لمحة تاريخية على ليبيا, منقول من موسوعة التاريخ

اهلين وسهلين

Well-Known Member
28845.imgcache.gif
لمحة تاريخية على ليبيا, منقول من موسوعة التاريخ
تتمتع ( ليبيا ) بموقع جغرافي مميز فهي تقع في وسط الشمال الإفريقي ، ويبلغ طول ساحلها على البحر الأبيض المتوسط 1.955 كم ، وتمتد رقعتها الشاسعة من وسط ساحل أفريقيا الشمالي على البحر المتوسط حتى مرتفعات شمال وسط القارة الإفريقية - تبلغ مساحتها 1.760 مليون كم مربع وتأتي في الترتيب الرابع من حيث المساحة بين الأقطار الإفريقية .. وتعتبر ( ليبيا ) جسراً مهماً يربط بين القارة الإفريقية وقارة أوروبا .. وتعد موانيئها الصالحة لإستقبال السفن على مدار السنة – مثل مينائي بنغازي وطرابلس وغيرهما منافذ جيدة لتجارة بعض الأقطار الإفريقية كالنيجر وتشاد ومالي – مع العالم الخارجي ، كما أنها بموقعها هذا تعتبر حلقة إتصال مهمة بين مشرق الوطن العربي ومغربه ، ولهذا السبب يظهر فيها بوضوح التقاء وإمتزاج التيارات الثقافية والحضارية العربية والإسلامية .
.. إن هذا الموقع الجغرافي الإستراتيجي المهم جعل تاريخ ( ليبيا ) السياسي يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالتاريخ العربي – الإسلامي ، وكذلك بتاريخ أقطار شرق وجنوب البحر المتوسط بصفة عامة ، وقد كان لها منذ أقدم العصور دور فعال في التطور السياسي لهذا الجزء من العالم .
عرف قدماء المصريين الأقوام التي تقطن إلى الغرب من مصر بالليبيين وكانت القبيلة الليبية التي تعيش في المنطقة المتاخمة لمصر هي قبيلة الليبو (lebu) وقد ورد ذكر هذه القبيلة لأول مرة في النصوص المصرية التي تنسب إلى الملك مرنبتاح (mernepteh) من الأسرة التاسعة عشرة ( القرن الثالث عشر ق.م) ومن أسمها إشتق إسم ليبيا وليبيين وقد عرف الأغريق هذا الإسم عن طريق المصريين ولكنهم أطلقوه على كل شمال أفريقيا إلى الغرب من مصر ، وهكذا ورد عند المؤرخ هيرودوت الذي زار ( ليبيا ) في بداية النصف الثاني من القرن الخامس ق.م وقد بلغ بعض القبائل درجة من القوة مكنها من دخول مصر وتكوين أسرة حاكمة هي الأسرة الثانية والعشرون ، والتي أحتفظت بالعرش قرنين من الزمان ( من القرن العاشر إلى القرن الثامن ق.م ) وإستطاع مؤسس تلك الأسرة الملك شيشنق أن يوحد مصر ، وأن يجتاح فلسطين ويستولي على عدد من المدن ويرجع بغنائم كثيرة .

بدأ إتصال الفينيقيين بسواحل شمال أفريقيا منذ فترة مبكرة .. بلغ الفينيقيون درجة عالية من التقدم والرقي وسيطروا على البحر المتوسط وأحتكروا تجارته وكانوا عند عبورهم ذلك البحر بين شواطيء الشام وأسبانيا التي كانوا يجلبون منها الفضة والقصدير ، يبحرون بمحاذاة الساحل الغربي من ( ليبيا ) وذلك لأنهم إعتادوا عدم الإبتعاد كثيراً عن الشاطيء خوفاً من إضطراب البحر ، كانت سفنهم ترسو على شواطيء ( ليبيا ) للتزود بما تحتاج إليه أثناء رحلاتها البحرية على طول الطريق من موانيئهم في الشرق إلى أسبانيا في الغرب وعلى الرغم من كثرة هذه المراكز والمحطات التجارية فإن المدن التي أنشأها وأقام فيها الفينيقيون كانت قليلة وذلك لأنهم كانوا تجاراً لا مستعمرين
ويرجح بعض المؤرخين أسباب إقامة المدن التي أستوطنها الفينيقيون في شمال أفريقيا إلى تزايد عدد السكان وضيق الرقعة الزراعية في الوطن الأم ، وكذلك بسبب الصراع الذي كثيراً ما قام بين عامة الشعب والطبقة الحاكمة ، أضف إلى ذلك ما كانت تتعرض له فينيقيا بين فترة وأخرى من غارات ، كغارات الأشوريين والفرس ثم الغارات اليونانية .
. إمتد نفوذ الفينيقيين إلى حدود برقة (قورينائية) وأسسوا بعض المدن المهمة ( طرابلس – لبدة – وصبراتة ) التي لعبت دوراً كبيراً في تاريخ شمال أفريقيا .. وقد أزدهرت تجارتهم على الساحل الغربي من ( ليبيا ) وذلك لسهولة الوصول إلى أواسط أفريقيا الغنية بمنتجاتها المربحة كالذهب والأحجار الكريمة والعاج وخشب الأبنوس وكذلك الرقيق ، وكانت أهم طرق القوافل تخرج من مدينة جرمة .. ولهذا صارت تلك المدينة مركزاً مهماً تجمع فيه منتجات أواسط أفريقيا التي تنقلها القوافل عبر الصحراء إلى المراكز الساحلية حيث تباع للفينيقيين مقابل المواد التي كانوا يجلبونها معهم .
.. وإستمر الجرمانتيون مسيطرون على دواخل ( ليبيا ) لفترة جاوزت الألف سنة ، وفي حين دخل الفينيقيون والأغريق في علاقات تجارية معهم ، حاول الرومان إخضاع الجرمانتيين بالقوة والسيطرة مباشرة على تجارة وسط أفريقيا ولكنهم فشلوا في ذلك وفي النهاية وجدوا أنه من الأفضل مسالمة تلك القبيلة .

.. إستمر وجود الفينيقيين وإزداد نوفذهم في شمال أفريقيا خاصة بعد تأسيس مدينة قرطاجة في الربع الأخير من القرن التاسع ق.م (813 ق.م) وصارت قرطاجة أكبر قوة سياسية وتجارية في منطقة حوض البحر المتوسط العربى ، وتمتعت بفترة طويلة من الإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي .. ودخلت قرطاجة بعد ذلك في صراع مرير مع روما .. كان الحسد والغيرة يملآن قلوب الرومان على ما وصلت إليه تلك المدينة الفينيقية من قوة وثراء وبدأوا يعملون و يخططون من أجل القضاء عليها وبعد سلسلة من الحروب المضنية ، تكبد فيها الطرفان الكثير من الأرواح والأموال ، وهي الحروب التي عرفت في التاريخ بالحروب البونية ، إستطاعت روما أن تحقق هدفها وأن تدمر قرطاجة تدميراً شاملاً ، وكان ذلك سنة 146 ق.م ، وآلت بذلك كل ممتلكات قرطاجة – بما فيها المدن الليبية الثلاث – طرابلس – لبدة – صبراتة إلى الدولة الرومانية .
..أما السواحل الشرقية من ( ليبيا ) ( برقة – قورينائية ) فكانت من نصيب المستعمرن الأغريق – مثلث سواحل برقة أحد أنسب المواقع التي يمكن أن ينشيء فيها المهاجرون الأغريق مستعمراتهم فهي لا تبعد كثيراً عن بلادهم ، بالإضافة إلى ما كانوا يعرفونه من وفرة خيراتها وخصب أراضيها وغنى مراعيها بالماشية والأغنام بدأ الإستعمار الإغريقي لإقليم قورينائية ( برقة ) في القرن السابع ق.م عندما أسسوا مدينة قورينى ( شحات ) سنة 631 ق.م كان باتوس الأول هو أول ملك للمدينة وقد توارثت أسرته الحكم في قورينى لفترة قرنين من الزمان تقريباً لم يكن عدد المهاجرين الأوائل كبيراً ، إذ يقدر البعض بحوالي مائتي رجل ولكن في عهد ثالث ملوك قورينى باتوس الثاني حضرت أعداد كبيرة من المهاجرين الأغريق وأستقرت في الإقليم ، لقد أزعج هذا الأمر الليبيين .ودخلوا في حرب مع الإغريق من أجل الدفاع عن وجودهم وأراضيهم التي طردهم المستعمرون منها ومنحوها للمهاجرين الجدد ، وعلى الرغم من أن الأسرة التي أسسها باتوس الأول إستمرت في الحكم زمناً طويلاً ، فإنها لم تنعم بالإستقرار وذلك بسبب الهجمات التي كانت القبائل الليبية تشنها على المستعمرات الإغريقية في المنطقة الساحلية .
.. وفي عهد أركيسيلاوس الثاني – رابع ملوك قورينى – ترك بعض الأغريق ، وعلى رأسهم أخوه الملك ، مدينة قورينى ليؤسسوا بمساعدة الليبيين مدينة برقة ( المرج ) ولما إزداد عدد المهاجرين الذين أتوا إلى قورينى ، أرسلت تلك المدينة بعضاً منهم لإنشاء بعض محلات قريبة من الشاطيء كانت من بينها المحلة التي أنشئت طوخيرة – (توكرة) على موقعها .
.. كما أسست مدينة قورينى مستعمرة أخرى هي مدينة يوهسيبر يديس ( بنغازي ) وكما كان لقورينى ميناء هو أبولونيا (سوسة) فإن مدينة برقة كانت هي الأخرى أنشأت ميناء لها في موقع بطولوميس (طلميثة) عندما إحتل الفرس مصر ، بعث ملك قورينى سفارة إلى الملك الفارسي معلناً خضوع إقليم قورينائية ، وإستمرت تبعية الإقليم لمصر وواليها الفارسي وإن كانت في الغالب تبعية أسمية ، وفي منتصف القرن الخامس ق.م (440 ق.م) قتل أركيسيلاوس الرابع ، آخر ملوك أسرة باتوس ، في يوهيسيبريديس (بنغازي) وأصبحت قورينائية تضم مدناً مستقلة عن بعضها البعض ، وعلى الرغم من أن مدن الإقليم في هذه الفترة قد تمتعت بشيء من الإزدهار الإقتصادي فإنها عانت من الإضطرابات السياسية ، فبالإضافة الى إزدياد خطر هجمات القبائل الليبية ، كانت تلك المدن تتصارع فيما بينها ، كما عصفت بها الانقاسامات الداخلية وهكذا الى أن غزا الأسكندر المقدوني مصر 332 ق.م وأستولى البطالمة الذين خلفوه في حكم مصر على إقليم قورينائية 322 ق.م ، إذ ساد شيء من الهدؤ النسبي وأصبحت مدن الإقليم تعرف جميعاً بإسم بنتابوليس اي أرض المدن الخمس ، فقد تكون إتحاد إقليمي يضم هذه المدن ويتمتع بالإستقلال الداخلي ، وبقيت قورينائية تحت الحكم البطلمي حتى أرغم على التنازل عنها لروما سنة 96 ق.م ، وصار الإقليم تحت رعاية مجلس الشيوخ وكان يكون مع كريت ولاية رومانية واحدة الى أن فصلها الإمبراطور دقلد بانوس في نهاية القرن الثالث الميلادي عند إعتراف الإمبراطور قسطنطين الأول بالمسيحية في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي ، نجد أن تلك الديانة كانت قد إنتشرت في ليبيا ، ولكن يجب ألا نفهم أن ذلك كان يعني القضاء على الوثنية ، فقد تعايشت الديانتان جنباً الى جنب فترة قاربت القرن ونصف القرن من الزمان حتى بعد أن جعل الإمبراطور ثيودوسيوس الأول المسيحية الدين الرسمي والأوحد في الإمبراطورية في مرسوم أصدره سنة 392م ، وهذا الأمر لا تختلف فيه (ليبيا) عن بقية أقاليم الدولة الرومانية ، وكان أول أسقف لإقليم برقة سجله التاريخ شخصاً يدعى آموناس وكان ذلك سنة 260م وحضر أساقفة من مدن البنتابوليس أول مؤتمر مسيحي عالمي وهو المؤتمر الذي دعا الى عقده الإمبراطور قسطنطين في مدينة نيقيا سنة 325 م ، كان الأسقف سينسيوس القوريني أهم شخصيات الفترة المسيحية في برقة ، وتولى أسقفية طلميثة وذهب إلى البلاط الإمبراطوري في القسطنطينية على عهد الإمبراكور أركاديوس ليعرض المشاكل التي كانت تواجه الإقليم والتي كان من أهمها الضرائب الثقيلة المفروضة على مدنه ، وإن المشكلة الرئيسية التي واجهت الإقليم على أيامه هي الدفاع ضد غزوات القبائل الليبية التي زادت حدتها بعد عام 390م ، ولما لم يكن في الإمكان الإعتماد على مساعدة الحكومة الإمبراطورية ، قام سكان المدن والمناطق الريفية القريبة بتنظيم حرس محلي للدفاع عن أراضيهم ، إن الصورة التي يعطيها سينسيوس عن الأوضاع في الإقليم دفعت كثيراً من الدارسين إلى القول أن الحياة في البنتابوليس قد خبت نهائياً في القرن الخامس الميلادي ، ومع ذلك فإن الآثار القديمة تثبت أنه بينما كانت المدن تتضاءل ظل الريف محتفظاً بحيوية ملحوظة لمدة قرنين من الزمان بعد ذلك .
.. ولم يكن الأمر يختلف بالنسبة لمدن الساحل الغربي ، فبعد زوال الأسرة السيفيرية في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي سادت الإمبراطورية حالة من الفوضى والحروب الأهلية لمدة نصف قرن ، وبينما إستطاعت الأقاليم الأخرى في الإمبراطورية إسترداد أنفاسها بعد تلك الأزمة وأعيد إليها شيء من الأمن والنظام استمرت الإضطرابات تعصف بالشمال الإفريقي الأمر الذي سهل وقوعه في أيدي الوندال .. عبرت جموع الوندال إلى شمال أفريقيا حوالي سنة 430 م ، وأستولت على مدن إقليم طرابلس التي عانت الكثير مما يلحقه الوندال عادة من خراب ودمار في كل مكان يحلون فيه ، وعلى الرغم من أن الإمبراطورية الرومانية قد إستعادت الإقليم في القرن السادس الميلادي على عهد الإمبراطور جستينيان عندما نجح قائده بلزاريوس في طرد الوندال ، فإن ( ليبيا ) سواء في إقليم برقة أو إقليم طرابلس ، ظلت تعاني من آثار الجروح العميقة التي خلفتها جحافل الوندال ، وأصبحت البلاد بأكملها مستعدة لإستقبال أي فاتح جديد يخلصها من حالة الفوضى والإضطراب والضعف ، وفي هذه الاثناء لاحت في الأفق طلائع الفاتحين من العرب والمسلمين ، الذين جاءوا ليضعوا نهاية لذلك الوضع السيء وليفتحوا صفحة جديدة في تاريخ البلاد .

من موقع هندسة نت
http://www.alhandasa.net/forum/
 


جزاك الله خيراً أخي الحبيب هيثم على هذا النقل الجيد ..
شكراً جزيلاً على هذه المعلومات القيمة ..
بارك الله فيك ..
تحياتي وتقديري !!..
ملحوظة :
ــ في مواضيعك القادمة بإذن الله :
فضلاً ضع لنا رابطاً مباشراً لصفحة الموضوع نفسه وليس للصفحة الرئيسية للموقع ،
طالما كان تصفح الموقع لا يحتاج إلى تسجيل !!
 


شكرا لك وجزاك الله خيرا
ياريت أخي الكريم لو اهتممت قليلا بالإخراج والتنسيق للموضوع الجميل لكان أكثر جذبا للقراءة
 


كيف ما كنت ستكوني بلدي .... بماضيك وحاضرك ومستقبلك شكرا اخي اهلين وسهلين علي هذه المعلومات القيمة
 


بارك الله فيهم ورحم الله أسدها العجوز المختار

omar-almktar-17psBv28j.www.arabsbook.com.jpg
 
عودة
أعلى