أحداث ما بعد غزوة أحد
ولما انقضت الحرب: أشرف أبو سفيان على الجبل, ونادي: أفيكم محمد؟ فلم يجيبوه. فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه فقال: أفيكم ابن الخطاب؟ فلم يجيبوه. فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه أن قال: يا عدو الله, إن الذي ذكرتهم أحياء, وقد أبقي الله لك منهم ما يسوءك. ثم قال: اعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا تجيبوه؟) قالوا: ما نقول؟ قال (( قولوا: الله أعلى وأجل)) ثم قال: لنا العزى, ولا عزى لكم, قال: (( ألا تجيبوه؟)) قالوا: ما نقول؟ قال : (( قولوا: الله مولانا. ولا مولى لكم)) ثم قال: اليوم بيوم بدر. والحرب سجال, فقال عمر: لا سواء, قتلانا في الجنة, وقتلاكم في النار.
وأنزل الله عليهم النعاس في بدر وفي أحد. والنعاس في الحرب: من الله. وفي الصلاة, ومجالس الذكر: من الشيطان. وقاتلت الملائكة يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ففي الصحيحين عن سعد قال: (( رأيت رسول الله يوم أحد, ومعه رجلان يقاتلان, عليهما ثياب بيض, كأشد القتال, وما رأيتهما قبل ولا بعد)).
ومر رجل من المهاجرين برجل من الأنصار- وهو يتشحط في دمه – فقال: يا فلان, أشعرت أن محمداً قتل؟ فقال الأنصاري: إن كان قد قتل فقد بلغ, فقاتلوا عن دينكم, فنزل ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل- الآية).
وكان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص, اختبر الله عز وجل به المؤمنين. وأظهر به المنافقين. وأكرم فيه من أراد كرامته بالشهادة. فكان مما نزل من القرآن في يوم أحد: إحدى وستون آيه من آل عمران, أولها: ( وإذا غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال- الآيات).
ولما انصرفت قريش تلاوموا فيما بينهم. وقالوا: لم تصنعوا شيئاً, أصبتم شوكتهم, ثم تركتموهم, وقد بقي منهم رءوس يجمعون لكم. فارجعوا حتى نستأصل بقيتهم.
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فنادى في الناس بالمسير إليهم, وقال: (( لا يخرج معنا إلا من شهد القتال)) فقال له ابن أبي: أركب معك؟ قال:لا.
فاستجاب له المسلمون- على ما بهم من القرح الشديد- وقالوا: سمعاً وطاعة.
وقال جابر: يا رسول الله, إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت معك. وإنما خلفني أبي على بناته, فائذن لي أسير معك. فأذن له.
فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم, والمسلمون معه, حتى بلغوا حمراء الأسد, فبلغ ذلك أبا سفيان ومن معه, فرجعوا إلى مكة. وشرط أبو سفيان لبعض المشركين شرطاً على أنه إذا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: أن يخوفهم, ويذكر لهم: أن قريشاً أجمعوا للكرة عليهم ليستأصلوا بقيتكم. فلما بلغهم ذلك قالوا: ( حسبنا الله ونعم الوكيل).
ثم دخلت السنة الرابعة.فكانت فيها وقعة خيب وأصحابه, في صفر.
وقعة بئر معونة:
وفي هذا الشهر بعينة من السنة المذكورة: كانت وقعة أهل بئر معونة.
وفي شهر ربيع الأول: كانت غزوة بني النضير. ونزل فيها سورة الحشر.
ثم دخلت السنة الخامسة.
غزوة المريسيع:
فكانت فيها غزوة المريسيع على بني المصطلق, فأغار عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم غارون. فسبي رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء, والنعم, والشاء.
وكان من جملة السبي: جويرية بنت الحارث, سيد القوم, وقعت في سهم ثابت بن قيس. فكاتبها. فأدي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وتزوجها, فأعتق المسلمون- بسبب هذا التزوج- مائة أهل بيت من بني المصطلق. وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مختصرسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم للشيخ محمد بن عبدالوهاب
لمن فاته القراءه :
مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( غزوة أُحد)...33
يتبع ...
قصة الأفك