flowers
مشرف قسم العلاج الطبيعي
ما يجب على المريض
[SIZE=-0]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ الحمد لله نحمده , ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضلّ له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له , وأنّ محمّدا صلّى الله عليه وسلّم عبده ورسوله .وبعد ..
فإنه لا يخلو عبد في هذه الحياة الدنيا من الابتلاء , وذلك تحقيقاً لقول الله تعالى : " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ " .
وكذلك تحقيقا لقوله سبحانه : " كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ " .
والمرض ابتلاء قد يبتلي الله تعالى به عباده , فمنهم جاحد ومنهم شكور , فأما المؤمن فشاكر , صابر , يحمد الله تعالى ويرجو رحمته ويخشى عقابه , وأما غير المؤمن فضائق صدره , عابس وجهه , متعلق بالحياة الدنيا يخشى الموت وما أعد له عدته , وما تزود في دنياه لأخراه , فهو من الغافلين .
ولعلنا نسوق بعضاً من الواجبات على المؤمن إذا ابتلاه الله تعالى بشيء من المرض مما لا يتم إيمان عبد إلا بقيامه بتلك الواجبات قياما عمليا غير منقوص ولا مجذوذ , وتلك الواجبات هي :
1 – الرضا بقضاء الله تعالى , والصبر على قدره , وحسن الظن به سبحانه وتعالى , فذلك واجب على كل مؤمن مبتلى , وذلك خير له كما حدث الصادق عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " .
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقول : " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل " .
2 – أن يكون العبد بين الخوف والرجاء , أي الخوف من عقاب الله تعالى له على ذنوبه ورجاء لرحمته سبحانه .
فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو في الموت فقال : " كيف تجدك ؟ " , قال والله يا رسول الله أني أرجو الله وإني أخاف ذنوبي , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف " . أخرجه الترمذي وسنده حسن .
3 – ألا يتمنى المريض الموت .
فعن أم الفضل ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليهم وعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكي ، فتمنى عباس الموت ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يا عم ، لا تتمن الموت ، فإنك إن كنت محسنا فإن تؤخر تزدد إحسانا إلى إحسانك خير لك ، وإن كنت مسيئا فإن تؤخر فتستعتب من إساءتك خير لك ، فلا تتمن الموت » أخرجه الحاكم وقال حديث صحيح على شرط الشيخين , ووافقه الذهبي .
4 – تأدية الحقوق لأصحابها حذر الموت .
فيجب على المريض أن يسارع في تأدية الحقوق التي عليه لأصحابها أو أن يوصي بذلك حذر الموت , فقد أخرج الإمام البخاري رحمه الله عن ن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه " .
وأخرج الإمام مسلم رحمه الله حديثا خطيرا جدا على كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يضع كلماته نصب عينيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أتدرون ما المفلس ؟ "
قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع , فقال صلى الله عليه وسلم : " إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " .
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من مات وعليه دين ، فليس ثم دينار ، ولا درهم ، ولكنها الحسنات والسيئات " أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي .
5 – الوصية .
يجب على المريض أن يوصي مما عنده لحديث عبد الله ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما حق امرئ مسلم عنده شيء يوصي فيه ، أن يبيت ليلتين ، إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه " أخرجه البخاري والطبراني في معجميه .
قال ابن عمر : ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي .
ويجب عليه أن يوصي لأقربائه الذين لا يرثون منه لقوله تعالى : " كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ " سورة البقرة آية 180
وأن يوصي بالثلث من ماله أو أنقص لحديث سعد ابن أبي وقاص أنه قال : عادني النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع من مرض أشفيت منه على الموت فقلت يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة أفأتصدق بثلثي مالي ؟ ,قال : " لا " قلت فأتصدق بشطره ؟ قال : " الثلث يا سعد والثلث كثير إنك أن تذر ذريتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ولست بنافق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا آجرك الله بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك "أخرجه البخاري ومسلم .
ويجب أن يشهد على ذلك رجلين عدلين مسلمين , فإن لم يجد فمن غير المسلمين على أن يستوثق منهما عند الشك بشهادتيهما .
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " سورة المائدة آية 106 – 108
ويجب أن تكون الوصية لمن لا يرث من الأقارب , وأما الذين يرثون من الموصي فلا تجوز لهم الوصية لأن ذلك منسوخ بآية الميراث , وذلك ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع قال : " إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
كما لا يجوز الإضرار بالوصية كان يحرم أحد الوارثين حقه من الميراث أو يبخسه أو ما شابه لقول الله تعالى : " مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ " سورة النساء آية 12
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " « لا ضرر ولا ضرار ، من ضار ضاره الله ، ومن شاق شاق الله عليه » أخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي .
ومن ذلك نستفيد أن الوصية الجائرة باطلة , ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " أخرجه البخاري ومسلم .
ثم بعد ذلك يجب على الموصي أن يوصي بتكفينه ودفنه بعد موته على السنة , ويحذر من اتباع البدع المنتشرة في هذا الزمان إن كان على علم أو يوكل الأمر لأهله , وكما سوف نأتي على بيانه في موضوع لاحق عن شاء الله .
هذا , والله أعلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
------------------------------------------------------
المصدر : منتديات الشيخ عبد الباسط عبد الصمد رحمه الله
www.abdelbasit.net