محمد شتيوى
مستشار سابق
الشاعــر الإســلامــي
الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي
في حوار مع مجلة (البيان)
الشاعر الإسلامي الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي شاعرٌ له حضور إعلامي واسع، وله عدة دواوين شعرية. وفي ثباته على الحق، وتألقه شعراً ونثراً، إثارةٌ لكثير من الحداثيين، مدّعين تارة أنه يكرر نفسه، وتارة أنّ شعره يخلو من الوهج الفني، وعبارات كالهباء طائرة لا تستحق الوقوف عندها ـ على حدّ قوله. وقد التقيناه أخيراً في حوار مفتوح عن الحداثة والأدب الإسلامي، إبداعاً وتنظيراً، وقضايا أخرى، فإلى هذا اللقاء !
* * *
البيان: يشير بعضهم أنَّ هناك تيّاراً تغريبيّاً يسيطر على كثير من وسائل الإعلام، ويقدّم الرديء في عالمنا الإسلامي، ما رأيك بذلك؟ وما السبيل إلى مقاومته؟
▪ الـتيار التـغريـبيُّ في وسـائل الإعـلام العربـية ظـاهـرٌ لا يحتاج إلى تأكيد، بل هو التيار الأبرز في معظم تلك الوسائل، وهو نتيجة طبيعية لذلك المدِّ الثقافي الأدبي والفكري الذي تأثَّر به عدد كبير من أبناء العرب والمسلمين، وأصبحوا سفراءَ له في بلادهم، ولكنهم ـ كما نعلم ـ سفراءُ شرٍّ غالباً لا ينقلون عبر الوسائل التي تتاح لهم بصورة كبيرة إلا شطحات الغرب ومنزلقات فكره وانحرافات سلوكه. أما السبيل إلى مقاومته فهو موجود ولكنه يحتاج إلى حضور أكبر، ودعمٍ مادي ومعنوي أقوى. إنَّ جميع المواد الإعلامية التي تقدَّم عَبْر وسائل الإعلام، من خلال تصوُّر إسلامي سليم، قادرة على مقاومة ذلك التيار التغريبي مهما صال وجال، وفُتح له المجال.
ولو أنَّ الغيورين من رجال الأعمال المسلمين التفتوا إلى هذا الجانب المهم لرأيت كيف تنقلب الصورة، وكيف تسري روح الخير بين الناس سريان ماء النهر الصافي الرَّقراق، لأن الحقَّ يخاطب الفطرة البشرية التي هي في أصلها فطرة سليمة.
* * *
البيان: دعني أسأل: ألدينا نظرية واضـحـة المعـالـم في أدبنا العربي، أم أننا لمْ نزلْ نجترّ النظريات الغربية الوافدة منذ قرن تقريباً؟
▪ نعم! لدينا نظرية واضحة في أدبنا العربي الذي ينبثق من التصوُّر الإسلامي، وهو ما يندرج في الفترة الأخيرة تحت مصطلح «الأدب الإسلامي». إنها نظرية الأدب النظيف الرَّاقي، نظرية التَّوازُن بين سموِّ المضمون وجمال وفنِّية الشكل، وهي نظرية متميِّزة تكوِّن شخصيَّة مستقلَّةً لأدبنا العربي الإسلامي، ويمكن أن يجد فيها غير المسلمين صورةً جديدةً بالنسبة إليهم تخالف ما هم عليه من انحراف فكري وهزيمة روحيةٍ أمام الزَّحف المادي الإلحادي الذي أكل أخضرهم ويابسهم. إن المثقف الغربي في فرنسا وبريطانيا وغيرهما يؤكد ـ كما نشر ذلك أكثر من مرة، وكما عرض ذلك من خلال لقاءٍ مع بعض المثقفين الفرنسيين في برامج ثقافة فضائية ـ أنه يُصدَمُ بما يترجم من الأدب العربي الحداثي أو غير الحداثي مما هو متأثر ببعض المذاهب الغربية؛ لأنه لا يرى فيه إلا صورة الرؤية الثقافية الغربية منقولة إليه بالترجمة من اللغة العربية، وكأن ذلك المثقف الغربي يقول: «هذه بضاعتنا رُدَّتْ إلينا»! وهنا تأتي مسؤولية الأدب الإسلامي ومبدعيه ونقَّاده.
* * *
البيان: لك موقف محدّد من الحداثة التي ما زالت تثير جدلاً في الواقع الأدبي العربي: ما خلاصة موقفك منها؟
▪ خلاصة موقفي من الحداثة «الرفض لمصطلحها المحمَّل بالتمرُّد على القيم والأخلاق، وإشاعة الانحراف في فكر الإنسان وثقافته» فصورة هذا المصطلح واضحة جداً إلى درجةٍ لا ينفع معها التلفيق ولا التأويل؛ فالحداثة منهج وأيديولوجية، وليست تجديداً في الأدب ولا تحديثاً في شكله فقط كما قد يتبادر إلى أذهان غير المطَّلعين عليها وعلى مسيرتها بعمق.
وهذا المنهج يناقض الرؤية الصحيحة للكون والحياة والإنسان، أي أنَّه يناقض الإسلام. ولو كانت الحداثة تعني التجديد في الأدب، كمـا هـو معـروف في مسيرة الطبيعة عبر العصور، لما وجدَتْ منَّا إلا التعامل اللائق بكل تجديدٍ صحيح.
* * *
البيان: يثار أحياناً أنَّ الالتزام بالإسلام يعيق الإبداع في العمل الأدبي، فكيف تنظر لهذه المسألة؟
▪ النماذج الأدبية شعراً ونثراً، قديماً وحديثاً، من الأدب الإسلامي مطروحة بين أيدي القراء والنقَّاد، وفيها من سمات الجودة الفنية والإبداع ما لا يخفى على متذوِّق. أما العبارات الطائرة كالهباء في الفضاء فلا قيمة لها في ميزان النقد البنَّاء كعبارة «الالتزام الإسلامي عائق في طريق الإبداع الأدبي».
اسمح لي أخي الكريم أن أقول: هذه ليست عبارة نقدية ولكنها «أُمنيّة» في قلوب المناوئين للأدب الإسلامي يردِّدونها على شكل «عبارة نقدية» وإنَّ النقد الأدبي الصحيح منها لَبَراء. نحن نطالب بالدراسة النقدية لهذا الأدب ثم إطلاق الحكم بعد ذلك.
وأذكِّر هنا بموقف أستاذي الذي أشرف على رسالتي للدكتوراه بعد وفاة مشرفها الأول الدكتور عبد الرحمن الباشا رحمه الله ؛ وهو الدكتور الشاعر المسرحي (أنس داود) رحمه الله؛ فقد كان غير مؤمن بفكرة الأدب الإسلامي، وكان يسارياً على منهج (صلاح عبد الصبور) وأمثاله، وكان رأيه أن الأدب الإسلامي ضعيف فنّياً، ونفى الإبداع عن الكاتبين الروائيين الإسلاميين الكبيرين (علي أحمد با كثير، ونجيب الكيلاني) رحمهما الله. وجدت بيني وبين الدكتور أنس مناقشات طويلة تميَّزت بالوضوح والصراحة كشفت لي أن الدكتور لم يقرأ إلا صفحات متفرِّقات من روايات الرجلين، وحينما عاتبته على هذا الموقف مع أنه أكاديمي وأستاذ جامعي قال لي: لقد كنا في اجتماعات (شللنا) اليسارية نتواصى بعدم قراءة أدب غير الأدب اليساري أو ما شابهه من الآداب المتأثرة بالغرب حتى لا ترتكس أذواقنا. ثم اتفقت مع الدكتور أنس على أن يقرأ بعض روايات باكثير والكيلاني؛ فما مضى عليه شهر ـ رحمه الله ـ حتى تغيَّر رأيه إلى النقيض تماماً، وقسْ على هذا أشباهه ونظائره.
* * *
البيان: أخيراً، ألسنا بحاجة إلى إبداع أدبي إسلامي يفـرض نفـسه على الواقـع في سـاحاتـنا الأدبية قبل التنظير للأدب؟
▪ الإبداع الإسلامي موجود، ووجود التنظير مهم في زَمَنٍ تقوم فيه آداب العالم على رُؤى ونظريات فلسفية متعدِّدة، وإنما ندعو إلى مضاعفة الجهد من الأدباء الإسلاميين، وإلى الحرص على الحضور الإعلامي والثقافي عبر الوسائل والمنتديات والندوات والمهرجانات، وهذا الحضور يحتاج إلى إبداع أدبي، وثقةٍ كاملة بالنفس، وعدم الخوف من هجوم المناوئين من باب (خذ الكتاب بقوة)، وصاحب الحق إذا أتقن عمله لا يخاف أحداً ولا يتردَّد.
* * *
البيان: أنت شاعرٌ إسلامي مَعْروف، ولك عدة دواوين شعرية، ولكن كيف تردّ على من يدّعي أن الشاعر الإسلامي ما زال يكرّر نفسه مبتعداً عن المجال الفني؟
▪ أعيد كلاماً قلته آنفاً: الأقوال الطائرة كالهباء في الفضاء لا تستحق الوقوف عندها. قيل عن شعري ما ذكرته يا أخي الكريم وأكثر مما ذكرت، وأنا ـ في الشعر ـ كأي شاعرٍ لا يمكن أن يكون شعره على وتيرةٍ فنية واحدة، ولكنَّ الفيصل في هذا الدراسة النقدية.
كلُّ من طرحوا عليَّ هذا السؤال وأمثاله أجبتهم وسأظل أجيبهم بجواب واحد: اقرأ إنتاجي ثم احكم، وستجد أني شغوف بالإصغاء إليك والإفادة من حكمك. المجال الفني ليس حكراً على أحد؛ فهو ساحة مفتوحة لنا ولغيرنا، والوسائل الحديثة قرَّبت البعيد وأَثْرَتْ تجارب المبدعين الذين يملكون ناصية الإبداع بصرف النظر عن اتجاهاتهم، وهنا تتهاوى العـبارات الطائرة المجحفة التي ترتكس بالنقد إلى زمن عبارات (أشعر الناس) و (أخطب الناس) و (أضعف الشعراء) وما شابهها؛ التي لا تسمن في النقد ولا تغني من جوع.
* * *
البيان: قال أحـد نقـاد الحـداثة عنـك قـبل سنوات: (عبد الرحمن العشماوي شاعر كبير لو أراد)..؛ ما المعنى الذي تقرؤه في هذه العبارة؟ وما سبب ما قيل عنك؟
▪ الأولى أن يوجَّه السؤال إلى الذي قال هذه العبارة؛ لأنه هو الذي يملك التفسير الصحيح لمعناها، ولماذا نشغل أنفسنا بعبارات عائمة؟!
________________________________
المصدر : موقع مجلة البيان - ملف النقد الأدبى
الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي
في حوار مع مجلة (البيان)
حاوره في الرياض: محمد شلال الحناحنة
الشاعر الإسلامي الدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي شاعرٌ له حضور إعلامي واسع، وله عدة دواوين شعرية. وفي ثباته على الحق، وتألقه شعراً ونثراً، إثارةٌ لكثير من الحداثيين، مدّعين تارة أنه يكرر نفسه، وتارة أنّ شعره يخلو من الوهج الفني، وعبارات كالهباء طائرة لا تستحق الوقوف عندها ـ على حدّ قوله. وقد التقيناه أخيراً في حوار مفتوح عن الحداثة والأدب الإسلامي، إبداعاً وتنظيراً، وقضايا أخرى، فإلى هذا اللقاء !
* * *
البيان: يشير بعضهم أنَّ هناك تيّاراً تغريبيّاً يسيطر على كثير من وسائل الإعلام، ويقدّم الرديء في عالمنا الإسلامي، ما رأيك بذلك؟ وما السبيل إلى مقاومته؟
▪ الـتيار التـغريـبيُّ في وسـائل الإعـلام العربـية ظـاهـرٌ لا يحتاج إلى تأكيد، بل هو التيار الأبرز في معظم تلك الوسائل، وهو نتيجة طبيعية لذلك المدِّ الثقافي الأدبي والفكري الذي تأثَّر به عدد كبير من أبناء العرب والمسلمين، وأصبحوا سفراءَ له في بلادهم، ولكنهم ـ كما نعلم ـ سفراءُ شرٍّ غالباً لا ينقلون عبر الوسائل التي تتاح لهم بصورة كبيرة إلا شطحات الغرب ومنزلقات فكره وانحرافات سلوكه. أما السبيل إلى مقاومته فهو موجود ولكنه يحتاج إلى حضور أكبر، ودعمٍ مادي ومعنوي أقوى. إنَّ جميع المواد الإعلامية التي تقدَّم عَبْر وسائل الإعلام، من خلال تصوُّر إسلامي سليم، قادرة على مقاومة ذلك التيار التغريبي مهما صال وجال، وفُتح له المجال.
ولو أنَّ الغيورين من رجال الأعمال المسلمين التفتوا إلى هذا الجانب المهم لرأيت كيف تنقلب الصورة، وكيف تسري روح الخير بين الناس سريان ماء النهر الصافي الرَّقراق، لأن الحقَّ يخاطب الفطرة البشرية التي هي في أصلها فطرة سليمة.
* * *
البيان: دعني أسأل: ألدينا نظرية واضـحـة المعـالـم في أدبنا العربي، أم أننا لمْ نزلْ نجترّ النظريات الغربية الوافدة منذ قرن تقريباً؟
▪ نعم! لدينا نظرية واضحة في أدبنا العربي الذي ينبثق من التصوُّر الإسلامي، وهو ما يندرج في الفترة الأخيرة تحت مصطلح «الأدب الإسلامي». إنها نظرية الأدب النظيف الرَّاقي، نظرية التَّوازُن بين سموِّ المضمون وجمال وفنِّية الشكل، وهي نظرية متميِّزة تكوِّن شخصيَّة مستقلَّةً لأدبنا العربي الإسلامي، ويمكن أن يجد فيها غير المسلمين صورةً جديدةً بالنسبة إليهم تخالف ما هم عليه من انحراف فكري وهزيمة روحيةٍ أمام الزَّحف المادي الإلحادي الذي أكل أخضرهم ويابسهم. إن المثقف الغربي في فرنسا وبريطانيا وغيرهما يؤكد ـ كما نشر ذلك أكثر من مرة، وكما عرض ذلك من خلال لقاءٍ مع بعض المثقفين الفرنسيين في برامج ثقافة فضائية ـ أنه يُصدَمُ بما يترجم من الأدب العربي الحداثي أو غير الحداثي مما هو متأثر ببعض المذاهب الغربية؛ لأنه لا يرى فيه إلا صورة الرؤية الثقافية الغربية منقولة إليه بالترجمة من اللغة العربية، وكأن ذلك المثقف الغربي يقول: «هذه بضاعتنا رُدَّتْ إلينا»! وهنا تأتي مسؤولية الأدب الإسلامي ومبدعيه ونقَّاده.
* * *
البيان: لك موقف محدّد من الحداثة التي ما زالت تثير جدلاً في الواقع الأدبي العربي: ما خلاصة موقفك منها؟
▪ خلاصة موقفي من الحداثة «الرفض لمصطلحها المحمَّل بالتمرُّد على القيم والأخلاق، وإشاعة الانحراف في فكر الإنسان وثقافته» فصورة هذا المصطلح واضحة جداً إلى درجةٍ لا ينفع معها التلفيق ولا التأويل؛ فالحداثة منهج وأيديولوجية، وليست تجديداً في الأدب ولا تحديثاً في شكله فقط كما قد يتبادر إلى أذهان غير المطَّلعين عليها وعلى مسيرتها بعمق.
وهذا المنهج يناقض الرؤية الصحيحة للكون والحياة والإنسان، أي أنَّه يناقض الإسلام. ولو كانت الحداثة تعني التجديد في الأدب، كمـا هـو معـروف في مسيرة الطبيعة عبر العصور، لما وجدَتْ منَّا إلا التعامل اللائق بكل تجديدٍ صحيح.
* * *
البيان: يثار أحياناً أنَّ الالتزام بالإسلام يعيق الإبداع في العمل الأدبي، فكيف تنظر لهذه المسألة؟
▪ النماذج الأدبية شعراً ونثراً، قديماً وحديثاً، من الأدب الإسلامي مطروحة بين أيدي القراء والنقَّاد، وفيها من سمات الجودة الفنية والإبداع ما لا يخفى على متذوِّق. أما العبارات الطائرة كالهباء في الفضاء فلا قيمة لها في ميزان النقد البنَّاء كعبارة «الالتزام الإسلامي عائق في طريق الإبداع الأدبي».
اسمح لي أخي الكريم أن أقول: هذه ليست عبارة نقدية ولكنها «أُمنيّة» في قلوب المناوئين للأدب الإسلامي يردِّدونها على شكل «عبارة نقدية» وإنَّ النقد الأدبي الصحيح منها لَبَراء. نحن نطالب بالدراسة النقدية لهذا الأدب ثم إطلاق الحكم بعد ذلك.
وأذكِّر هنا بموقف أستاذي الذي أشرف على رسالتي للدكتوراه بعد وفاة مشرفها الأول الدكتور عبد الرحمن الباشا رحمه الله ؛ وهو الدكتور الشاعر المسرحي (أنس داود) رحمه الله؛ فقد كان غير مؤمن بفكرة الأدب الإسلامي، وكان يسارياً على منهج (صلاح عبد الصبور) وأمثاله، وكان رأيه أن الأدب الإسلامي ضعيف فنّياً، ونفى الإبداع عن الكاتبين الروائيين الإسلاميين الكبيرين (علي أحمد با كثير، ونجيب الكيلاني) رحمهما الله. وجدت بيني وبين الدكتور أنس مناقشات طويلة تميَّزت بالوضوح والصراحة كشفت لي أن الدكتور لم يقرأ إلا صفحات متفرِّقات من روايات الرجلين، وحينما عاتبته على هذا الموقف مع أنه أكاديمي وأستاذ جامعي قال لي: لقد كنا في اجتماعات (شللنا) اليسارية نتواصى بعدم قراءة أدب غير الأدب اليساري أو ما شابهه من الآداب المتأثرة بالغرب حتى لا ترتكس أذواقنا. ثم اتفقت مع الدكتور أنس على أن يقرأ بعض روايات باكثير والكيلاني؛ فما مضى عليه شهر ـ رحمه الله ـ حتى تغيَّر رأيه إلى النقيض تماماً، وقسْ على هذا أشباهه ونظائره.
* * *
البيان: أخيراً، ألسنا بحاجة إلى إبداع أدبي إسلامي يفـرض نفـسه على الواقـع في سـاحاتـنا الأدبية قبل التنظير للأدب؟
▪ الإبداع الإسلامي موجود، ووجود التنظير مهم في زَمَنٍ تقوم فيه آداب العالم على رُؤى ونظريات فلسفية متعدِّدة، وإنما ندعو إلى مضاعفة الجهد من الأدباء الإسلاميين، وإلى الحرص على الحضور الإعلامي والثقافي عبر الوسائل والمنتديات والندوات والمهرجانات، وهذا الحضور يحتاج إلى إبداع أدبي، وثقةٍ كاملة بالنفس، وعدم الخوف من هجوم المناوئين من باب (خذ الكتاب بقوة)، وصاحب الحق إذا أتقن عمله لا يخاف أحداً ولا يتردَّد.
* * *
البيان: أنت شاعرٌ إسلامي مَعْروف، ولك عدة دواوين شعرية، ولكن كيف تردّ على من يدّعي أن الشاعر الإسلامي ما زال يكرّر نفسه مبتعداً عن المجال الفني؟
▪ أعيد كلاماً قلته آنفاً: الأقوال الطائرة كالهباء في الفضاء لا تستحق الوقوف عندها. قيل عن شعري ما ذكرته يا أخي الكريم وأكثر مما ذكرت، وأنا ـ في الشعر ـ كأي شاعرٍ لا يمكن أن يكون شعره على وتيرةٍ فنية واحدة، ولكنَّ الفيصل في هذا الدراسة النقدية.
كلُّ من طرحوا عليَّ هذا السؤال وأمثاله أجبتهم وسأظل أجيبهم بجواب واحد: اقرأ إنتاجي ثم احكم، وستجد أني شغوف بالإصغاء إليك والإفادة من حكمك. المجال الفني ليس حكراً على أحد؛ فهو ساحة مفتوحة لنا ولغيرنا، والوسائل الحديثة قرَّبت البعيد وأَثْرَتْ تجارب المبدعين الذين يملكون ناصية الإبداع بصرف النظر عن اتجاهاتهم، وهنا تتهاوى العـبارات الطائرة المجحفة التي ترتكس بالنقد إلى زمن عبارات (أشعر الناس) و (أخطب الناس) و (أضعف الشعراء) وما شابهها؛ التي لا تسمن في النقد ولا تغني من جوع.
* * *
البيان: قال أحـد نقـاد الحـداثة عنـك قـبل سنوات: (عبد الرحمن العشماوي شاعر كبير لو أراد)..؛ ما المعنى الذي تقرؤه في هذه العبارة؟ وما سبب ما قيل عنك؟
▪ الأولى أن يوجَّه السؤال إلى الذي قال هذه العبارة؛ لأنه هو الذي يملك التفسير الصحيح لمعناها، ولماذا نشغل أنفسنا بعبارات عائمة؟!
________________________________
المصدر : موقع مجلة البيان - ملف النقد الأدبى