إثارة الشوق إلى لقاء الله - تعالى - !!..

أبو قصي

ضيف شرف
طاقم الإدارة
إثارة الشوق إلى لقاء الله - تعالى -
------------------------------------------------
كتبه / عصام حسنين
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فإن الشوق إلى لقاء الله - تعالى - درجة رفيعة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله - تعالى - إياها ، فقد روى الإمام أحمد بسنده عن عمار بن ياسر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو بهذا الدعاء ... وفيه : (وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ) رواه النسائي ، وصححه الألباني ..
قال ابن رجب - رحمه الله - : " وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - : (غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ) - والله أعلم - ؛ لأن محبة لقاء الله - وهو محبة الموت - تصدر غالباً إما عن ضراء - وهي ضراء الدنيا - وقد نُهي عن تمني الموت حينئذ ، وإما من فتنة مضلة - وهي خشية الفتنة في الدين - وهو غير منهي عنه في هذا الحال" اهـ من استنشاق نسيم الأنس ص 62..
فالمسئول هاهنا الشوق إلى لقاء الله - تعالى - غير الناشئ عن هذين الأمرين ، بل عن محض المحبة !!

ما هو الشوق إلى الله ؟؟
- والشوق هو سفر القلب في طلب المحبوب ، ونزوعه إليه ، المحب دائماً مشتاق إلى لقاء حبيبه ، لا يهدأ قلبه ، ولا يقر قراره إلا بالوصول إليه ..
- وقيل : هو اهتياج القلوب إلى لقاء الله ..
- وقيل : مَن اشتاق إلى الله - تعالى - اشتاق إليه كل شيء ..

كيف نشتاق إلى الله ؟؟
- والشوق إلى لقاء الله - تعالى - لا يكون إلا بالهروب من مساخط الله - تعالى - ومعاصيه ، كما أنه لا يرجو لقاء الله - تعالى - إلا من أحسن العمل ؛ لقوله - تعالى - : (مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (العنكبوت:5) ..
قال ابن كثير - رحمه الله - : " أي : في الدار الآخرة ، وعمل صالحاً - أي في الدنيا - ، ورجا ما عند الله من الثواب الجزيل ، فإن الله سيحقق له رجاءه ، ويوفيه عمله كاملاً موفراً ، فإن ذلك كائن لا محالة ؛ لأنه سميع الدعاء ، بصير بكل الكائنات " اهـ من التفسير ..
وقال ابن القيم - رحمه الله - : " قيل : هذا تعزية للمشتاقين ، وتسلية لهم .. أي : أنا أعلم أن من كان يرجو لقائي ، فهو مشتاق إلي ، فقد أجَّلت له أجلاً يكون قريب ؛ فإنه آتٍ لا محالة ، وكل آتٍ قريب ... ، وفيه تعليل للمشتاقين برجاء اللقاء ..

لولا التعلق بالرجاء لقُطـِّعَت
نفس المحب صبابة وتشوُّقا
حتى إذا رَوْح الرجاء أصابه
سكن الحريقُ إذا تعلل باللُّقا

ويقول الله - تعالى - عن موسى - عليه السلام - : (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) ..
وهذا جواب موسى - عليه السلام - لربه - تعالى - عندما قال له : (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى . قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) (طه:83-84) ..
فالذي حمله على المبادرة هو طلب رضى ربه ، وأن رضاه - تعالى - في المبادرة إلى أوامره ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " إن رضى الرب في العجلة إلى أوامره " ..
وبهذه الآية استدل السلف على أن الصلاة في أول الوقت أفضل ..

مثيرات الشوق إلى لقاء الله - تعالى - :
أولاً : الشوق إلى لقاء الله - تعالى - أثر من آثار المحبة ، ومرتبط بها زيادة ونقصاً ، وقوة وضعفاً ..
وعليه فلابد للعبد المؤمن المشتاق إلى لقاء الله - تعالى - أن يتلبَّس دائماً بالأسباب الجالبة لمحبة الله - تعالى - من قراءة القرآن بالتدبر ، والتقرب إليه - تعالى - بالنوافل بعد الفرائض ، ومن دوام ذكره على كل حال ، ومن إيثار محابِّه على محابِّك لاسيما عند غلبات الهوى ، ومطالعة القلب لأسمائه وصفاته ، وتقلبه في رياض هذه المعرفة ، ومشاهدة بره وإحسانه ، وانكسار القلب بين يدي الله - تعالى - ، والخلوة به وقت النزول الإلهي ، ومجالسة المحبين الصادقين ، والتقاط أطايب كلامهم كما يُنتَقى أطايب الثمر ، ومباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله - تعالى - ..
ثانياً : والشوق إلى لقاء الله - تعالى - ثمرة الشكر لله - تعالى - ، فعلى قَدْر شكر العبد ربه - تعالى - بالأعمال الظاهرة والباطنة ، وتصحيح العبودية يكون سروره به ، واستبشاره بلقائه ..
ثالثاً : استحضار رؤية الله - تعالى - في الآخرة ، فهي سبب عظيم للشوق إلى لقاء الله - تعالى - ؛ ولذلك ربط النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما في هذا الدعاء العظيم : (وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ) ..
- وكذلك استحضار ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم -: (يتجلى لنا ربنا عز وجل يوم القيامة ضاحكا) رواه الطبراني ، وصححه الألباني ..
ولن نعدم من ربٍّ يضحك خيراً كما روي عن الصحابة - رضي الله عنهم - !!
وفي حديث المرور على الصراط : (حتى يمر الذي يعطى نوره على ظهر قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه ... وفيه الحوار الجليل العظيم بين الربِّ - جَلَّ جَلالُهُ - وبين هذا العبد بعد أن أنجاه الله - تعالى - من النار ... وفيه : (ألا ترضى أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه ؟ فيقول أتهزأ بي وأنت رب العزة ؟ فيضحك الرب - عز وجل - من قوله ، فيقول : لا ، ولكني على ذلك قادر ... ) رواه الطبراني ، وصححه الألباني ..
من تأمل ذلك كان عوناً له على الشوق إلى لقاء الله - تعالى - ..

السلف والشوق إلى الله - تعالى - :
- هذه الأسباب والمثيرات هي التي هَيَّجت الصالحين على طلب الشوق إلى الله - تعالى - ، والعيش على ذلك ..
كان أبو الدرداء - رضي الله عنه - يقول :
" أحب الموت اشتياقاً إلى ربي ... " ..
وكانت عجوزٌ مُغيبة (أي : غاب قريب لها ) ، فلما قدم من سفره ، فرح به أهله وقاربه ، وقعدت تبكي ، فقيل لها : ما يبكيك ؟ قالت : ذكَّرني قدوم هذا الفتى يوم القدوم على الله - عز وجل - !!
وكان أبو عبيدة الخواص - رحمه الله - يمشي في الأسواق ، ويضرب على صدره ، ويقول : " واشوقاه إلى من يراني ولا أراه " ..
وقال عنبسة الخولاني : " كان من قبلكم لقاء الله أحب إليهم من الشهد " ..
وقال بعضهم : " طال شوقي إليك فعجِّل قدومي عليك " ..
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في بداية أمره يخرج أحياناً إلى الصحراء يخلو عن الناس ، لقوة ما يَرِد عليه ، ويتمثل بقول الشاعر :

وأخرج من بين البيوت لعلَّني
أحدِّث عنك النفسَ بالسر خالياً

يقول ابن القيم - رحمه الله -: " وصاحب الحال إن لم يرده الله - سبحانه وتعالى - إلى الخلق بتثبيت وقوة ، وإلا فإنه لا صبر له على مخالطتهم " ، والله المستعان ..

- اسأل نفسك :
هل نحن نحب ونشتاق إلى لقاء الله - تعالى - في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ؟؟ أم أن هناك عوائق وحوائل تحول بيننا وبين ذلك ؟؟
كل منا يسأل نفسه ويجيب !!
- قال أبو بكر لعمر - رضي الله عنهما - حين وصَّاه :
" إن حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت - ولابد منه - ، وإن ضيعتها لم يكن غائب أكره إليك من الموت ، ولن تُعجِزه " ..
وقال أبو حازم - رحمه الله - :
" كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه، ثم لا يضرك متى مت " ..
وقال بعض السلف : " ما يكره الموت إلا مُريب " ..
وأحسن القائل عندما قال :
أمستوحشٌ أنت مما جَنَيْتَ
فأحسن إذا شئت واستأنس

اللهم إنا نسألك لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ .. آمين ..
-------------------------------
المصدر : ( موقع صوت السلف )
 


بارك الله فيك أخي العزيز على مواضيعك الهادفة

(وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) .

صدقت فالغاية من الشوق لله تعالى حتى يرضى عنا فتتحول نفسنا من النفس الأمارة بالسوء إلى اللوامة إلى المطمئنة إلى الراضية و المرضية فندخل في عباد الله و نسعد بجنة الله تعالى
( اللهم اجعلنا منهم )
 


بارك الله فيك أخي العزيز على مواضيعك الهادفة
(وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) .
صدقت فالغاية من الشوق لله تعالى حتى يرضى عنا فتتحول نفسنا من النفس الأمارة بالسوء إلى اللوامة إلى المطمئنة إلى الراضية و المرضية فندخل في عباد الله و نسعد بجنة الله تعالى
( اللهم اجعلنا منهم )
جعلنا الله وإياك وجميع الأحباب في المنتدى من عباد الله الذين يسعدون بجنته ورضوانه ...
وأنت بارك الله فيك وعليك أخي الحبيب د. قصيّ ...
كل الشكر لك أخي الغالي على مرورك الكريم وعلى تشريفك العطر ...
والشكر موصول لك أيضاً على متابعتك الدائمة وعلى اهتمامك المستمر ...
أتمنى لك كل توفيق ونجاح وسعادة في الدنيا والآخرة ...
دمت في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


بارك الله فيك اخي ابو قصي

نسأل الله الثبات على طاعته و حسن عبادته

و نحن في عصر الفتن

الماسك على دينه كالماسك على الجر


بوركت اخي على الموضوع
 


جزاك الله خيرا وبارك فيك
وجعل مثواك الفردوس الأعلى بغير حساب
 


" كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه، ثم لا يضرك متى مت "
رائع ما اخترت هو اكبر رادع ليدفع الانسان لترك معصية او ذنب يكره من اجله ان يموت

جزيت خيرا
وبارك الله فيك
 


بارك الله فيك اخي ابو قصي

نسأل الله الثبات على طاعته و حسن عبادته
و نحن في عصر الفتن
الماسك على دينه كالماسك على الجمر
بوركت اخي على الموضوع
آمين على دعائك الطيب الجميل أخي الحبيب عبد الوهاب ...
وأنت بارك الله فيك وعليك أخي الغالي وبارك لك في علمك وفي عمرك ...
كل الشكر لك أخي الكريم على متابعتك الدائمة وعلى تشريفك المستمر والمتواصل ...
أدعو لك بالتوفيق والنجاح والسعادة وراحة البال في الدنيا والآخرة ...
دمت في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


جزاك الله خيرا وبارك فيك
وجعل مثواك الفردوس الأعلى بغير حساب
وأنت جزاك الله خيراً أخي الحبيب د. سامي ...
بارك الله فيك وعليك أخي الغالي ...
كل الشكر لك أخي الحبيب على مرورك الكريم وعلى تشريفك العطر ...
رزقك الله من خيري الدنيا والآخرة ...
دمت في حفظ الرحمن وأمنه !!..
 


رائع ما اخترت هو اكبر رادع ليدفع الانسان لترك معصية او ذنب يكره من اجله ان يموت

جزيت خيرا
وبارك الله فيك
وأنتِ جزاكِ الله خيراً أختي الفاضلة أمل فلسطين ...
بارك الله فيكِ وعليكِ وبارك لكِ في علمكِ وفي عمركِ ...
أشكركِ جزيلاً أختي الكريمة على مروركِ العطر وعلى تشريفكِ الندي ...
أتمنى لكِ كل توفيق ونجاح وسعادة في الدارين ...
دمتِ بكل خير !!..
 
السلام عليكم
ذكرك الله بالشهادة ع تذكير اخوانك بهذا الموضوع الذي هو سر حياة قلوب العارفين...
على حد تعبيري استطيع ان اوجز ان الانسان مدان طول حياته وماتثبت برأته الا بعد رحمه الله عز وجل في المحكمة الالهية...هذه نظرتي حتى لنفسى شخصيا..
الحياة الدنيا نار المؤمن وجنة الكافر...
امين يالله ع دعاء اخونا ولكل امة محمد صلى الله عليه وسلم
حياكم الله
 
عودة
أعلى