قبل البدء في ذكر النصيحة لهذا الإمام الجليل أحب التعريج على ذكر ترجمة مختصرة لكل من الإمام الطرطوشي وابن امير الجيوش
ترجمة الإمام الطرطوشي:
الطرطوشي الإمام العلامة، القدوة الزاهد، شيخ المالكية، أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الاندلسي الطرطوشي الفقيه، عالم الاسكندرية كان إماما عالما، زاهدا ورعا، دينا متواضعا، متقشفا متقللا من الدنيا، راضيا باليسير.
ترجمة ابن امير الجيوش:
وأما الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الارمني فكان بطلا شجاعا، وافر الهيبة، عظيم الرتبة وكان الامراء تكرهه لكونه سنيا، فكان يؤذيهم، وكان فيه عدل، فظهر بعده الظلم والبدعة وكان الأفضل حسن الاعتقاد، سنيا، حميد السيرة، كريم الأخلاق، لم يأت الزمان بمثله.
النصيحة:
دخل الطرطوشي على الأفضل ابن أمير الجيوش بمصر، فبسط تحته مئزره، وكان إلى جانب الأفضل نصراني، فوعظ الأفضل حتى أبكاه يقول الطرطوشي:
دخلت على الأفضل بن أمير الجيوش، وهو أمير على مصر، فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد السلام على نحو ما سلمت رداً جميلاً، وأكرمني إكراماً جزيلاً، وأمرني بدخول مجلسه، وأمرني بالجلوس فيه. فقلت: أيها الملك إن الله تعالى قد أحلك محلاً علياً شامخاً، وأنزلك منزلاً شريفاً باذخاً، وملكك طائفة من ملكه، وأشركك في حكمه، ولم يرض أن يكون أمر أحد فوق أمرك، فلا ترض أن يكون أحد أولى بالشكر منك، وليس الشكر باللسان، وإنما هو بالفعال والإحسان. قال الله تعالى: " اعملوا آل داود شكراً " ، واعلم أن هذا الذي أصبحت فيه من الملك إنما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عنك بمثل ما صار إليك، فاتق الله فيما خولك من هذه الأمة، فإن الله تعالى سائلك عن الفتيل والنقير والقطمير. قال الله تعالى: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ، وقال تعالى: " وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " ، واعلم أيها الملك أن الله تعالى قد آتى ملك الدنيا بحذافيرها سليمان بن داود عليه السلام، فسخر له الإنس والجن والشياطين والطير والوحش والبهائم، وسخر له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، ثم رفع عنه حساب ذلك أجمع فقال له: " هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ " ، فوالله ما عدها نعمة كما عددتموها، ولا حسبها كرامة كما حسبتموها، بل خاف أن تكون استدراجاً من الله تعالى، ومكراً به. فقال: " هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ " فافتح الباب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم، وأغث الملهوف، أعانك الله على نصر المظلوم، وجعلك كهفاً للملهوف وأماناً للخائف. ثم أتممت المجلس بأن قلت: قد جبت البلاد شرقاً وغرباً، فما اخترت مملكة وارتحت إليها، ولذت لي الإقامة فيها غير هذه المملكة ثم أنشده:
ترجمة الإمام الطرطوشي:
الطرطوشي الإمام العلامة، القدوة الزاهد، شيخ المالكية، أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الاندلسي الطرطوشي الفقيه، عالم الاسكندرية كان إماما عالما، زاهدا ورعا، دينا متواضعا، متقشفا متقللا من الدنيا، راضيا باليسير.
ترجمة ابن امير الجيوش:
وأما الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الجمالي الارمني فكان بطلا شجاعا، وافر الهيبة، عظيم الرتبة وكان الامراء تكرهه لكونه سنيا، فكان يؤذيهم، وكان فيه عدل، فظهر بعده الظلم والبدعة وكان الأفضل حسن الاعتقاد، سنيا، حميد السيرة، كريم الأخلاق، لم يأت الزمان بمثله.
النصيحة:
دخل الطرطوشي على الأفضل ابن أمير الجيوش بمصر، فبسط تحته مئزره، وكان إلى جانب الأفضل نصراني، فوعظ الأفضل حتى أبكاه يقول الطرطوشي:
دخلت على الأفضل بن أمير الجيوش، وهو أمير على مصر، فقلت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد السلام على نحو ما سلمت رداً جميلاً، وأكرمني إكراماً جزيلاً، وأمرني بدخول مجلسه، وأمرني بالجلوس فيه. فقلت: أيها الملك إن الله تعالى قد أحلك محلاً علياً شامخاً، وأنزلك منزلاً شريفاً باذخاً، وملكك طائفة من ملكه، وأشركك في حكمه، ولم يرض أن يكون أمر أحد فوق أمرك، فلا ترض أن يكون أحد أولى بالشكر منك، وليس الشكر باللسان، وإنما هو بالفعال والإحسان. قال الله تعالى: " اعملوا آل داود شكراً " ، واعلم أن هذا الذي أصبحت فيه من الملك إنما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عنك بمثل ما صار إليك، فاتق الله فيما خولك من هذه الأمة، فإن الله تعالى سائلك عن الفتيل والنقير والقطمير. قال الله تعالى: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " ، وقال تعالى: " وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ " ، واعلم أيها الملك أن الله تعالى قد آتى ملك الدنيا بحذافيرها سليمان بن داود عليه السلام، فسخر له الإنس والجن والشياطين والطير والوحش والبهائم، وسخر له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب، ثم رفع عنه حساب ذلك أجمع فقال له: " هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ " ، فوالله ما عدها نعمة كما عددتموها، ولا حسبها كرامة كما حسبتموها، بل خاف أن تكون استدراجاً من الله تعالى، ومكراً به. فقال: " هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ " فافتح الباب، وسهل الحجاب، وانصر المظلوم، وأغث الملهوف، أعانك الله على نصر المظلوم، وجعلك كهفاً للملهوف وأماناً للخائف. ثم أتممت المجلس بأن قلت: قد جبت البلاد شرقاً وغرباً، فما اخترت مملكة وارتحت إليها، ولذت لي الإقامة فيها غير هذه المملكة ثم أنشده:
يا ذا الذي طاعته قربة * وحقه مفترض واجب
إن الذي شرفت من أجله * يزعم هذا أنه كاذب
وأشار إلى ذلك النصراني، فأقام الافضل النصراني من موضعه.إن الذي شرفت من أجله * يزعم هذا أنه كاذب
=============
سير أعلام النبلاء
المستطرف
============
سير أعلام النبلاء
المستطرف
============