طرائف أدبية ومقتطفات شعرية (13)

محمد شتيوى

مستشار سابق
من أجمل الاعتذارات عن البكاء


ثمَّة فن رائع من فنون الشعر العربي وهو فن ( الاعتذار ) , والاعتذار معروف فيما بيننا واضح القسمات بيِّن المعالم لا يخفى
وأسوق إليكم هذا الخبر الماتع , والأثر الرائع , عن حديث وُدِّي دار بين عملاقين من عمالقة الشعر فى العصر العباسي , بين أبى معاذ بشار بن بُرد , وبين أبى العتاهية , حيث يُشد كل منهما الآخر ما أعجبه من شعره , وراقه من بديع نظمه , في موضوع واحد وهو الاعتذار عن البكاء – والخبر يُنبئ عن نفسه ...

* * * * * *
حدثني الصولي قال حدثنا الغلابي قال حدثنا مهدي بن سابق قال: قال بشار لأبي العتاهية: أنا والله استحسن اعتذارك من دمعك حيث تقول :

كَم مِن صَديقٍ لي أُسا ... رِقُهُ البُكاءَ مِنَ الحَياءِ
فَإِذا تأمَّلَ لامَني ... فَأَقولُ : ما بي مِن بُكاءِ !
لَكِن ذَهَبتُ لأرتَدي ... فَطرفتُ عَيني بِالرِداءِ


فقال له أبو العتاهية: لا والله يا أبا معاذ، ما لُذْتُ إلا بمعناك , ولا اجتنيت إلا من غرسك حيث تقول :

شَكَوتُ إِلى الغَواني ما أُلاقي ... وَقُلتُ لَهُنَّ : ما يَومي بَعيدُ
فَقُلنَ : " بَكَيتَ " , قُلتُ لَهُنَّ : " كَلا " ... وَقَد يَبكي مِنَ الشَوقِ الجَليدُ
وَلَكِنّي أَصابَ سَوادَ عَيني ... عُوَيدُ قَذىً لَهُ طَرَفٌ حَديدُ
فَقُلنَ : " فَما لِدَمعِهِما سَواءً ؟! ... أَكِلتا مُقلَتَيكَ أَصابَ عودُ ؟!


* * * * *

مع خالص التحية
______________________________
المصدر : كتاب الأغانى للأصفهانى ( الموسوعة الشعرية ) - بتصرف .
 
فَقُلنَ : " بَكَيتَ " , قُلتُ لَهُنَّ : " كَلا " ... وَقَد يَبكي مِنَ الشَوقِ الجَليدُ

و في الاعتذار أيضا و لكن بطريقة الهدية .. حيث بعث بن زيدون عنب يسمى العذارى فهو يشبه أصابع العذارى معتذرا لسيف الدولة الحمداني و بعث معها قصيدة مطلعها :

أتاك محييا عني اعتذارى .... عذارى دونها ريق العذارى

بارك الله فيك أخي الكريم محمد على هذه المقتطفات النادرة
حييت
 
عودة
أعلى