بحثت عنها فى برنامج الموسوعة الشعرية الإماراتى .. فما وجدت سوى تجمة ابن الدريهم نفسه
فى كتاب ( أعيان العصر وأعوان النصر ) لصلاح الدين الصفدى .. جاء التالى :
علي بن محمد بن عبد العزيز بن فتوح
ابن إبراهيم بن أبي بكر بن القاسم بن سعيد بن محمد بن هشام بن عمرو. الصدر الرئيس الفاضل العالم النحرير المدقق المفنن الفريد الخواجة تاج الدين أبو الحسن بن الصاحب موفق الدين بن عز الدين بن موفق الدين أبي الفتح الثعلبي الشافعي المعروف بابن الدريهم الموصلي، مصغر درهم، والدريهم لقب لسعيد أخي محمد بن هشام، قال في وقت: دريهماً، فلزمه ذلك، وهو ابن أخت الشيخ بهاء الدين الحسين الموصلي المعروف بابن أبي الخير المقدم ذكره في حرف الخاء.
كان أعجوبة من أعاجيب الزمان في ذكائه، وغريبة من غرائب الدهر تشرق سماء الفضل بذكائه، دقيق الغوص على المعاني شديد التنقيب على ما يتصف به من العلوم ويعاني، خاض بحار المنقول، وقطع مفاوز المعقول، خصوصاً فن الرياضي وما يتشعب فيه، والكلام على أسرار الحروف وما يلائم طبعه أو ينافيه. له قدرة على تأليف المناسبات واستحضار الأشباه والنظائر في المطارحات والمقايسات، تام الشاكلة، وافر الجلالة:
أدب لم تصبه ظلمة جهل وهو كالشمس عند وقت الطلوع
ويد لا يزال يصرعها الجو د ورأي في الخطب غير صريع
وله تصانيف كثيرة في غر ما فن، وتواليف قنصت ما شرد فيه وما عن، وكانت له نعمة طائلة فذهبت، وسعادة خدمته أياماً، فانجلت وما أنجبت، وسعى فأخفق، ولم بارق حده وما حقق.
وتوجه إلى مصر غير مرة فما أجدى، وكد حظه فأعطى قليلاً وأكدى، واستشار حتفه
بسعيه الذي نبشه.
وآخر ما أولاه أن توجه رسولاً إلى الحبشة، فقطع الحين عليه الطريق قبل وصوله، ولم يقبض ابن الدريهم فيه فلساً من وصوله.
وجاء الخبر بوفاته رحمه الله تعالى في صفر سنة اثنتين وستين وسبع مئة. ومولده ليلة الخميس منتصف شعبان سنة اثنتي عشرة وسبع مئة بالموصل.
سألته عن مولده فأخبرني بما أثبته، وقال لي:
قرأت القرآن بالروايات على الشمس أبي بكر بن العلم سنجر الموصلي، وتفقهت على الشيخ زين الدين ابن شيخ العوينة الشافعي.
وحفظت الهادي وبحثت الحاوي الصغير على الأشياخ، منهم القاضي شرف الدين عبد الله بن يونس من شرح والده كمال الدين الصغير.
وحفظت في العربية الملحة وألفية ابن معط وألفية ابن مالك، وبحثت في التسهيل.
وقرأت شيئاً كثيراً من الرياضي على الشيخ زين الدين ابن الشيخ العوينة.
وسمع بالديار المصرية على الشيخ علاء الدين بن التركماني، وشمس الدين بن الأصفهاني، ونور الدين الهمذاني صحيح البخاري، وسمعت بها صحيح مسلم وسنن أبي داود وبعض الترمذي.
وأجازني الشيخ أثير الدين أبو حيان، وقرأت عليه بعض تصانيفه، وأجازني جماعة أشياخ انتهى.
وتوفي والده وهو صغير، خلف نعمة طائلة، فاستولى عليها بيت شيخ البلد بالموصل كمال الدين، ومعين الدين بن الريحاني ولم يطلعوه منها إلا على القليل، وانتشأ يتيماً وهو بنفسه وهمته يجتهد ويشتغل في العلم، ولم يكن له من يحرضه على ذلك، ثم إنه لما اشتد تسلم مقداراً يسراً من ماله من بيت شيخ البلد، وسافر به إلى الشام ومصر، وحصل من ذلك ثروة عظيمة، ثم ذهبت.
قلت: أول قدومه إلى مصر في متجر في زي الخواجية سنة اثنتي أو ثلاث وثلاثين وسبع
مئة، ثم إنه عاد إلى البلاد، وتردد بعد ذلك إلى الشام ومصر غير مرة، ولم أر أحداً أحد
ذهناً منه في الكلام على الحروف وخواصها، وما يتعلق بالأوفاق، وأوضعها. ورأيت منه
عجباً، وهو أنه يقال له ضمير عن شيء يكتبه السائل بخطه، فيكتبه هو حروفاً مقطعة، ثم
يكسر تلك الحروف على الطريقة المعروفة عندهم، فيخرج الجواب عن ذلك الضمير شعراً
ليس فيه حرف واحد خارجاً عن حروف المضير، وكونه يخرج ذلك نظماً قدرة على
تأليف الكلام، وله مشاركة في غير ما علم من فقه وحديث وأصول دين وأصول فقه
وقراءات ومقالات ومعرفة فروع من غير مذهب وتفسير، وغير ذلك، يتكلم فيه جداً كلام
من ذهنه حاد وقاد، وأما الحساب والأوفاق وخواص الحروف وحل المترجم والألغاز
والأحاجي فأمر بارع، وكذلك النجوم وحل التقويم.
اجتمعت به غير مرة، وكتبت إليه:
نصحتك عن علم فكن لي مسلماً ... إذا كنت مشغوفاً بحل المترجم
تتلمذ لتاج الدين تظفر بكل ما ... أردت ورد بحر الفضائل واغنم
فلابن دنينير تصانيف ما لها ... نظير ولكن فاقها ابن الدريهم
وكانت له خصوصية بالملك الكامل شعبان وبغيره من أمراء الدولة الخاصكية وغيرهم من
المتعممين أرباب الدولة، إلى أن أغري به الملك المظفر حاجي فأخرجه إلى الشام قبل قتله
بقليل، فوصل إلى دمشق بعد شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبع مئة.
وذكر لي أن له في ديوان الخاص أثمان مبيعات وغيره ما يزيد على المئتي ألف درهم، وتوجه
مرات إلى مصر لخلص له في ذلك شيء، فتعذر عليه الحال، ولما وصل إلى دمشق سنة ثمان
وأربعين وسبع مئة أقام بها قليلاً، فورد كتاب الأمير سيف الدين قرابغا دوادار الأمير سيف
الدين أرغون شاه نائب الشام بإخراجه من دمشق، فكبس بيته، وأخذت كتبه، وأخرج من
دمشق في إحدى الجماديين سنة تسع وأربعين وسبع مئة.
فتوجه إلى حلب. وتوفي بعده دوادار بيبغاروس، فعاد إلى دمشق في سنة خمسين عازماً
على الحج، فلم يقدر له، ثم عاد إلى حلب.
ثم إنه حضر إلى دمشق، وأقام بها قليلاً، ثم توجه إلى مصر بطلب من هناك، ثم عاد إلى
دمشق، ثم إنه رتب مصدراً بالجامع الأموي، ثم بعد قليل رتب في صحابة ديوان الجامع
الأموي، فباشره وعرفه جيداً، فانحصر المباشرون منه، وناكدوه، فبطل المباشرة، ورتب في
استيفاء ديوان الأسرى، ثم إنه توجه في أواخر سنة تسع وخمسين وسبع مئة أو أوائل سنة
ستين إلى الديار المصرية. فأقام هناك سنتين أو أكثر، ثم إن السلطان الملك الناصر بعثه
رسولاً إلى ملك الحبشة، فتوجه غير منشرح، وجاء الخبر إلى الشام بوفاته رحمه الله تعالى
في قوص ذاهباً.
ونظمه فيه تكلف وتعسف. وكتب إلي بعدة أحاج، وأجبته عنها، وكتبت أنا إليه بمثل
ذلك، وأجابني عنها. وقد أودعت ذلك في كتابي المسمى نجم الدياجي في نظم الأحاجي.
وكان ابن الدريهم ديناره في العلم كامل، وغمام فضائله في فضاء الطروس هام هامل، فلو
عاصره البوني لقال: هذا الذي يبرني ويحبوني، أو ابن الدنينير لقال: ما أنا كابن الدريهم عند
لمح الطرف، وهو في عمله يفوق ويفوت وإن تفاوت فيما بيننا الصرف.
وعلى الجملة فكان في هذه العلوم آية وقدره قد تجاوز فيها كل حد، وانتهى إلى كل غاية،
وعاكسته في مراده الأقدار، ولم يرفع له في المناصب مقدار، خلة ألفها الأفاضل من الدهر،
وطريقة عوملوا بها في السر والجهر.
ومن تصانيفه ما نقلته من خطه: النسمات الفاتحة في آيات الفاتحة، وإشراق النفس في
الحمدلات الخمس، الدراية في "ما ننسخ من آية"، السبيل الأوطا في الصلاة الوسطى، لطائف
الأحكام على "هو الذي يصوركم في الأرحام" مدة البحور على "إن عدة الشهور"، إضاءة
يوح على "ويسألونك عن الروح"، مثاني الكتاب المبين على أن قلب القرآن "يس"، الآثار
الرائعة في أسرار الواقعة، منام النصوح في الكلام على سورة نوح، أسرار البدر في ليلة القدر،
الافتحاص على سورة الإخلاص، العبارات في اختيار القراءات، مناسبة الحساب في أسماء
الأنبياء المذكورين في الكتاب، نظائر الآيات والكلمات المكررات، النخب في التصاديق
والخطب، كنز الدرر في حروف أوائل السور، سبر الصرف في سر الحرف، الزين في معاني
العين، المناسبات العددية في الأسماء المحمدية، غاية المغنم في الاسم الأعظم، البرهان على
عدم النسخ للملتين من القرآن، مداحض الإكراه في تناقض التوراة، تعريف التبديل في تحريف
الإنجيل، نظم نفائس عقود الدرر الزاهرة في هدم كنائس اليهود بمصر والقاهرة، الإنصاف
بالدليل في أوصاف ماء النيل، مكافأة الأقدار للأخيار والأشرار، بوادر الحلوم في نوادر
العلوم، اليقين لمن به ندين في الدليل على خلافة الخلفاء الراشدين، زجر السفهاء بآداب
الفقهاء، اختيار الراغب في اختيار المذاهب، أسرار العبادات بتفصيل الإعادات، شرح
نظم الحاوي ولم يكمل، فائدة الأبحاث بأحوال الوالدة في الميراث، منسك الحج، الرد على تقي
الدين الإخنائي المالكي في مسائل متفرقة، المعلم بمعاضدات مسلم، الخيرة في حسن مسائل
الفال وكراهية الطيرة، نفع الجدوى في الجمع بين أحاديث العدوى، وشائع النوار في شرح
لوامع الأنوار، ولم يكمل، تعريف الإفراد للمقتدي لتتمة الذهبي والصفدي، خلاصة الخلاصة،
نحو خمس مئة بيت، تسهيل التسهيل، العروض المجملة من المسموعة والمهملة، الزناد القادح
في اختيار الصادح، ذات القوافي، القصيدة الألفية، المبهم في حل المترجم، مختصر المبهم في
حل المترجم، مفتاح النوز في حل الرموز، غاية الإعجاز في الأحاجي والألغاز، مشاجرة من
انتصر في المفاخرة بين السمع والبصر، رسالة التراضي بين الأمين والقاضي، سيادة الخيم،
والبصارة في أدب الأكل والزيارة، نظم السلوك في آداب الملوك، إيقاظ المصيب في الشطرنج
والمناصيب، تنويل الراثي في تأويل المراثي، تنآئي المناظر في المنائي والمناظر، سلم الحراسة
في علم الفراسة، الإنافة على الضيافة، تصاريف الدهر في تعاريف الزجر، افتقاد الخرائد
المواهر في انتقاد فرائد الجواهر، تقرير الأبحاث في خواص المولدات الثلاث، اختباء الاختبار،
الإساة بأدواء النسا والباه، اقتناع الحذاق في أنواع الأوفاق، بسط الفوائد ي شرح حساب
القواعد، شرح الإسعردية في الحساب، المناسخات المصرية، الأجوبة القاهرية، المناسخات
الحلبية، الأجوبة الحلبية، المسألة الحجموية، الأجوبة الحموية، الأجوبة الموصلية، الترسلات
الشامية، الأجوبة الشامية، لم تكمل رسالة النصح العلوي على لسان الجامع الأموي،
إخلاص الخواص. تمت.
وأنشدني رحمه الله تعالى من لفظه لنفسه:
صد عني فلم تلم يا عذولي ... لست أسلو هواه حتى الممات
لا تقل قد أسا ففي الوجه منه ... حسنات يذهبن بالسيئات