بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى واله وصحبه ومن والاه واهتدي بهديه واستن بسنته ومشى على خطاه الي يوم الدين. ثم اما بعد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى واله وصحبه ومن والاه واهتدي بهديه واستن بسنته ومشى على خطاه الي يوم الدين. ثم اما بعد
فلقد قيد الله سبحانه وتعالى لحفظ هذا الدين من العلماء من يقومون على نصرته والذب عنه. ومن ضمن هؤلاء العلماء الشيخ الالباني رحمة الله تعالي عليه فلقد قرأت قصة عجيبة وجميلة تبين مدى جد واجتهاد هذا الشيج الجليل وتبين علو همته وحبه لنصرة دين الله تعالى حتى في وقت مرضه ، وفي هذه القصة قرأ الشيخ الالباني عشرة الاف مجلد من اجل ورقة واحدة والقصة التقطتها من مقدمة كتاب "تنبيه الهاجد لما وقع من النظر في كتب الاماجد" المسماه (بطليعة الثمر الداني في الذب عن الالباني) للشيخ ابي اسحاق الحويني حفظه الله وكان الشيخ الالباني قد حكاها له اثناء زيارته له فجزى الله علماؤنا الاجلاء عنا خيرا ونسأل الله تعالى ان يرحمهم ويغفر لهم.
واليكم القصة
يقول الشيخ الالباني رحمه الله :
" فقد ابتليت بمرض خفيف اصاب بصري ، منذ اكثر من خمسة عشر عاما ، فنصحني الطبيب المختص بالراحة وترك القراءة والكتابة والعمل في مهنة (تصليح الساعات) مدة ستة أشهر.
فعملت بنصيحته اول الامر ، وتركت ذلك كله نحو اسبوعين، ثم اخذت نفسي تروادني ، وتزين لي ان اعمل شيئا في هذه العطلة المملة ، عملا لا ينافي بزعمي نصيحته ، فتذكرت رسالة مخطوطة في المكتبة ، اسمها " ذم الملاهي" للحافظ ابن ابي الدنيا ، لم تطبع فيما اعلم يومئذ ، فقلت : ما المانع من ان اكلف من ينسخها لي؟ وحتى يتم نسخها ، ويأتي وقت مقابلتها بالاصل ، يكون قد مضى زمن لا بأس به من الراحة ، فبأمكاني يومئذ مقابلتها ، وهي لا تستدعي جهدا ينافي الوضع الصحي الذي انا فيه ، ثم احققها بعد ذلك علي مهل ، ثم اخرج احاديثها ، ثم نطبعها ، وكل ذلك على فترات لكي لا اشق علي نفسي ! فلما وصل الناسخ الى منتصف الرسالة ، ابلغني ان فيها نقصا ، فأمرته بان يتابع نسخها حتى ينتهي منها ، ثم قابلتها معه على الاصل ، فتأكدت من النقص الذي اشار اليه ، واقدره باربع صفحات في ورقة واحدة في منتصف الكراس ، فأخذت افكر فيها ، وكيف يمكنني العثور عليها؟ والرسالة محفظوظه في مجلد من المجلدات الموضوعة في المكتبة تحت عنوان (مجاميع) ، وفي كل مجلد منها على الغالب عديد من الرسائل والكتب ، مختلفة الخطوط والمواضيع ، والورق لونا وقياسا ، فقلت في نفسي ، لعل الورقة الضائعة قد خاطها المجلد سهوا في مجلد اخر من هذه المجلدات! فرأيتني مندفعا بكل رغبة ونشاط باحثا عنها فيها ، على التسلسل ، ونسيت او تناسيت نفسي والوضع الصحي الذي انا فيه! فاذا ما ذكرته لم اعدم ما اتعلل به ، من مثل القول بان هذا البحث لا ينافيه ، لانه يصحبه كتابة ولا قراءة مضنية !
فعملت بنصيحته اول الامر ، وتركت ذلك كله نحو اسبوعين، ثم اخذت نفسي تروادني ، وتزين لي ان اعمل شيئا في هذه العطلة المملة ، عملا لا ينافي بزعمي نصيحته ، فتذكرت رسالة مخطوطة في المكتبة ، اسمها " ذم الملاهي" للحافظ ابن ابي الدنيا ، لم تطبع فيما اعلم يومئذ ، فقلت : ما المانع من ان اكلف من ينسخها لي؟ وحتى يتم نسخها ، ويأتي وقت مقابلتها بالاصل ، يكون قد مضى زمن لا بأس به من الراحة ، فبأمكاني يومئذ مقابلتها ، وهي لا تستدعي جهدا ينافي الوضع الصحي الذي انا فيه ، ثم احققها بعد ذلك علي مهل ، ثم اخرج احاديثها ، ثم نطبعها ، وكل ذلك على فترات لكي لا اشق علي نفسي ! فلما وصل الناسخ الى منتصف الرسالة ، ابلغني ان فيها نقصا ، فأمرته بان يتابع نسخها حتى ينتهي منها ، ثم قابلتها معه على الاصل ، فتأكدت من النقص الذي اشار اليه ، واقدره باربع صفحات في ورقة واحدة في منتصف الكراس ، فأخذت افكر فيها ، وكيف يمكنني العثور عليها؟ والرسالة محفظوظه في مجلد من المجلدات الموضوعة في المكتبة تحت عنوان (مجاميع) ، وفي كل مجلد منها على الغالب عديد من الرسائل والكتب ، مختلفة الخطوط والمواضيع ، والورق لونا وقياسا ، فقلت في نفسي ، لعل الورقة الضائعة قد خاطها المجلد سهوا في مجلد اخر من هذه المجلدات! فرأيتني مندفعا بكل رغبة ونشاط باحثا عنها فيها ، على التسلسل ، ونسيت او تناسيت نفسي والوضع الصحي الذي انا فيه! فاذا ما ذكرته لم اعدم ما اتعلل به ، من مثل القول بان هذا البحث لا ينافيه ، لانه يصحبه كتابة ولا قراءة مضنية !
وما كدت اتجاوز بعض المجلدات ، حتي اخذ يسترعي انتباهي عنوانين بعض الرسائل والمؤلفات ، لمحدثين مشهورين ، وحفاظ معروفين ، فأقف عندها ، باحثا لها ، دارسا اياها ، فأتمني لو انها تنسخ وتحقق ، ثم تطبع ، ولكني كنت اجدها في غالب الاحيان ، ناقصة الاطراف والاجزاء ، فأجد الثاني دون الاول مثلا ، فلم اندفع لتسجيلها عندي ، وتابعت البحث عن الورقة الضائعة ، ولكن عبثا حتي انتهت مجلدات المجاميع البالغ عددها (152) مجلدا ، بيد أني وجدتني اثناء المتابعة ، اسجل في مسودتي عنوانين بعض الكتب التي راقتني ، وشجعني علي ذلك ، انني عثرت اثناء البحث فيها ،على بعض النواقص التي كانت في الصوارف عن التسجيل.
ولما لم اعثر علي الورقة في المجلدات المذكورة قلت في نفسي: لعلها خيطت خطأ في مجلد من مجلدات كتب الحديث والمسجلة في المكتبة تحت عنوان (حديث) فاخذت اقلبها مجلدا مجلدا حتى انتهيت منها دون ان اقف عليها ولكني سجلت عندي ما شاء الله تعالى من المؤلفات والرسائل.
وهكذا لم ازل اعلل نفسي وامنيها بالحصول علي الورقة فانتقل في البحث عنها بين مجلدات المكتبة ورسائلها من علم إلى اخر حتي اتيت علي جميع المخطوطات المحفوظة في المكتبة والبالغ عددها نحو عشرة الاف مخطوط دون ان احظي بها!
ولكني لم أيأس بعد فهناك ما يعرف بـ (الدست) وهي عبارة عن عن مكدسات من الاوراق والكراريس التي لا يعرف اصلها فأخذت في البحث فيها بدقة وعناية ولكن دون جدوى.
وحينئذ يأست من الورقة ولكني وجدت ان الله تبارك وتعالى قد فتح لي من ورائها بابا عظيما من العلم طالما كنت بعيد عنه كغيري وهو ان المكتبه الظاهرية كنوزا من الكتب والرسائل في مختلف العلوم النافعة التي خلفها لنا اجدادنا رحمهم الله تعالى وفيها من نوادر المخطوطات التي قد لا توجد في غيرها من المكتبات العالمية مما لم تطبع بعد.
فلما تبين لي ذلك واستحكم في قلبي استأنفت دراسة مخطوطات المكتبة كلها للمرة الثانية على ضوء دراستي السابقة علي ضوء تجربتي السابقة التي سجلت فيها ما انتفيت فيها فقط من الكتب فأخذت اسجل الان كل ما يتعلق بعلم الحديث منها ما يفيدني في تخصصي لا اترك شاردة ولا واردة سجلته حتى لو كانت ورقة واحدة من كتاب او جزء مجهول الهوية ! وكأن الله تبارك وتعالى كأن يعدني بذلك كله للمرحلة الثالثة والاخيرة وهي دراسة هذه الكتب دراسة دقيقة واستخراج ما فيها من الحديث النبوي مع اسانيده وطرقه وغير ذلك من الفوائد فإني كنت في المرحلة الثانيه التقط نتفا من هذه الفوائد التي اعثر عليها عفوا فما كدت انتهي منها حتى تشبعت بضرورة دراستها كتابا كتابا وجزءا جزءا ولذلك فقد شمرت عن ساعد الجد واستأنفت الدراسة للمرة الثالثة لا ادع صحيفة الا تصفحتها ولا ورقة شاردة الا قرأتها واستخرجت ما اعثر عليه من فائدة علمية وحديث نبوي شريف فتجمع به عندي نحو اربعين مجلد كل مجلد اربعمائة ورقة في كل ورقة حديث واحد معزو الي جميع المصادر التي وجدتها فيها مع اسانيده وطرقه ورتبت الاحاديث فيها علي حروف المعجم ومن هذه المجلدات اغذي كل مجلداتي ومشاريعي العلمية الامر الذي يساعدني علي التحقيق العلمي الذي لا يتسير لأكثر اهل العلم لاسيما في هذا الزمان الذي قنعو فيه بالرجوع الى بعض المختصرات في علم الحديث وغيره من المطبوعات فهذه الثروة الحديثية التي توفرت عندي ما كنت لاحصل عليها لو لم ييسر الله هذه الدراسة بحثا عن الورقة الضائعة فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات". انتهي
كل هذا العمل والشيخ مريض والطبيب امره ان لا ينظر في كتاب او ان يقرأ ورقة واحدة فكيف حاله وهو صحيح فجزى الله عنا وعن المسلمين الشيخ الالباني خيرا فلقد رزقه الله بالقبول وسط جمع كبير ممن ادعو العلم فلا تجد شيخا ولا داعية ولا كتاب الا ويذكر اسمه مع حديث شريف بقوله صححه او حسنه او ضعفه الالباني.
اتمنى ان تكون القصة اعجبتكم مثلما اعجبتني
اتمنى ان تكون القصة اعجبتكم مثلما اعجبتني