( مدخل إلى الأدب الإسلامي ) دراسة منهجية هادفة (4) ..
مفهوم الأدب الإسلامي (3)
--------------------------------
نستكمل معاً بعون الله استعراض هذا الفصل الهام ( مفهوم الأدب الإسلامي ) من كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي ) حيث يكمل الدكتور نجيب الكيلاني ( رحمه الله ) كلامه السابق فيقول :
الأدب الإسلامي إذن ليس أدباً مجانباً للقيم الفنية الجمالية فهو يحرص عليها كل الحرص ، بل ينميها ويضيف إبداعاته إليها ، والتراث الجمالي العالمي ملكية شائعة كالدين والفلسفة والعلوم ، لا يحتكرها شعب دون آخر ، ولا تستحوذ عليها أمة دون باقي الأمم على الرغم من اختلاف اللغات الفنية وخصوصيتها في التعبير والاستعارة والمجازات المختلفة ، ويبقى دائماً في الفنون الأدبية عناصر تكاد تكون لازمة لهذا اللون أو ذاك فللشعر مثلاً موسيقاه وإيقاعاته وأخيلته ، وللقصة أحداثها وعقدتها وشخصياتها ولها بدايتها ونهايتها ، وللمسرحية أشراطها الزمانية والحوارية وجاذبيتها الدرامية الخاصة ، وهذه كلها كما قلنا ميراث مشترك ..
والأدب الإسلامي يحرص أشد الحرص على مضمونه الفكري النابع من قيم الإسلام العريقة ، ويجعل من ذلك المضمون ومن الشكل الفني نسيجاً واحداً معبراً أصدق تعبير ، ويعول كثيراً على الأثر أو الانطباع الذي يترسب لدى المتلقى ، ويتفاعل معه ، ويساهم في تشكيل أهوائه ومواقفه وحركته الصامدة أو المتدفقة إلى الأمام ..
والأدب الإسلامي يستوعب الحياة بكل ما فيها ، ويتناول شتى قضاياها ومظاهرها ومشاكلها وفق التصور الإسلامي الصحيح لهذه الحياة ، ولا يزيف حقيقة أو يخلق وهماً فاسداً ، أو يحابي ضلالاً أو يزين نفاقاً ، ويطلق نيرانه على شياطين الإنحراف والقهر والظلم ، ومن ثم ينهض بعزائم المستضعفين وينصر قضايا المظلومين ، ويخفف من بلايا وأحزان المعذبين ، ويبشر بالخير والحب والحق والجمال ..
والأدب الإسلامي يعبر بصدق وأمانة عن آمال الإنسان الخيرة ، ويتناول نواحي الضعف والتردد والانحراف فيه بتسليط الأضواء عليها لفهمها والشفاء منها ، لا لمجرد تبريرها ، أو التماس الأعذار لها ..
تصور الأدب الإسلامي للإنسان نابع من وصف الخالق للمخلوق : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ( الملك : 14 ) ، وهو أمر يجب أن يحفل به الأديب المسلم ، بعد أن قدمت الآداب الغربية ( بل والشرقية أيضاً ) نماذج شوهاء للإنسان ، وجعلت من التشوه بطولة وحرية ، وصنعت من التمرد الفاسد تحقيقاً للذات ، وإعلاءً لشأن المخلوق ..
والأدب الإسلامي ليس ( عبثيًّا ) ولا يمكن أن يكون كذلك ، فليست الحياة ، ولا قصة الخلق ، أو دور القدر ، ولا حادث الميلاد أو الموت ، ليس ذلك كله عبثاً : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ) ( المؤمنون : 115 ) ، وهذا لا ينفي عن الحياة أنها : ( متاع الغرور ) ، أو أنها : ( لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد ) ( الحديد : 20 ) ، إنها امتحان وتجربة ودار أعمال ، خلقت لهدف وغاية ، ورسم لها الخالق سنناً وشرائع ونظاماً وقيماً ، والمؤمن ( دون غيره ) يستطيع أن يستوعب دوره الصحيح في هذه الحياة ، وأن يمضي على النهج الذي اختطته يد العناية الإلهية فيسعد وينجو ويفوز ..
والأدب الإسلامي ليس قواعد جامدة ، أو صيغاً معزولة عن الحياة والواقع ، أو خطباً وعظية تثقلها النصوص والأحكام ، ولكنه صور جميلة نامية متطورة ، تتزيَّى بما يزيدها جمالاً وجلالاً ويجعلها أقوى تأثيراً وفاعلية ، ولا يستنكف هذا الأدب أن يبتكر الجديد النافع الممتع ، فالحياة في تجدد وتطور وكذلك الإنسان وأساليب حياته العملية والعلمية والترفيهية ، على أن يظل أدبنا في نطاق القيم الإسلامية الأصلية ، ملتزماً بجوهرها وغايتها ..
والأدب الإسلامي أدب الضمير الحي ، والوجدان السليم ، والتصور الصحيح ، والخيال البناء ، والعواطف المستقيمة ، لا ينجرف إلى انحراف نفسي ، أو اعتلال شعوري ، أو مرض فلسفي تفشت جراثيمه في الماء والهواء والفنون والأفكار والسلوكيات ..
والأدب الإسلامي أدب الوضوح لا يجنح إلى إبهام مضلل ، أو سوداوية محيرة قاتلة ، أو يأس مدمر ، فالوضوح هو شاطئ الأمان الذي يأوي إليه الحائرون والتائهون في بيداء الحياة المحرقة المخيفة ..
والأدب الإسلامي لا يمكن أن يصدر إلا عن ذاتٍ نعمت باليقين وسعدت بالاقتناع وتشبعت بمنهج الله ونهلت من ينابيع العقيدة الصافية ومن ثم أفرزت أدباً صادقاً وعبرت عن التزامها الذاتي الداخلي دونما قهر أو إرغام ..
ذلك هو مفهومنا الشامل للأدب الإسلامي :
الأدب الإسلامي إذن ليس أدباً مجانباً للقيم الفنية الجمالية فهو يحرص عليها كل الحرص ، بل ينميها ويضيف إبداعاته إليها ، والتراث الجمالي العالمي ملكية شائعة كالدين والفلسفة والعلوم ، لا يحتكرها شعب دون آخر ، ولا تستحوذ عليها أمة دون باقي الأمم على الرغم من اختلاف اللغات الفنية وخصوصيتها في التعبير والاستعارة والمجازات المختلفة ، ويبقى دائماً في الفنون الأدبية عناصر تكاد تكون لازمة لهذا اللون أو ذاك فللشعر مثلاً موسيقاه وإيقاعاته وأخيلته ، وللقصة أحداثها وعقدتها وشخصياتها ولها بدايتها ونهايتها ، وللمسرحية أشراطها الزمانية والحوارية وجاذبيتها الدرامية الخاصة ، وهذه كلها كما قلنا ميراث مشترك ..
والأدب الإسلامي يحرص أشد الحرص على مضمونه الفكري النابع من قيم الإسلام العريقة ، ويجعل من ذلك المضمون ومن الشكل الفني نسيجاً واحداً معبراً أصدق تعبير ، ويعول كثيراً على الأثر أو الانطباع الذي يترسب لدى المتلقى ، ويتفاعل معه ، ويساهم في تشكيل أهوائه ومواقفه وحركته الصامدة أو المتدفقة إلى الأمام ..
والأدب الإسلامي يستوعب الحياة بكل ما فيها ، ويتناول شتى قضاياها ومظاهرها ومشاكلها وفق التصور الإسلامي الصحيح لهذه الحياة ، ولا يزيف حقيقة أو يخلق وهماً فاسداً ، أو يحابي ضلالاً أو يزين نفاقاً ، ويطلق نيرانه على شياطين الإنحراف والقهر والظلم ، ومن ثم ينهض بعزائم المستضعفين وينصر قضايا المظلومين ، ويخفف من بلايا وأحزان المعذبين ، ويبشر بالخير والحب والحق والجمال ..
والأدب الإسلامي يعبر بصدق وأمانة عن آمال الإنسان الخيرة ، ويتناول نواحي الضعف والتردد والانحراف فيه بتسليط الأضواء عليها لفهمها والشفاء منها ، لا لمجرد تبريرها ، أو التماس الأعذار لها ..
تصور الأدب الإسلامي للإنسان نابع من وصف الخالق للمخلوق : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) ( الملك : 14 ) ، وهو أمر يجب أن يحفل به الأديب المسلم ، بعد أن قدمت الآداب الغربية ( بل والشرقية أيضاً ) نماذج شوهاء للإنسان ، وجعلت من التشوه بطولة وحرية ، وصنعت من التمرد الفاسد تحقيقاً للذات ، وإعلاءً لشأن المخلوق ..
والأدب الإسلامي ليس ( عبثيًّا ) ولا يمكن أن يكون كذلك ، فليست الحياة ، ولا قصة الخلق ، أو دور القدر ، ولا حادث الميلاد أو الموت ، ليس ذلك كله عبثاً : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون ) ( المؤمنون : 115 ) ، وهذا لا ينفي عن الحياة أنها : ( متاع الغرور ) ، أو أنها : ( لعبٌ ولهوٌ وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد ) ( الحديد : 20 ) ، إنها امتحان وتجربة ودار أعمال ، خلقت لهدف وغاية ، ورسم لها الخالق سنناً وشرائع ونظاماً وقيماً ، والمؤمن ( دون غيره ) يستطيع أن يستوعب دوره الصحيح في هذه الحياة ، وأن يمضي على النهج الذي اختطته يد العناية الإلهية فيسعد وينجو ويفوز ..
والأدب الإسلامي ليس قواعد جامدة ، أو صيغاً معزولة عن الحياة والواقع ، أو خطباً وعظية تثقلها النصوص والأحكام ، ولكنه صور جميلة نامية متطورة ، تتزيَّى بما يزيدها جمالاً وجلالاً ويجعلها أقوى تأثيراً وفاعلية ، ولا يستنكف هذا الأدب أن يبتكر الجديد النافع الممتع ، فالحياة في تجدد وتطور وكذلك الإنسان وأساليب حياته العملية والعلمية والترفيهية ، على أن يظل أدبنا في نطاق القيم الإسلامية الأصلية ، ملتزماً بجوهرها وغايتها ..
والأدب الإسلامي أدب الضمير الحي ، والوجدان السليم ، والتصور الصحيح ، والخيال البناء ، والعواطف المستقيمة ، لا ينجرف إلى انحراف نفسي ، أو اعتلال شعوري ، أو مرض فلسفي تفشت جراثيمه في الماء والهواء والفنون والأفكار والسلوكيات ..
والأدب الإسلامي أدب الوضوح لا يجنح إلى إبهام مضلل ، أو سوداوية محيرة قاتلة ، أو يأس مدمر ، فالوضوح هو شاطئ الأمان الذي يأوي إليه الحائرون والتائهون في بيداء الحياة المحرقة المخيفة ..
والأدب الإسلامي لا يمكن أن يصدر إلا عن ذاتٍ نعمت باليقين وسعدت بالاقتناع وتشبعت بمنهج الله ونهلت من ينابيع العقيدة الصافية ومن ثم أفرزت أدباً صادقاً وعبرت عن التزامها الذاتي الداخلي دونما قهر أو إرغام ..
ذلك هو مفهومنا الشامل للأدب الإسلامي :
- تعبير فني جميل مؤثر ..
- نابع من ذات مؤمنة ..
- مترجمٌ عن الحياة والإنسان والكون ..
- وفق الأسس العقائدية للمسلم ..
- وباعث للمتعة والمنفعة ..
- ومحرك للوجدان والفكر ..
- ومحفز لاتخاذ موقف والقيام بنشاط ما ..
-------------------------------------------
المصدر كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي )
المصدر كتاب ( مدخل إلى الأدب الإسلامي )