ماجدة صبّاح
عضو فعال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لستُ عاشقة...إذن، أنا معقدة!!
مما لاشك فيه أن الإنسان مخلوق له طبائعه وصفاته المغروزة فيه كطبيعة فطرية خلق عليها، وهي كاللجوء للإله في وقت الخوف والفزع فنراه يقول:"يا رب" ولو كان غير مسلم، وكثيرة هي الأمثلة على ذلك، ولكن آخذ منها واحدة وهي موضوع نقاشي لليوم :"الحب".الحب كلمة رائعة بكل ما تحمله من معانٍ، ولا شك في هذا أبداً وهي كلمة غير قذرة على الإطلاق، بل هي رقيقة تحتاج لمشاعر مختلطة من الرقة والصلابة أحياناً، وقد يترتب عليها آثار مختلفة كـ: الخوف، الحزن، الفزع، اليأس والفرح وغيرها الكثير.
هذه الكلمة الصغيرة بحروفها حملت رجالا أقوياءَ أشداء على البكاء ورثاء الأطلال وذكر المحبوبة..وربما وصلت في بعض الأحيان حد الاقتتال والموت، فنرى امرؤ القيس في قصائده كيف بكى محبوبته وشكا الولع والحب، وكذلك السيف المقدام عنترة بن شداد، وغيرهما الكثير.
وفي الجانب الآخر نرى الحب على أشكال عديدة، فقد سمعت يوماً على إذاعة البي بي سي، في برنامج بي بي سي إكسترا، أن فتاتين شابتين قامتا بتفجير ثلاثة بيوت باستخدام مواد سائلة جهزوها عن طريق الانترنت لها رائحة البيض وقد راح ضحيتها رجل لا دخل له، والسبب: شاب!!
ولعلنا هنا نقرأ مدى التخلف الذي آلت له عقول شبابنا اليوم، فصاروا يريدون التقليد ولو كان فعلهم عن غير اقتناع.
فترى هذا يجري وراء تلك لا لشيء سوى أنها ابتسمت له(وكأنه لم ير في حياته ابتسامة) وهذا يحادث تلك عبر الجوال ويردد لها عبارات يخجل في بعض الأحيان أن يقولها رجل لزوجه!
ومؤخرا، خرج علينا ضيف ثقيل يسمى: الانترنت، وخدمة الشات أو الدردشة، فيتعرف وتتعرف هذي عليه –وسبحان مجمع القلوب- يدب العش فجأة في الصدر مخترقا حواجز تقدر بمئات الكيلو مترات! وكثيرة هي الأيادي التي تلهث وراء التدمير والتخريب مقابل الأموال، ولو كانت بهذه الطرق الغير شرعية، فمثلا نرى خدمة الشات عبر التلفاز( يعني: اللي مش شايف يشوف، على العلني ودون خوف)!
لربما ابتدأت موضوعي بالحديث عن الجانب السلبي للحب، وهذا مطابق للعنوان.
ولكن ومن باب الإنصاف أكتب هذه الفقرة القصيرة عن الحب (الإيجابي).
إن الحب والمحبة لهما رونق الحياة وإكسيرها وعودها المخضر الذي لا ينكسر، وحياة بلا حب كقوس بلا وتر ترمي منه بسمهم فلا يصيب ولا يخيب، وإنهما يزيلان كثيرا من الغموض والكره والبغض، ويخففان ولو شيئا يسيرا عن الروح أعباءها، وقد قيل في المحبة ( تقر بذكرها العيون الطيبة، وتنشرح بسماعها القلوب الحزينة).
إن للمحبة آثارها الإيجابية على الفرد ونفسه وذاته ومجتمعه وأهله، وقد دعا إسلامنا الكريم إلى السير نحو المحبة. فلو اطلعنا على أسماء الله تعالى الحسنى التي نعرفها سنرى اسماً كريماً يشع نوراً وهو(الودود) وفي صحيح البخاري معناه (الحبيب).
الحبّ كلمة سلسة لها عجائب وعجائب، تحول المر حلواً والحزن فرحاً والحديد حريراً.
وقد أشار بعض من سلفنا إليه بعبارة: الحبّ حب يبذر في أرض القلوب ويسقى بماء العقول فيثمر على قدر طيب الأرض وصفو الماء.
الحب، كثيرا ما نسمع عن هذه الكلمة، فهل لها تعريف معين؟
إنها تعني تجاذب قلبين اجتمعا على أمر فتشغل القلب بذاك المحبوب، حتى أنه يشعر أنه لا إنسان بعد هذا الإنسان، أو لا أحد مثله، تراه مولعا متيما به متعلق بقلبه يرى في حبه الحياة والموت معا، فهو أبداً لا يطيق الفراق وإن غاب عنه حبيبه سأل عنه وهو في لهف وشوق إليه، فهذا شاعر يقول:
خيالك في عيني وذكرك في فمي...ومثواك في قلبي فأين تغيب؟
وآخر:
لو عيروني بالهيام فإنه...يا زين عار متيم منذ الأزل
فبين ذاك وهذا، نرى رابطاً مشتركاً، لا ليس كربونيا ولا هيدروجينيا ولا غيره، بل هو رابط الإحساس، فأن تحس بأنك عاشق ليس بعيب ولكن العيب أن تفقد سيطرتك على هذا الإحساس، فتفعل وتحرك وتشير..
فاللسان هنا مشغول والعقل مشلول!
أكيد هناك من يرفض هذه العبارة، مهلاً هداكم الهادي، انظروا إلى أنواع الحب:
أعظمه الحب الروحاني، حب الله تعالى وهذا مفروض على كل مسلم، فيجب على القلب أن يجتمع –لو كان مؤمنا حق الإيمان- والجوارح كلها على محبة الله تعالى، فإن الذين آمنوا لهم أشد الناس حباً لله عز وجل، وهي متمثلة ب: طاعته تبارك وتعالى، والامتثال لأوامره والابتعاد عن نواهيه ودعائه والتذلل إليه.
فإن محبة الخلق لله تعالى فطرية خالصة، ابتدأت من السماء ومن فيها إلى الأرض ومن عليها وتحتها. قال تعالى: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبّاً لله ".
فإنه هو الله منبت الحسنات ومضاعفها، وماحي الذنوب وغافرها..فكيف لا نحبه؟
ثم تلي هذه المحبة محبة الرسل الكرام كلهم بلا تمييز، ابتداءً من محمد –صلى الله عليه وسلم- إلى آدم عليه الصلاة والسلام، قال نبي الله الأكرم في حديث شريف ورد عنه:" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين".
وبما معنى حديثٍ عنه –صلى الله عليه وسلم- في حادثة حين كان يحادث عمراً بن الخطاب، أنه سأله: يا عمر، أتحبني أكثر من نفسك؟ فقال: لا، بل نفسي أحب إلي، فقالها مجددا، فأجاب بذات الجواب، فقال له: ارجع يا عمر، فإن إيمانك لم يكتمل بعد، فعاد له لاحقا وقال: أحبك يا رسول الله أكثر من نفسي ومالي وولدي، فقال: الآن يا عمر.
أي الآن اكتمل إيمانك يا عمر.
وثالث المراتب، محب المؤمنين بعضهم لبعض، فإن رجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه لهم يوم القيامة نصيب..أن يظلهما الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله...(اللهم اجعلنا وسائر المسلمين منهم). أولم نسمع الحديث الشريف:" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"؟
ثم أن يحب الزوج زوجه، والزوجة زوجها، فإن هذا من الأسس التي يقوم عليها المجتمع السليم. والذي من خلاله يكون التفاهم، فتبنى اللبنة الأولى على أساس عظيم، ثم محبة الأبناء والتي لا شك في أنها ستكون نتيجة لمحبة الأبوين بعضهما لبعض، وكيف لا، وهما من يوجه ومن يقود؟
ثم في النهاية أضيف: محبة شاب لفتاة، على أساس لم يقم على أساس!!
فكيف يكون هذا؟
إن الإعجاب بالجنس الآخر لهو غريزة فطرية لا أحقرها ولا أقبحها، ولكن أدعو إليها كما دعا ديننا الكريم.
قد يبدأ الحب بالنظر، وكما يقولون:" النظرة سهم من سهام إبليس"، فتره معجبا بها؛ لحسن صورتها ونطقها وحسن خلقها، ثم ما تلبث أن تغيب عنه حتى يشتاق إليها فتوحشه فتشغل باله، وربما يمنع هذا العيون من النوم وربما الفم من الأكل وربما توصل حد الموت! ألا يقولون:" ومن الحب ما قتل"؟
ناهيك عن نتائج كثيرة مترتبة عليه، أذكر منها: أن القلب ينشغل بحب المحبوب
وذكره والبكاء على الأطلال، وندب فراقه والشوق إليه وذكره كثيراً، فيأتيه في المنام وفي الاستيقاظ فيسرح به وكأنه خلق فقط لهذا، وربما قصر في عمله فيؤذي نفسه، فماذا لو كان حداداً وسرح في حبيبه ثم قطع إصبعه؟
وإن هذا كله سيلهيه عن أعظم من في الوجود وهو: ربّه، فلن يذكره إلا قليلا وإن صلى سرح في صلاته ولن يقرأ كتابه.
إذن خسر دينه وربما لاحقا يخسر محبوبته.
إضافة إلى مرض القلب وعلته وضيقه وجيشانه، فيأسره فلا يرى أمامه أحدا سواه، ثم لربما يموت القلب قهراً، وخاصةً بعد أن يرى فيمن أحب مساوءه التي لم يكن يتصورها.
ناهيك سيدي القارئ عن الدموع التي ستذرف والليل الذي سيكون شاهدا على السهر لا النوم! إن من قرأ موضوعي هذا يرى وبلا أي شك أن الحب أساس الوجود، ولا غنىً لنا عنه أبداً، وهذا صحيح..
ولكن، ألا يوجد أسس يقوم عليه؟بلى، ويمكن عزيزي القارئ أن تستنبطها بنفسك من خلال الموضوع.
في الحقيقة أنا لست بصدد التعمق أكثر فيما قدمت لكم، ولكن بصدد مناقشة موضوع الحب السائد بين شبابنا وبناتنا على أساس لا أخلاقي وبعيد كل البعد عن أوامر ديننا وعادات مجتمعنا.
تلك التي أحبت فلانا، بل وعشقته وأهدته أول يوم (يوم اللقاء) وردة، ثم فيما بعد عزمته على الغداء أو العشاء، ثم أهدته جوالاً أو سلسلةً أو ما شابه .....ثم أهدته ماذا؟
هل تستطيع أن تتصور؟ هل تستطيعين أن تتصوري ماذا أهدته؟
أهدته: قبلـــــــــــة!!
أي قذارة تلك التي وصلنا إلى قمتها؟
والله إن مثل هذه الفتاة تستحق القتل! وهو..كيف يسمح لذاته؟
وبعد القبلة، ماذا بعدها؟
عدة إجاباتٍ لهذا السؤال، ولكن فلنفترض أنهما تزوجا بعد ذلك (على سنة الله ورسوله)...
هل سيدوم حبهما؟ أم أنه سيأخذ ما كان يريده منها ثم يتركها؟ سيبقى معها أسبوع، شهر، سنة، ثم ماذا؟
يطلقها..
أبداً لا أصدق أن أحداً عشق فتاة ثم عاش معها عمره كله، لا يمكن إلا في حالةٍ واحدة، سأذكرها لا حقاً.
لكن، لماذا طلقها؟ لماذا صار يكرهها؟ أول أسبوع...حياة رومانسية، هادئة لطيفة...الخ.
ثم بعد ذلك؟
( كلمتيني..كلمتي كم شاب؟ قولتيلي بحبك...لكم واحد قولتي هالكلمة؟ اطلعتي معي..مع كم واحد اطلعتي؟)
ولنفترض أنهما عاشا سنة معاً، ثم جاء أول طفل...ترى ماذا ستكون ردة فعل الرجل؟
أكيد: أنا لا أؤمن لك أن تربي أبنائي...
ناهيك عنها هيا، من أسبوع ستبدأ الحش في ذهنه (حتى يطفش) ..
(كم واحدة كلمت غيري؟ (بحبك) لكم واحدة قولتها؟ ...وين رايح؟...أكيد بدك تقابل واحدة تانية).
وبالمختصر: في أولى اللقاءات وأيام الخطبة ( أنتِ آخر واحدة في حياتي...
وبعدها..تكتشف أنها أول واحدة في حياته)...
ذلك أنه لا حب أبداً يقوم على أساس لا أخلاقي سيستمر..حتى في الدول المفتوحة أبوابها على مصراعيها للحضارة الغربية، وبدون ذكر اسم أي دولة عربية.
ولكن..أشرت إلى أن الحب يمكن أن يستمر في حالة واحدة، ترى ما هي؟
إنها: أن يعجب شاب بفتاة، فيراها أمام عينيه ملكة..درة..يراها فتاة لا مثيل لها بخلقها، وحيائها ودينها وخجلها ونسبها الطيب. ثم ماذا بفعل؟ هل يذهب إليها ويخبرها بحبه لها؟
لا، بل يتجه إلى أهله ويخربهم عنها..
هنا تستمر الحياة الطيبة الرائعة القائمة على الحب فعلاً
ربما هذا شرح سريع لعنوان الموضوع...
وهنا لي بضع أسئلة...
- عزيزي القارئ/ ـة...
- هل تتفق/ين معي فيما ورد في النص؟
- هل يجوز لنا أن نحكم على من ترفض أو يرفض الوقوع في ذلك الوحل بالمعقد؟
- وهنا السؤال الأهم، من يتحمل المسؤولية، أكـيد: الأسرة، المجتمع، المدرسة، الأصدقاء..الخ.
- ولكن..ما هو الدور الذي يجب أن يقدمه كل مسئول لحماية فتاته أو ابنه من الوقوع في مثل هذا الأمر؟
- كيف هي الطريقة؟ هل العصبية؟ الضرب؟ المنع من الخروج؟ المنع من الاختلاط؟
- ولي سؤال أوجهه لكل من عشق من الشباب..
ماذا لو أن صديقك أخبرك بأنه مغرم بفتاة ووصفها لك، وأنت ساعدته على إيصال رسائل لها، أو أعطيته كلاماً يحكيه لها..ثم فوجئت بأنها أختك!! بالله عليك..ما هي ردة فعلك؟
- والتي عشقت شاباً، ثم تزوجت رجلاً آخراً، ثم صادفها في الشارع وهي تسير وزوجها، كيف سيكون شعورها؟!
أنتظر منكم يا كرام الردود الواقعية الحقيقية التي تعبر عن ما بداخلكم فعلاً دون تعصبٍ.
وفائق الاحترام تقبلوه.
ملاحظة/
هناك بعض النقاط في تعريف الحب ودرجاته اقتبستها من كتاب: من كل بستانٍ زهرة.
28/6/2008
السبت
ملاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااحظة:
ليس لي صلاحية الدخول إلى القسم الفرعي للنقاش....لذا أرجو نقله إلى هناك إن كان أنسب؛؛؛؛؛؛؛؛؛
ومودتي