خطبة أكثم بن صَيفي
بين يدي كسرى
الخطيب :
أكثم بن صيفي سيد من سادات تميم ، كان يقيم بين قومه ويقصد إليه الرجال يلتمسون عنده الحكمة والرأي السديد . ويروى أنه حين سمع ببعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أرسل رجلين يسألانه عن نسبه وعما جاء به ، فتلا عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الله تعالى: " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ 90"سورة النحل .
فلما رجعا إلى أكثم قال لقومه: هذا رسول يأمر بمكارم الأخلاق . لكنه توفي ولم يلقَ النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة النبوية بثلاث سنين , وقد عُمر طويلاً . وكان أكثم خطيباً مبدعاً وحكيماً تتدفق الحكمة على لسانه .
فلما رجعا إلى أكثم قال لقومه: هذا رسول يأمر بمكارم الأخلاق . لكنه توفي ولم يلقَ النبي صلى الله عليه وسلم بعد البعثة النبوية بثلاث سنين , وقد عُمر طويلاً . وكان أكثم خطيباً مبدعاً وحكيماً تتدفق الحكمة على لسانه .
الخطبة:
يُروى أن النعمان بن المنذر قصد إلى بلاط كسرى فوجد عنده وفوداً من الروم والهند والصين ، وقد افتخر كل وفد بمآثر أمته ، ولما افتخر النعمان بمفاخر العرب أنكر كسرى على العرب أن يكون لهم مجد ، ووصفهم بأنهم وحوش تقيم في القفر ، وحينئذ اقترح عليه النعمان أن يستدعي وفداً من العرب ويسمع منهم ، فوافق كسرى على ذلك وقدم وفد العرب وعلى رأسه أكثم بن صَيفي ، الذي ألقى هذه الخطبة بين يدي كسرى : "إنّ أفضل الأشياء أعاليها ، وأعلى الرجال مُلُوكلها ، وأفضل الملوك أعمها نفعاً ، وخير الأزمنةِ أخصبها ، وأفضل الخطباءِ أصدقها . الصدق منجاة ، والكذب مهواة (1) ، والشر لجاجة (2) ، والحزم مركبٌ صعب ، والعجز مركبٌ وطيء (3) . آفةُ الرأي الهوى ، والعجز مفتاح الفقر ، وخيرُ الأمورِ الصبر . حُسن الظنِ ورطة ، وسوء الظن عِصمة ، إصلاح فساد الرعيّة خير من إصلاح فساد الراعي ، مَنْ فسدت بطانته كان كالغاص بالماء . شر البلاد بلادٌ لا أمير لها ، شر الملوك من خافهُ البريء ، المرء بعجز لا محالة . أفضل الأولادِ البررة . خير الأعوانِ مَنْ لم يُراءِ بالنصيحة ، أحق الجنودِ بالنصر مَنْ حسُنت سريرته ، يكفيكَ من الزاد ما بلّغكَ المحل ، حسبُكَ من شر سماعه . الصمت حُكمٌ وقليلٌ فاعلهُ .البلاغةُ الإيجاز (4) . مًنْ شدّد نفّر ، ومَنْ تراخى تألّف" .
فأُعجب بها كسرى إعجاباً شديداً ، وقال له: لو لم يكن لقومك غيرك لكفاهم ذلك فخراً . ثم خطب رجال آخرون من زعماء القبائل فدُهش كسرى لبلاغة العرب وأكرم وفودهم ، فرجعوا من بلاطهِ معزّزين مكرّمين .
يُروى أن النعمان بن المنذر قصد إلى بلاط كسرى فوجد عنده وفوداً من الروم والهند والصين ، وقد افتخر كل وفد بمآثر أمته ، ولما افتخر النعمان بمفاخر العرب أنكر كسرى على العرب أن يكون لهم مجد ، ووصفهم بأنهم وحوش تقيم في القفر ، وحينئذ اقترح عليه النعمان أن يستدعي وفداً من العرب ويسمع منهم ، فوافق كسرى على ذلك وقدم وفد العرب وعلى رأسه أكثم بن صَيفي ، الذي ألقى هذه الخطبة بين يدي كسرى : "إنّ أفضل الأشياء أعاليها ، وأعلى الرجال مُلُوكلها ، وأفضل الملوك أعمها نفعاً ، وخير الأزمنةِ أخصبها ، وأفضل الخطباءِ أصدقها . الصدق منجاة ، والكذب مهواة (1) ، والشر لجاجة (2) ، والحزم مركبٌ صعب ، والعجز مركبٌ وطيء (3) . آفةُ الرأي الهوى ، والعجز مفتاح الفقر ، وخيرُ الأمورِ الصبر . حُسن الظنِ ورطة ، وسوء الظن عِصمة ، إصلاح فساد الرعيّة خير من إصلاح فساد الراعي ، مَنْ فسدت بطانته كان كالغاص بالماء . شر البلاد بلادٌ لا أمير لها ، شر الملوك من خافهُ البريء ، المرء بعجز لا محالة . أفضل الأولادِ البررة . خير الأعوانِ مَنْ لم يُراءِ بالنصيحة ، أحق الجنودِ بالنصر مَنْ حسُنت سريرته ، يكفيكَ من الزاد ما بلّغكَ المحل ، حسبُكَ من شر سماعه . الصمت حُكمٌ وقليلٌ فاعلهُ .البلاغةُ الإيجاز (4) . مًنْ شدّد نفّر ، ومَنْ تراخى تألّف" .
فأُعجب بها كسرى إعجاباً شديداً ، وقال له: لو لم يكن لقومك غيرك لكفاهم ذلك فخراً . ثم خطب رجال آخرون من زعماء القبائل فدُهش كسرى لبلاغة العرب وأكرم وفودهم ، فرجعوا من بلاطهِ معزّزين مكرّمين .
التعليق على الخطبة:
نلاحظ أن هذه الخطبة هي مجموعة من حِكم وأمثال متناثرة ، وأنها قصيرة الجمل خالية من المبالغة والتزويق ، فيها بعض السجع . كما نلاحظ أن الروابط المعنوية بين الأفكار مفككة ، فالخطبة لا تطرق موضوعاً واحداً وإنّما تشتمل على عدة أفكار غير مترابطة ؛ ولعّل سبب هذا أنّ العرب لم يكونوا متعلمين ، ومن ثَمّ فهم لا يستطيعون بسط موضوع واحد بتقسيم منطقي مترابط .
نلاحظ أن هذه الخطبة هي مجموعة من حِكم وأمثال متناثرة ، وأنها قصيرة الجمل خالية من المبالغة والتزويق ، فيها بعض السجع . كما نلاحظ أن الروابط المعنوية بين الأفكار مفككة ، فالخطبة لا تطرق موضوعاً واحداً وإنّما تشتمل على عدة أفكار غير مترابطة ؛ ولعّل سبب هذا أنّ العرب لم يكونوا متعلمين ، ومن ثَمّ فهم لا يستطيعون بسط موضوع واحد بتقسيم منطقي مترابط .
(1) مهواة: مهلكة يهوي فيها الإنسان .
(2)لجاجة: عناد وتماد في الخصومة .
(3) وطيء: سهل لين .
(4) الإيجاز: الاختصار .
المصدر ... المتميز نت
(2)لجاجة: عناد وتماد في الخصومة .
(3) وطيء: سهل لين .
(4) الإيجاز: الاختصار .
المصدر ... المتميز نت