محمد شتيوى
مستشار سابق
كيف وصلتِ من الزّحام ؟!
بقلم / محمد شتيوى
إن من أبدع ما وصفه المتنبي في شعره وصفَ الحُمَّى , فإنه لما زار مصر أصابته الحُمَّى فلزم الفراش مريضاً فقال يصف حاله :
وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً ... فَلَيسَ تَزورُ إِلا في الظَلامِ
بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا ... فَعافَتها وَباتَت في عِظامي
أُراقِبُ وَقتَها مِن غَيرِ شَوقٍ ... مُراقَبَةَ المَشوقِ المُستَهامِ
وَيَصدُقُ وَعدُها , وَالصِدقُ شَرٌّ ... إِذا أَلقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ
أَبِنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بِنتٍ ... فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِنَ الزِحامِ ؟! (1)
إنه يشبه الحمَّى بالحبيبة التي تزور حبيبها ليلاً لشدة حيائها , فإذا طلب منها أن تبيت جواره في الفراش ومهد لها فُرُشاً وثيرة ووسائد لينة رفضت تلك الحبيبة - غير المرغوب فيها - كلَّ هذا وباتت في عظام الشاعر فأوجعته
وخوفاً من زيارتها غير السّارّة فإنه يراقب وقت زيارتها وكأنه العاشق الذي أضناه العشق , ولكنها بعكس كل الحبائب اللواتي يتمنعن عمن يحبهن تأتى وتصدق في وعدها , وياله من صدق في الوعد يرميك في الدواهي العظيمة
ثم يناديها الشاعر في النهاية قائلاً : يا بنت الدهر وبنات الدهر هي مصائبه وشدائده , إن عندي حفل دائم لاستقبال جميع أنواع المآسي والمصائب والكروب والدواهي , فكيف استطعت الوصول إلى وسط هذا الزحام .. لا بد أنك بارعة !
______________
(1) مصدر الأبيات : ديوان أبى الطيب المتنبي ص 373 – 374
طبعة مكتبة مصر .
بقلم / محمد شتيوى
إن من أبدع ما وصفه المتنبي في شعره وصفَ الحُمَّى , فإنه لما زار مصر أصابته الحُمَّى فلزم الفراش مريضاً فقال يصف حاله :
وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً ... فَلَيسَ تَزورُ إِلا في الظَلامِ
بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا ... فَعافَتها وَباتَت في عِظامي
أُراقِبُ وَقتَها مِن غَيرِ شَوقٍ ... مُراقَبَةَ المَشوقِ المُستَهامِ
وَيَصدُقُ وَعدُها , وَالصِدقُ شَرٌّ ... إِذا أَلقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ
أَبِنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بِنتٍ ... فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِنَ الزِحامِ ؟! (1)
إنه يشبه الحمَّى بالحبيبة التي تزور حبيبها ليلاً لشدة حيائها , فإذا طلب منها أن تبيت جواره في الفراش ومهد لها فُرُشاً وثيرة ووسائد لينة رفضت تلك الحبيبة - غير المرغوب فيها - كلَّ هذا وباتت في عظام الشاعر فأوجعته
وخوفاً من زيارتها غير السّارّة فإنه يراقب وقت زيارتها وكأنه العاشق الذي أضناه العشق , ولكنها بعكس كل الحبائب اللواتي يتمنعن عمن يحبهن تأتى وتصدق في وعدها , وياله من صدق في الوعد يرميك في الدواهي العظيمة
ثم يناديها الشاعر في النهاية قائلاً : يا بنت الدهر وبنات الدهر هي مصائبه وشدائده , إن عندي حفل دائم لاستقبال جميع أنواع المآسي والمصائب والكروب والدواهي , فكيف استطعت الوصول إلى وسط هذا الزحام .. لا بد أنك بارعة !
______________
(1) مصدر الأبيات : ديوان أبى الطيب المتنبي ص 373 – 374
طبعة مكتبة مصر .