( مدخل إلى الأدب الإسلامي ) دراسة منهجية هادفة (14) ..

أبو قصي

ضيف شرف
طاقم الإدارة
الأدب الإسلامي والمجتمع (3)
------------------------

ثم يأتي ذلك الموضوع الحساس الذي يتعلق بالمرأة وحركتها في المجتمع ، إن هناك واقع قائم يتعلق بوضعية المرأة ، وهناك أمل في تناول هذه الوضعية بالنظر ومحاولة السمو به على ضوء المعايير الإسلامية الصحيحة ..

إذا برزت المرأة في أي أدب ، انصرف الذهن مباشرة إلى غريزة الجنس ، وإلى الحب بمعناه المحدود ، وإلى العواطف المشتعلة والإنغماس في اللذة البهيمية ، وما يتبع ذلك من تصورات وانفعالات ، ولقد تمادت الآداب العالمية في إبراز هذا الجانب الجنسي وركزت عليه ، حتى أصبح أمراً يكاد يكون مألوفاً لا يثير الدهشة أو الغرابة أو الإشمئزاز ، وغرقت السينما أيضاً في هذا البحر الهائج من الإثارة والإغراء ، وأصبحت هناك سينما ومجلات ونجوم تخصصوا في هذا اللون من الفن الساقط ، ووجد ذلك قبولاً لدى المراهقين والمنحلين وتجار الرقيق الأبيض ، أصبح الجنس سلعة رائجة في سوق الفنون الحديثة ، وانتقل الوباء إلى أمم الشرق الإسلامي ، وفعل فعله في إتلاف القيم والأخلاق ، وسمم العواطف والأفكار ، ودمغ الأدب ( بالنسبة لعلماء الدين والأخلاقيين والمصلحين ) بالفساد والرذيلة ..

والمرأة كما يقال نصف المجتمع ، وهي كالرجل لها أشواقها وآمالها ، وتنتابها عوامل القوة والضعف ، والنصر والهزيمة ، وتستقيم وتنحرف ، ولها مشاكلها كعضو في الهيئة الاجتماعية ، لكن رسالتها الأولى ترتبط بواجباتها الزوجية وبالأمومة ، ولقد وضع الإسلام لها الإطار الصحيح الذي تسعد به ، وينعكس على المجتمع بالخير والفلاح ، كما أوضح لها حقوقها المختلفة في الزواج والطلاق والميراث والتعليم وغير ذلك من الأمور التي لا مجال للاستطراد فيها ..

ما هو موقف الأدب الإسلامي ( في تصورنا ) حيال هذه القضية ؟؟

بداهة لا يمكن أن يتجاهل هذا الجنس ، وهو أمر لا خلاف عليه ، والمرأة أم وابنة وأخت وزوجة ، والمرأة قارئة وعالمة وشاعرة وكاتبة ، والمرأة طبيبة ومعلمة وممرضة ومصلحة اجتماعية ، وغير ذلك من المواقع المختلفة التي حفل بها التاريخ قديماً وحديثاً ، ومن يتصفح التاريخ الإسلامي ومواقف الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والتابعين يستطيع أن يخرج ببعض النتائج الهامة في هذا الجانب ..

هناك المرأة التي جاءت إلى الرسول تشكو من أنها لا تحب زوجها ولا تطيق الحياة معه ، وهناك النسوة اللائي بايعن الرسول صلى الله عليه وسلم ، واللائي ضمدن جراح المصابين في المعركة ، ثم المرأة التي وقفت تنافح بسيفها أعداء الله عن رسول الله ، ثم المرأة التي جاءت لتعترف بأنها زنت ، أو التي أقيم عليها الحد وقال عنها الرسول : ( لقد تابت توبة لو وزعت على أهل المدينة لوسعتهم ) ،وتلك المرأة الجميلة ( زوجة الشهداء ) التي تزوجها إبن أبي بكر رضي الله عنهما ، فافتتن بجمالها حتى كادت تصرفه عن أداء بعض الصلوات ، فأصر أبوبكر على تطليقها من ولده ، فعانى من ألم وحزن شديدين ، حتى توسط له بعض الصحابة ، فردها إلى عصمته بعد أن وعد بالالتزام بفرائضه وواجباته الإسلامية ، وظل وفياً بعهده إلى أن مات شهيداً ..

ما أكثر الأحداث التي وردت عن النساء في التراث الإسلامي ، ولم يكن نوعاً معيناً ، بل حفل التاريخ بنماذج عديدة ، فيها السىء والحسن والفاسد والصالح والمستقيم والمنحرف ..

حتى الانحراف في المرأة لم يكن يُنظر إليه على أنه لعنة أبدية ، ولكن يُنظر إليه كمرض أو كلحظة ضعف تحتاج إلى من ينهض بها أو يقويها ، حتى تبرأ من آثاره ومضاعفاته ، وحينما سمع عمر بن الخطاب امرأة تترنم بشعر الشوق والهيام تحت جنح الليل ، لم يعاقبها على تصرفها ، وإنما ذهب ليسأل عن المدة التي تستطيع المرأة أن تتحملها دون زوجها ، وعندما علم بالحقيقة ، أصدر أوامره ( كقائد ) بترتيب أمور الجند ، بحيث يعودون لزيارة زوجاتهم من آن لآخر ، إنه اعتراف بالحقيقة وبنوازع البشر واحتياجاتهم الجسدية والروحية لأن تجاهل مشاعر الإنسان واحتياجاته الضرورية فيه ظلم ..

فأية أمور تخص المرأة يمكن الحظر عليها في الأدب الإسلامي ؟؟

إن منطقة الحظر ليست كما يظن بعضهم فهي محدودة جداً ، الأدب الإسلامي يستطيع أن يتناول المرأة من شتى جوانب حياتها ، بشرط ألا ينزع بالقارىء أو المتلقي منازع الفتنة والإثارة والإغراء بارتكاب الموبقات ، والواقع هذا كلام قد يبدو مقبولاً في إجماله ، لكن الصعوبة قد تأتي عند التطبيق ، ومن ثم فهي تتراوح في مدى إمكانية النجاح من كاتب لآخر ، لكن الأمر الذي يجب ألا نغفله هو : إلى أي شيء ترمز شخصية المرأة في أي عمل أدبي ؟؟

ـ قد ترمز المرأة في قصة من القصص مثلاً إلى الطهر والنقاء ومن ثم فإن الكاتب يصورها وهي تقاوم الإغراء وتتجنب السقوط ، تظل متمسكة بطهرها ونقائها وتكتمل الصورة كلما حاول الكاتب إلقاء الضوء على شخصيات ( الشياطين ) الذين يحيطون بهذه المرأة ويزينون لها الإثم ويفلسفون الرذيلة ، وهي تقف بين نداء ضميرها ودينها وبين وسوسة الشهوة والإغراء ، لكنها في النهاية يتحقق لها النصر على الضعف والهوى والفساد ..

ـ وقد ترمز شخصية المرأة في قصة أو مسرحية إلى بيئة منحطة وسلوكيات متهتكة وتسيب أخلاقي لسبب أو لآخر ، والكاتب هنا لا يستطيع أن يرسم الصورة المعبرة بدقة إلا إذا انتخب الأحداث والحوار المناسب لهذه الشخصية المبتذلة فلن يكون رداء مثل تلك المرأة إلا ترجمة لانحرافها ، ولن يكون حديثها إلا تعبيراً عن فساد ممارساتها وتكوينها ، ولن تتسم تصرفاتها إلا بما يثير الاشمئزاز والضيق والنفور ، ولا تكون هذه الصورة دائماً دعوة للاقتداء بها ، والنسج على منوالها ، ووظيفة الكاتب المسلم هنا أن يختار ما يثير الرفض والإدانة لهذا المسلك المعيب ، لا ما يبرر الإنطلاق في دنيا الحرية الآثمة ، ويرى بعض النقاد الإسلاميين أن على الأدب الإسلامي الإقتصاد في مثل تلك الصور والمشاهد ، وهذا رأي يحتاج إلى نظر ، لأن الأمر ليس أمر ( الكم ) ولكن ( الكيف ) ، فقد يكون الاستطراد والإطالة ضروريان لبسط الصورة ، وتوضيح الفكرة ، وتشريح السلوك المنحل ، حتى يكون انطباع النفور قويّاً شاملاً وحتى يستطيع الأديب أن يوصل رسالته إلى المتلقي بوضوح وإيجابية ، أما الإيجاز فيما يقتضي التفصيل ، أو الإطالة فيما يحتاج إلى اختصار وتركيز ، فكلاهما يضر بالعمل الفني ، ويؤثر في النتيجة النهائية ، أو بلوغ الهدف النبيل الذي يطمح إليه الكاتب المسلم ..

في روايتي ( رحلة إلى الله ) كنت أهدف إلى تشريح شخصية قائد السجن ، وما تميز به من شذوذ وقوة وطغيان وجعلته محوراً تدور حوله كثير من الأحداث ، ولم يكن هذا الطاغية مجرد سجّان ، بل كان صورة مجسدة لفساد الحكم والإدارة والتربية والمنهج ، لقد انعكست عليه كل خطايا العصر ، حتى في علاقاته الخاصة ، وحياته المنزلية ، وصداقاته ونظرته إلى الإنسان والحيوان ، كان سيرة حية للضياع والضلال الأكبر ، الذي يسم الحكم والسياسة والرؤية ، كما حاولت من خلال تعامله مع الضحايا والشرفاء الذين يرسفون في الأغلال ، أن أبين عدالة قضيتهم ، وصدق توجههم ، واستعذابهم للجهاد والتضحية في سبيل الله ، وكان رأي النقاد الإسلاميين وغير الإسلاميين مشيراً إلى نجاح العمل الأدبي شكلاً ومضموناً ..

ليست القضية إذن عدد السطور أو الصفحات التي تصور اللحظات الساقطة الخاطئة في حياة المرأة الفاسدة أو الرجل الفاسد ، ولكنها تعتمد على مدى الأثر الذي يتركه العمل الأدبي في نفس المتلقي كما أسلفنا .. يقول جونسون : ( لأن الرذيلة يجب أن تُكشف ، لا بد وأن تثير النفور دائماً ) .. وهو يضع أيدينا بهذا القول على لب القضية ، ليس المهم هو ( كم ) نكتب في تصوير السلوك الشائن ، ولكن المهم هو ( كيف ) نكتب ، لكي نصل إلى ما سماه جونسون ( إثارة النفور ) لدى المتلقي ..

وقد أشرت إلى قضية الجنس في ( الإسلامية والمذاهب الأدبية ) ، وفي بعض المقالات من خلال تحليلي لقصة ( يوسف ) في القرآن الكريم ، ومعظم كتاب النقد والمنظرين النقديين الإسلاميين أشاروا إلى القصة نفسها بعد ذلك ، حتى أصبح من الصعب على المؤرخين معرفة من الذي بدأ بذلك ، ولهذا حرصت في كتابي المشار إليه تسجيل تاريخ مقالتي الأولى بهذا الشأن في مجلة الأفق الجديد ( بالقدس ) ، وكانت هذه المقالة رداً على شاب أردني بعث يسأل عن أدب الجنس ..

وقد أثار أيضاً موضوع ظهور المرأة على المسرح اعتراضاً كبيراً لدى بعض المفكرين الإسلاميين ، وقد تعرضت لهذا الأمر في كتابي ( المسرح الإسلامي ) الذي بحث عنه في المؤتمر الثالث للأدب الإسلامي بالرياض ، وكان موجز ما رأيته أنه لا مانع من ظهور المرأة على المسرح ، واشترطت بضعة شروط أهمها الزي المحتشم ( الشرعي ) ، وتجنب الإثارة في الحركات المكشوفة والكلمات التي تخدش الحياء ، لأن هناك قضايا وأموراً حساسة لا يمكن أن تقدم إلا من خلال المرأة ، فضلاً عن أن ( وضعية ) المرأة في المجتمع وما يلابسها من محاذير وحرج وسلبيات لا يمكن تناولها إلا بالتواجد المباشر ..

إذا كانت الخمر محرمة وهي أم الخبائث فهل هذا يمنع من طرح مشكلتها وآثارها النفسية والإجتماعية والأخلاقية ، من خلال شخصية سكير عربيد ، تتجسد فيه مأساة الخمر ؟؟ ، وإذا كان قطع الطريق وقتل البريء جريمة بشعة ممقوتة أفلا يجب أن نتناول هؤلاء القتلة والطغاة والمنحرفين من خلال أعمال أدبية ، تهدي المتلقي إلى المواقف الإنسانية النبيلة حيث تحترم حرية الإنسان وحقه في الحياة ، فلا يعتدي عليها معتد ؟؟ ، وإذا كان الزنا ( صورة الجنس المنحرف الحرام ) وباءً خطراً أفلا يمكن تناوله بما يستحقه من تقبيح وتنفير ، وما يصاحبه من مقدمات وإغراءات وسقوط ؟؟..

والجنس في الإسلام له شرائعه وآدابه ، وقد تناول ذلك بعض علماء المسلمين بقدر من الصراحة كبير ، كذلك وردت بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثال ذلك الحديث الذي يوصي المسلم بألا يرتمي على زوجته كالبهيمة ، ولكن يقبلها ويداعبها ، وإني لأذكر تلك الحلقة الدراسية التي أقيمت في بيروت ( أواسط السبعينيات ) وتحدث فيها أستاذ بالجامعة الأمريكية عن مشكلة الجنس ، وقال ضمن ما قال : إن دراساته أثبتت أن الإنحراف الجنسي في مجتمع كلبنان سببه العقائد الدينية وما تفرضه من كبت وغموض ، ولما طلبت التعليق أخذت أطرح القضية من منظور إسلامي ، وقدمت عدداً من التصورات الإسلامية والنصوص حول موضوع الجنس ، ثم ذكرت بعض المؤلفات التراثية التي اهتمت بالموضوع ، وكان الحضور ( والمحاضر نفسه أيضاً ) في دهشة بالغة ، إذ قالوا : إنهم يسمعون هذا الكلام لأول مرة ، ثم تناولوا أقلامهم ليسجلوا المراجع القديمة التي ذكرتها ..

إن تصورنا لموضوع الجنس يجب أن يكون واضحاً دون تعقيد أو غموض ، لأن القرآن الكريم ( كتابنا المقدس ) عرضها في قصة طويلة حيث تحتدم الشهوة في جسد امرأة جريئة ، تتحدى القيم والموضوعات الإجتماعية ، وتلهث وراء نبي الله يوسف عليه السلام لتطفىء شعلة شهوتها وهياجها وتعلن في تبجح أمام نسوة المدينة إصرارها على الإثم .. يقول الله في كتابه العزيز : ( وقال نسوةُ في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حُباً إنا لنراها في ضلالٍ مبينٍ .. فلما سمعت بمكرهنَّ أرسلتْ إليهنَّ وأعتدت لهن متكأ وءاتت كل واحدةٍ منهنَّ سكيناً وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاشا لله ما هذا بشراً .. إن هذا ملك كريمٌ قالت فذلكنَّ الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما ءامره ليسجننَّ وليكوناً من الصاغرين .. قال ربَّ السجن أحبُّ إليَّ مما يدعونني إليه وإلاًّ تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربُّه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ثم بدا لهُم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ) ( يوسف: 30 ـ 35 ) ..

وللقرآن الكريم نسق متفرد معجز في قصصه : ( إنَّ هذا لهو القصص الحق ) ( آل عمران : 62 ) ، ونماذجه تحتذى ، لكنها تظل على القمة مثلاً أعلى ، يتطلع إليها المؤمنون في كل عصر وأرض ، ولم يترك القرآن جانباً من جوانب الحياة الاجتماعية ، أو مسالك النفس الإنسانية ، أو البنية السياسية والإقتصادية إلا وتناولها بمنهج رباني ، وأسلوب متميز : ( ما فرَّطنا في الكتاب من شئ ) ( الأنعام : 38 ) ، والرسول صلى الله عليه وسلم ( كان خلقه القرآن ) ، وأمتنا أمة القرآن ، ومنه نأخذ النور والعون والهداية ، وعلى طريقه نصل إلى قيم الحق والخير والجمال ، ومن آدابه وأحكامه تتشكل علاقاتنا وأفكارنا وآدابنا ، ومن فضل الله أنه كان قرآنا عربياً وبلسان عربي مبين وغير ذي عوج ، يمتلىء بالعظات والأمثال : ( ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثلٍ ) ( الروم: 58 ) ..

والأدب الإسلامي حينما يحتفي بقضايا المجتمع والعصر .. فإنه ينهج نهج القرآن الكريم ، وأحاديث نبينا المختار ، صاحب الرسالة العظمى عليه الصلاة والسلام ..

تبقى علاقة الأديب المسلبم بمجتمعه ، أية علاقة تلك ؟؟ هل تعكس هذه العلاقة استجابة الأديب لواقع المجتمع والتعبير عما يدور فيه ؟؟ إذا كان الأمر على هذا النحو من التصور ، فإن دور الأديب يبدوا سلبياً ، وقد يبقى الأمر في هذا المجتمع على ما هو عليه من فساد ، وهنا تنعدم ( المسؤولية الأدبية ) أو ( الرسالة ) ، ويصير الالتزام ضرباًَ من الجمود على ما هو قائم ، وتمجيداً لما هو راسخ ، ومن ثم تزمن العلل الاجتماعية ، وتنطمس معالم التغيير الإيجابي والتطوير ، ويصبح الأدب بحق مجرد تسلية وترفيه ، لكن طبيعة الأدب الإسلامي تنفر من هذه الإستاتيكية ، فالإسلام حركة ونمو وفعل متواتر ، وصعود دائم ، وغايات وآمال تتحقق ، لتصب في الغاية الكبرى التي من أجلها كان خلق الإنسان على هذه الأرض ، وما نقوله الآن ليس بدعاً ..

يقول الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه القيم ( الأدب وفنونه ) : فالأديب حين يتأثر بالمجتمع ، إنما يعكس فهمه هو على هذا المجتمع ، والأدب تصوير لهذا الفهم ونقل له ، أما أن ينقل الأديب حياة المجتمع ، أو يكون المرآة العاكسة لحياة هذا المجتمع ، ليتلقاها أو يراها المجتمع ذاته ، فعبث ليس من الأدب في شيء ..فالأديب يتخذ لفسه دائماً موقفاً فكرياً من مجتمعه ، ومن هنا فقط تأتي الفرصة لأن نقول : إن الأديب في مجتمعه ، إنه يعيش في مجتمعه ، ولكنه لا ينتج أدبه إلا في الحالة التي تستقل فيها ذاته عن هذا المجتمع ، متخذاً موقفاً فكرياً خاصاً به .. الحد الفاصل بين الأدب العظيم والأدب التجاري غاية في الدقة ، فالأديب العظيم يستطيع أن يؤثر في مجتمعه ، وأن يكتسب رضاه دون أن يخضع لإرادة هذا المجتمع ، بل ربما استطاع تحقيق ذلك وهو يقف معارضاً للمجتمع ، والأديب التجاري وحده هو الذي يتملق الجماهير ، ويخضع لها ، ويترك إرادته تذوب في إرادتها ، الأول هو الذي يؤدي دور الأديب الحق في مجتمعه ، حين يتأثر بهذا المجتع ثم يحاول التأثير فيه ، وهو تأثير له خطورته ، لأن له خطته وهدفه ، أما الثاني فلا يمكن أن يكون عامل دفع في مجتمعه ، لأنه سيترك المجتمع يدور في نطاق ذاته ، والمضمون الإجتماعي للعمل الأدبي بهذا المعنى لا يستمد في الحقيقة من واقع الحياة في المجتمع ، بل من ( موقف ) الأديب الفكري من الحياة في هذا المجتمع ، والمضمون في ذاته قيمة ، وهو قيمة تتولد عن موقف الأديب الفكري من القيم الأخرى السائدة في المجتمع .. والأديب له فرديته ولا شك ، ولكنها الفردية المتحققة بوجود المجموع فيها ، وهو كذلك له عبقريته المبدعة ، ولكن ما يبدعه لا تكون له قيمة إلا بما يحدث من أثر المجموعة ..

إن علاقة الأدب الإسلامي بالمجتمع علاقة وطيدة .. وهي تستمد خيوطها من التصور الإسلامي العام ، ولا ينظر الأدب الإسلامي إلى المجتمع ( نظرة دونية ) مهما تعاورت ذلك المجتمع نوب الفساد والإنحلال والضلال ، فالمسؤولية المقدسة في عنق الأديب المسلم تجعله يهدف أول ما يهدف إلى تحقيق السعادة والتوزان النفسي لدى الأفراد ، واعتدال الموازين بين فئات المجتمع ، والإنطلاق من موقف إيماني صحيح والنظر إلى سوءات الحياة الإجتماعية نظرة الطبيب لمريضه ، حيث تقتضي هذه العلاقة الحب والفهم والولوج إلى القلوب لتحقيق الثقة والإيمان والأمل والقناعة الخاصة ، ومن ثم يتولد ( الموقف ) الإيجابي .. الموقف الذي يتحول إلى ممارسة وتغيير للأفضل ..
-------------------------------------------
المصدر : كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي )
للدكتور / نجيب الكيلاني
 


والمرأة كما يقال نصف المجتمع ، وهي كالرجل لها أشواقها وآمالها ، وتنتابها عوامل القوة والضعف ، والنصر والهزيمة ، وتستقيم وتنحرف ، ولها مشاكلها كعضو في الهيئة الاجتماعية ، لكن رسالتها الأولى ترتبط بواجباتها الزوجية وبالأمومة ، ولقد وضع الإسلام لها الإطار الصحيح الذي تسعد به ، وينعكس على المجتمع بالخير والفلاح ، كما أوضح لها حقوقها المختلفة في الزواج والطلاق والميراث والتعليم وغير ذلك من الأمور التي لا مجال للاستطراد فيها ..
جزاك الله خيرا أخي وحبيبي الغالي أبو قصي على هذا الطرح الوافي والكافي والشافي للمشاكل المختلقة عند بني آدم حين أعرض عن الحق والحقيقة ، وابتعد عن المنهج والفضيلة ،وانسلخ من ذاته الفطرية الربانية ، وانقاد نحو شهوة عارضة زائفة زائلة . فخسر الدنيا وطيبتها ، وخسر الآخرة ولذتها ، كما قال شاعرنا :

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا دين يبقى لنا ولا ما نرقع.

 


جزاك الله خيرا أخي وحبيبي الغالي أبو قصي على هذا الطرح الوافي والكافي والشافي للمشاكل المختلقة عند بني آدم حين أعرض عن الحق والحقيقة ، وابتعد عن المنهج والفضيلة ،وانسلخ من ذاته الفطرية الربانية ، وانقاد نحو شهوة عارضة زائفة زائلة . فخسر الدنيا وطيبتها ، وخسر الآخرة ولذتها ، كما قال شاعرنا :

نرقع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا دين يبقى لنا ولا ما نرقع.
سعدت جداً بمداخلتك أخي الكريم محمد راقي ...
أشكرك جزيلاً على حضورك المتألق وعلى متابعتك واهتمامك ...
أوحشتنا ـ والله ـ مشاركاتك القيمة ومداخلاتك الواعية والمثرية أخي الحبيب الراقي ...
كل سطر .. كل كلمة تنم عن فهم وتعمق وتدبر ...
مداخلاتك غير تقليدية أخي الحبيب تثري الموضوع وتضيف إليه ...
جزاك الله خيراً ، وبارك الله فيك ...
تقبل أرق تحياتي ؛؛؛
وتقبل مني هذه الهدية البسيطة +2
 


بارك الله فيك


أخي العزيز أبو قصي
وأنت بارك الله فيك وعليك أخي الحبيب نمر ...
كل الشكر لك أخي الكريم على مرورك العطر وعلى حضورك المتألق ...
تواجدك يسعدني ويشرفني فشكراً ثم شكراً ...
أدعو لك بالتوفيق والنجاح والسعادة في الدنيا والآخرة ...
تقبل أرق تحياتي !!..
 


هذا موضوع شائك بحد ذاته , يحتاج الكلام فيه إلى الحذر الشديد
تخيل أنك فى حقل ألغام تحملق بعيني صقر لكى لا تغفل لحظة فتنتهى حياتك

المشكلة أننا فى عصر شديد السوء , فتنه شديدة وكثيرة .. بحار زاخرة من الفتن
ولهذا فالحديث عن المرأة سيحتاج إلى مزيد من القيود والحذر
وقد لا يسلم المرء من زلة ..

قوله :
وقد أثار أيضاً موضوع ظهور المرأة على المسرح اعتراضاً كبيراً لدى بعض المفكرين الإسلاميين ، وقد تعرضت لهذا الأمر في كتابي ( المسرح الإسلامي ) الذي بحث عنه في المؤتمر الثالث للأدب الإسلامي بالرياض ، وكان موجز ما رأيته أنه لا مانع من ظهور المرأة على المسرح ، واشترطت بضعة شروط أهمها الزي المحتشم ( الشرعي ) ، وتجنب الإثارة في الحركات المكشوفة والكلمات التي تخدش الحياء ، لأن هناك قضايا وأموراً حساسة لا يمكن أن تقدم إلا من خلال المرأة ، فضلاً عن أن ( وضعية ) المرأة في المجتمع وما يلابسها من محاذير وحرج وسلبيات لا يمكن تناولها إلا بالتواجد المباشر ..

نحن نحترم رأى الأديب الكيلانى كـ ( أديب )
لكن لا يتحدث فى الدين إلا أهله
من الذى قال أننا سنصنع مسرحاً إسلامياً فيه رجال أو نساء أصلا ؟!
الأصح أن يُترك هذا لعلماء الدين المتخصصين ..

أحب أن ألخص الموضوع للفائدة :
- يعتقد البعض أن الحديث عن المرأة فى العمل الأدبى إنما هو - بالضرورة - حديث عن الجنس والرذيلة وهو اعتقاد خاطئ .
- المرأة فى الإسلام هى نصف المجتمع , وقد كرمها الإسلام ورفع شأنها وكفل لها السعادة , واهتم النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته بها كل الاهتمام .
- لا يمكن تجاهل المرأة فى العمل الادبى الإسلامى .
- نوع الحديث عن المرأة هو الذى عليه المعول .. فقد يتحدث عنها باعتبارها رمزاً للنقاء والطهر والعفاف , وقد يتحدث عنها باعتبارها رمز للشر والانحراف .
- لا عبرة هنا للكم فى الحديث عن المرأة بل العبرة بالكيف , فقد يطيل الأديب الحديث عن المرأة المنحرفة لكى يثير لدى القارئ الإحساس بالنفور من هذا النموذج السئ .
- قصة مراودة امرأة العزيز ليوسف عليه السلام فى القرآن هى نوذج أدبى رفيع يُحتذى به فى مجال الحديث عن المرأة فى العمل الأدبى .
- الأدب الإسلامي حينما يحتفي بقضايا المجتمع والعصر فإنه ينهج نهج القرآن الكريم ، وأحاديث نبينا المختار ، صاحب الرسالة العظمى عليه الصلاة والسلام .

* * *

يأتى العنصر الثانى من المقالة ( وهو علاقة الأديب بالمجتمع )
ومحوره هذه العبارة :
المسؤولية المقدسة في عنق الأديب المسلم تجعله يهدف أول ما يهدف إلى تحقيق السعادة والتوزان النفسي لدى الأفراد ، واعتدال الموازين بين فئات المجتمع .

أبو قصى
أنت تستحق كل الخير
 


هذا موضوع شائك بحد ذاته , يحتاج الكلام فيه إلى الحذر الشديد
تخيل أنك فى حقل ألغام تحملق بعيني صقر لكى لا تغفل لحظة فتنتهى حياتك
المشكلة أننا فى عصر شديد السوء , فتنه شديدة وكثيرة .. بحار زاخرة من الفتن
ولهذا فالحديث عن المرأة سيحتاج إلى مزيد من القيود والحذر

وقد لا يسلم المرء من زلة ..








نحن نحترم رأى الأديب الكيلانى كـ ( أديب )
لكن لا يتحدث فى الدين إلا أهله
من الذى قال أننا سنصنع مسرحاً إسلامياً فيه رجال أو نساء أصلا ؟!
الأصح أن يُترك هذا لعلماء الدين المتخصصين ..



بارك الله فيك أخي الكريم محمد على هذا التوضيح الجيد
وأتفق معك تماماً فيما تقول ، فليس معنى دراستنا لكتاب ما أن نتفق معه في كل ما يذهب إليه
ومع كامل احترامنا للدكتور نجيب الكيلاني ولغيره فالكل يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم ..
ومن أجود ما يمكن للدارس الرجوع إليه في قضايا المرأة والمجتمع المعاصر كتب الشيخ محمد بن إسماعيل
لذا أهيب بإخواننا الكرام المتابعين مزيد من الاهتمام والاطلاع على سلسلة (عودة الحجاب) ..



أحب أن ألخص الموضوع للفائدة :
- يعتقد البعض أن الحديث عن المرأة فى العمل الأدبى إنما هو - بالضرورة - حديث عن الجنس والرذيلة وهو اعتقاد خاطئ .
- المرأة فى الإسلام هى نصف المجتمع , وقد كرمها الإسلام ورفع شأنها وكفل لها السعادة , واهتم النبى صلى الله عليه وسلم وصحابته بها كل الاهتمام .
- لا يمكن تجاهل المرأة فى العمل الادبى الإسلامى .
- نوع الحديث عن المرأة هو الذى عليه المعول .. فقد يتحدث عنها باعتبارها رمزاً للنقاء والطهر والعفاف , وقد يتحدث عنها باعتبارها رمز للشر والانحراف .
- لا عبرة هنا للكم فى الحديث عن المرأة بل العبرة بالكيف , فقد يطيل الأديب الحديث عن المرأة المنحرفة لكى يثير لدى القارئ الإحساس بالنفور من هذا النموذج السئ .
- قصة مراودة امرأة العزيز ليوسف عليه السلام فى القرآن هى نوذج أدبى رفيع يُحتذى به فى مجال الحديث عن المرأة فى العمل الأدبى .
- الأدب الإسلامي حينما يحتفي بقضايا المجتمع والعصر فإنه ينهج نهج القرآن الكريم ، وأحاديث نبينا المختار ، صاحب الرسالة العظمى عليه الصلاة والسلام .
* * *
يأتى العنصر الثانى من المقالة ( وهو علاقة الأديب بالمجتمع )
ومحوره هذه العبارة :
المسؤولية المقدسة في عنق الأديب المسلم تجعله يهدف أول ما يهدف إلى تحقيق السعادة والتوزان النفسي لدى الأفراد ، واعتدال الموازين بين فئات المجتمع .

تلخيص جيد جداً وواضح بما لامزيد عليه أخي الغالي فجزاك الله كل خير
وها نحن قد أتينا لكلام جيد جداً وطيب جداً لأديبنا العملاق والمتميز الدكتور الكيلاني عليه رحمة الله
وهكذا ننهي هذا الفصل الهام من كتابنا بمثل هذا التلخيص الجيد وهكذا تكون المداخلات والمشاركات المثرية
وصدقني أخي محمد عندما فكرت أول ما فكرت في عنوان هذه السلسلة (دراسة منهجية هادفة)
كنت أحلم وأتمنى أن تكون مداخلاتنا ومشاركتنا على مثل هذه الدرجة من التميز والانتباه وحضور الذهن ..
أتمنى لك وللجميع التوفيق والسداد والرشاد ؛؛؛
وتقبل أرق تحياتي وفائق احترامي ؛؛؛
 


سعدت جداً بمداخلتك أخي الكريم محمد راقي ...
أشكرك جزيلاً على حضورك المتألق وعلى متابعتك واهتمامك ...
أوحشتنا ـ والله ـ مشاركاتك القيمة ومداخلاتك الواعية والمثرية أخي الحبيب الراقي ...
كل سطر .. كل كلمة تنم عن فهم وتعمق وتدبر ...
مداخلاتك غير تقليدية أخي الحبيب تثري الموضوع وتضيف إليه ...
جزاك الله خيراً ، وبارك الله فيك ...
تقبل أرق تحياتي ؛؛؛
وتقبل مني هذه الهدية البسيطة +2

أشكرك كثيرا أيها الصديق الفاضل على هذا التشجيع المتواصل ، وعلى هذه الكلمات الحنونة التي تنبعث من قلب حنون صادق ، وأنا في الحقيقة مقصر غاية التقصير في إغناء هذا المنتدى المبارك الطيب أهله ومنبته وأعضاؤه ومشرفيه ومرشديه ومسيريه ، بما حباني المولى عز وجل من فضله وعلمه ومعرفته .
لكن ظروف العمل وطبيعته ، وعدم توفري على خط الأنترنيت المنزلي ، بحيث أتصل دائما فقط من مقاهي الأنترنيت وقت الفراغ الذي يكون في أغلب الأحيان ضيقا ، هو السبب الذي يعيقني من المشاركة المتواصلة والدؤوبة لخدمة هذا المنتدى المبارك.

 
عودة
أعلى