمر بعد وقت قصير بطريق وعر لا مسلك لنا غيره ومن العادة – إلا في القليل النادر – يوجد أسد ينتظر فريسته من القوافل التي تمر من هناك , وتعودت القوافل أن تترك له بعيراً كما يترك الإنسان قطعة اللحم للكلاب أو القطط , وتمر القوافل بسلام "
واقترح المتحدث أن يشترك الجميع في ثمن بعير هزيل ويتركونه للأسد عند خروجه , فرفض " عمر المختار " بشدة قائلاً :
- " إن الإتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف بدون حق أُبطلت , فكيف يصح لنا أن نعيد إعطاءها للحيوان ؟! , إنها علامة الهوان والمذلة .. إننا سندفع الأسد بسلاحنا إذا ما اعترض طريقنا "
وقد حاول بعض المسافرون أن يثنيه عن عزمه , فرد عليهم قائلاً :
- " إنني أخجل عندما أعود وأقول : إنني تركت بعيراً لحيوان اعترض طريقي , وأنا علي استعداد لحماية ما معي وكلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته , إنها عادة سيئة يجب أن نبطلها "
وما كادت القافلة تدنو من الممر الضيق حتى خرج الأسد من مكانه الذي اتخذه علي إحدى شرفات الممرر , فقال أحد التجار وقد خاف من هو المنظر وارتعدت فرائصه من ذلك " أنا مستعد أن أتنازل عن بعير من أبعاري ولا تحاولوا مشاكسة الأسد "
فانبري " عمر المختار " ببندقيته - وكانت من النوع اليوناني - ورمي الأسد بالرصاصة الأولى فأصابته ولكن في غير مقتل , واندفع الأسد يتهادي نحو القافلة فرماه بأخرى فصرعته , وأصرَّ " عمر المختار " علي أن يسلخ جلده ليراه أصحاب القوافل فكان له ما أراد .
وقد سأل " الأستاذ محمد الطيب الأشهب " عمر المختار نفسه - في معسكر المغاربة بخيمة السيد محمد الفائدى - عن هذه الواقعة , فأجاب بقوله :
- " تريدني يا ولدى أن أفتخر بقتل صيد ؟! "
قال لي ما قاله قديماً أحد الأعراب لمنافسه وقد قتل أسداً ( أتفخر عليَّ بأن قتلتَ حشرة ؟! )
وامتنع " عمر المختار " بقول الله تعالي ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى ) [الأنفال : 17]
___________________
المصدر : كتاب ( عمر المختار ) لدكتور على محمد الصلابي – ص 10 -11 – بتصرف .