هُويتنا أو الهاوية (18)

محمد شتيوى

مستشار سابق


أساليب طمس الهوية الإسلامية (3)

سادساً : التآمر على اللغة العربية :
لشدة ارتباطها بالقرآن والإسلام، وأثرها في وحدة الأمة، وذلك عن طريق تشجيع اللهجات العامية، والمطالبة بكتابتها بالحروف اللاتينية، وتشجيع اللغات الأجنبية على حساب لغة القرآن الكريم، وتطعيم القواميس العربية بمفاهيم منحرفة كقاموس (المنجد)، والطعن في كفاءة اللغة العربية وقدرتها على مواكبة التطور العلمي .

وإذا كانت (الثقافة) هي مجموع القيم التي ارتضتها الجماعة لنفسها، لتميزها عن غيرها من الجماعات، فإن اللغة هي وعاء الثقافة، ومظهرها الخارجي الذي يميزها.

إن لغتنا ليست لغة قومية، لكنها لغة دينية تجمع حولها المسلمين جميعاً عرباً وعجماً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: (اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهمان إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) اهـ.
وقال المرتضي: (من أبغض اللسان العربي أدّاه بغضه إلى بغض القرآن وسنة الرسول لله، وذلك كفر صراح، وهو الشقاء الباقي، نسأل الله العفو) اهـ .

إن للغة دوراً خطيراً في توحيد الأمة، وهاك مثالين يوضحان ذلك :-

الأول:

(إيرلندا) التي رزحت تحت الاحتلال الإنكليزي منذ أوائل القرن الثاني عشر الميلادي، وذاقت منه الويلات، خصوصاً على يد (كرومويل) الذي أعمل السيف في رقاب الإيرلنديين، وشحن عشرين ألفاً من شبابهم وباعهم عبيداً في (أمريكا)، ونفى أربعين ألفاً خارج البلاد، وتمكن من طمس هويتهم بمحو لغتهم الإيرلندية، وتذويبهم في المجتمع البريطاني.

ولما حاول بعض الإيرلنديين الوطنيين بعث أمتهم من جديد أدركوا أن هذا لا يتم ما دامت لغتهم هي (الإنكليزية)، وما دام شعبهم يجهل لغته التي تميز هويته، وتحقق وحدته.

وأسعفهم القدر بمعلّم يتقن لغة الآباء والأجداد؛ دفعه شعوره بواجبه إلى وضع الكتب التي تقرب اللغة الإيرلندية إلى مواطنيه، فهبوا يساعدونه في مهمته حتى انبعثت من رقادها، وشاعت، وصارت (النواة) التي تجمع حولها الشعب، فنال استقلاله، واستعاد هويته، وكافأ الشعب ذلك المعلم بانتخابه أول رئيس لجمهورية (إيرلندا) المستقلة ـ هو الرئيس (ديفاليرا).

الثاني:

(ألمانيا) التي كانت مقاطعات متفرقة متنابذة، إلى أن هبّ (هَرْدِر) الأديب الألماني الشهير في النصف الثاني من القرن الثامن عشر ينادي بأن (اللغة) هي الأساس الذي يوحّد الشعوب، والنواة التي تؤلف بينها، فانطلق الأدباء يعكفون على تراثهم القديم أيام كانوا أمة واحدة، وقاموا بإنعاش تراثهم الأدبي، ونسجوا حوله قصصاً وبطولات خلبت ألباب الشباب، وتغنوا بجمال بلادهم، وأمجاد أسلافهم، فتجمعت عواطفهم على حب الوطن الكبير، وتطلعت نفوسهم إلى الانضواء تحت لواء (هوية ألمانية) واحدة، الأمر الذي مهّد الطريق أمام (بسمارك) لتعبئة الشعور القومي، وتوحيد ألمانيا، وإقامة (الإمبراطورية الألمانية) التي كان (بسمارك) أول رئيس وزارة (مستشار) لها.

* * *

إذا علمت هذا فأسمع وتعجب من المستشرق الألماني " كاممفاير " وهو يقول في شماتة:
" إن تركيا منذ حين لم تعد بلداً إسلامياً , فالدين لا يُدرس في مدارسها , وليس مسموحاً بتدريس اللغتين العربية والفارسية في المدارس , وإن قراءة القرآن العربي وكتب الشريعة الإسلامية قد أصبحت الآن مستحيلة بعد استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية " انتهى.

______________________________
المصدر : كتاب ( هُويتنا أو الهاوية ) - الدكتور محمد إسماعيل المقدم
 


بارك الله فيك اخي محمد ... سلسلة مباركة

 


الباشمهندس حسام
شرفنى مروركم الكريم

الفاضلة ملكة كتاب العرب
ومرور رائع

الكريم تايقر
وفيك بارك الله

تعلمون كم هى هذه الحلقة عزيزة على نفسى
 


دائما في القمة أستاذي محمد شتيوي
و لا اروع دائما...
بارك الله فيك وجزاك الله كل الخير
عيدك مبارك...وكل عام وانت بألف خير
تقبل الله منا ومنكم... دمت بخير وعافية
 


بارك الله فيك وكل عام وانت الى الله اقرب وللجنة أوجب
وفى خير لا ينضب
 


العزيزان / الكيميائى , ودراجون

مرحبا بكما أخواى العزيزان فى هذه الصفحة
وكل عام وأنتما بخير وسعادة :)
 


إن تركيا منذ حين لم تعد بلداً إسلامياً , فالدين لا يُدرس في مدارسها , وليس مسموحاً بتدريس اللغتين العربية والفارسية في المدارس , وإن قراءة القرآن العربي وكتب الشريعة الإسلامية قد أصبحت الآن مستحيلة بعد استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية
بارك الله فيك اخي محمد...نعم يجد هؤلاء صعوبة في فهم القرءان وقراءته بسبب طمس الأحرف العربية في تكريا واستبدالها باللاتينية ..
وهذا الذي يريده القوم ممن يتكلمون العربية ...ولعلك اخي سمعت ما دار في الماضي القريب في مصر من محاولة استبدال الحرف العربي باللاتيني بمبررات سخيفة من مثل هؤلاء الذين ينعقون وراء كل ناعق وانبهروا بحضارة الغرب ..ولكن الشرفاء من علماء اللغة لم يتركوهم لحالهم بل بينوا عوارهم وفندوا شبههم ولو وقع في يدك كتاب الدكتور محمد حسين حسين "حصوننا مهددة من داخلها" لرأيت المعركة التي خاضوها والمؤتمرات التي أقاموها ,,ولكن في النهاية رد كيدهم في نحرهم ..
ولذلك نحن والحمد لله لم تنقطع صلتنا بالماضي بل نستطيع القراءة في كتب الأقدمين ونستطيع قراءة الشعر العربي القديم دون أدنى مشكلة ..أتعلم أخي لقد قرأت في كتاب لا أذكر اسمه أن الأروبيين انقطعوا عن ماضيهم ولن يستطيعوا القراءة في الكتب التي ألفت باللغة اللاتينية....
ألسنا نحن في نعمة
 


أخى حضرموت
أشكرك على مداخلتك الجميلة

ولذلك نحن والحمد لله لم تنقطع صلتنا بالماضي بل نستطيع القراءة في كتب الأقدمين ونستطيع قراءة الشعر العربي القديم دون أدنى مشكلة ..أتعلم أخي لقد قرأت في كتاب لا أذكر اسمه أن الأروبيين انقطعوا عن ماضيهم ولن يستطيعوا القراءة في الكتب التي ألفت باللغة اللاتينية....

فى الواقع هذا الأمر غير مطرد ..
أنت تستطيع لكن أغلب الجمهور العربى لا يستطيع مثلا قراء الشعر العربى دون أن يجد صعوبات بسبب ضعف اللغة
ولئن لم ينجح الغرب فى محو اللغة - لأن الله حافظها - إلا أنهم قد نجحوا فى إضعافها لدى أغلب الشعوب العربية العربية والإسلامية
ذات يوم أنشدت أخى بعض الشعر القديم , فقال لى : " قل ثانية .. فلم أفهم إلا حروف الجر ! "
هذا مع أن أخى هو أستاذى الاول بعد والدى

ليت كل مداخلات الأعضاء كمداخلاتك :)
 
عودة
أعلى