الأدب الإسلامي مصطلح لكل العصور (2)
--------------------------------------------
--------------------------------------------
وإذا كانت العلاقة بين بعض المدارس الأدبية والفلسفية التي تنتمي إليها ، علاقة تبدو أحياناً مخلخلة أو مفتعلة ، أو قل غير مقنعة ، فإن علاقة الأدب الإسلامي بأبيه الشرعي الإسلامي علاقة عضوية وثيقة لا يمكن فصمها إلا في الفترات الشاذة العصيبة ، وفي عصور الجهل الأيديولوجي والمحن السياسية والإستعمارية ، وهذا راجع لسبب أساسي ورئيسي وهو أن الإسلام ليس فلسفة تجريدية ، ولا منهجاً فضوليًّا يسمح له بالولوج إلى جهة ، ويمنع من الدخول إلى جهة أخرى ، بل هو صيغة شاملة كاملة تغطي جوانب الحياة كلها ، كما أن الإسلام ليس مجرد فرضية أو نظرية تقف في استعلاء على ربوة منزلة ، وتنتظر من يتوسل إليها بالقرابين والكلمات ، ولكنه واقع حي معاش ، فيه عظمة العصمة الإلهية ، والإستجابة الصحيحة لواقع الحياة الإنسانية بما فيها من استقامة وشذوذ ، وقوة وضعف ، ومادة وروح ، وفيه أيضاً انفتاح واع على تجارب البشر ومستجدات الحياة ، دون شعور بالخوف والتردد ، أو عقد من نقص ومهانة ، إنّ فيه صلابة الإستمساك بالثابت ، وعظمة المسايرة مع المتطور ، والقدرة على المرونة الأصلية على ضوء المفاهيم والقواعد الشامخة ذات الصبغة الإلهية ، كما أن فيه سماحة الفهم الصحيح للأديان الأخرى وما فيها من صدق أو تحريف : ( ءامن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل ءامن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحدٍ من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك وإليك المصير ) ( البقرة : 285 ) ..
ومن الطبيعي والمنطقي أن ( الأدب الإسلامي ) ينمو ويترعرع في ظل ( القرآن الكريم ) ورحابه ، وينهل من فيضه ، ويغتني بمنهجيته وأسلوبه ونماذجه ، ويستمد منه عناصر الصدق والطهارة والقوة والدقة والأمانة ، ويستشرف منه الغاية ، ويغتنم الوسيلة ، وفي فجر الدعوة الإسلامية ، أقام الرسول صلى الله عليه وسلم للشعر منبراً في المسجد ، كما قال عن شاعره حسان : ( إنه ينطق بروح القدس ) ، كما قال صلى الله عليه وسلم أيضاً : ( إن من الشعر حكمة ، وإن من البيان لسحراً ) ، وهكذا استمد الشعر الإسلامي منذ شروق الدعوة ألفاظ القرآن وعباراته وقيمه وأحكامه ، وسار الشعر ( وهو أهم فنون الأدب آنذاك ) في ركاب الزحف الإسلامي المقدس ، موشحاً بالقيم الفكرية والفنية أو الجمالية ، منطلقاً إلى غايات أسمى وأعمق من غايات الشعر الجاهلي الذي ظل أسير العصبيات والقبليات والفخر والهجاء والمديح ..
إن إشعاعات القيم الإسلامية اخترقت الحواجز والسدود ، وخالطت علم العلماء وأدب الأدباء وسلوك الساحة واللغويين والفقهاء ، وحققت ذلك التجانس الهائل في مجالات الفكر والسلوك ، دون قيود على الإبداع الفني ، أو التجريب العلمي ، أو الإبتكار الحربي والإداري والحرفي ، ومن هنا تولدت حضارة فذة ، بعيدة عن التشوهات الخلفية والخلقية ، فضربت مثلاً رائداً في تاريخ الحضارات الإنسانية قديمها وحديثها ثم كانت هي الأساس لما جاء بعدها من حضارات تالية أو معاصرة ، على الرغم من الإنتكاسة الرهيبة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي اليوم .. وعلى الرغم من وجود فئات ظلت معتنقة للنصرانية أو اليهودية ، في إطار المجتمع المسلم .. إلا أن هذه الفئات ( مع ولائها لدينها ) ظلت معتنقة لتقاليد الحضارة الإسلامية ، لمنهجها وسلوكها ، فصدرت عن هؤلاء آداب وفنون وعلوم لا تختلف كثيراً عن نتاج القرائح المسلمة الملتزمة ، وهكذا طغى عليهم النصر التاريخي النادر المثال للحضارة الإسلامية ، ولو لم يفعلوا ذلك لانقرضوا ، وما سمع بهم أحد ، وهذه الظاهرة فيها أيضاً ما يدل دلالة واضحة على تسامح الإسلام وشموخه ، كما أن فيها أن النصر لا يكون بالحديد والنار وإنما بعظمة المبادئ الإلهية الخالدة التي تنحني أمام عظمتها الرؤوس ..
الأدب الإسلامي ( برغم ترهات المبطلين والمخدوعين ) جزء من بنية البناء الإسلامي الكبير ، وهو التعبير بالكلمة عن أيديولوجيتنا العظيمة ، ووسيلة أساسية من وسائل الدعوة في هذا العصر ، وهو منهج إعلامنا في مواجهة الإعلام الصليبي والشيوعي والماركسي والوجودي المدمر ، هو ( سلاح العصر ) في معارك الفنون والخبر والطوابير الخامسة ، وهو أولاً وأخيراً الحامل ( المضمون ) للعقيدة التي نحيى لها وبها ونستشهد في سبيلها : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون .. ومثل كلمةٍ خبيثة كشجرةٍ خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار .. يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاءُ ) ( إبراهيم : 24ـ25ـ27 ) ..
ومن الطبيعي والمنطقي أن ( الأدب الإسلامي ) ينمو ويترعرع في ظل ( القرآن الكريم ) ورحابه ، وينهل من فيضه ، ويغتني بمنهجيته وأسلوبه ونماذجه ، ويستمد منه عناصر الصدق والطهارة والقوة والدقة والأمانة ، ويستشرف منه الغاية ، ويغتنم الوسيلة ، وفي فجر الدعوة الإسلامية ، أقام الرسول صلى الله عليه وسلم للشعر منبراً في المسجد ، كما قال عن شاعره حسان : ( إنه ينطق بروح القدس ) ، كما قال صلى الله عليه وسلم أيضاً : ( إن من الشعر حكمة ، وإن من البيان لسحراً ) ، وهكذا استمد الشعر الإسلامي منذ شروق الدعوة ألفاظ القرآن وعباراته وقيمه وأحكامه ، وسار الشعر ( وهو أهم فنون الأدب آنذاك ) في ركاب الزحف الإسلامي المقدس ، موشحاً بالقيم الفكرية والفنية أو الجمالية ، منطلقاً إلى غايات أسمى وأعمق من غايات الشعر الجاهلي الذي ظل أسير العصبيات والقبليات والفخر والهجاء والمديح ..
إن إشعاعات القيم الإسلامية اخترقت الحواجز والسدود ، وخالطت علم العلماء وأدب الأدباء وسلوك الساحة واللغويين والفقهاء ، وحققت ذلك التجانس الهائل في مجالات الفكر والسلوك ، دون قيود على الإبداع الفني ، أو التجريب العلمي ، أو الإبتكار الحربي والإداري والحرفي ، ومن هنا تولدت حضارة فذة ، بعيدة عن التشوهات الخلفية والخلقية ، فضربت مثلاً رائداً في تاريخ الحضارات الإنسانية قديمها وحديثها ثم كانت هي الأساس لما جاء بعدها من حضارات تالية أو معاصرة ، على الرغم من الإنتكاسة الرهيبة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي اليوم .. وعلى الرغم من وجود فئات ظلت معتنقة للنصرانية أو اليهودية ، في إطار المجتمع المسلم .. إلا أن هذه الفئات ( مع ولائها لدينها ) ظلت معتنقة لتقاليد الحضارة الإسلامية ، لمنهجها وسلوكها ، فصدرت عن هؤلاء آداب وفنون وعلوم لا تختلف كثيراً عن نتاج القرائح المسلمة الملتزمة ، وهكذا طغى عليهم النصر التاريخي النادر المثال للحضارة الإسلامية ، ولو لم يفعلوا ذلك لانقرضوا ، وما سمع بهم أحد ، وهذه الظاهرة فيها أيضاً ما يدل دلالة واضحة على تسامح الإسلام وشموخه ، كما أن فيها أن النصر لا يكون بالحديد والنار وإنما بعظمة المبادئ الإلهية الخالدة التي تنحني أمام عظمتها الرؤوس ..
الأدب الإسلامي ( برغم ترهات المبطلين والمخدوعين ) جزء من بنية البناء الإسلامي الكبير ، وهو التعبير بالكلمة عن أيديولوجيتنا العظيمة ، ووسيلة أساسية من وسائل الدعوة في هذا العصر ، وهو منهج إعلامنا في مواجهة الإعلام الصليبي والشيوعي والماركسي والوجودي المدمر ، هو ( سلاح العصر ) في معارك الفنون والخبر والطوابير الخامسة ، وهو أولاً وأخيراً الحامل ( المضمون ) للعقيدة التي نحيى لها وبها ونستشهد في سبيلها : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون .. ومثل كلمةٍ خبيثة كشجرةٍ خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار .. يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاءُ ) ( إبراهيم : 24ـ25ـ27 ) ..
-------------------------------------------
المصدر : كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي )
المصدر : كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي )